أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - ورود أمير














المزيد.....

ورود أمير


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6940 - 2021 / 6 / 26 - 14:56
المحور: الادب والفن
    


مَن منّا لا يحب الورود؟!
معظمنا يعشقها؛ يعشق أريجها، ويعشق شكلها وألوانها، ويبتهج لرؤيتها. حتى أن البعض منّا قد ينسى همومه إذا ما وقع نظره على وردة اغتسلت بقطرات الندى في الصباح الباكر، أو على أخرى قد غفت آمنة في حضن أمها، أو إذا نظر الى باقة أبدع ماهر في تنسيقها؛ فكيف إذا كانت هذه الورود، ورود أمير؟!
ها هي الشمس تلملم خيوطها الذهبية لترحل الى مخبئها الى ما وراء البحار، أو الى ما وراء التلال القابعة غرب شرفة بيتي. لا أعرف مخبأها بالضبط، بل أشكُّ بوجود مخبأ لها ترحل اليه بانقضاء كل نهار. قد نكون نحن مَن يرحل عنها ويغادر موقعها، لكن رواياتنا الأدبية لا تعترف بذلك، كتّابها يفضلون أن يكون الرحيل من نصيب الشمس، لتفيض القلوب بالشجن، وتبتهل النفوس لأن تعود الشمس إليهم بعد رحيلها لتغمر أرواحهم بالنور والأمل. على أي حال، لا يهمني الى أين ترحل الشمس، ما يعنيني بل ويثير في نفسي الشجن، هو غروبها.
وأعود لذاتي وأسألها: لماذا أفكر الآن في رحيل الشمس؟ لماذا يحزنني هذا الرحيل؟ ألأن عاما قد انقضى من عمري في هذا اليوم؟ فليكن؛ فكم من مرة قلتُ للمهتمين بحساب العمر، إني لا أكترثُ لحسابات الكلدانيين او السومريين. لا يهمُني كم مرة سرتُ حول الشمس، او سار حوليَ القمر، ما يهمني هو ذاك اليوم العاصف، القارس البرودة، الحالك اللون، حيث بكت فيه السماء فسالت دموعها مدرارا، وعصفت الريح مزمجرة، فاقتلعت الأمنيات من مخادعها. وأما دموع السماء، فما كانت تأثرا بصرختي يوم مولدي، بل تعاطفا مع سوء الطالعِ. وأما زمجرة الريح؛ فما كانت قرعا لطبول الفرح استقبالا لصرختي؛ وإنما غضبا، إذ خبِرتْ ما سيكون لاحقا من مدى قدرة التحدي لها عندي.
ويرّن هاتفي، أتجاهل صراخه، أتابع رحيل الشمس، وأتأمل غروبها عبر زجاج نافذتي. لكن الرنين أبى التوقف، فأرغمني على أن ألبي نداءه.
- ألو، مرحبا.
- مرحبا، مُرسَل لكِ باقة ورد، هل تتواجدين في البيت؟
- عفوا، مع مَن أتحدث؟
- أنا من شركة التوصيل في الناصرة. ما هو عنوان بيتكِ بالضبط لو سمحتِ؟
- عفوا، مَن المُرسِل؟
- عذراً لا أعرف بالضبط، ولكن هناك بطاقة مرفقة بباقة الورد باسم المُرسِل.
بعد أقل من نصف ساعة، رنّ جرس بيتي. فتحت الباب، رأيت موظف شركة خدمات التوصيل واقفا ويحمل بيديه باقة من الزهور. ما أجملها من إرسالية! قلت في نفسي. لا شكّ أن منسِّقها تفنّن وأبدع بتنسيقها. لقد وفّق باختيار أنواعها وألوانها فبدت أكثر جمالا. ابتهجت نفسي لرؤية أزهار الأوركيد البيضاء بالذات، الأزهار التي أحب، وأسرعت لأقرأ اسم المرسل في البطاقة المرفقة لباقة الورد. "أهديكِ أجمل باقة ورد، وأقول لكِ: أنتِ تحتلين مساحة من فكري". المُرسل، أمير، الناصرة.
- مَن يكون أمير هذا؟ قلتُ لنفسي.
- متى عرفني؟
- وكيف؟ وأين؟ و...
تزاحمتْ الأسئلة في رأسي، واحتلت الظنون مساحة من فكري، وشغلتني لأكثر من يوم، لكن دون جدوى؛ فقد بقي أمير هذا، مرسِل الورود، مجهولا لي.
تكرر الحدث بعد سنة، بذات التاريخ، وذات الساعة. لكني هذه المرة رفضتُ أن أتسلم الورد من الأمير المجهول، وأصررتُ على رفض تسلمه، ما لم أعرف هوية أمير هذا؟
- لا بد أن بحوزتك رقم هاتف المرسِل، أعني أمير. قلت لموظف شركة التوصيل، وتابعت قائلة له:
- أخبره أني أرفض تسلم الورود.
وأمام إصراري هذا، استجاب الموظف لطلبي وهاتف أمير، مرسِل الورود. سمعت صوتاً أنثويا ناعما يفيض رقة قد تسلل عبر الهاتف يرد على مكالمة الموظف، فعرفت صاحبته. إنها مها، صديقتي التي فرّق بيني وبينها، قبل ثلاثة أعوام خِلاف أقل ما يقال عنه، تافه، ولا شأن للشيطان به، كما ادعى الأصدقاء واتهموه زورا وبهتانا. لقد قالوا لنا: دخل بينكما الشيطان. إذن هي صديقتي مها، وأما أمير؛ فهو من جعلها تفيض بمشاعر الأمومة، وهو مَن لوّن حياتها وحياة زوجها باسل بكل ألوان الفرح منذ ثلاث سنين.



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صوت ذاك الآخر
- في القدس
- مقدسيون كرام أنتم
- رمضان
- نفاق
- هي خمس دقائق فقط
- أمي؛ تعالي الليلةَ نسهر
- الصوص*
- تذكرةُ سَفَر
- غيْداء
- هدية الفالنتيْن
- ابتسامةٌ مسافرة
- عبقُ الحَنين
- يا قدسُ
- هنيئا لصفورية بابنها الأمين، أبو* عرب
- قراءة في قصة الكوكب الأزرق للكاتبة جميلة شحادة
- مواسم الفرح
- رحلة الى صفورية
- عشرة أَعوامٍ في سنَة
- أرجوه ميلاد مجيدا وسعيدا


المزيد.....




- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميلة شحادة - ورود أمير