ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الحادية عشرة

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب
(Khalid Goshan)

الحوار المتمدن-العدد: 7017 - 2021 / 9 / 12 - 03:33
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

اعط الكلمات المفتاحية حيزها

لا تكرر كلمة مميزة الا اذا اردت بذلك تاثيرا معينا

صغت عبارة " حيز الكلمة " لاصف نزعة ألاحظها فى كتاباتى .عندما أقرأ قصة كتبتها منذ أشهر أو أعوام ، أفاجأ بالكم الذى أكرر به الكلمات من دون مبالاة .

للكتاب أن يختاروا تكرار كلمات أو عبارات من أجل التأكيد أو الايقاع، لم يكن أبراهام لنكولن مطنبا فى أمله بأن تكون " حكومة الشعب ، من الشعب ، وللشعب ، ولن تفنى عن وجه الارض " لن يحذف تكرار كلمة " شعب " الا شخص مخرب أو غير محر غير مميز للمعنى .


للحفاظ على حيز الكلمة عليك أن تتعرف على الفرق بين التكرار المتعمد وغير المتعمد على سبيل المثال :

كتبت مرة هذه الجملة لوصف واحدة من اجمل ادوات الكتابة " تخلق الجمل الطويلة تدفقا يحمل القارىء فى تيار الفهم ، خالقة أثرا يسميه دون فراى " تقدما مطردا " ( استغرق الامر سنوات عدة ومئات القراءات قبل ان الاحظ أننى كتبت لفظتى " تخلق " و "

خالقة " مرتين فى الجملة نفسها .

كان من السهل حذف كلمة " خالقة " لتأخذ الصيغة الاقوى للفعل حيزها . من حيز الكلمة .

فى العام 1978 كتبت هذه النهاية لقصة عن حياة كاتب حركة بيت الاديبة " جاك كيرواك ، وموته . فى مدينتى سانت بطرسبورغ – فلوريدا :

"كم هو من الملائم ، اذن ، أن يأتى طفل النعيم ذاك الى سانت بطرسبورغ فى نهاية المطاف .

مدينتنا ذات الشروق الذهبى والصفاء المنعش والنعيم غير المبالى ، جنة لهؤلاء الذين خبروا أوقاتا عصيبة .

وفى الوقت نفسه ، هى مدينة الوحدة البائسة ، ومدينة البقاء منعدم الجذور ، ومدينة الهائمين القلقين . المدينة التى يأتى اليها كثيرون للموت ".

بعد سنوات ، مازلت معجبا بهذه الفقرة فيما عدا التكرار غير المقصود للكلمة المفتاحية " نعيم " والاسوأ من ذلك ، أننى كنت قد استخدمتها قبل ذلك بفقرتين .

لن أقدم أى تبرير غير شعورى بأننى كنت ( منعما ) فى هالة أعمال كيرواك.

سبق أن سمعت عن قصة ، لا يمكننى التحقق من صحتها ، ان أرنست هيمنغواى حاول أن يكتب صفحات كتاب لا تحتوى على أى تكرار لاى كلمات مفتاحية .

هذا التأثير سيكون بمنزلة علامة على الالتزام الصارم بحيز الكلمة ، لكنه فى الحقيقة لا يعكس أسلوب همنغواى فى الكتابة .

فهو عادة ما يكرر كلمات مفتاحية فى الصفحة – طاولة ، صخرة ، سمكة ، نهر ، بحر – لان ايجاد مرادفات يجهد عينى الكاتب واذنى القارىء.

تأمل هذه الفقرة من كتاب " الوليمة المتنقلة " ( تأكيد الكلمات يخصنى ) :

" كل ما عليك فعله هو كتابة جملة حقيقية واحدة . اكتب أصدق جملة تعرفها " وهكذا ، سأكتب فى النهاية جملة حقيقة واحدة ، ثم أمضى قدما من عندها .

كان الامر حينها ، لان هناك دائما جملة حقيقية واحدة اعرفها او رأيتها أو سمعت أحدا يقولها .

اذا بدأت أكتب باسهاب ، أو كشخص يقدم أو يعرض شيئا ،اجد أننى أستطيع حذف تلك الزخرفة والعمل المنمق وألقى به بعيدا ، لابدأ بأول جملة خبرية بسيطة حقيقية كتبتها ".

بالنسبة الى كقارىء ، أنا اقدر التكرار فى فقرة همنغواى ، فتأثيره مشابه لايقاع طبل كبير .

انه يوصل ترددات رسالة الكاتب الى مسام الجلد .بعض الكلمات - - من أمثال " حقيقية " و " جملة " – تعمل كأحجار بناء ، من الممكن تكرارها لتعطى تأثيرا جيدا .

والكلمات المميزة – من أمثال " زخرفة " و" منمق " – تستحق حيزها .

التقيد بحيز الكلمة يقضى على التكرار ، لكن أفضل نتائجها هى تشكيل الكتابة حرفيا بواسطة كلمات مميزة تدعم هدف العمل .

تأمل هذه الفصاحة الرائعة التى كتبها جون كيندى تول ، على لسان اجناتيوس جى رايلى ، البطل الاخرق لرواية " حلف البلدا "

المدينة المقصودة هى مدينة نيو أورليانز ، وموضع الازدراء هو ضابط الشرطة الذى أمر رايلى بأن يغادر :

" المدينة معروفة بالمقامرين ، والعاهرات ، والمهوسين بالتعرى ، وأعداء المسيح ، ومدمنى ال كحول ، واللوطين ، ومدمنى المخدرات ، والمستمنين ، ومصورى الافلام الاباحية ، والمحتالين ، والساقطات، وملقى القمامة .... كلهم ممن يحميهم الفساد جيدا .

اذا كان لديك الوقت ، قساجد فى مناقشة مشكلة الجريمة معك ، لكن لا ترتكب خطأ مضايقتى "

فى فقرة من ثلاث وخمسين كلمة ( باللغة الاصلية ) لم تتكرر الا كلمتان : ال التعريف و" ك " ضمير المخاطب .

أما البقية فنبع لغة ممتعة ، قائمة انحرافات معرفة بالجانب المظلم من مدينة كريسنت ، قبل أن يزيل اعصار كاترينا الكثير منها .

نصيحة أخيرة صغيرة :دع " قال " وشأنها .

لا تجعل اغراء تنوع المفردات يقودك الى أن تتيح للشخصيات التعبير عن ارائها من خلا التحدث باسهاب أو تصنع أو خداع .

والى الأداة الثانية عشرة

#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)       Khalid_Goshan#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل