أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن مدن - البلاهة تفكّر














المزيد.....

البلاهة تفكّر


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 7034 - 2021 / 9 / 30 - 11:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مهما سعى المثقف للتحرر مما يعرف ب "الازدواجية"، فإنه لن يفلح، ليس، بالضرورة، لأن العزيمة أو الشجاعة تنقصانه، لكي يقدم على قهر ازدواجيته والرسو على أرض من الاتساق بين سلوكه وأفكاره، وإنما لأن للواقع الذي يعيش في جنباته سطوة لا تقهر، وإن شئنا بعض التفاؤل، فلنقل إن قهر هذه السطوة مهمة معقدة وطويلة الأمد.
في أحد مقالاته لاحظ المفكر المغربي عبد السلام بنعبد العالي أن سبب ازدواجية المثقف يكمن في أنه أدرك ثقافة غير ثقافته، بمعنى الثقافة التي ولد ونشأ في جنباتها، ولكنه ليس حراً، كما قد يتوهم، في القدرة على تخطيها، لينتقل وعياً وسلوكاً إلى الثقافة الجديدة التي أدركها، لذلك يعيش ما وصفه بنعبد العالي ب "التمزق على مستوى الوعي".
ليس جديداً السجال حول ما يطلق عليه "رسالة المثقف"، التي تتمحور، حسب دعاتها، في أن على المثقف دوراً يجب أن ينهض به في خلق الوعي ونشره في أدمغة الناس، وحتى هنا فالمفردات بحاجة إلى غربلة وتدقيق، فعندما نقول "خلق" الوعي فإننا نفترض أن لا وعي سابقاً في أذهان الناس، يتعين علينا أن نخلقه أو نصنعه، فيما الحقيقة ليست كذلك أبداً.
هذه الأذهان ليست خلواً من الوعي، ففيها وعي مستقر وراسخ، أكثر استقراراً ورسوخاً من ذاك الذي في ذهن المثقف، لسبب يجمع بين البساطة والتعقيد في الآن ذاته، فالمثقف، مهما بلغ وعيه من عمق ونضج، يظل فرداً. وحتى لو جمعنا كل المثقفين فإنهم سيظلون أفراداً لا جماعة، فيما الوعي المستقر والراسخ في أذهان العامة هو وعي جمعي بامتياز. يمكن أن نؤثر في وعي أفراد، ولكن ليس بالسهولة نفسها يمكن تغيير وعي الجماعات.
هذا الوعي الجمعي يعيد إنتاج نفسه بديناميكية أنشط بكثير وأكثر فعالية من تلك الديناميكية التي يمكن أن يحدثها نشاط المثقف ل "تطوير" الوعي أو "تغييره"، لأنه يستمدّ قوته من رسوخ ومتانة البنى الموروثة، وهي لا تتداعى كما قد يبدو في الظاهر. ما يحدث حقيقة هو أنها هي الأخرى تجدد نفسها كما تتجدد الخلايا، وتكيّف أداءها مع المستجدات.
على مر العصور واجه المصلحون والمفكرون والمثقفون تحديات من الطبيعة نفسها. الذي اختلف هو تجلياتها أو صورها، لا طبيعتها أو جوهرها.
زمننا الراهن، على سبيل المثال، استحدث صورة "الخبير"، ويراد إيهامنا بأنه بديل للمثقف، لكنه، في أحسن الأحوال "مثقف تقليدي"، حسب تعبير جرامشي، حتى لو ظهر ببذلة أنيقة وساعة فاخرة وعطر فوّاح. مأساة عصرنا، يقول أحدهم، "كون البلاهة تفكر".



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكّ بالخبز اليابس
- لا التاريخ انتهى ولا الجغرافيا
- تعطيل العقل العربيّ
- خانات فكريّة ثلاث
- حركيّو الجزائر
- الحياة لا الغرف المغلقة
- محنة الحريّة في تاريخنا
- عبوديّة الآلة
- محنة الحرية في تاريخنا
- تآكلت الفئات الوسطى فتراجعت ثقافة التنوير
- من وحي انتخابات المغرب
- المهمشون
- شقاء الوعي
- ميكيس ثيودراكيس
- رسائل انفجاري مطار كابول
- تسييس الدين
- عن الدولة الوطنيّة
- ثوابت المثقّف وتحوّلاته
- محنة التنوير
- أمريكا وناقتها في أفغانستان


المزيد.....




- حفلات زفاف على شاطئ للعراة في جزيرة بإيطاليا لمحبي تبادل الن ...
- مباحثات مهمة حول القضايا الدولية تجمع زعماء الصين وفرنسا وال ...
- الخارجية الروسية تستدعي سفير بريطانيا في موسكو
- الحمض النووي يكشف حقيقة جريمة ارتكبت قبل 58 عاما
- مراسلون بلا حدود تحتج على زيارة الرئيس الصيني إلى باريس
- ارتفاع عدد قتلى الفيضانات في البرازيل إلى 60 شخصًا
- زابرينا فيتمان.. أول مدربة لفريق كرة قدم رجالي محترف في ألما ...
- إياب الكلاسيكو الأوروبي ـ كبرياء بايرن يتحدى هالة الريال
- ورشة فنية روسية تونسية
- لوبان توضح خلفية تصريحات ماكرون حول إرسال قوات إلى أوكرانيا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن مدن - البلاهة تفكّر