أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خالد محمد جوشن - ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الثانية عشرة















المزيد.....

ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الثانية عشرة


خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)


الحوار المتمدن-العدد: 7020 - 2021 / 9 / 15 - 23:45
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تلاعب بالكلمات حتى فى القصص الجادة

اختر الكلمات التى يتجنبها الكاتب العادى ولكن القارىء العادى يفهمها

تماما مثل نحات بالصلصال ، يشكل الكاتب عاما بواسطة الكلمات .

فى الحقيقة لقب شعراء الانجليزية الاوائل " التشكيليين " ؛ الفنانين الذين يجلبون مادة اللغة لخلق قصص ، بالطريقة نفسها التى قام فها الرب ، الصانع.الاعظم ، بخلق السماء والارض .

يتلاعب الكتاب الجيدون باللغة ، حتى لو كان الموضوع عن الموت. " لا تذهب وديعا الى تلك الليلة الهانئة " ، يكتب الشاعر الويلزى ديلان توماس الى ابيه الذى يحتضر ؛" ثر " ثر إ ضد موت الضياء " .

قد تبدو فكرتا اللعب والموت متعارضتين ، لكن الكاتب يجد سبلا ليجمع بينهما .

فللتعبير عن حزنه يتحايل الشاعر ، يتحايل الشاعر على اللغة ، مفضلا كلمة " رقيق" على " برقة " ويختار " ليل " ليتقفى " الضياء " .

وويكرر من مفردة " ثر " ولاحقا سوف يستخدم التورية :" الرجال الصارمون ، على شفا حفرة الموت ، من يرون ببصر معمى " .

المعنى المزدوج ل ( صارم وقبر - ) يقود مباشرة الى الارداف الخلفى " البصر المعمى .

تلاعب بالمفردات ، حتى تحت ظل الموت . كاتب العناوين الرئيسية للصحف ، هو الشاعر بين الصحفيين ، فهو يحشو المعانى الكبيرة فى مساحات صغيرة ، تأمل هذا العنوان الرئيسى عن يوم عصيب فى أثناء الحرب فى العراق: الحشود المبتهجة تمزقهم ، 4 موتى أمريكان
ملابسات الحادث بشعة : مدنيون عراقيون هاجموا ضباط امن امريكان ، وحرقوهم حتى الموت فى مركباتهم ، وانهالوا ضربا على جثثهم المتفحمة ومثلوا بها ، وسحلوها عبر الشارع ، وعلقو ماتبيقى منها فى جسر – كل هذا أمام حشود تهتف ابتهاجا .

حتى فى ظل مجزرة كهذه ، تلاعب كاتب العنوان الرئيسى فى اللغة ، فالكاتب يكرر الحروف الساكنة ( ار و بى ) للتأكيد ، ويقابل بين مفردة "المبتهجة " ومفردة " موتى " لتعطى تأثيرا مفاجئا .

تبرز كلمة ( المبتهجة ) كاختيار جيد ، وهى مشتقة من الفعل اللاتينى

( جوبلير)الذى يعنى حرفيا " اطلاق صيحة ابتهاج ".

مفردات من مثل " حشد" و " موتى " و " امريكان " تظهر فى تقارير الاخبار طوال الوقت .

أما " يمزق " فهو فعل قد نجده فى قصة عن كلب يهاجم طفلا . بينما " هتافات الابتهاج " لفظة مميزة ، يفهمها اغلب القراء ، ولكنها نادرة فى سياق الاخبار.

وكثيرا مايحبس الكتاب مفراداتهم اللغوية فى محاولة ضالة لخفض نبرة اللغة كى يفهمها عامة القراء .

الكلمات غير الواضحة يجب أن توضح بنصوص ، أو من خلال السياق . لكن ، مخزون المفردات اللغوية لدى الفرد العادى أكثر من المفردات التى يستخدمها المؤلف العادى فى الكتابة .

ونتيجة لذلك ، يجذب المؤلفون الذين ينتقون مفرادتهم اللغوية من بئر أعمق اهتماما ، خاصة من القراء ، فيحوزون لقب " كتاب ".

ان مفردات الكتابة الثرية لا تتطلب كلمات مبهرجة رنانة . مارى فيشر ، واحدة من اعظم كاتبات المقال فى أمريكا ، عرفت بكتاباتها عن الطعام ، ولكنها دائما تضيف نكهة الى جميع اعمالها عبر التلاعب باللغة .

هذه الذكرى من ذكريات الطفولة المقعمة بالحياة تصف غرفة صغيرة مؤثثة اقتطعت من جانب المرأب ، لتأوى احد العمال المفضلين :

" أظن ان الغرفة كانت مهيأة لتخزين الأدوات .لقد كانت تتسع بمايكفى لسرير صغير ، كان مرتبا على الدوام ، ومقعد طاولة زينة ، ومكتب متهالك .

كانت الجدران جزء من المرأب ، مغطاة بأوراق صحف لمنع التيارات الهوائية .

كان هناك موقد دائرى صغير يعمل على الكيروسين ، من النوع الذى كنا نستخدمه فى بيتنا الصيفى فى لاغونا ، تشع شعلة قاتمة من نافذته ورائحته طيبة دافئة .

كان هناك ضوء خافت يصدر من مصباح السقف .وهناك رف من الكتب ، ولكنى لم اعرف أبدا ما هى هذه الكتب . ومن عوارض السقف تتدلى بهدوءحزم من أوراق تبغ نصف مجففة .

كان تشارلز قد حصل عليها فى احدى الصقفات الغريبة فى ولاية كنتاكى . لقد جففها ، وفى كل ليلة كان يطحن اكثرها هشاشة فى راحة يديه الى خلطة خاصة بالغليون .

كان يمد يده الى الأعلى ويقطف وريقة ، ثم يجلس مسترخيا فى مقعده القديم ويتحدث الينا ، انا وأختى آن ، والجديدة نورا ، الى ان يحين وقت نفث المزيد من الخان الشهى " ( من رواية : بين الاصدقاء)".

لم تستخدم فيشر استعارات مطنبة هنا او توريات سهلة ، بل جاء تلاعبها باللغة على هيئة مجموعة من الكلمات والصور الدقيقة ، التى تنقلنا من زماننا ومكاننا الى تلك الغرفة الصغيرة من الزمن القديم.

يقف تحفظ فيشر على النقيض تماما من هوس التلاعب بالكلمات فى " شريعة الملاعين " ل أنتونيو لوبو أنتوينس :

"عند الثامنة صباحا فى ثانى أربعاء من سبتمبر1975، انتزعنى منبه الساعة من منامى ، كما رافعة ميناء ترفع كتلة طحالب لزجة لا تعرف السباحة .

طفوت على سطح الشراشف ، والليل يتقاطر من منامتى وقدماى كأنهما مخالب حديدية رزت جثتى ملتهبة المفاصل على السجاد ، بقرب الحذاء المفعم برائحة الأمس .

فركت بقبضتى عينى المتورمتين، وشعرت بندف صدأتتساقط من الزوايا .كانت آن متزملة ، كجثة فى مشرحة ، ببطانية فى أقصى جانب من السرير ، لا يظهر منها سوى مقشة شعر رأسها .

قطعة جلد مثيرة للشفقة من كعب ميت سقطت عن السرير . اتجهت الى الحمام لافرش أسنانى ، فعرضت لى المرآة القاسية العطب الذى جلبته السنون، كما على كنيسة صغيرة مهجورة ".

حتى هؤلاء الذين يفضلون أسلوبا أكثر وضوحا يحتاجون ، بين الحين والآخر ، الى السباحة فى بحر اللغة السريالية، ولو كان ذلك لتطهيرنا من رضانا عن المفردات.

جمعينا يمتلك بحيرة من مفردات القراءة ، لكننا لا ننهل منها ال ما هو بحجم بركة صغيرة .

الأمر الجيد ، هو أن البحث والجمع دائما ما يزيدان من عدد المفردات المستخدمة . الكاتب يرى ويسمع ويدون .والبصيرة تقودنا الى اللغة .

" يجب أن يستطيع الكاتب الاحساس بالكلمات بعمق ، كل واحدة على حدة "، كما كتب الشاعر دونالد هول فى " الكتابة الجيدة ". و" يجب أن يستطيع كذلك التراجع خطوة للوراء ، داخل رأسه ، وأن يتأمل الجمل المتدفقة .

لكنه يبدأمن كلمة واحدة ".

يحتفى دونالد هو بالكتاب المبتكرين ، كما لو أنهم يرون الشىء لأول مرة ، ومع ذلك يدونون رؤاهم فى لغة تلامسنا جميعا .

فللميزة الأولى، يحتاج الكاتب الى الخيال . وللميزة الثانية ، يحتاج الى الحرفية ..الخيال دون حرفية لا يصنع الا فوضى عارمة ؛ والحرفية من دون خيال ليست الا نظاما يخلو من حياة ".



#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)       Khalid_Goshan#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الحادية عشرة
- وعكة صحية
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة العاشرة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الاداة التاسعة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الثامنة
- عريس سحليه
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة السابعة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة السادسة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الخامسة
- صبى الصفارة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الرابعة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الاداة الثالثة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الاداة الثانية
- ثورة يوليو - 1952 - الحلم والمأساة
- ايامك التى تمر ليست مجرد بروفة- انا كويندلن
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الاولى
- من دفتر الذاكرة (2)
- من دفتر الذاكرة (1)
- صحتك فى رجليك
- مصر وسد النهضة الاثيوبى


المزيد.....




- بعد أيام من التوتر.. شيوخ السويداء وقادة الفصائل يصدرون بيان ...
- مصدر لـCNN: تأجيل الجولة الجديدة من المفاوضات النووية بين أم ...
- إيلون ماسك باق على رأس تسلا: مجلس إدارة الشركة ينفي بحثه عن ...
- إرجاء المحادثات النووية بين طهران وواشنطن... هل تنعقد الأسبو ...
- تهديد جديد شديد اللهجة من وزير الدفاع الإسرائيلي للشرع دعما ...
- هيئة البث الإسرائيلية: مئات الجنود الدروز يستعدون لتقديم مبا ...
- -كتائب القسام- تعلن تنفيذ عملية مركبة في شارع الطيران بحي تل ...
- مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن
- مخاوف عراقية من حرب إيرانية أمريكية
- ترامب يهدد كل من يشتري نفطا من إيران بفرض عقوبات ثانوية


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خالد محمد جوشن - ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الثانية عشرة