أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بوناب كمال - لماذا تستمرُّ الولايات المتحدة الأمريكية في بناءِ دُولٍ عميلةٍ فاسدة















المزيد.....

لماذا تستمرُّ الولايات المتحدة الأمريكية في بناءِ دُولٍ عميلةٍ فاسدة


بوناب كمال

الحوار المتمدن-العدد: 7000 - 2021 / 8 / 26 - 09:24
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


العنوان الأصلي:
Why America keeps building corrupt client states

The Economist– 22/08/2021
بمجرّد أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها لن تُنقذ أفغانستان، انهارت الأمور بسرعة في الدولة العميلة. استولت طالبان على المقاطعات الواحدة تلو الأخرى؛ وتخلّى الجنود النّظاميون عن زيّهم العسكري وفرّوا هاربين. على الورق؛ كان لدى الجيش مئات الآلاف من المقاتلين المُجهّزين تجهيزًا جيّدًا، ولكن في أرض الواقع كان على القادة القلائل المُخلصين شراء الذّخيرة من ضبّاط الإمداد المُلتوين والدّفع لهم نقدًا. في الغالب كانت القوات النّظامية تحت إمرة أقارب سياسيين يفتقدون الكفاءة، وبينما لم يتقاضى الجنود رواتبهم كان المسؤولون يسرقون الميزانيات العسكرية.
هناك أوجهُ تشابهٍ مدهشة بين الانهياريْن اللذان حدثَا في جنوب فييتنام عام 1975 وذلك الذي شهدتهُ مؤخّرًا أفغانستان؛ إنهما يتجاوزان الإخفاقات الاستخباراتية والخطابات الكاذبة، فكلتا الدّولتيْن سقطتا بسبب تجْويفهما للفساد، وهو مرضٌ قديم في الحُكم تتعرّض له باستمرار مشاريعُ بناءِ الدول التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية؛ وقد ظنّ علماء السياسة يومًا أنّ الفساد قضية ثانوية، غير أنّ الكثيرين منهم يرونه الآن مهما، ليس فقط لفهم سبب فشل وكلاء واشنطن بل لاستيعاب كيف تعمل هذه الدول بشكلٍ عام.
يُعرّف الفساد عادة بأنّه إساءة استخدام الوظيفة العامة لتحقيق مكاسبٍ شخصية، وأبسط أشكاله هو الرشوة، والتي هي منتشرةٌ في كلّ مكانٍ بأفغانستان؛ يقول الدبلوماسي الأفغاني السابق أحمد شاه كاتاوازاي " من شهادة ميلادك إلى شهادة الوفاة، وأيُّ ما يأتي بينهما، عليك أن تُقدّم رشوة بطريقةٍ ما "؛ وقد تمّ طرد كاتاوازاي من الخِدمة بعد كتابته مقال رأي يُدينُ الفسادَ الحكومي؛ ويُطالِبُ مسؤولو الجمارك والشرطة والموظفون بـ "البقشيش" بشكلٍ روتيني، ومع تقدّم حركة طالبان في الأسابيع الأخيرة ارتفع العائد المطلوب للحصول على جوازات السّفر إلى آلاف الدولارات.
الرّشوة الصغيرة هي أقلّ أصناف الفساد تهديدًا؛ فالأمرُ الأكثر إثارةً للقلق هو أنّ الحصولَ على موافقة الحكومة على الاستثمارات الكبيرة يستلزمُ إعطاء الوزراء أو أمراء الحرب جزءا من الصفقة؛ وقد اكتشفت سارة تشايس ،خبيرة الفساد، أثناء إدارتها لمنظمة غير حكومية في أفغانستان من 2002 إلى 2009، أنّ المسؤولين المحلّيين غالبًا ما يشترون مناصبهم، وفي ذلك يقول كاتاوازاي أنّ الأمر قد يُكلّف 100 ألف دولار لتصبح قائد شرطة المقاطعة. مثلُ هذا الفساد يصنع شبكات المحسوبية التي تُهدّد سلامة الدولة، إذْ يعْمَدُ المسؤولون إلى توزيع الإيرادات على عائلاتهم وأصدقائهم؛ وبدلًا من تفكيك هذه الشبكات قامت أمريكا بتعزيز عملية دفع الأموال لأمراء الحرب؛ ووفقًا لتقارير المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان (SIGAR) فإنّ فساد الحكومة أدّى إلى زيادة غضب الأفغان الذين أصبحوا أكثر ترحيبًا بـ طالبان؛ وقد أشارت دراسة أجرتها منظمة الشفافية الدولية سنة 2015 إلى أنّ "الرّجال في الأسفل يُرسلون الأموال إلى أعلى هرم النّظام ، ومن هم في الأعلى يوفّرون الحماية لمن هم في الأسفل؛ وهي ذاتُ الطريقة التي تعمل بها المافيا".
لم تكن الولايات المتحدة قد أولت اهتمامًا جادًّا للفساد حتّى عام 2009؛ أين أصبحت تشايس مستشارةً لـ ستانلي ماك كريستال الجنرال الإصلاحي الذي ترأسَ "قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان ISAF" ؛ وقد تمّ إنشاء وحدة تحقيق تابعة لـ ISAF عُرفت باسم الشفافية (شفافيات بلغة الباشتو)، والتي أحرزت تقدّمًا في مكافحة الغش والفساد؛ ولكن لاحقًا تمّ تقليص نشاطها، وبحلول وقت هجوم طالبان الأخير أصبحت الدولة فاسدةً لدرجة أنّ معظم حكّامها عقدوا صفقات مع الجهاديين لتغيير مواقفهم، وكان الجيش الأفغاني في وضع سيّء للقتال، فقد تضخّمت أعدادهُ بسبب "الجنود الأشباح" الذين تمّ إدراجُهم في كشوف الرواتب حتى يتمكّن القادة من سرقة رواتبهم؛ وهنا يستذكرُ الأمريكيون مصطلح "الجنود الأشباح" في فييتنام، حيث استخدم القادة الفاسدون نفس المنهج، إذْ كانت ربعُ الأسماء في قوائم الجيش الفيتنامي الجنوبي (ARVN) وهمية؛ ومثلَ ما كان بعض ضباط جيش فييتنام رجالَ أعمال بارزين، استفادت بدورها ،قوات الشرطة والجيش في أفغانستان، من تجارة الهيروين.
أصدرت مؤسسة راند (RAND) سنة 1978 تقريرًا عن سقوط جنوب فييتنام، وخلصَ هذا التقرير إلى أنّ الفيتناميين الجنوبيين يعتقدون أنّ الفساد كان مسؤولًا إلى حدّ كبير عن الانهيار النّهائي؛ فلماذا رفضت الولايات المتحدة استخلاصَ الدروس من تقرير راند و التعامل مع قضية الفساد على أنها خطيرةٌ عندما قامت بغزو أفغانستان بعد عقود من ذلك؟؛ إحدى الإجابات هو أنّ ذلك كان يستدعي تغييرًا في المنظور؛ فعلى مدى العقديْن الماضييْن أصبح عديدُ العلماء ينظرون إلى الفساد على أنّه شكلٌ للحكم في دول ما قبل الحداثة، وقد أطلق عليها عالم السياسة فرانسيس فوكوياما مصطلح "الحكومات الشّخصانية" التي تستندُ فيها السلطة إلى روابط الأسرة والصداقة، ومثلُ هذه الدول تُعنى أساسًا بتهدئة القادة المسلّحين عبر إعطائهم حصصًا من الغنائم الاقتصادية؛ وتكمنُ المشكلة الأخرى في أنّ التدخلات العسكرية الأمريكية كانت منحازةً للتقارير المتفائلة والتفكير قصير المدى، و أدّى هذا إلى معضلةٍ ذات صلة، وهي إنفاقُ الكثير من الأموال في البلدان الفقيرة ما يكون سببًا في الفساد، فقد تسبّبَ التدفّق الهائل للدولارات الأمريكية ،في كلّ من جنوب فييتنام وأفغانستان، في زيادة التّضخّم، ما ساهم في القضاء عل رواتب موظفي القطاع العام، فقد تلقّت أفغانستان 145 مليار دولار من المساعدات الأمريكية بين عامي 2001 و 2021 وبلغ متوسط التضخم 17.5 بالمائة بين 2003 و 2008؛ وحتّى الموظّفين النزيهين اضطرّوا للمطالبة بالرشاوي حتى يدعموا أنفسهم؛ ومن ثمّ فإنّ إحدى توصيات خبراء مكافحة الفساد هي أنّ المساعدات ،في دول مثل أفغانستان، يجب أن تكون مُقتصدَة وتركّز على الإنجازات عوضًا عن حجم المِنح، فالدولارات لا يمكنها بناء حكومة حقيقية، وإنّ لم تستوعب أمريكا هذا الدّرس سينتهي بها الأمر لاحقًا إلى إنشاء حكومة مزيّفة أخرى.



#بوناب_كمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظريةُ العِرْق النّقدية
- المغرب بين مُعسكر التّطبيع ومُعسكر المذلولين
- مارتن هايدغر والنّازية: العلاقة الغامضة
- مُقتطفاتٌ من كتاب: في عِلمية الفكر الخلدوني - لمؤلّفه مهدي ع ...
- مٌقتطفاتٌ من كتاب: الثقافة السياسية للقيادة في الإمارات العر ...
- فلاديمير بوتين و دَرْسُ التّاريخ القَسْرِي
- عَرْضٌ مُلخّص لكتاب -بن خلدون وماكيافيلي- لمؤلّفه عبد الله ا ...
- عَرْضٌ مُلخّص لكتاب -بن خلدون وماكيافيلي- لمؤلّفه عبد الله ا ...
- في ذكرى رحيل إرنستو تشي غيفارا
- طقوسُ الثقافة التّذْكارية في كرة القدم الأوروبية
- التّيارُ السّائدُ في العلاقات الدولية وَالتّعامي عن العُنصري ...
- وهمُ الأيديولوجيا: المنافسةُ الأمريكية ل الصين لا ترتبط بالع ...
- أغاني المهرجانات في مصر والوعيُ الطّبقي المُسْتَتِر
- النيوليبرالية والتّطْبيعُ مع العنف
- رعايةٌ صحّية بلا حدود: كوبا والأممية الطبّية
- تَعريفٌ بمُبادرةِ الحِزام والطّريق
- تطوّر دراسات السياسة الخارجية في البرازيل
- الشّعبويات غيْر الغربية: الفلبين نموذجًا
- معهدُ نيجيريا للشّؤون الدّولية مُجمّعُ تفكيرٍ في السياسة ال ...
- دور الموسيقي في بناء السّلام أوغندا نموذجًا


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بوناب كمال - لماذا تستمرُّ الولايات المتحدة الأمريكية في بناءِ دُولٍ عميلةٍ فاسدة