أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملهم جديد - الخواطر الأخيرة لرجل على الصليب














المزيد.....

الخواطر الأخيرة لرجل على الصليب


ملهم جديد

الحوار المتمدن-العدد: 6980 - 2021 / 8 / 6 - 11:31
المحور: الادب والفن
    


بينما كان فاتحا يديه على اتساعهما لم يكتشف أن الصليب الخشبي كان على مقاسه تماما و حسب ، بل واكتشف ، أيضا ، أن الله قد تخلى عنه منذ أن اقتيد إلى المعبد من أجل محاكمته بتهمة التجديف و إهانة الشريعة ! دمعت عيناه ، و حاول من دون جدوى ، إبعاد فكرة أن لا يكون للحقيقة جوهر بذاتها يجعل منها حقيقة ، و أن ما يجعل الحقيقة حقيقة يأتي من خارجها ، و من إجماع الناس على أنها كذلك ، و إلا ، ماذا يجمع هذه الحشود التي تجمعت منذ الصباح الباكر لتشهد صلبه و نهاية الحقيقة التي أتى بها إن لم يكن لديهم حقيقة أخرى ! و مع أنه كان بإمكانه إنقاذ نفسه ، إلا أنه ، و لأسباب شخصية لها علاقة بالعناد و احترام النفس ، و ببقايا أمل غامض بأن الله سوف يتدخل لمساعدته ، فقد رفض عرض الكاهن بأن يعترف بأنه مهرطق و يعلن توبته ، وفضل الموت على ذل التراجع . فمن يدري ! علّ هناك من يأتي في المستقبل و يؤمن به ! "حتى لو كان ما آمنت به ودعيت إليه مجرد وهم ! " و مع أن الصوت كان واهنا ، إلا أنه سرعان ما عرف صاحبه . لعن الشيطان اللجوج الذي لا يتركه حتى في ساعاته الأخيرة ، و ها هو يثابر على عادته في محاولة زعزعة علاقته بالله و بنفسه ، فأصبح و هو على مشارف إغلاق الصفحة الأخيرة من تبشيره ، ممزقا بين إيمانه بأنه الحق و بين احتمال أن كل ما شعر به و قاله خلال دعوته القصيرة ، لم يكن سوى أثر من آثار هلوسات ضربة الشمس التي أصابته منذ سنوات طويلة و هو في طريقه إلى المعبد البعيد لوفاء نذز قديم كانت والدته قد كانت قد أوصته بوفائه قبل موتها . و رغم العطش و الجوع و التعب الشديد ، كان يحاول أن يبقي عينيه الجميلتين الدامعتين مفتوحتين ، إذ اكتشف أنه ما أن يغمضهما حتى يضعف فيعود الصوت الخافت ، و قد أصبح أكثر رقة و وضوحا الآن ، صوت يقول له بعطف " ليكن ما قلته هو الحقيقة ! الحقيقة من دون مؤمنين هي حقيقة غير موجودة ، فلتعترف بأنك خسرت رهانك عليها ، و بخسارتك هذه يكون الله قد خسر رهانه عليك و على الحقيقة معا ، و إلا كيف تفسر تخليه عنك ! و إذا كان الله قد اعترف بخسارته بدليل انسحابه ، فما الذي يدفعك للعناد ! و لأن الوقت قد تأخر الآن لمراجعة أي شيء ، و موتك المحتم أصبح مسألة ساعات ، فليس عليك سوى أن تراهن على الوهم ! الوهم هو الجنين الذي إن لم يجُهْض فإنه لن يلبث أن يتحول إلى حقيقة ! و ما همك إن كان ما قلته حقيقة أم وهما أم ربما كلاهما معا ! فالمهم أن يأتي من يؤمن بما قلته مثلما كان هناك من آمن بما قيل قبلك و هناك من سيؤمن بما سَيُقال بعدك ، و المسألة لا تعدو مسألة حظ ! و عندما يتعلق الأمر بالحظ ، فلا أنا و لا الله و لا أنت ، طبعا ، قادرين على فعل أي شيء ". و لأنه كان من المهم له في الساعات القليلة التي تفصله عن الموت أن يقتنع بأن لموته معنى ما ، و لم يكن موتا عبثيا ، فلم يبق له سوى الأمل بأن يأتي ذلك اليوم الذي يتحول فيه في عيون الناس من مجنون كان يهذي إلى نبي كان يبّشر . و بينما كان النجار منهمكا بدق المسمار الأخير في رسغ يده اليسرى ، فقد بقي لديه ما يكفي من الطيبة ليغفر له ، و يقول بصوت متهدج ، و بالكاد يُسْمع : احفر اسمك و اسم الكاهن الذي أمرك على هذا الصليب ، فإن حالفني الحظ و كُتب لي الخلود فسنخلد معا ، و إن نُسيت فَسنُنسى معا ، فالتاريخ ليس سوى حكاية المصلوبين والصالبين ، المعروفين منهم و المجهولين .



#ملهم_جديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأجنحة المفقودة
- طبيعة صامتة
- الشاهد
- بين كلبين !
- القديس و الدب
- صورة الجد
- عند الحلاق
- الخائب
- الليلة الأخيرة في البيت الأبيض
- الحديث الأخير
- أقوى رجل في العالم
- الدهشة
- السيرة الموجزة لحياة المواطن (م ع ع)
- في مديح السيكارة
- بدل ضائع
- ندامة الأرمني
- رجل حر ، لكن! / قصة قصيرة
- صديقي الفأر
- الفك
- رجل حر ، و لكن ! / قصة قصيرة


المزيد.....




- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...
- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...
- بالكوفية.. مغن سويدي يتحدى قوانين أشهر مسابقة غناء
- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...
- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملهم جديد - الخواطر الأخيرة لرجل على الصليب