أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - توفيق أبو شومر - لا تغتالوا طفولة أطفالكم!














المزيد.....

لا تغتالوا طفولة أطفالكم!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 6951 - 2021 / 7 / 7 - 08:53
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


شاهدتُ في غزة قافلةَ سياراتٍ تصدح بأغاني الفرح، باستخدام قاصفات الأذان الخارقة، كنتُ أبتسم وأنا أشاهد الموكبَ الكبير، غير أنني ابتلعتُ بسمتي وأنا أشاهدُ يدَ طفل، لا يتجاوز الثامنة من عمره، ألقى من نافذة إحدى سيارات الفرح عبوةَ (فرح) متفجرةً قوية، انفجرت بين أقدام أسرة مكونة من أربعة، وبين قدميَّ، ظل الطفل ينظر إلينا من شباك السيارة، وهو منتشٍ بحالة الهلع التي أصابتنا!
تذكرتُ حدثا آخرَ عندما كنتُ أسكن في مكانٍ ريفيٍ، يأتي إليه الأطفالُ ليصطادوا العصافير الصغيرة الجميلة، بخاصة عصفور، القرقزان النحيل الراقص، عقدتُ مع طفلين صفقةً؛ أن أشتريَ منهما كل الصيد، كان أحدهما في العاشرة من عمره، أما الثاني فهو الأصغر، وافقا بفرحٍ غامر، اشتريت أكثر من اثني عشر عصفورا جميلا صغيرا، كنتُ أعيدُ العصافير مرة أخرى إلى الفضاء الفسيح، وما إن شاهدني الكبيرُ أعيد إطلاق سراح العصافير، حتى امتنع عن بيعِ أي عصفورٍ جديد، ولما سألتُه باستغراب: قال: "أنت تضيع جهدنا، كنتُ أحسبك ستذبحها لتأكلها، لا لتُطلق سراحها"!
إن اغتيال طفولة الأطفال، وزرع العنف، بادعاء، الرجولة، هو كارثة وطنية عربية وفلسطينية تستحق الدراسة، والمتابعة، والتعديل!
كثيرون يسعدون بشجاعة أبنائهم، أو (تهورهم)، حتى أن أحدهم ينادي ابنه (الأزعر) لأنه يبحث عن المشكلات، يأخذ حقه بيده، لا يشتكي، فهو، كما يقول الأب، لا يشبه أخاه الأصغر الضعيف المتسامح! فالتسامح جُبن، والتنازل عن الحق، ضعفٌ وهوان.
كذلك اعتاد كثيرون أن يختاروا لأبنائهم الصغار أسماءً هجومية منذ ولادتهم، مستوحاة من الصقور والنسور، ومن الحرب، والمعارك، والطعان، ومن الهجوم، والغزو، يشترون لهم ألعابا من الأسلحة، والمتفجرات، سيارات الجيش، والأصفاد، يشجعونهم على مشاهدة أفلام العنف والقتل، يشاهدونهم وهم يعذبون الحيوانات الأليفة، ويقتلون العصافير بالحجارة، ويقتلعون الأزهار، ويقطعون أغصان الأشجار، والحجة، حتى يصبحوا رجالا!
لم يقتصر اغتيالُ الطفولة على العوام، بل طالَ أيضا الأحزاب والتيارات السياسية، بحُجة النضال، حين تقوم الأحزاب والتيارات السياسية، والجهات المنسوبة للدين بتدريب الأطفال كميليشيا حربية، بغض النظر عن سن الرشد، يتدربون على السلاح، حتى أن أنديتنا الرياضية، ترفع شعارا: تدريب الأطفال على فنون القتال! وقد لفتُّ نظرَ بعض المسؤولين ليُغيروا، فنون القتال ليصبح الشعار فنون الدفاع عن النفس، غير أنهم لم يقتنعوا!
إن اغتيال طفولة الأطفال الفلسطينيين جريمةٌ ينبغي تداركها قبل فوات الأوان، لا يجب أن نُعزز مؤامرة المحتلين، ممن خططوا بحروبهم، وقمعهم، واغتيالهم لتحويل أطفالنا إلى حقولٍ متفجرة في وجوهنا، سعى المحتلون إلى تحقيق هذه الغاية، وهي أن يصبح أبناؤنا عقبة في طريق بناء مستقبلنا، ينشرون الجرائم، والعنف، بدلا من أن يكونوا معاول بناء للمستقبل، ظل المحتلون يسعَون لاغتيال طفولة أطفالنا، ثم تركوا المهمة لممارساتنا نحن، حين نغتال أروع جينات الإبداع والتفوق، فنغتال نقاء طفولتهم!
لم نعِ بعدُ خطر بحثنا عن الرجل (العنيف) في الطفل اللطيف، هذا البحث جعلنا ننسى حاجتهم إلى اللعب والترويح، فنحن من يوم ولادتهم، نُلبسهم عباءاتِ الأجداد وسيوفَهم، ونعلمهم لغة الكبار، ونشجعهم على ترديدها، ونحرمهم من اللعب المباح، ونباهي الآخرين بنضجهم المبكر، ونظنَّ أننا أحسنَّا تربيتهم! هذا هو اغتيالٌ للطفولة، لأن الأساس هو أن نترك الطفولة تنضج في الطفل، حتى يصبح سويا، قادرا على الحياة السليمة، غير المَرَضيَّة!
لا يجب أن نهمل برامج التعليم المسؤولة عن إنضاج الطفولة السليمة، وهي الرياضات، والفنون التشكيلية، والموسيقى، والتمثيل، كلُّ هذه الفنون هي موانع الصواعق، ضد العنف والجريمة، ضد القسوة والتطرف!
إن إغفال برامج موانع الصواعق بحجة أنها مؤذية لصورة الرجل (القوي)، خطيئةٌ قومية، يجب العمل على تجنبها، إذا أردنا أن يكون لنا مكانٌ بين الأمم!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القبر الملوث!
- لاصق (الكيبا) على صلعة، نفتالي بينت!
- تعويم الحكومات في إسرائيل
- جواسيس إسرائيليون!
- لماذا يغتالون الإعلاميين؟
- التضليل الإعلامي في إسرائيل!
- عزدة إلى الحياة من جديد!
- الاضطهاد والعنصرية في الدولة الديوقراطية!
- ألتراس نتنياهو الإرهابي!
- حروب الويكبيديا
- عصر الفنون الرديئة!
- نجاح حفيد كاهانا في الانتخابات
- طبيب الفقرار في بغداد
- قصص نسائنا في عيد النساء
- حلب الأزمات
- أيهما توفيق الحكيم؟!
- حكومة الطوارئ الإسرائيلية !
- من أدب عشق الأوطان.
- كلاب تَشمُّ الُّلعاب!
- الكورونا وبعير طرفة!


المزيد.....




- شهيدان بطولكرم وحملة اعتقالات جديدة للاحتلال بالضفة
- الاحتلال الإسرائيلي يمنع الأمم المتحدة من الوصول لمعبر رفح ف ...
- الأمم المتحدة: إسرائيل تمنعنا من دخول معبر رفح
- الرئيس التونسي: تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد لا يمكن ...
- الأمم المتحدة: المساعدات -محجوبة- عن غزة مع إغلاق المعبرين ا ...
- تفاؤل بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة
- اعتقالات جديدة بأميركا والحراك الطلابي يتوسع بأوروبا
- نيويورك تايمز: اختلافات طفيفة بين مقترحي حماس وإسرائيل حول و ...
- مسؤولة إغاثة ترصد لـCNN صعوبات يواجهها الفلسطينيون للإجلاء م ...
- -الأونروا-: العمليات في معبر رفح ستوقف دخول المساعدات لكافة ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - توفيق أبو شومر - لا تغتالوا طفولة أطفالكم!