أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - وعد بلفور الاستعماري في الذكرى 104














المزيد.....

وعد بلفور الاستعماري في الذكرى 104


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7065 - 2021 / 11 / 2 - 22:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نهاد أبو غوش
لم يكن "وعد بلفور" حدثا أو حادثا منقطعا في التاريخ الاستعماري البريطاني لمنطقتنا، بل كان خلاصة وتعبيرا مكثفا عن المصالح الغربية الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط، وكان حظ فلسطين وشعبها، وقوع هذا البلد في قلب المخطط الاستعماري، قرب قناة السويس والطرق الاستعمارية إلى الهند والشرق، وفي مكان متوسط في قلب العالم العربي وتركة الرجل المريض الذي كانت عليه الامبراطورية العثمانية المتفسخة وقتها، والمطموع في تقاسم أملاكها بين مختلف الضواري الأوروبية.
إذن، لم يكن الوعد مجرد بيان لوزير الخارجية البريطاني في ذلك الوقت جيمس ارثر بلفور، والذي أعلن فيه أن "حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي"، فقد سبق بلفور إلى هذا الوعد كل من اللورد شافتسبيري في أربعينات القرن التاسع عشر، وكذلك فعل تشارلز هنري تشرشل في نصائح لموسى مونتفيوري زعيم الجماعة اليهودية في بريطانيا في ذلك الوقت. علما بأن عدد اليهود لم يكن يزيد حينئذ عن 25 ألف يهودي في فلسطين، وفي العقود الأخيرة من عهد الدولة العثمانية الضعيفة ارتفع عددهم من خمسين ألفا إلى مئة ألف، كما تشير عدد من الوثائق والتقارير التي كشف النقاب عنها إلى أن الرئيس الأميركي في فترة الحرب العالمية الأولى وودرو ويلسون كان من أشد الداعمين لإطلاق وعد بلفور، بل إنه ضغط على بريطانية للتعجيل في إصدار هذا الوعد علما بأن اول من أطلق فكرة تاسيس دولة لليهود في المنطقة كان نابليون بونابرت.
ومن الدلائل الدامغة على تأييد الدول الاستعمارية الرئيسية لوعد بلفور الاستعماري، مسارعة عصبة الأمم إلى تضمين هدف إقامة "وطن لليهود في فلسطين" ضمن صك الانتداب الذي كلفت بريطانيا بتنفيذه، وبدا أن الغاية الوحيدة من انتدابها (استعمارها) لفلسطين والذي استمر ثلاثين سنة 1918-1948 لم يكن يهدف سوى لتنفيذ هذا الوعد المشؤوم، حيث تضاعف عدد اليهود في فلسطين نحو سبع مرات، وتعرضت فيه الحركة الوطنية الفلسطينية الناشئة، والخارجة لتوها من ظلام التعسف العثماني، إلى أبشع أنواع القمع والاضطهاد والتنكيل بحيث نفذت آلاف عمليات الإعدام بحق الوطنيين الفلسطينيين، واعتقل عشرات الالاف وهجّر غيرهم، وهدمت آلاف البيوت والنشآت وسخرت كل إمكانيات الدولة العظمى في حينها لمصلحة المشروع الصهيوني الناشئ ."
من الجدير ذكره أن أوائل منظري الحركة الصهيونية وقادتها تحدثوا بجدية عن خيارات عديدة لمكان إقامة الدولة اليهودية من بينها أوغندا والارجنتين وشمال شرق ليبيا وصحراء سيناء بالإضافة إلى فلسطين، التي لم يقو الخيار بشأنها أو يتعزز إلا في السنوات القليلة التي سبقت وعد بلفور.
عند مفترق القرنين التاسع عشر والعشرين، تضافرت ثلاثة عوامل تاريخية ساهمت مجتمعة في نشاة الصهيونية وبلورة خياراتها السياسية، وهذه العوامل هي: أولا تفكك الدولة العثمانية وطمع الدول الاستعمارية الرئيسية في السيطرة على ممتلكاتها الشاسعة، انتقال النظام الراسمالي العالمي إلى طوره الامبريالي باندماج الراسمال البنكي بالتجاري ونشوء رأس المال المالي والاحتكارات ثم ضغط هذه الاحتكارات الكبرى على الدول لإعادة تقاسم العالم من جديد، التحولات التي جرت على اوضاع اليهود في أوروبا وتاثيرها على جماهير اليهود لجهة تسريع اندماجهم وذوبانهم في المجتمعات الأوروبية من جهة، وخشية البرجوازية الصغيرة والمتوسطة اليهودية من انحدارها إلى مصاف الطبقة العاملة، من هنا نشأت فكرة إقامة الدولة اليهودية التي توفر حلا مزدوجا لمشكلة الذوبان وتوفر للبرجواية اليهودية حلا في شبكة المصالح الامبريالية العالمية.
يجدر بنا أن نلاحظ عاملين بارزين وهما ارتباط قيادة الحركة الصهيونية دائما بالدولة التي تتزعم العالم الراسمالي: ترددها بين بريطانيا وفرنسا، ثم ميل بعض اتجاهاتها لألمانيا في مرحلة صعود النازية، واخيرا حسم ولائها للولايات المتحدة الأميركية في مرحلة سيطرة هذه الأخيرة على العالم بعد الحرب العالمية الثانية.
المسالة الثانية هي أن الحركة الصهيونية في بداياتها لم تشمل اليهود الشرقيين، ففي المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا عام 1897، ومن بين 300 مندوب في المؤتمر لم يشارك من اليهود الشرقيين سوى ثلاثة اثنان منهما من القدس، والثالث هو حاخام مدينة الجزائر الفرنسي الأصل، في بدايات المشروع الصهيوني لم تشمل موجات الهجرة يهود المغرب والعراق واليمن وغيرها من بلاد الشرق، فقط في الخمسينات بدا الاهتمام بهؤلاء مع حاجة المشروع الصهيوني لمزيد من القوى البشرية، حتى أن يهود اثيوبيا (الفلاشمورا) لم يفكر أحد في استقدامهم الا في ثمانينات القرن العشرين حيث تعاون معهم في ذلك الوقت الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري.
الحركة الصهيونية ومشروعها دولة اسرائيل ليست سوى جزء من آليات السيطرة الاستعمارية الغربية، صحيح أنه بعد قيام إسرائيل نشأت وتطورت آليات مستقلة لتكوين اجتماعي جديد، لكن فهم نشأتها مهم في فهم حاضرها مع مرور الذكرى 104 لإطلاق وعد بلفور المشؤوم.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة المارقة
- المصالحة وإنهاء الانقسام أولا
- الأبارتهايد كحل للمعضلة الديمغرافية
- وداعا للفلسطيني الجميل سعيد عياد
- اسرائيل والدولة الفلسطينية: من الرفض إلى الأبارتهايد (2)
- إسرائيل والدولة الفلسطينية: من الإقرار الظاهري للرفض القاطع( ...
- هجمة إرهابية على المجتمع الفلسطيني
- القدس ومخططات دولة الاحتلال
- القدس بؤرة دائمة وملتهبة للصراع
- زمن الارتجال والخفّة
- 26 تشرين الأول: اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية
- اسرائيل وجرائم الإبادة
- تداعيات قضية الأسرى الستة
- عباس الكردي والثورة والسلطة والأخلاق
- طوابير القهر ويوم العمل اللائق
- استحضار ماجد أبو شرار
- في يوم التراث: كوفية، حطة ، شماغ
- الدين والأخلاق
- لا دولة ولا دولتين... بل إسرائيل الكبرى
- عن الدولة الواحدة


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - وعد بلفور الاستعماري في الذكرى 104