أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - ماذا لو مكث عبد الرزّاق جورنه في زنجبار؟














المزيد.....

ماذا لو مكث عبد الرزّاق جورنه في زنجبار؟


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 7045 - 2021 / 10 / 12 - 00:56
المحور: الادب والفن
    


هذا ما تفعله "نوبل للآداب" كل عام، ففي مثل هذا الوقت، وسنويّا، ينشغل عالم الأدباء والصحفيين والإعلاميين، وحتى القرّاء بهوس التوقعات بمن ستذهب إليه الجائزة، وهناك دائماً قائمة من الأسماء «الثابتة»، ممن يُرى بأنهم جديرون بنيلها، خاصة أنها تذهب غالباً لمن هو أقل أهميّة، فيما أعمال الأوليين لم تنتظر أن يفوز أصحابها بالجائزة كي تشقّ طريقها إلى الترجمة نحو لغات الدنيا في المشارق والمغارب من الأرض، وكما هي العادة سنويّاً، تأتي المفاجأة المدوّية بفوز اسم لم يسمع به أغلبية الناس من قبل، ليسكت المتوقعون، فيما يتجرع المنتظرون للفوز الخيبة المرّة إياها.

بعد إعلان فوز الكاتب التنزاني الأصل، البريطاني الجنسية، عبد الرزاق جورنه، كتب الروائي السوداني أمين تاج السر على صفحته في «فيسبوك» يقول: «لا أحد قرأ لجرنه، ومع ذلك سيكتب كثيرون أنهم قرأوا له. إنها معجزة نوبل في كل عام»، ساخراً من كثر سيزعمون أنهم يعرفون أدب الرجل جيداً، علينا ألّا نصدّق ذلك، فما إن يعلن اسم الفائز حتى تستنفر المنصات الإعلامية، أكانت التقليدية منها، مسموعة ومقروءة، أو وسائل التواصل الاجتماعي، باستعادة كل ما كتب عن الفائز أو ما قاله هو عن نفسه في لقاءات سابقة معه.

جائزة "نوبل" للآداب لا تصنع فقط حدثاً أدبياً باختيارها لاسم الفائز أو الفائزة كل عام، وإنما تصنع أيضاً، وربما في المقام الأول، حدثاً إعلامياً بنكهة ثقافية، حين تجعل من كل ما يتصل بالفائز مادة تداول إعلامي تستغرق أياماً وربما أسابيع، ولمَ الدهشة من ذلك؟، أليست مهمة الإعلام هي ملاحقة الحدث، كما يقال؟.

للأمر بُعد آخر، دعونا نَقُلْ عنه بالبعد التجاري، وهذا، على الأرجح، ما عنته الأديبة العراقية لطفيّة الدليمي التي كتبت تقول: "المسألة أصبحت تجارة حتى قبل أن تكون توجهاً سياسياً. دور النشر العالمية لها صوتها وسطوتها في الجوائز، فهي لن تربح شيئاً من اسم كونديرا وغيره من الذين ترجمت أعمالهم لكل اللغات، فيأتون باسم يثير فضول القارئ الغربي ليشتري ويقرأ". ويمكن أن نضيف إلى كلام الدليمي أن الأمر لا ينحصر في القارئ الغربي وحده، وإنما يشمل كل قراء المعمورة.

ولأن الفائز هذا العام ليس أبيض البشرة والسلالة، جرى الاحتفاء بكونه ملوّناً، كون ذلك كسر التقليد المهيمن في اختيارات لجنة الجائزة طوال تاريخها، بمنحها لكتّاب بيض غربيين، أوروبيين وأمريكان شماليين؛ لأن الغرب لا يصنف أمريكا اللاتينية غرباً، فهي في منظوره "عالم ثالث" ليس أكثر، ولكن هل يمكن إغفال أن لغة الكاتب الفائز هي الإنجليزية، وأن مكان إقامته غربي، لا إفريقي؟، فإلى أي درجة يعتبر فوزه بالجائزة فوزاً لإفريقيا، كونه مولوداً في بلد إفريقي، هو الذي يقيم في بريطانيا ويكتب أدبه بلغتها الإنجليزية، لا بلغته الأم، أي السواحلية.

أين الغلبة هنا في «هويّة» جورنه، أهي في منبته الإفريقي، أخذاً بعين الاعتبار جذوره العربية أيضاً، كونه، كما يقال، يتحدر من أجداد من حضرموت هاجروا إلى زنجبار التي كانت لفترة تحت الحكم العماني - العربي، والتي هي جزء من تنزانيا اليوم، أم إلى مستقره البريطاني وإلى اللغة الإنجليزية التي بها يكتب؟ ولنصغ سؤالنا بشكل أبسط: هل كان عبد الرزّاق جورنه سينال "نوبل" للآداب لو أنه مكث في زنجبار ولم يهاجر إلى بريطانيا، ولو أنه كتب ما كتب باللغة السواحلية لا بالإنجليزية؟

هذا سؤال ليس أكثر، وليس بوسعنا الجزم بأية إجابة، مع ترحيبنا بالطبع بأن تخرج الجائزة من هواها «الأبيض» الغالب، وأن تذهب لكاتب هو في النهاية إفريقي الأصل والهوى، وأن لا تبرز غائية سياسية طاغية في اختياره، كتلك التي تمنح لكاتب من الصين مثلاً، فقط لأنه معارض لنظام الحكم في بلاده دون أن يعني ذلك أنه الأجدر من بين أقرانه الصينيين، فلجنة الجائزة سببت منحها لجورنه ب «سرده المتعاطف الذي يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات»، هو الذي سبق له أن دعا أوروبا إلى «اعتبار اللاجئين الوافدين إليها من إفريقيا بمثابة ثروة»، مشدداً على أن هؤلاء «لا يأتون فارغي الأيدي»، وفي العبارة الأخيرة كبير مغزى، فالمهاجرون إلى أوروبا، لا ياخذون منها فقط، وإنما إليها يضيفون أيضاً.

تقول سيرته الأدبية إنه اعتنى في رواياته ب«تجارب المهاجرين في المجتمع البريطاني المعاصر»، وتروي إحدى رواياته «أدماييرينج سايلنس» قصّة شاب يغادر زنجبار ويهاجر إلى بريطانيا حيث يتزوّج ويزاول التدريس، وتؤثّر فيه سفرة إلى بلده بعد عشرين عاماً من مغادرته إلى حدّ كبير وتلقي بظلالها على زواجه.

بالإضافة إلى مجموعة من الروايات، فإن له أيضاً عدداً من الإصدارات الأكاديمية التي انشغل فيها على دراسات ما بعد الكولونيالية، وهو التخصص الذي يُدّرسه في جامعة كِنْت، وفي ردٍ على سؤال وجه إليه في مقابلة ترجمها إلى العربية أحمد شافعي عما إذا كان يعتبر نفسه كاتب أدب ما بعد كولونيالي، أجاب جره: "لست متأكداً إن كان بوسعي أن أطلق على نفسي أي شيء عدا اسمي".

وفي المقابلة نفسها قال: "أريد فقط أن أكتب بأقصى درجة أستطيعها من الصدق، ثمة أشياء تشغلني وأريد أن أستكشفها وأكتب عنها".



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخوف من الذكاء
- في العلاقة بين الثّقافة والدّيمقراطيّة
- تمييز ثقافي ضد المُلونين والنساء
- التقشّف ليس الإدخار
- الثّقافة كمضادٍ ل(السوبر ماركت)
- البلاهة تفكّر
- الحكّ بالخبز اليابس
- لا التاريخ انتهى ولا الجغرافيا
- تعطيل العقل العربيّ
- خانات فكريّة ثلاث
- حركيّو الجزائر
- الحياة لا الغرف المغلقة
- محنة الحريّة في تاريخنا
- عبوديّة الآلة
- محنة الحرية في تاريخنا
- تآكلت الفئات الوسطى فتراجعت ثقافة التنوير
- من وحي انتخابات المغرب
- المهمشون
- شقاء الوعي
- ميكيس ثيودراكيس


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - ماذا لو مكث عبد الرزّاق جورنه في زنجبار؟