أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسن مدن - الحكّ بالخبز اليابس














المزيد.....

الحكّ بالخبز اليابس


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 7032 - 2021 / 9 / 28 - 11:14
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


قبل أن يذهب لحال سبيله، بوصفه أصبح مديراً عاماً سابقاً لصندوق النقد الدولي، صُفع السيد ميشال كامديسو على وجهه بكعكة بالكريما. كان كامديسو يلقي خطابه الأخير أمام المؤتمر العاشر للتجارة والتنمية التي تنظمه هيئة الأمم المتحدة حين فاجأه شاب أمريكي تسلل إلى القاعة ورماه بالكعكة. وبدا مدير صندوق النقد الدولي أمس أمام كاميرات التلفزيونات وفي الصورة الملونة على صفحات الجرائد وآثار الكعكة بالكريما بلونيها الأبيض والأحمر واضحة على خديه وأنفه. يقال إنه انسل إلى زاوية ليزيل الآثار العالقة قبل أن يعود مواصلاً خطابه.

أما الشاب الذي قذفه بالكعكة فهو واحد من آلاف شاركوا في التظاهرات أطلقت حركة احتجاج جماعية على مستوى العالم ضد سياسات الشركات العابرة للقارات وأدواتها المالية التي يشكل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أبرزها. والواقع أن فكرة قذف كبار السياسيين بالأكل ليست جديدة، سواء كانوا يمشون في الشوارع تحت الحراسة أو يلقون كلماتهم على منصات الخطابة.

وكان البيض الفاسد والطماطم من أشهر المواد الغذائية التي استخدمت لهذا الغرض، وفي التاريخ الحديث أمثلة كثيرة على ذلك، والواضح أن اختيار هاتين المادتين، أعني البيض والطماطم، لم يأت عبثاً ذلك أن لزوجة كل منهما تترك آثاراً واضحة على وجه وملابس المستهدف.

والفكرة إلى ذلك تنطوي على تحقير ضمني، رمزي، فبدلاً من الحجارة مثلاً التي هي أوقع فعلاً وأشد أثراً وإيلاماً لو قذفت على أحدهم يجري اختيار الطماطم الفاسدة والبيض الفاسد في إشارة رمزية ترمي إلى القول: هذا قدركم!، أو هذا كثير عليكم، أو إنكم لا تستحقون أكثر من ذلك. لكن الشاب الأمريكي الذي يدعى روبرت نيمان القادم من مظاهرات سياتل ابتكر طريقة جديدة للاحتجاج على من يسببون الأذى للفقراء وللشعوب المغلوبة على أمرها في العالم الثالث، هي القذف بالكعكة بالكريما. الطريف أن مريدين ومؤيدين ومناصرين للشباب تجمعوا تحت لواء جمعية أو هيئة اختارت لنفسها عنواناً طريفاً هو: "حلوانيين بلا حدود" مذكرين إيانا بأسماء منظمات عالمية أخرى كمنظمة "أطباء بلا حدود"، وإنهم تخصصوا في إلقاء كعكات الحلوى على "هوامير" العولمة.

لكن في اختيار الكعكة تكمن فكرة وجيهة. ما من أكلة يرمز بها إلى تقاسم المنفعة سوى الكعكة. نقول عن المرتشين وسماسرة الصفقات إنهم اقتسموا الكعكة، ولا نقول إنهم اقتسموا الخبز أو الرز مثلاً. الخبز للفقراء، دلالة الكفاف والفاقة والحد الأدنى اللازم لتجديد دورة الحياة، أما الكعكة فدلالة الرفاه، دلالة الغنى. ومن سوء حظ الكعكة أن اقتسامها بات مثالاً يضرب على اقتسام المال الحرام، ألهذا السبب أراد هؤلاء الشباب الظرفاء، وهم في الجوهر أعمق من ذلك بكثير، أن "يؤدبوا" مقتسمي المال الحرام من جهابذة العولمة برمز حرامهم؟

فكرة قذف هؤلاء الجهابذة بالكعكة بالكريما فكرة طريفة، عصرية ومبتكرة، لكن جلود هؤلاء غليظة. إنها بحاجة لأن تحك بكسرات الخبز اليابس الذي يدمي، نعم، الخبز اليابس، تعبيراً عن يباس شعوب بكاملها لا تسأل عن حصتها من الكعكة، إنما تطلب الرغيف، الرغيف فحسب!



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا التاريخ انتهى ولا الجغرافيا
- تعطيل العقل العربيّ
- خانات فكريّة ثلاث
- حركيّو الجزائر
- الحياة لا الغرف المغلقة
- محنة الحريّة في تاريخنا
- عبوديّة الآلة
- محنة الحرية في تاريخنا
- تآكلت الفئات الوسطى فتراجعت ثقافة التنوير
- من وحي انتخابات المغرب
- المهمشون
- شقاء الوعي
- ميكيس ثيودراكيس
- رسائل انفجاري مطار كابول
- تسييس الدين
- عن الدولة الوطنيّة
- ثوابت المثقّف وتحوّلاته
- محنة التنوير
- أمريكا وناقتها في أفغانستان
- على خطى ابن رشد


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسن مدن - الحكّ بالخبز اليابس