أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض قاسم حسن العلي - قراءة في رواية ( اوتو ) لخلدون السراي















المزيد.....

قراءة في رواية ( اوتو ) لخلدون السراي


رياض قاسم حسن العلي

الحوار المتمدن-العدد: 7062 - 2021 / 10 / 30 - 20:21
المحور: الادب والفن
    


اقول دائما ان قرار كتابة الرواية هو قرار مغامرة قبل أن يكون شجاعة.
قبل سنوات سألت شاعراً مرموقاً يكتب احياناً كتابات نثرية ممتازة لماذا لا يكتب روايته الاولى فأجابني انه لايقدر على تلك المهمة.
حينما نشر خلدون السراي مجموعته (لم اكن نبيا) وهي قصص قصيرة جداً وهو كتابه الاول فاجأ الوسط الادبي لأن ماقدمه كان ممتازاً جدا وشئ جديد على المشهد القصصي البصري والعراقي بشكل عام وكنت اتمنى ومعي اكثر القراء ان يستمر خلدون بتطوير تقنياته القصصية ليقدم لنا المزيد من الابداع لكنه فاجئنا مرة اخرى حينما أصدر روايته الاولى وهي (اوتو) .
فكيف كانت تلك المغامرة؟
وهل كان مستعجلاً باخراج هذه الرواية للعلن ؟
طبعاً لأن اخوض في موضوع من هو اوتو ولماذا اختاره الكاتب شخصيته الرئيسية في النص ولا عن المؤثرات الميثولوجية القديمة لأن هذا ليس ثيمة الرواية موضوع البحث وانما هو شئ اخر لكني ساتحدث عن الرواية كعمل فني.
ويبدو ان الكاتب بقى متأثراً بالنفس القصصي لذا نجده ينقل تلك الشخصية الرئيسية من حكاية الى حكاية اخرى في تنقلات بعثرت النص السردي كحلقات سلاسل مقطوعة تحتاج الى تلاحم لم يجده القارئ وهذه التنقلات معروفة جداً لدى كتاب الرواية لأن الرواية تحتاج الى تشظي في الاحداث وتنوع في الشخصيات وتعدد الامكنة لكن الكاتب هنا لم يستطع ان يقنع القارئ بوحدة الخيط السردي .
فالحكايات الفرعية وليست المتشظية بقيت على طول الرواية تخلق نوع من الارباك وكان يمكن للكاتب استغلال هذه الحكايات الفرعية في بناء رواية احداث وشخصيات كثيرة بدون الاخلال بثيمة الرواية الاصلية.
هذا ناهيك عن حجم الوعظ الاخلاقي الموجود في الرواية وحتى لو بررنا ذلك بان وظيفة اوتو هي تحقيق العدالة فأن هذه الفقرات الاصلاحية والاخلاقية تعدينا الى بدايات الرواية العراقية.
في بداية الرواية يقرر الكاتب ان لامكان ولازمان في هذه الرواية فهل التزم كاتبنا بهذا القرار المفاجئ؟
طبعا لم يلتزم حيث نرى في المشهد الثالث يذكر مكان وزمان محددين وكذلك في فصل ( ماقبل البداية) حيث يذكر بالتحديد ارض الرافدين وهذا مخالف لقاعدة كسر التوقع التي اراد الكاتب ان يلزم نفسه بها ويلزم قارئه كذلك.
وفيما يتعلق بطربقة الروي فأن الراوي هنا هو أوتو نفسه الا في في فصل واحد .
في المشهد الاول يستخدم الكاتب تقنية أنسنة الاشياء من خلال جعل كرسي يتحدث ويفكر ويحزن ويفرح ويحب ويكره بل يتحرك من تلقاء نفسه وهذا الامر لم يفعله حتى الان روب غرييه حينما جعل من الاشياء أبطال في سردياته التي لم تحقق نجاحاً يذكر في اطار الرواية الفرنسية الجديدة.
في المشهد الثاني نجد ثمة طفل في العاشرة من عمره يتحدث بلغة لا يتحدث بها الا الفلاسفة ولا يوجد تبرير لذلك حتى لو جاء على لسان الطفل : ( أن عقلي يفوق عمري بعشرات السنين) فمن حق القارئ ان يعرف كيف صار عقله هكذا.ولا اعرف لماذا هذا الاختزال في موضع يحتاج الى الاسهاب والتوضيح ليس فقط فيما يتعلق بالطفل حسن بل في كل تفاصيل المشهد فيفترض اننا امام رواية وليس قصة قصيرة ومساحة الروي واسعة لدى الكاتب كي يتشظى بما يشاء ويتوافق مع السياق السردي.
في المشهد الثالث يدخل الاله اوتو الى مستشفى الامراض النفسية ويذهب مباشرة الى غرفة ما في المستشفى وهنا نلاحظ شئ مهم ففي المشهد الاول نجد ان الكرسي ينظر الى اوتو ويتعرف عليه بكونه مجرد ظل داكن عديم الملامح أي انه يمكن تمييزه بينما في المشهد الثاني ورد على لسان اوتو وهو يصف حالة الطفل بقوله ( هكذا هم بعض الاطفال عندما يشاهدون شخصاً غريباً....) وفي المشهد الثالث ورد على لسان اوتو حينما نظر اليه الراقد على السرير : ( أنا لست مرئياً فكيف له أن يوجه نظراته تجاهي) وبعد قليل يذكر الكاتب على لسان اوتو : ( أمعن النظر بي قليلاً) وفي الرحلة الثالثة يذكر الكاتب ( نظر إلي بعينين جاحظتين) و ( بقي ينظر ألي ولم ينبس ببنت شفة) ولم يستطع الكاتب ان يقنع القارئ بان الاله اوتو يستطيع ان يغير شكله ويتجلى على هيئة انسان فلماذا لم يفعل ذلك من البداية ولماذا كان تواجده الاول على شكل ظل داكن فإذا كان بمقداره ان يتجلى لماذا ادخلنا الكاتب في محنة عدم الرؤية خاصة وانه يذكر في صفحة 93 ان اوتو قادر على أن يجعل جسده غير مرئي لأي شخص لا يرغب أن يراه ، فما هو جسده ؟
نعود الى المشهد الثالث حيث ذكر الكاتب على لسان الراقد على سرير المرض ان والدته اتصلت به في الخامس عشر من آذار سنة 1991 وكل عراقي يعرف ان في هذا التاريخ بالتحديد انقطعت الاتصالات الهاتفية في عموم العراق بسبب القصف الجوي لقوات التحالف التي دمرت كل شئ في العراق، فكيف حدث الاتصال اذن.
ثم يذكر ايضاً انه طلب من زوجته ان تصعد السلم لتعبر من سطح الدار الى بيت جارتها الارملة فكيف حدث ذلك وهي كما يقول الكاتب انها كانت تعاني من وزنها الزائد ومصابة بالمفاصل وهو اي سلمان ياخذ ابنته وينزل الى القبو ثم هل يوجد في بيوت بغداد أقبية فبحسب علمي ان هذه الاقبية توجد في بيوت النجف القديمة .
وايضاً ثمة اشكالية اخرى سبق وأن اثارها الصديق هيثم جبار في منشور قام بحذفه وهي ان رجال الان قدموا صورة لسلمان وهو يضع حذائه على صورة الرئيس فمن اين جاءوا بهذه الصورة؟ يمكن تبرير هذه الاشكالية بان رجال الامن كانوا يحملون كامرات فوتوغرافية ويقومون بتصوير المتظاهرين لكن هل حدث هذا فعلاً في اية تظاهرة قام بها العراقيون. ثم ان اعتراف احدهم بأنه سحب حذاء سلمان ورماه على صورة الرئيس فيه اشكال ايضاً فكيف عرف رجال الامن ان الحذاء هو حذاء سلمان بالتحديد واذا كان ثمة صورة فوتوغرافية قد اخذت من احدهم فكيف استطاعت ان تصور سرعة الحذاء وهو يرمى على الصورة. وانا اقول رمى وليس علق لأن الكاتب وضع القارئ في حيرة فهل ان الحذاء رمي على الصورة ام علق عليها.ثم لماذا يشعر سلمان بتأنيب الضمير لشئ لم يفعله لا للصورة ولا لهؤلاء الشباب المتظاهرين ولماذا يقول هذا الشاب المعتقل عنه بانه امعة وجبان.
ثم يدخلنا الكاتب بعد قليل في حكاية اخت سلمان وزجها ذات الطابع الفنتازي والتي لا مكان لها في بنية السرد ولم تضف أي شئ للقارئ بمعنى أخر لا علاقة لها بما يحكيه سلمان .
في الرحلة الثالثة نجد ثمة استعجال في الكتابة حيث يقول الكاتب على لسان ابتسام زوجة فرحان ( حتى جارتي التي اطلقت عليها اسم قطة الشوارع ،اطلقت عليها هذا الاسم كونها لم تكف عن انجاب الاطفال ) والاستعجال هنا هو تكرار كلمة اطلقت عليها اولا وثانياً ان هذا هو لقب وليس اسم.
واعتقد ان ثمة خطأ مطبعي ورد في صفحة 49 حيث ورد كلمتي ابتسامتي وابتسامي حيث اعتاد فرحان ان يدلع زوجته ابتسام.
ثم هل ان مرور شهر واحد على الزواج بدون حمل يستدعي ان تمر ابتسام بتلك الحالة من الفزع والحالة الهستيرية حتى لو برر ذلك الكاتب على لسان فرحان تبقى هذه الحالة غير مقنعة ، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى هل ان تغيير المنزل يؤدي الى ان يترك فرحان عمله فهذا غير معقول .
وحينما يذكر الكاتب على لسان الراوي اوتو ان ابتسام لم تعد بحاجة الى معالج نفسي كونها عرفت كيف تتخطى مصادر الاحراج نكون في حيرة من امرنا فكيف عرف اوتو ان ابتسام تخطت مصادر الاحراج وهل ان مجرد الابتعاد عن البيت القديم والسكن في بيت جديد يجعل ابتسام ليست بحاجة الى معالج نفسي ، وهل ان خطبة أوتو الوعظية التي القاها على ابتسام هي التي جعلت منها تتنبه الى حالتها السوداوية وتتغير.
في فصل ( ماقبل البداية ) اول ما نلاحظه هو تغير في الصوت السردي حيث يتدخل صوت السارد العليم في بداية الفصل ويدخلنا الكاتب مرة اخرى في حكاية فنتازية لكنه يشير في تلك الحكاية الى روائي عراقي قتل في كربلاء لكن كيف لهذا الروائي اذا كان يقصد حقاً الدكتور علاء مشذوب ان يعمل محرراً بجريدة في البصرة وربما يلمح الكاتب الى اسم الدكتور علاء من خلال كلمة ( تشذيب) .واعتقد ان حكاية حاتم هي افضل جزء في رواية اوتو لولا النبرة الخطابية التي وردت على لسان حاتم.
في الرحلة الرابعة نجد تلك الفتاة احلام التي زوجوها اهلها وهي في عمر 11 عام من رجل كبير في السن وانا اتسائل هل توجد فتاة تتزوج وهي في هذا السن.
وثمة شئ لفت انتباهي في هذا الفصل وهو ماورد على لسان احلام : ( مرت الايام والسنين حتى انجبت طفلاً) فهل ان الحمل يستغرق سنين ؟ حيث ان ( حتى) تفيد التتابع الزمني في هذا السياق.
وثمة خلل في الزمن السردي سبق وان اشار اليه الصديق هيثم جبار في منشوره المحذوف ووجدته على حق وهو ان الحكاية التي ترويها احلام يستشف منها ان الاحداث وقعت بعد 2003 حيث سيطرت العصابات المسلحة والتفجيرات وفي صفحة 87 تذكر احلام ( في زمن الحرب والحصار) والحصار لم يعد له وجود بعد الغزو الامريكي للعراق وهذا خطأ وقع ربما بسبب الاستعجال في الكتابة .
في الرحلة الخامسة والاخيرة نجد في الفقرة الاولى منها ان السارد العليم يتدخل في نقل ما يقوله اوتو عن قصة احلام ثم يعود اوتو في الروي مرة اخرى وهي قفزة غير مفهومة من الكاتب.
وفي هذا الفصل نجد حوار بين اوتو ورجل دين يغلب عليه الطابع الخطابي السياسي الاخلاقي وهو من اضعف فصول الرواية .
------------------------------
لابد من القول ان قراءتي اعلاه لا تطلق احكام مطلقة ونهائية وهي بالطبع لم تخرج من ناقد منهجي بل من قارئ يفكر بما يقرأ.
وهذه الرواية كان يمكن لها ان تكتب بطريقة افضل ومن المؤكد ان اتحدث عن حجم الرواية الصغير لأن هذا ليس معياراً للجودة .
الرواية صدرت سنة 2021 عن دار الهجان في البصرة .



#رياض_قاسم_حسن_العلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعر النهودي
- كائنات البن ل بلقيس خالد انحسار السرد أمام طغيان الشعر
- شئ عن المدينة
- الادباء والمقهى
- قراءة في مجموعة جنوب خط 33 القصصية للكاتبة خولة الناهي
- جمود فكري
- جمود فكري
- شئ عن التنوير/اراء ومواقف
- مقدمة في الحاجة الى منهج جديد للتفكير


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض قاسم حسن العلي - قراءة في رواية ( اوتو ) لخلدون السراي