أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - سأنزل في هذه المحطة














المزيد.....

سأنزل في هذه المحطة


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6988 - 2021 / 8 / 14 - 15:59
المحور: الادب والفن
    


هل الجحيم مكانٌ مظلمٌ وبارد؟ هل الجحيم نارٌ وسعير؟ هل الجحيم ... مالي أفكر بهذه الأفكار الآن؟ مالي وبما يعتقده الهندوس أو البوذّيون أو غيرهم عن الجحيم؟ وعادتْ لتجيب عن سؤاله:
- آسفة، لا شأن لي بعلاجات صداع الرأس. أنا لست طبيبة.
- لكني سمعتهم يقولون لك: مع السلامة يا دكتورة.
- صحيح، هذا لأني حاصلة على شهادة الدكتوراه.
- وفي أي موضوع يا سيدتي انت حاصلة على شهادة الدكتوراه ؟ عاد يسألها عبد الله.
- بموضوع التاريخ. أجابته، ولم تزد حرفًا واحدًا على هاتيْن الكلمتيْن؛ وكأن لغتها جفّت او تعطَّلت بسبب خلل ما. لقد اكتفت بهاتيْن الكلمتيْن لتجيبه عن سؤاله بالرغم من أنها كانت ترغب بأن تخبره عن صعوبة الطريق التي سلكتها حتى حصلت على شهادة الدكتوراه. كانت تودّ أن تخبره عن عدد المخطوطات التي قرأتها، وعن الليالي التي سهرتها متبحِّرة في غزارة المعرفة التي وجدتها في هذه المخطوطات، لقد قرأتها بعين ثاقبة، حتى اتشح بياض عينيْها باللون الأحمر. كانت تودّ ان تخبره كم مرة سافرت الى خارج حدود الوطن لتحصل على مخطوط ما موجود في بلد غير بلدها، أو على مصدر قد وضع على رف بعيدًا عن متناول اليد في مكتبة ما. أرادت ان تخبره أنها قرأت التأريخ بعين ناقدة، وبأنها لم تقبل بغير ذلك، ولن تقبل. ارادت أن تخبره، كم من الزيف اكتشفت في كتابة التأريخ الذي قرأته، وعن عدد المرات التي اصطدمت فيها بوقائع متضاربة، لكنها لم تفعل. فما لها ولسائق سيارة أجرة كل مرادها منه أن يوصلها الى قاعة السعادة فقط. هذا هو هدفها الذي أخبرته به منذ البداية؛ الوصول الى قاعة السعادة، حيث ينتظرها المئات هناك لتلقي عليهم محاضرتها: "التأريخ يكتبه المنتصرون". نظر عبد الله في المرآة التي أمامه، فشاهدها وهي تجلس في المقعد الخلفي من المركبة، غارقة في أفكارها. لم يسألها عمّا يشغل بالها، ربما لأن جمالها وأناقتها بهراه أكثر من أي أمر آخر فيها. ساد الصمت، وازدحمت الرؤوس بالأفكار. أراد عبد الله أن يكسر الصمت المخيّم على مركبته، فشغّل المسجّل وانبعثت منه أغنية ذات ألحان راقصة، وكلمات تافهة لمؤدٍ شاب. أرادت أن تصرخ به ليغيّر الأغنية بأغنية "أكتبلك تعهُّد" لمطربتها المفضلة أنغام، لكن صرختها تجمدّت على جليد شفتيها، فراحت تسترجع كلمات الأغنية في عقلها:
ممكن تسيبني أشتري
عمري اللي باقي
قول بكام
أنا ممكن أكتبلك تعهد مني
إني هعيش لوحدي باقي عمري
بس أعيشه باحترام.
وفجأة شعرت ببرودة شديدة في المركبة، ففهمت أن عبد الله خفَّض درجة حرارة المكيّف. أرادت أن تصرخ به ليرفع درجة الحرارة قبل أن تتجمد، لكنها آثرت الصمت. مدّت يدها الى جانبها الأيمن، التقطت شالًا من الكشمير بلون خمري كانت قد اصطحبته معها، ألقت به على كتفيها، شدته بقوة حول ذراعيها، تمسّكت به ليبثّ الدفء في جسدها وروحها، لكنها لم تنجح. أحست بشي يقبض روحها، شيء يهزها بشدة ويحرضها لتتحرك، لتبكي، لتتنفس بعمق، فراحت تأخذ نفسًا عميقَا لتستوعب ما تبقى من الأكسجين الذي في هواء المركبة. لم يسعفها هذا القليل من الأكسجين لينعش روحها، خشيت أن لا تصل الى قاعة السعادة، فتحت النافذة بجانبها، رأت على بعد 3 أمتار محطة الحافلات، انفجرت صرختها: توقّف! سأنزل في هذه المحطة.



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارحمونا من التعقيد والتركيب
- هذا البحر لنا؛ فأنصفوه
- ورود أمير
- صوت ذاك الآخر
- في القدس
- مقدسيون كرام أنتم
- رمضان
- نفاق
- هي خمس دقائق فقط
- أمي؛ تعالي الليلةَ نسهر
- الصوص*
- تذكرةُ سَفَر
- غيْداء
- هدية الفالنتيْن
- ابتسامةٌ مسافرة
- عبقُ الحَنين
- يا قدسُ
- هنيئا لصفورية بابنها الأمين، أبو* عرب
- قراءة في قصة الكوكب الأزرق للكاتبة جميلة شحادة
- مواسم الفرح


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - سأنزل في هذه المحطة