أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خالد محمد جوشن - ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة العاشرة















المزيد.....

ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة العاشرة


خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)


الحوار المتمدن-العدد: 7013 - 2021 / 9 / 8 - 15:38
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


فضل ما هو بسيط على ما هو تقنى
عند مواطن التعقيد استخدم كلمات وجملا وفقرات اقصر

تحتفى هذه الاداة بالبساطة ، ولكن الكاتب الجيد يستطيع ان يجعل البسيط معقدا – وبتأثير جيد .

يتطلب هذا تقنية أدبية خاصة اسمها " التغريب" وهى كلمة بائسة تصف العملية ، يحول بها الكاتب ما هو مألوف الى أمر غريب .

يحقق مخرجوا الافلام تأثيرا مشايها من خلال اللقطات شديدة التقريب ، او بالتصوير من زوايا غريبة أو مشوهة .

يصعب تحقيق هذا التاثير على الورق ، غير انه اكثر صعوبة ، قد يسحر القارىء ، كما فعل وصف اى بى وايت ليوم شديد الرطوبة فى فلوريدا :-

" فى بعض الايام ، تغزو رطوبة الجو كل الحياة ، وكل الاحياء .

اعواد الثقاب ترفض ان تشتعل . اذا ما علقتها لتجف ، ستزداد بللا كل ساعة . الصحف ، بعناوينها التى تتحدث عن التكامل ، تذبل بين يديك وتسقط قصاصاتها برخاوة فى كوب قهوتك وصحن البيض .الاظرف تلصق نفسها بنفسها ، وطوابع البريد تضاجع بعضها بلا حياء كما تفعل الجداجد " ( من رواية حلقة الزمن ).

ما الذى يمكن ان يكون مألوفا اكثر من شارب على وجه معلم ؟

ولكن ليس هذا الشارب ، كم يصفه روالد دال فى مذكراته " ولد ":_

" مشهد مرعب حقا . سياج برتقالى كثيف نبت وازهر بين انفه وشفته العليا ، ثم سرى عبر وجهه من منتصف خده وحتى منتصف خده الاخر .. كان يلتفت الى اعلى باكمله بطريقة مدهشة ، كما لو ان هناك موجة دائمة وضعت فيه ، او كأنه يستخدم ملاقط

تجعيد تسخن كل صباح فوق شعلات لهب صغيرة . الطريقة الوحيدة الاخرى التى يستطيع فيها التى يستطيع فيها الحصول على هذا التاثير الملفت ، كما قررنا نحن الاولاد ، هى تمشيطه مطولا الى اعلى بفرشاة أسنان قاسية امام المراة كل صباح " .

ان كلا من وايت ودال يأخذان العادى المألوف – اليوم .

الرطب والشارب – ويمررانها من خلال فلتر اسلوبهما النثرى ، . فيجبروننا على ان نراهما بطريقة جديدة .

لكن فى أغلب الاحيان ، ينبغى على الكاتب ان يجد طريقة لتبسيط النثر للقارىْء، ومن اجل تحقيق التوازن ، لنطلق على هذه الاستراتيجية اسم " التقريب " {فى مقابل " التغريب " ( المترجم ) }، اى اخذ الغريب او الغامض او المعقد وجعله مفهوما ، بل ومألوفا ، من خلال قوة التفسير .

لكن ، غالبا ما يميل الكتاب عادة الى ايصال الافكار المعقدة من خلال جمل وتراكيب معقدة عادة ، كما هى الحال فى هذه الجملة ، من مقالة افتتاحية عن الحكومة :_


" ولتجنب تفعيل هذه التشريعات ، من دون مرعاة تكاليفها المحلية ، وتاثيرها الضريبى ، مع ذلك توصى اللجنة بضرورة ايضاح الفوائد على مستوى الولاية فى تفويضات مقترحة ، وان تعوض الولاية الحكومات المحلية جزئيا عن بعض التشريعات المفروضة

من قبلها ، وكليا عن التفويضات المختصة بتعويضات الموظفين وظروف العمل والمعاشات ".

ان التكثيف الذى تتسم به هذه الفقرة يحتمل احد تفسيرين :_

اما ان الكاتب يكتب بهذه الطريقة لانه لا يخاطب جمهورا عاما ، بل جمهورا مختصا ، والخبراء فى التشريع على دراية بالقضية المطروحة .

واما لان الكاتب يعتقد ان الشكل ينبغى ان يتبع المضمون ، اى ان الافكار المعقدة يجب ايصالها عبر تراكيب معقدة .

يبدو ان كاتب هذا المقال فى حاجة الى نصيحة دونالد موراى ، المتخصص فى أصول الكتابة ، والذى يؤكد ان القارىء يفيده كثيرا ان يقرأ كلمات وعبارات قصيرة وجملا بسيطة عند تناول الافكار شديدة التعقيد .

ما الذى سيحدث لو صادف القراء هذه الترجمة للمقالة السابقة :_

" تصدر ولاية نيويورك عادة قوانين لتنظيم شؤون حكومات الولايات المختلفة .
ولهذه القوانين اسم ، فهى تسمى " تفويضات الولاية " وفى كثير من الاحيان ، تؤدى هذه القوانين الى تحسين ظروف معيشة المواطنين فى تلك الولايات ، لكن لهذا مقابل ، ففى كثير من الاحيان لا تأخذ حكومة ولاية نيويورك فى اعتبارها ما تتكبده الحكومات
المحلية المختلفة من تكاليف ، وما يفرض على مواطنى تلك الولايات من ضرائب من جراء تفعل هذه القوانين .

وبناء عليه نقترح ان تقوم ولاية نيويورك بتعويض حكومات هذه الولاية عن بعض ما تتكبده بسبب هذه القوانين ".


يجدر بنا مقارنة الفقرتين والوقوف على الفارق بينهما .

ان الفقرة الاولى عبارة عن نص من ستة اسطر ونصف السطر ، والمراجعة تتطلب نصف سطر اضافى (أ) لكن تأمل هذا : لدى الكاتب الاصلى مكان ثمان وخمسين كلمة كتبها فى ستة اسطر ونصف السطر ، بينما كان لدى واحد وثمانون كلمة فى سبعة اسطر ،
من بينها تسع وخمسون كلمة من مقطع واحد .

لقد منحته اسطره الستة ونصف السطر مجالا لجملة واحدة فقط .

بينما استطيع ان ادرج ثمانى جمل فى سبعة اسطر . كلماتى وجملى كانت اقصر. والفقرة اوضح .

وانا الجأ الى هذه الاستراتيجية لتحقيق هدف معين : أن اجعل الاجراءات المعقدة التى تتبعها الحكومة مفهومة للمواطن العادى ، اى كى اجعل الغريب مألوفا .


يذكرنا الكاتب الكبير " جورج اورويل " بتجنب الكلمات الطويلة ، مادامت بدائلها الاقصر فيها الكفاية ، وهذا تفضيل يعلى ( يضم الياء) كلمات السكسونية القصيرة على الكلمات الطويلة المتحدرة من اصول يونانية او

لاتينية قديمة ، وهى كلمات دخلت اللغة بعد الغزو النورماندى فى العام 1066 .

وفقا لهذا المعيار ، ستهزم كلمة " صندوق " كلمة "حاوية " وستنتصر كلمة " علك " على كلمة " مضغ " وستصبح كلمة " سيارة مكشوفة " اكثر اناقة من كلمة " سيارة متحولة السقف " .


البساطة ليست هبة مقدمة للكاتب ، انها نتاج الخيال والحرفية ، انها تأثير مصنوع .


تذكر دائما ان الكتابة الواضحة ليست نتاج طول الجملة واختيار الكلمات ، انها تلزم ، فى المقام الاول ، عن الغرضية – عزم على الافادة .


يلى ذلك من حيث الاهمية بذل الجهد فى البحث والتقصى والتفكير النقدى .

لن يستطيع الكاتب ايضاح شيىء ما لم يكن واضحا فى ذهنه هو اولا . حينها ، وحينها فقط ، يستطيع الكاتب اللجوء الى صندوق الادوات ، مستعدا لا ن يشرح للقارىء " هكذا تجرى الامور ".

هامش
(أ‌) عدد الاسطر والكلمات المذكرة هنا ، هى وفق النص الاصلى وليس الترجمة ( المراجع).

ونلتقى فى الاداة الحادية عشرة



#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)       Khalid_Goshan#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الاداة التاسعة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الثامنة
- عريس سحليه
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة السابعة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة السادسة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الخامسة
- صبى الصفارة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الرابعة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الاداة الثالثة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الاداة الثانية
- ثورة يوليو - 1952 - الحلم والمأساة
- ايامك التى تمر ليست مجرد بروفة- انا كويندلن
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الاولى
- من دفتر الذاكرة (2)
- من دفتر الذاكرة (1)
- صحتك فى رجليك
- مصر وسد النهضة الاثيوبى
- غادة البنك
- من الذاكرة الشخصية
- اللص الخائف


المزيد.....




- مشهد مؤلم.. طفل في السابعة محاصر في غزة بعد غارة جوية إسرائي ...
- -رويترز-: مايك والتز أجبر على ترك منصبه
- -حادثة خطيرة- في غزة والجيش الإسرائيلي ينوي استخلاص الدروس م ...
- زاخاروفا تعلق على احتجاز مراسل RT في رومانيا وترد على شائعات ...
- تقارير إعلامية تفضح -كذب- نتنياهو بخصوص حرائق القدس
- أوكرانيا: نارٌ ودمار وإجلاءٌ للمدنيين إثر غارات روسية على مد ...
- حكمت الهجري يطالب بحماية دولية بعد اشتباكات صحنايا وريف السو ...
- المرصد يتحدث عن عشرات القتلى في اشتباكات -طائفية- بسوريا.. و ...
- إيران تعلن تأجيل جولة المفاوضات المقبلة بشأن برنامجها النووي ...
- في عيد العمال.. اشتباكات في إسطنبول ومغربيات يطالبن بالمساوا ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خالد محمد جوشن - ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة العاشرة