|
وأخيراً .. تصالح المتصالحون !!!
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 1597 - 2006 / 6 / 30 - 11:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وأخيراً اكتملت لعبة المصالحة ’ ورفعت عنها الأقنعة واعلن رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بيانها الأول وباركاه بعد ان هيئا ظروفه وكتبا مضمونه رئيس جمهوريتنا ومندوبنا السامي . بعيداُ عن ضبابية الخداع والتضليل والمناورة ــ الأسلوب الموروث عن حزب البعث ــ لتمويه الوجه الآخر للمشروع’ فتلك تكملة للخطوات الأولى وتمهيداً للخطوات القادمة لفداحــة الآمر . بالتأكيد سيزيد الأرهاب البعثي وتيرة عنفه بعد هذا النصر المبين ’ وسيضغط بالدم العراقي بأتجاه المصالحة مع الصداميين ’ وسيرى جيل المجازر والأبادات والحروب والتهجير الرئيسين صدام حسين وجلال الطالباني على واجهات الأعلام يتصافحان ويلتسقان على سرير الأجماع المطلق داخل المجلس الوطني ( المنتخب ديموقراطياً ايضاً ) وستلتقي العمائم بالعمائم عناقاً .. اخضرها واسودها وابيضها وتلتف اربطة عنق الروزخونية حول جيد صدائر الوقف وتتعانق الأئتلافات والأتحادات والهيئات وتغسل ماضيها وخلافاتها بدموع انتكاسة الناس وتتوضى مبتهجة بما تبقى من نزيف العراقيين.. وتفتح صفحاتها البيضاء ــ المفتوحة اصلاً ــ على طاولة الكواليس الخلفية لحكومة الأقليم .. وتهتز الكروش والمؤخرات انتصاراً وتنشد محنة وحزن العراق نفاقاً ( عيني الريس للأمام شيعه وسنه وكرد وبعث فد حزام ) وهنيئاً لضحايا الأرهاب البعثي قديمه وجديده .. والفاتحة على معاناتهم وثقتهم واصواتهم وحظهم المذبوح . عودة سريعة للأيام التي سبقت انتخابات 15 / 12 / 2005 واستعراض سباق المزايدات والوعود’ فالقائمة الكردستانية قد اضافت مزيداً من الحطب الى نار قدّر العواطف القومية الفائرة اصلاً بأ فتعالها طبول الحرب لتحرير واسترجاع كركوك الى جانب صناديق الأنفصال غير الجدية فأستطاعت ان تحقق رقمها القومي المؤمم مسبقاً .. قائمة الأئتلاف حصدت جميع الأرقام المتدفقة من فوهة البركان الطائفي .. الصدريين والدعويين حطموا الرقم القياسي في ماراتون المزايدات والمناورات الرخيصة .. وقد رفعت في حينه قائمة رجل المرحلة الدكتور اياد علاوي الهجينة تواريخ وشعارات علمانية وليبرالية ويسارية ودينية منفتحة!!! واستحوذت ايضاً على المقسوم من نصيبها المتواضع من فضلات ديموقراطية الحصارات ( هذا لكم .. وهذا لنا .. ) . جميع الفرقاء اشتركوا بنتف ريش ايتام وارامل وضحايا المقابر الجماعية لحلبجة والأنفال وعرب الأهوار والدجيل وعذابات الكرد الفيلية وابناء الأنتفاضة الشعبانية .. وحولوا مآساة الناس ومصائبهم ونبل عاطفتهم وثقتهم واصواتهم الى ارقام انتخابية باهتة تتطاير خسارة خلف اوهام وشعارات خادعة تضرب على وتر الرغبة المشروعة في اجتثاث البعث حزباً وعقيدة وارهاباً وتاريخاً وذاكرة مرة ومجازر يومية . قوائم الواجهات البعثية ــ الوفاق والتوافق .. وغيرها .. ــ كانت الأكثر وضوحاً مع ذاتها وصدقاً مع قطيعها ’ فكفها المخادع مصافحاً في العملية السياسية ’ وخنجرها القاتل مزروعاً في خاصرة الشارع العراقي ... واستطاعوا ان يفتحوا ابواباً اضافية تتدفق منها طلائع جمهورية البعث الثالثة . قبل ان يعلن السيد نوري المالكي خجلاً بيانه رقم واحد للمصالحة المريبة كان الجدل دائراً حول . ــ مع من نتصالح ... ؟ بعد موجة الأرهاب ’عبر نزيف ارواح ودماء وارزاق العراقيين واستباحة امنهم واستقرارهم وهدر كرامتهم واذلالهم وتخويفهم من حريق الفتنة’ تم لوي عنق ارادتهم واخضاعهم لقبول الأمر الواقع .. ورفع الغطاء عن اوراق اللعبة المشتركة للفرقاء .. ومن اجل انجاز الأقذر والأبشع من تلك المشاريع والمخططات المريبة بداء الأرهاب البعثي والحكومي غير المباشر وبدعم لوجستياً ومخابراتياً من مختلف المصادر المعنية بتصفية القضية العراقية عربياً واقليمياً واحتلالياً بموجة ارهاب جديدة .. بعد ذلك سنجد انفسنا وجهاً لوجه امام السؤال الأكثر رعباً . ــ بين من.. ومن تمت المصالحة !!! ؟ ــ وهل تلك المصالحة وطنية حقاً ام خيانية بأمتياز ... ؟ ــ ما حجم الضريبة القادمة التي سيدفعها العراق شعباً و وطناً ... ؟ من اجل تقديم العون للذاكرة العراقية .. ومعالجة رمــد الخداع والتضليل الشاملين عن بصيرة العراقيين وايقاض وعيهم وانعاش ارادتهم... علينا ان نوظف ما نملك من موضوعية وجراْة وطنية والتزامات اخلاقية للبحث عن الأجابات الصحيحة لتلك الأسألة المصيرية . هناك جذوراًتاريخية ’ اجتماعية وطائفية عرقية ومذهبية’ تلتقي عندها خلفيات واهواء ودوافع ومصالح مشتركة للمتصالحين افرادا وجماعات .. ولو نظرنا الى تاريخ بعض الأطراف والأحزاب قومية كانت ام طائفية وطبقية فـاغلبها كانت لها مع حزب البعث تجارب منتكسة في التصالح والتوافق والتحالف بالضد من مصالح الشعب والوطن ومصائرها ايضاً .. اما الأطراف التي لم تتلوث انذاك بعلاقة مباشرة مع البعث ’ فجميعها تشكلت وتأدلجت في احضان انظمة قمعية لا تقل شمولية عن النظام البعثي في العراق ’ كالنظام السوري والأيراني والسعودي وباقي انظمة الجوار .. ولا تزال تمارس ادوار تبعيتها وفاءً لأصحاب نعمتها وتلحق الأذى بقضية العراق .. ومن تلك القوى مجتمعة استطاعت امريكــا ان تشكل طاقم مؤسسات مشروعها في العراق وتجعل من بعضها حواضن غير مباشرة لدعم الأرهاب ( علاسة ). ان القوى التي كانت معارضة للنظام البعثي ’ قد تغذت كياناتها وبرامجها واستمراريتها من دماء وارواح الضحايا ومن المأساة التاريخية للعراقيين ’ واستلمت آخيراً ما يزيد عن حصتها من كعكــة العراق في السلطة بعد التغيير الذي حصل في 09 / نيسان / 2003 ’ واقتنعت بأنها قد وصلت المحطة الآخيرة لأهدافها .. رؤساء ووزراء ونواب في البرلمان ومدراء عاميين وطفيليين امتلكوا امتياز امتصاص ما يفيض عن طموحهم من ثروات العراق . ان عملة مشروع المصالحة الراهن وان تعددت وجوهه ’ ما هو الا محاولة لتحقيق التوازن بأعادة تقسيم السلطة طائفياً وعرقياً بين الفرقاء في وضع اصبح البعث فيه غير قادراً ( الآن على الأقل ) على الغاء الشركاء الجدد’ وليس امامه الا ان يحترم حصتهم في تقاسم السلطة ومصير الشعب والوطن واحترام ثوابت وقوانين اللعبة ( المشروع ) المحصن بالأرادة الأمريكية الى جانب مواصلة ارهابهم لأنتزاع حصة الأسد . البعث سيشرب سم المصالحة ــ هذا اذا كان جاداً فعلاً ــ لكنه سوف لن يهداء له بال الى ان يعيد الشركاء الى مربع النضال الوضيفي واجواء المعارضة المترفة جارج الوطن بعد ان يسترجع سلطته كاملة . هناك بين الفرقاء المتصالحين خوفاً مشتركاً وحذراً وانانية مفرطة’ من ان تأخذ التطورات الأيجابية للعملية السياسية وفي مقدمتها التحولات الديموقراطية المحتملة مجراها في عمق المجتمع العراقي وتنتج وعياً وارادة قد تفرض تأثيراتها على طبيعة التطورات والتحولات القادمة ’ وامكانية ان يحقق الشعب حريته وحقه في اختيار وتكليف من يمثله ويخدم مصالحه ويحترم كرامة وهيبة الوطن عبر الأخلاص والنزاهة والكفاءة ونكران الذات والألتزام بالثوابت الوطنية والأنسانية .. لهذا السبب تطلبت شروط نجاح المساومة والمصالحة اللأوطنية تدميراً متواصلاً لأرادة ووعي ورفض وردود الأفعال المشروعة للأنسان العراقي ’ ولوي عنقه بأتجاه المصير الأسواء تحت عنف وقسوة ووحشية شمولية النظام المحاصصاتي القادم على سكة المصالحة مع جلادي الشعب وخونة الوطن . حتى لا نضيع في ضباب الفبركات للعجز الحكومي .. ونتلف بصيرتنا برمد الشعارات وتكرار الوعود المخادعة .. ونغرق بعيداُ بين امواج التضليل والتجهيل والأستغفال .. ونساوم المدعين والنصابين على تمزيق هويتنا وتدنيس مقدسات الشعب والوطن .. علينا ان نتمسك بعروة التزاماتنا الوطنية والأنسانية .. وان لا نكون جيفة في صنارة من يخدع اهل العراق ليصطاد فينا المكاسب والمنافع والأسلاب .. علينا ان نرفع راية الحقيقة بكل احتملاتها ومرارتها وعسر هضمها ودفع تكاليفها ’ وان لا نترك الوطن مخذولاً والشعب ملتحفاً بحزن المصائب والمحن . لقد تمت صفقة المصالحة وسيدفع الوطن ثمن بضاعتها الرديئة ويتحمل الشعب نتائج خسارتها ارهاباً وقمعاً ومجازراً وحريقاً مدمراً للفتنة القذرة .. هذا ما نراه اليوم وسنرى الأبشع اذا لم نتوحد قوميات واطياف ومذاهب واعراق .. مثقفين وكتاب وباحثين واعلاميين وجميع رواد الفكر والمعرفة ومنظمات مهنية ونقابية وثقافية وشخصيات سياسية ونقولها واضحة . ــ لا لمن خذلونا وزوروا ارادتنا واشبعونا تدجيناً وترخيصاً وبيعاً.. ــ لا لمن يسترخص ويقامر بدماء وارواح وارزاق اهلنا في الأسواق المغلقة للتبعية . ــ لا لمن يهدر حق ضحايانا ومهجرينا ويتنكر لشهداءنا ويعبث بمصيرنا . ــ لا لمن يمزق هويتنا في مشرحة الفتنة الطائفية والعرقية والفئوية الضيقة . ــ لا لمن يعيد قتلنا على قبلة المصالحات المشينة مع ذباحينا .
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكرد الفيلية ... جرح يعشق العراق..
-
الأرهاب والمصالحة ...
-
المصالحة الوطنية عندما تكون ملثمة
-
قُتل الزرقاوي ... ماذا عن الأزارقة ... ؟
-
انهم يقتلوننا يا سيادة الرئيس...
-
القاضي رؤوف يتراجع حيث انتهى رزكار
-
المركز العراقي الألماني الثقافي : نشاط مشكور
-
مجزرة القيم
-
الكرد الفيليه : معاناة على الرفوف الخلفية
-
كوابيس عراقية
-
اسئلة عراقية تبحث عن جواب مفقود
-
ثقافة الفرهود الى اين ؟
-
سيدنا ونصيبنا الرئيس
-
غربان المنطقة الخضراء : مجرد مقارنة
-
بين ثقافتين
-
خيطوا النخب ... ومزقوا الشعب
-
لن نغرق في البحر والعراق حقيقتنا .
-
دهاء الرئيس عندما يكون سذاجة .
-
اهلينا الكرام : قولوها ولو لمرة واحدة
-
حرب مجهولة الهوية
المزيد.....
-
دعوة زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز.. بساطة توحي بالعجلة
-
جنرال أمريكي يعلق على استشهاد ترامب بمصادر معلومات إيرانية و
...
-
وزير الدفاع الأمريكي يدافع عن الضربات على إيران ويهاجم الإعل
...
-
المواجهة بين إيران وإسرائيل: -هل بدأت حرب الاستنزاف؟- - صحيف
...
-
في أول خطاب له منذ انتهاء الحرب.. خامنئي: انتصرنا على إسرائ
...
-
مواطن سوري سُرقت سيارته فوجدها ضمن رتل أمني تابع لوزارة الدا
...
-
الموساد يشيد بـ-العملية التاريخية- ضد إيران ويشكر الاستخبارا
...
-
الشرطة الألمانية تردي أفغانياً بعدما طعن أحد عناصرها بسكين
-
قمة أوروبية في بروكسيل: ما هو حجم الدعم لأوكرانيا؟
-
في أفغانستان، الفن شكل من أشكال المقاومة
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|