أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد زكرد - إشكالية الوضع البشري بين الخضوع للضرورة والانفتاح على الحرية ( الجزء الأول )














المزيد.....

إشكالية الوضع البشري بين الخضوع للضرورة والانفتاح على الحرية ( الجزء الأول )


احمد زكرد

الحوار المتمدن-العدد: 6696 - 2020 / 10 / 6 - 10:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يبحث باستمرار في ذاته وعن ذاته، فهو لا يستطيع أن يعيش دون أن يجري وراء ذاته، وذلك راجع بأنه( الكائن الوحيد) الذي يمتلك وعي يخول له الوعي بهذا الوجود. نحن لا نعرف ما إذا كانت الكائنات والأشياء الأُخرى التي تشاركنا الوجود، تملك هي أيضا وبطريقتها الخاصة، ما يمكن أن ندعوه وعيها الذاتي بوجودها. ولكن من المؤكد أننا لسنا نملك وجودا وحسب، وإنما وجود ووعي بهذا الوجود. ما يدفع الانسان و في كل لحظة أن يتحقق بدقة شروط وجوده ووضعه البشري؛ لأن الفحص النقدي والدقيق للذات والوضع البشري هو ما يمنح الإنسان قيمته الحقيقية داخل العالم .
إن مساءلة الوضع الإنساني هي استشكال لمنزلة الانسان في الكون من تحديد أحواله النفسية وظروفه وأنشطته الاجتماعية وآثاره الثقافية وانتاجاته الاقتصادية وأفعاله السياسية واللغوية وتصوراته الوجودية وممارساته الأخلاقية... أي وعي الانسان بكل المحددات والشروط التي تحصر الذات الإنسانية داخل هذا الوجود، كل ما يحيط بالذات الإنسانية من عوامل وشروط ثقافية واقتصادية وسياسية ...
الغاية من تحديد الشرط الإنساني ( الوضع البشري ) ليس التسليم به كقدر محتوم بل شرط ينبغي الثورة عليه، وذلك بتأكيد عدم ذوبان الإنسان في الجماعية التي تذوبه وتعدم هويته. ويعتبر التاريخ في ظل هذا الشرط هو المحرك الأكبر الذي ينبغي أن يواجه بالرفض. هنا سأستحضر رواية الشرط الانساني La condition humaine لاندريه ماليرو التي تترجم في اللغة العربية إلى الوضع البشري " وهنا ومن أجل التدقيق اللغوي ، فقد نميز بين الوضع position، الوضعية situation، المنزلةStatut ، الشرطcondition ، في الحياة العادية قد يبدو لفظ الوضع غامضا ولكن استعماله في تعبيرات معينة يعطيه معنى مخصوص، وفي استعمالنا نحن نريد تحديد الحالة و كذلك الشرط لنقل condition humaine أو . statut humaine
بدون الخوض في التفاصيل التمولوجية للمفهوم ، لكن المهم هو عبارة "الوضع البشري" التي ظهرت لاول مرة كعنوان للرواية أندريه مالرو ونُشرت سنة 1933،يطرح عبارة "الوضع البشري" من خلال معاناة شخصيات الرواية في الصين وهي تعيش أوجاع الصراع والتحول نحو النظام الاشتراكي في بدايات القرن الماضي. والفكرة الرئيسية، التي تنتهي إليها الرواية هي قدرة الإنسان على الانتصار على قدره عبر الإصرار على اختياره الواعي في الحياة، حيث يرفض بطل الرواية الانتحار بواسطة السم داخل السجن، ويفضل الصمود ومواجهة التعذيب، وينتصر في النهاية، بينما انتحر سجناء آخرون تحت تأثير التعذيب.
هكذا فرهان الوعي بالوضع البشري و تحديد مقوماته هو الثورة و التمرد عليه، لإنّ الثورة ضد الشرط الإنساني مهمة جدًا وذلك بأن يقدم الحاضر على كل الأزمنة، وألا يسرقنا الماضي عن الخطوة الصحيحة المفترضة في الحاضر، بمعنى ان نتخلص من هيمنة الموروث الثقافي الذي يثقل كاهلنا والتحرر من منطق التاريخ وحتمياته، لنؤسس الانسان المعاصر بقيم اخلاقية كونية و إنسانية ... يتخلص من قبضة الماضي وتفتح له افاق المستقبل.
سيظل الوضع البشري بنية مركبة تتميّز بالتعقيد، حيث تتداخل فيه عدة مستويات، إذ يتحدد الكائن البشري ذاتيًا بالوعي ( الشخص )، وموضوعيًا بالتواجد مع الغير، والعلاقة التي تربط بينهما (الشخص-الغير)، إضافةً إلى الامتداد في الزمان التاريخي ( التاريخ )؛ حيث أن الكائن البشري فرد ذو صفات بيولوجيّة ونفسيّة وذهنيّة خاصّة تجعل منه شخصًا يتمتع بقسط من حرية الإرادة، لكنه في نفس الوقت مشروط بمحددات اجتماعية وثقافية و تاريخية ونفسية لاواعية، لكن الانسان كما قلنا يتمتع بقسط من الحرية تخول له التعالي على كل الاوضاع التي تمثل ضرورة ما امكنة الطبيعة البشرية ذلك ( لان الحرية هي ان تتصرف وفق الامكانات المتاحة ) عندها يصبح الانسان شخص وليس مجرد فرد ؛ لأنه يمتلك حياة داخلية تميزه على الاخرين و تجعله يحيا على خلاف ما توجد الاشياء ويتعالى باستمرار على وضعه الجسمي و الاجتماعي و يبدع ذاته من جديد في اطار مشروع مستقبلي مفتوح كما أشار لذلك سارتر .
أمام هذا التأثيل التيمولوجي والتاريخي و الفلسفي للوضع البشري يجعلنا نطرح العديد من الاشكالات تفتح أفق للتفكير فيه :
- ما وضع الكائن البشري في الكون ؟ ومن يتحكم في أوضاعه؟ هل هو خاضع لضرورة أم منفتح على الحرية ؟
- كيف يتحدد وجود الإنسان بوصفه شخصا؟ و كيف استطاع تنظيم علاقته بالغير؟ وما الدور الذي يلعبه الغير في تشكيل الأنا؟
كيف تتمكن الذات من خلال قراءتها للتاريخ أن تميز وجودها التاريخي ؟



#احمد_زكرد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأمل حول إشكالية الحب
- إشكالية العنف بين المشروعية و اللامشروعية
- هذا هو الإنسان في زمن كورونا المستجد
- التطور التقني وتداعياته البيئية في ظل غياب الشرط الأخلاقي: ف ...
- التطور التاريخي للنسوية : قراءة نقدية للهيمنة الذكورية
- الفلسفة كبديل لإسعاد الإنسان من وجهة نظر ألان باديو
- إشكالية أصالة الفلسفة الإسلامية
- إشكالية تعريف الفلسفة
- إشكالية الاعتراف و التفهم و التكامل في فلسفة الغير
- تأثيل المقدس 5 : المرأة بين مطرقة الدين و سندان العلمانية ( ...
- تأثيل المقدس 4: السعي للدين،سعي للسلطة
- أخلقة الفعل السياسي ( الجزء الثالث ): الفعل السياسي بين الدي ...
- أخلقة الفعل السياسي ( الجزء الثاني ): كانط ونقد العقل السياس ...
- أخلقة الفعل السياسي ( الجزء الاول ): من الإغريق إلى فلاسفة ا ...
- أنسنة الظاهرة الإنسانية
- الراهن العربي الإسلامي بين التنوير و الظلامية
- تأثيل المقدس 3: كيف تصنع الأديان؟
- تأثيل المقدس 2 قضية الغرانيق وسؤال الحقيقة
- تحرير الأخلاق من هيمنة الدين
- التأسيس لدين إنساني من منظور كانطي


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد زكرد - إشكالية الوضع البشري بين الخضوع للضرورة والانفتاح على الحرية ( الجزء الأول )