|
من مذكرات أمل
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 7006 - 2021 / 9 / 1 - 10:03
المحور:
الادب والفن
عندما تعيد تقييم ذاتك قد تصدمك الحقيقة ، فرغم كونك ضحية العنف ، لكن داخلك لا زال يؤمن بأن الشّخص الذي يقوم بإيذائك طيب القلب ، و يمكن إصلاحه . يمضي العمر و أنت قول : هل سوف يتغيّر الحال؟ تقول أمل:" عشت أغلب حياتي متوجسة مما سوف يحصل بعد قليل ، كنت أنتظر أن يحصل كي أعرف طريقي إلى النّوم ، وكان يحصل فعلاً. كان يراقبني ، وهو يستعدّ لإهانتي ، بينما يأكل ، وهو جالس بكل هدوء إلى الطاولة يأكل ويشرب ، و بينما كان يومي مع الأولاد عنيفاً أيضاً . أنا بشر لا يمكن إلا أن أصرخ عندما يحاصرني الجميع . للأولاد حاجات ، و أنا غير قادرة على تلبيتها في حدودها الدّنيا . سألني ابني البالغ من العمر عشر سنوات من عمره : هل نحن فقراء؟ لم أعرف الإجابة فصمتّ ، لكنّه قال لي أن الأطفال يشترون عرانيس الذّرة، وهو يحبها، كلما طلب مني ثمن عرنوس أقول له: غداً. ليس بيدي نقود اليوم . كان يومي سيئاً ، فكرت خلاله أن أمضي في طريقي لأنّني عاجزة أن أفعل شيء ، لكن إلى أين أذهب؟ أعترف أنّني كنت جبانة لأنّني اعتقدت أن عائلتي هي الملاذ الوحيد ، كنت أتخيّل الذّل الذي سوف أعيش فيه و أنا أعود إليهم . ربما كان زوجي أفضل من عائلتي ، أو على الأقل أكثر شهامة منهم جميعاً فهو لم يقل لي مرة أن أغادر المنزل، فقط كان يقول لي أنه لن يتغيّر ، لم يكن بيننا خلاف سوى على تكاليف الحياة. اليوم أطلّ على الماضي من بعيد ، أعرف ما يجري تماماً ، فأحد أبناء عائلة صاحبة حسب و نسب تزوج من امرأة ليست محمودة السّيرة في ذلك الوقت. كنت في الماضي أقيّم تلك المرأة ، و أقول : لن أفعل مثلها ، أنسى أن أقيّم زوجها . اليوم عرفت أن زواجهما كان سوف ينجح لأنّ المرأة تعهدت بشكل ضمني بالتّكاليف، وحاسة الشّمّ لدى الرجال قويّة ، آخر ما يهم الرّجل ما يسمّى الأخلاق في عرف المجتمع ، وعندما ينفذ مال المرأة يتركها ، ولا يهتم بأولاده منها ، ليبحث عن أخرى . أتحدّث عن أبناء العائلات ، والنجمات اللواتي كنت لا أحترمهن ، لازلت لا أحترمهن ، فقط تغيّرت نظرتي اليوم لهن حيث أصبحت أحزن عليهن لأنهنّ ضحايا لقمة العيش، و الثمن الذي يقدمنه كبيرفلو لم يتجدّد العقد لأصبحن متسولات ، وتجديد العقد يحتاج لثمن جديد . أتحدّث عن شيء لا علاقة له بقضيتي .كنت أتحدّث عن انتظاري لدورة التعنيف ، وقلت ان زوجي يأكل طعامه بهدوء، وقف كالديك ، لكنّني مضطرة أن أقول له أن ابننا يرغب في شراء عرنوس ، لم أنهِ الجملة فبدأ يصرخ كالثور : أنت حقيرة ، غيورة ، تعتقدين نفسك شيئاً كبيراً و أنت لا شيء ، كانت حفلة استمرّت لعدة ساعات ، ثم خلد هو إلى النوم العميق بينما بكيت قليلاً ، شعرت براحة ليس لها مثيل. كأنني كنت أحتاج ذلك العنف، أو أنّني تعودت عليه ، أنتظره كي أشعر بالراحة بعده. الجبن ، النذالة هما من العادات الاجتماعية المحمودة لدى المرأة ، مارستهما دون نية إرضاء المجتمع، لكنه -أعني المجتمع -كان يمجدّ" صمودي" أتى النهار ، بدأت رحلة جديدة من العذاب ، ماهي إلا لحظات حتى قرع الجرس ، و إذ ابنة عمّي تبكي ، قالت لي: لم يعد لدي ملاذ . طلّقني زوجي، ذهبت إلى بيت عائلتي ، أذلوني أكثر منه ، هربت من أبي، من إخوتي، حتى من أمي ، سوف أبقى عندك عدة أيام ثم أسافر إلى العاصمة ، قد أجد عملاً ، لا يهمني نوعه. سألتها : و أولادك ؟ أجابت أنها لن تستطيع أن تفكّر بهم من أين سوف تطعمهم لو طالبت بهم. أتى زوجي إلى المنزل ، سلّم بحرارة على ابنة عمّي ، وذهب فجلب طعاماً جاهزاً ، عرفت أنّه قد فكربالجنس، فهو يعتقد أن جميع النساء يقبلن الجنس مقابل الطعام. كان في ذلك اليوم حنوناً تحدّث لها عن علاقتنا المثاليه، و عن محبته لي و للأولاد لدرجة أنها قالت لي أحسدك على زوجك! ذهبت ابنة عمي إلى العاصمة ، بقينا على تواصل . بعد تشرّد استطاعت أن تعمل راقصة في حانة . تحدثت لي عن الذّل في عملها، لكنها تشعر بالحرية ، وسوف تطلب من طليقها أن يسمح لأولادها بزيارتها، سوف ترسل له مصاريف الطريق . كان زوجها إيجابياً ، و أخذ أولاده بنفسه إلى العاصمة ، طلب أن يعودا إلى عشّ الزوجية ، لكنها رفضت، طلبت أن يبقيا أصدقاء، و تتكفل هي بالأولاد ، وهذا ماتمّ فعلاً . تصالحت مع عائلتها . عندما سألتها هل هم موافقون على عملك؟ أجابتني: هم ينتظرون أن أقدّم لهم المال . الشرف يا ابنة عمي هو مبلغ تقدمينه لرجال ونساء العائلة في كلّ مرة تزورينهم ، و إلا فإن السّكين جاهزة، و المجتمع جاهز. اليوم أفكّر بمفهوم الشّرف عند زوجي ، فلو جلبت له المال لما اهتم، وفي الحقيقة كان يأتي برفاق السّوء إلى منزلي ، لم أكن أفهم أنه يعرضهم كزبائن لي ، طردتهم. يبدو أنني لا أصلح لكسب المال ." انتهى هذا الجزء من مذكرات أمل ، لكن لم تنته المذكرات.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا حملنا في حقائبنا إلى الغرب
-
تمجيد الدّكتاتورية
-
آلهة الرّحمة
-
هل سوف ينجو بايدن من الأزمة السياسية
-
سكسون
-
قيم سارة
-
مذطرات أمل المبعثرة
-
العمق، و السّطحيّة
-
لا تصدقوا وعود طالبان
-
التّطبع مع المكان
-
هل تغيرت طالبان؟
-
رأي المجتمع بالنساء
-
سقوط نظام أفغانستان
-
ما بعد طالبان
-
قصة موت في برج التجارة العالمي
-
ثرثرة من أجل الثرثرة
-
ثوري ، أم غير ثوري؟
-
يوم الفخر - البرايد-
-
زمن الرأي و الرأي الكاره
-
مزيّفون دون أن ندري
المزيد.....
-
تداول أنباء عن زواج فنانة لبنانية من ممثل مصري (فيديو)
-
طهران تحقق مع طاقم فيلم إيراني مشارك في مهرجان كان
-
مع ماشا والدب والنمر الوردي استقبل تردد قناة سبيس تون الجديد
...
-
قصيدة(حياة الموت)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
-
“فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO
...
-
فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي
...
-
ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ
...
-
بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
-
-أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل
...
-
طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20
...
المزيد.....
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|