حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 1651 - 2006 / 8 / 23 - 09:26
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
العراق واحد.. لا يمكن تقسيمه الا بعد قتله .
الأحتلال والطائفية والعنصرية هما مثلث القنل العراقي ... يمارسون جريمة تقطيع اوصاله وتوزيع جغرافيته ثم اعادة فصاله نفطاً بلا عراق .
من يشارك او يتفرج ما هو الا شاهد خيانة على مباركة وتمرير الجريمة .
سقطت جميع الأقنعة عن وجه الطائفيين والقوميين العنصريين .. والعراق يتلفت مذبوحاً يبحث عن بقايا اهلاً له يمكن ان يستنجد بهم ... ثمة تياراً وطنياً ديموقراطياً بديلاً عن سماسرة جنون الموت والخيانة .
اين هو واين يبحث عنه ... ؟ كيف يجب النظر اليه وتقييمه ... ؟ وكم هو بعيداً مشغولاً بتوافه المهمات عن جوهر مهمته في انقاذ العراق من كارثة المراحل القادمة من مخطط اعادة فصاله ... ؟
اليسار العراقي : رقع جديدة لثوب عتيق .
بين النظريات والأيديولوجيات والبرامج التي يبدو لمعانها مقبولاً’ وبين التطبيقات والممارسات التي يغلب على معضمها التقليد والأرباك والتخبط والأنحرافات الفادحة ’ استمر اليسار العراقي يراوح انتكاسات وهزائم على طول مسيرته ’ حتى وصل مع الأسف الى الحجم الذي هو عليه الآن .
لا ننكر المحطات الأيجابية في تاريخه النضالي وتراثه الفكري والثقافي والمعرفي والتربوي الذي تركته طلائعه عميقاً داخل المجتمع العراقي ’ كذلك لا يمكن ان نتجاهل عثراته وسؤ تطبيقاته لشعاراته وبرامجه وادبياته واساليب ترجمتها على الواقع العراقي ’ وايضاً ازدواجيته المهلكة بين مهماته الوطنية والتزاماته الأممية التي اكتسبت عقم التبعية واستمرارها نهجاً راسخاً لعقود طويلة سببت له الفوضى وشروخاً في كيانه وانقسامات متتاليه اثرت على وحدة صفوفه وسببت كذلك اضراراً فادحة لعموم الحركة الجماهيرة .. واستمر اليسار العراقي يعالج تلك المظاهر واغلب مشاكله الداخلية بطرق اغلبها ارتجالية مستنسخة من اساليب ووصايا ومقولات كان قد ذكرها قادة الأشتراكية الأممية وطبقها بعضهم قمعاً داخلياً فضاً تحت عبائة المركزية المطلقة ’ فكانت التكتلات الفكرية والسياسية والتنظيمية السلمية ’ والتي كان مفروضاً ان تكون بناءة مشروعة لدمقرطة الكيان الحزبي ’ كانت تواجه بقمع داخلي على انها انشقاق وخيانة ’ ويفسر الأنتقاد تشهيراً ’ والنصيحة مؤامرة مشبوهة ’ وتحكمت حالة الحذر والشك والريبة والأنغلاق على الذات في العلاقة مع الآخرين ’ حتى اكتسبت تلك الظاهرة قوة العادة ونفوذها وتأثيرها ’ ليس من السهولة التخلص منها وتجاوز تبعاتها ’ فأصبح الجيل الذي تطبع على تلك التربية والسلوكية الخاطئتين غير ديموقراطياً مع ذاته ومع القاعدة التي يعمل ضمنها ’ وقمعياً في علاقاته مع محيطه الجماهيري ومع الأطراف والقوى الآخرى ومن الصعب التعامل معه ’ واصبح كذلك غير مؤهلاً للأجابة على اسئلة التطورات العاصفة والتغييرات الجوهرية على اصعدة الوطن والمنطقة والعالم ’ وكذلك التحولات الهائلة على طبيعة العلاقات الأجتماعية ’ وغير قادراًعلى طرح شعارات وبرامج اكثر انسجاماً مع الواقع وتحريراً من عوائق التقليد والتبعية .
لقد حاصر اليسار العراقي كل طاقاته الفكرية والسياسية وتمدده الجماهيري داخل ثكنة عمى الأيديولوجية وانتظار التوجيهات والنصائح من المصادر الأممية البعيدة عن فهم الحاجات الوطنية ’ وعطل روح الأبداع والمبادرة المستقلة في نشاطه العام وقراراته الذاتية وفرض ثقافة القطيع على مبدعيه ومفكريه وحول قواعده الى كيانات مغيبة فكرياً وسياسياً تحركها لا ارادياً العصى السحرية للقيادة ( الخميرة الخالدة ) .
ما اعنيه هنا بالتحديد اطراف الحركة الشيوعية بكل فصائلها وقواعدها وشخصياتها وجماهيرها .. اعني كذلك الكيانات التنظيمية اليسارية الآخرى غير الشيوعية ’ تجمعات وافراد والتي تراجعت عن المسيرة الخطاء ’ بعد ان نفذ صبرها لكثرة تكرار الأنحرافات والأصرار عليها والتي كانت سبباً للأنتكاسات والهزائم الفكرية والسياسية والتنظيمية ’ واصبحت غير قادرة على ممارسة دورها في تلك الحالة داخل كيان التنظيم’ فأتخذت منحاً آخراً اكثر تحرراً وايجابية واوسع افقاً للأبداع
اطراف الحركة اليسارية العراقية ومنها بشكل خاص الأحزاب والتنظيمات الشيوعية ’ تتراشق جهلاً بأتهامات اليمينية والتحريفية والجمود العقائدي والأنتهازية والخيانة احياناً ’ واذا ما دخلت مقراتها ومكاتب قياداتها تجدهم بمجملهم يتنافسون على شعارات اصبحت غير مفهومة الدلالة لأغلب الجماهير ( يا عمال العالم اتحدوا ... وطن حر وشعب سعيد ) وغيرها من اللافتات والشعارات والأدبيات التي تدعي كل منها شرعية تمثيل العمال والفلاحين وارث سلطتهم ( دكتاتورية ابروليتاريا الثورية ) رغم التراجع الخجول عنها’ ولو اتبعنا جذورهم الفكرية والسياسية نجدها راسخة في تاريخ الهزائم والأنتكاسات ’ واذا ما راجعنا مؤتمراتهم وكونفرنساتهم واجتماعاتهم الموسعة وبرامجهم المحسنة نجد طلائعها ومن اشرف على صياغتها هي نفس الخميرة التي نظّرت وكتبت وتحدثت ومارست عكس ذلك تماماً ولا زالت تمارس سذاجتها وعاطفتها القاصرة بالحفاظ على اسم الحزب ( الحزب الشيوعي ) تلك الجملة التي لم تجد لها المكان المناسب بين مفردات التطور الحاصل على اصعدة الفكر والمعرفة والسياسة ومزاج وذوق الأجيال ’ كذلك الحفاظ على شعار ( المنجل والمطرقة ) رغم غيابهما حد الأنقراض بعد ان تجاوزهما التطور الصناعي الهائل ومكننة الزراعة وتطور العلوم والتكنولوجيا والثورة المعلوماتية ’ كذلك الحفاظ بالراية الحمراء رغم المزاج السلمي للمجتمعات المتطورة
اذا ما حاول اي حزب يساري ان يجري ( يفتعل ) محاولة تقييم لمسيرته النضالية عبر مؤتمر او كونفرس او اجتماعاً موسعاً وكأن شيئاً فعلياً سيحدث ’ وكالعادة يطلب من الأصدقاء والحريصين على تطور التيار الوطني الديموقراطي ان يساهموا بتقديم وجهات نظرهم ومساهماتهم الفكرية والسياسية وتقييم المراحل السابقة والراهنة ليساعدوا في اغناء قرارات المؤتمر او غيره وترشيد وثائقه ومواقفه ورسم سياساته المستقبلية ’ لكن في الواقع ان كل ما ينجز ويخرج للعلن من قرارات وتوصيات وبرامج ووثائق ونهج هو في النهاية انعكاس للواقع واستمراريته ’ وهو ايضاً من صناعة وانجاز الخميرة بكامل عقليتها ونهجها اللتان كانا سبباً في مجمل الأنتكاسات التاريخية ’ ثم كيف بالأمكان انتظار ما هو مأمول من عناصر اذا ما ناقشتها وحاورتها واختلفت معها مخلصاً حول سياسات الحزب وافكاره وممارساته وتحالفاته وتأثيراتها السلبية على مستقبل التيار الوطني الديموقراطي’ يتهموك حالاً وبدون ان يحاولوا فهمك ودوافعك ’ بأنك حاقد على الحزب ومعاد له ونصائحك تشهيراً ملغماً يخدم الآخر وابعد من ذلك بكثير ’ فهل بالأمكان ان ننتظر حقاً من حزب او تنظيم مغلق الى هذا الحد بأقفال المركزية والطاعة المطلقة وعبادة القائد والخميرة وتملق المسؤولين ان ينتج شيئاً غير ما هو عليه من ممارسات وسلوكيات وشطحات وتكرار الأخطاء .
الأمر ينطبق على جميع التنظيمات اليسارية والثورية !! الآخرى من حيث التقوقع على شعارات ومفاهيم واساليب فقدت فعاليتها وتأثيرها واحقية معايشتها للواقع .
الحركة اليسارية العراقية بمجملها ومع انها لا زالت مؤهلة ومهيئة فكرياً وسياسياً ونضالياً وتنظيمياً ان تكون طرفاً فاعلاً مع غيرها في المبادرة بأنجاز بناء التيار الوطني الديموقراطي على عموم العراق ’ لكن الآمر يتطلب منها قبل كل شيء جراءة فائقة على خلع ثوبها القديم .. انه اصبح لا يصلح للترقيع اطلاقاً .
ومن اجل ان تكون اطراف الحركة اليسارية ايجابية فعالة في المساهمة في انجاز العملية المستقبلية لبناء التيار الوطني الديموقراطي ’ عليها ان تتحرر اولاً من خرافة الطليعة وتتخلص نهائياً من وهم الوصاية على الآخرين ’ انها في افضل حالاتها بأمكانها ان تكون طرفاً مؤثراً ايجاباً في عملية البناء .
ان الحركة الجماهيرية الواسعة وتيارها الوطني الديموقراطي المستقل تشكل الآن اكثر من 80% داخل المجتمع العراقي وعليه لا يمكن استيعابها من طرف واحد ’ وهذا وحده مدعاة للتواضع واعادة التقييم للحجم والدور على اساس الواقع وممارسة الأدوار الجدية في العملية التاريخية لأعادة بناء التيار الوطني الديموقراطي .
وللموضوع عودة
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟