أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد زكرد - لماذا الحاجة إلى الفلسفة ؟














المزيد.....

لماذا الحاجة إلى الفلسفة ؟


احمد زكرد

الحوار المتمدن-العدد: 7026 - 2021 / 9 / 21 - 04:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لعل السؤال البديهي الذي يطرح نفسه عند حديثنا عن الفلسفة أو عند الشروع في تعليمها أو تعلمها؛ هو: ما الفلسفة ؟ لكن السؤال الذي يبدو أهم في البداية هو : لماذا الفلسفة ؟ هذا الأخير هو سؤال الغاية و الجدوى، لأنه إذا أردنا أن نجعل العلاقة بين الدرس الفلسفي و المتعلم علاقة ايجابية ، لا بد أن نجيبه عن سؤال لماذا ندرس الفلسفة ؟ وما الغاية منها ؟ وذلك بغية تصحيح التمثلات التي يأتي بها التلميذ من محيطه المعيشي؛ و التي تختصر في أن الفلسفة كلام فاغ بلا معنى وأن الفلسفة ضد الدين و أن الفلسفة تؤدي بمن يدرسها الى الجنون ... لهذا ينبغي بادئ ذي بدء أن نسلط الضوء عن سؤال الجدوى من الفلسفة، الذي يقودنا إلى طرح أسئلة من قبيل : هل الفلسفة ضرورية لنا ؟ وهل نحن في حاجة إليها ؟ ...
قد لا نحتاج للفلسفة، لكننا نحتاج إليها؛ هناك شيء نعرفه ونعترف به، بإمكان أي مجتمع أن يلحق ركب الحضارة و التقنية بدون الحاجة بالضرورة إلى التفكير الفلسفي ... وبإمكان هذه المجتمعات أن تتعلم الصناعة و الطب و الإدارة ... لكن هل بوسعها أن تبدع أنساقا جديدة في العلم مثلا ، أو أن تقترح نظاما أخلاقي أو سياسي جديد يتمشى مع تطلعات الإنسان المعاصر... ونعلم أن الإبداع يحتاج إلى التفكير و التأمل. و نعلم كذلك أنه لا يمكن للعقل التقني و الدغمائي ( الوثوقي) الذي يتلقى المعرفة دون مساءلتها ، أن يبدع لا في العلم و لا في الأخلاق ولا في السياسة ... لذا فنحن نحتاج إلى الفلسفة باعتبارها نشاط للتفكير و التأمل، فتاريخ الفلسفة هو تاريخ العقل كما قال هيجل؛ أي تاريخ المفاهيم الكبرى التي أسست قطائع أبستمولوجيا عبر تاريخ الحضارات الانسانية .
بالفلسفة استطاع العقل الانساني أن يفكر في العالم وفي الحياة و في الذات و في الحضارة و السياسة في الطبيعة و الثقافة في الموت و الحياة، قارب بواسطة العقل قضايا الوجود و الزمان و الكينونة و المعنى ... ان الاهتمام بالفلسفة هو اهتمام بالعقل و الاهتمام بالعقل هو اهتمام بالإنسان و بحقوقه و في المقدمة حقه في التفكير و في الاختلاف و كذلك الحق في التساؤل و النقد ، و يمكن أن نعتبر أن الفلسفة هي وحدها تمنحنا هذا الحق بل إنها تدافع عنه بإصرار.
بهذا يكون الدفاع عن الفلسفة هو دفاع عن الانسان كذات واعية ومفكرة تحمل قيمة مطلقة في ذاتها، لأنه في الحقيقة دفاع عن العقل الانساني نفسه ، لهذا فالفلسفة لا تحتاج لحجج و براهين لبيان أهميتها وجدواها ، لأن كل الحضارات التي ننظر لها اليوم باعتبارها النموذج في التقدم قد ارتقت صعودا على سلم الفلسفة نحو تحسين قدرة الانسان المعاصر على التفكير في مواجهة الاوهام وتحسين قدرته على العيش في مواجهة الشقاء والالم الذي تحمله الطبيعة للإنسان .
مرة اخرى ، لماذا الدفاع عن الفلسفة ؟ لسبب ظل على مر التاريخ يطارد الفلسفة و الفلاسفة؛ وهو الهجوم على الفلسفة و قتل و إعدام الفلاسفة؛ لا لشي إلا لأنهم اعطوا فرصة لعقولهم كي تشتغل ؛ مثلا سقراط أعدم ، و أفلاطون الذي بيع في سوق العبيد، و محاولة قتل أرسطو وحرق كتبه لولا أنه غادر أثينا خوفا أن يجرم الاثنيون ضد الفلسفة مرة اخرى حسب قوله .نهيك على الاضطهاد الذي مورس على الفلاسفة العرب من الفاربي في المشرق إلى ابن رشد في المغرب ... رغم أن الانسان بطبعة يمارس فعل التفلسف، إلا أننا للأسف نرى هذا الكم الهائل من الكراهية و الحقد للفلسفة و الفلاسفة ، فقط لانهم خرجوا بتفكيرهم من الصندوق وطرحوا كل اليقينيات موضع الشك كما فعل ديكارت ، بالإضافة الى طرح الكثير من الاسئلة والاندهاش من ما قد يبدو مألوف للناس، لأن الفيلسوف هو من استطاع ان يحافظ على دهشته الطفولية ، وهذا هو لب الفلسفة ،هو طرح السؤال و الاندهاش ، لهذا نقول أن الفلسفة هي نشاط يقترن بكل انسان ليسأل و يسائل الطبيعة الوجود.
باختصار أهم ما نتعلمه من الفلسفة هو الاختلاف و الايمان به كضرورة انسانية للعيش معا ؛ لأن كل إنسان له فلسفته الخاصة تدفعه نحو تبني قيم معينة ، تجعنا نخلق عالم مشترك مبنى على الاختلاف و أساسه التواصل و الحوار. و تعمل الفلسفة كذلك على تشكيل عقل الفرد بحيث يصبح قادر على التفكير الناقد وامتلاك الحس النقدي ، الذي يجعله لا يقبل المعرفة الجاهزة الا بعد تمحيصها و التدقيق فيها وهذا يخول له التحرر من الاحكام المسبقة و العادات و التقاليد البالية . فالنقد كما يقول كانط هو أفضل أداة بناء عرفها العقل البشري . ولا تتوقف أهمية الفلسفة عن الفرد فقط بل لها دور مهم كذلك على المجتمع ويتجلى ذلك في تحقيق وعي جمعي حول الكثير من الأمور السياسية و الاقتصادية ...، وبالتالي تعمل على اصلاح المجتمع من خلال تطوير الحياة فيه وذلك انطلاقا من مبادئ وقيم فلسفية كونية باعتبارها التتويج الاقصى للمشروع التحريري للانسانية .
فنحن نحتاج الى فكر فلسفي من حيث هو فكر إنساني يعمل على اقامة ثورة في الفكر البشري ،و يتغلغل في ممارستنا و في أخلاقنا ، لأن عقلنا العربي الاسلامي ردم تحت ركام التراث فأصبحنا كائنات تراثية – كما قال الجابري _ اكثر من كوننا كائنات ثقافية ، نقدس الشيوخ والماضي و نهمش دور العقل و التفكير.



#احمد_زكرد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة الوعي ، أساس التغيير الحقيقي
- إتيقا الحوار و التسامح الديني كمدخل لتأسيس المشترك الكوني بي ...
- لمحة بانورامية حول الفلسفة المعاصرة
- إشكالية الوعي عبر تاريخ الفلسفة
- إشكالية الوضع البشري بين الخضوع للضرورة والانفتاح على الحرية ...
- تأمل حول إشكالية الحب
- إشكالية العنف بين المشروعية و اللامشروعية
- هذا هو الإنسان في زمن كورونا المستجد
- التطور التقني وتداعياته البيئية في ظل غياب الشرط الأخلاقي: ف ...
- التطور التاريخي للنسوية : قراءة نقدية للهيمنة الذكورية
- الفلسفة كبديل لإسعاد الإنسان من وجهة نظر ألان باديو
- إشكالية أصالة الفلسفة الإسلامية
- إشكالية تعريف الفلسفة
- إشكالية الاعتراف و التفهم و التكامل في فلسفة الغير
- تأثيل المقدس 5 : المرأة بين مطرقة الدين و سندان العلمانية ( ...
- تأثيل المقدس 4: السعي للدين،سعي للسلطة
- أخلقة الفعل السياسي ( الجزء الثالث ): الفعل السياسي بين الدي ...
- أخلقة الفعل السياسي ( الجزء الثاني ): كانط ونقد العقل السياس ...
- أخلقة الفعل السياسي ( الجزء الاول ): من الإغريق إلى فلاسفة ا ...
- أنسنة الظاهرة الإنسانية


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد زكرد - لماذا الحاجة إلى الفلسفة ؟