أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح المشعل - ترنيمة الغربة والاغتراب .














المزيد.....

ترنيمة الغربة والاغتراب .


فلاح المشعل

الحوار المتمدن-العدد: 6955 - 2021 / 7 / 11 - 15:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فلاح المشعل .

تهدي من عمرك سنتين أو ثلاث لتتآلف مع غربة المهجر ، وعلى نحو تدريجي غير محسوس ينسل منك الحنين لوطن الولادة حين تمضي بحياة أخرى تتنافذ معها بنجاح وطمأنينة، ثم ينهض فيك انتماء آخر كما زهور برية ملونة فوق صخور الجبال وبين شقوقها ، تستهل حياتك في بيئة تسمح للغرباء بالتوطن وفق شروط انسانية أضاعتها الأوطان الأولى .
ثمة طرق عديدة تبتكرها لتهدئة الاحلام التي ادمنتك بالسنوات الأولى، وجوه الناس البعيدة تزودها الاطياف بحنين مباغت يواصل حصارك، ثم يمازج انشغالاتك والوجوه الجديدة والأماكن الغريبة تطبع الدهشة بمزاجك المتحول من بيئة المدن الأليفة الراكدة نحو مشهد متجدد لمدينة تزهو بالحركة بلا إيقاع ثابت فيترك حصاد البصر مشتتاً، ذلك التشتت الجديد يطرد ثمالات الذكريات ويعطل محرك الاحلام القديمة ، عندها تصبح كائناً جديدا باحلام جديدة .
تلك غربة متحولة الى وطن تضعك فيها بلاد المهجر وتعيد صياغتك بروح وتفكير ونمط سلوك متحول.
الغربة مزحة قدرية سخيفة تصنعها لك الحكومات في بلادك فتطردك مصحوبا بالخذلان وعقدة فقدان وطن لايمكن أن تسترده لأن الوطن قرين سنوات العمر فقط ، لاوطن قبل أن تولد ولا وطن بعد الموت .
أقسى ما يتعرض له الإنسان من تعذيب نفسي هو أن يعيش الغربة في وطنه ويشاهد أن كل شيء ينهار من حولك ويتحول الى خراب ، وطن يفقد ملامحه وناسه وشوارعه القديمة وبيوته الأليفة بصورها المودعة بذاكرتك وروحك الغارقة بألوان الحيطان ونقوش الآجر وشناشيل الشرفات ورائحة النهر والطرقات التي عشقتها أقدامك في زمان كان يرهن حياتك بكل ماهو جميل .
الجميل القديم أين هرب ، وتلك الناس الحلوة لماذا أختفت ؟
صار السؤال يأكل بروحك وأنت تصبح وتمسي في وطن يغادرك يتلاشى، يتركك خلفه في وطن لايحمل من ماضيه سوى النزر ، وتبقي وحدك تحاور نفسك ، وجع يحاور وجع ، وأنت لاتدري ما العمل بعد أن صعد بك العمر بعيدا ، واختفت اناقة البشر واختلفت الوجوه والمهن والهدوء واناشيد الاشجار حين تمرق رياح الخريف، ماتت الحدائق والاخلاق اصبحت حوارا بالرصاص ، وطن بلا أغاني ولا شوارع صالحة للتجوال ، وطن يموت بعجالة من أمره ، وطن لاتسعفك الدموع برثاء يليق بهزيمته .
كيف لهذا الوطن العحيب بعشقه وجنون شاعريته أن يصبح عدوا شرسا يدفع بك للبحث عن ملاذ لعزلتك خوفا أن ينتقل اليك جنون البقر وطباع الخنازير .
وطن يختفي مع الحدائق وتقاليد الشوارع ، طعم الفصول وعبق الجوري ومساءات الشبوي والرازقي والندى المتوافد بشذاه نحو طرقات العشاق ، وينفتح البديل المتيبس المدهون بسخام النفط ، بديل خلقته شعارات الثورية والديمقراطية لبرابرة وذئاب محلية، وحوش دربتها الحروب بمنهجيات إبادة الآخر برعاية آلهة الحديد واغتصاباتهم المتكررة لسماءك الأولى وأرضك المزروعة بروحك وكل مايعني وجودك في وطن صار يزورك بالاحلام بعد هزيمته الكبرى .
لعمري تلك أبشع حياة تمضي بك في اغتراب نفسي ووجودي بتشكيل كوابيسي محايث..!
عدو كان أسمه وطن.



#فلاح_المشعل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفكيك المفكك ..العراق اليوم وغدا .
- الأغنية القاتلة .
- ايران بلا قناع .
- العراق العلني ، العراق السري!
- مليارات ذكية وأخرى غبية .
- توارث الجريمة السياسية - الثقافية .
- الهتاف للسلطة بكونه عبودية مستدامة .
- ايران وضريبة النووي .
- أزمة الناصرية .. أزمة العراق . ح٢
- أزمة الناصرية ..أزمة العراق .
- الأزمة المستمرة .
- العراق .. حلم الديمقراطية وواقع الاستبداد .
- زيارة امريكا .. كيفية استثمارها ؟
- نظام فاسد ..أمن فاسد !
- العراق ..اللادولة .
- مجلس نواب أم مجلس نهّاب ...؟
- الاستعراض والمظاهرات والمخاوف ...!
- دموع الكرادة والكامن الشيعي ...!
- رسائل الصدر الصريحة ، عراق مابعد داعش ....!
- مؤتمر باريس ، أهو مقدمة للتغيير ...؟


المزيد.....




- بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري ...
- الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني ...
- حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه ...
- ردود الفعل على قرار بايدن وقف تسليح
- بعد اكتشاف مقابر جماعية.. مجلس الأمن يطالب بتحقيق -مستقل- و- ...
- الإمارات ترد على تصريح نتنياهو عن المشاركة في إدارة مدنية لغ ...
- حركة -لبيك باكستان- تقود مظاهرات حاشدة في كراتشي دعماً لغزة ...
- أنقرة: قيودنا على إسرائيل سارية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح المشعل - ترنيمة الغربة والاغتراب .