أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - ثورات المحمول الفنية..تيك توك نموذج















المزيد.....

ثورات المحمول الفنية..تيك توك نموذج


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 6935 - 2021 / 6 / 21 - 22:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


القصة هي عداء الشيوخ لكل جديد

فقه رجال الدين قائم دائما على أصالة الماضي وصلاحية الأسلاف، فعندما يظهر الجديد ليخلف الآية إلى أصالة الحاضر والمستقبل أو يطعن في صلاحية الأسلاف أو يضع تلك الصلاحية في سياقها التاريخي (ينتفضون) ثم يرفعون سلاح الكفر والهرطقة..

كل الأديان عانت من تلك الظاهرة..وهي رفض كل جديد ومقاومة أي تحديث

ركز معايا حضرتك :

أولا: بدأت القصة بتحريم الفقهاء للمسرح في أواخر القرن 19 باعتباره تمثيلا وكذبا غير حقيقي وافتراض حكايا لم تقع وتصويرها بشكل زائف كما يدعون، ثم استدلوا بقصة "الحكم بن أبي العاص الأموي" مع الرسول، وعندما استمر المسرح ونشط أكثر دون مبالاه برأي الشيوخ لم تنجح فرق المسرح في الاستعانة بالنساء لثورة الشيوخ على عملهن..فاستعان المسرحيون بالذكور لآداء دور الإناث..

ثانيا: عندما ظهرت السينما في أوائل القرن 20 حرّمها الفقهاء لنفس السبب، برغم أنها في البداية لم تكن بها قبلات ولا يحزنون، مجرد قصص اجتماعية واسكتشات محافظة، لكنها كانت فواحش في مخيلة رجل الدين، تخيل بقى حضرتك لما بدأت القبلات مع فيلم العزيمة لحسين صدقي؟!

ظهور السينما فتح مجال فني أكثر لشرائح اجتماعية أكثر لا تتقن المسرح ولا الظهور في الفرق المسرحية أو تكوين علاقات عامة لأصحاب تلك الفرق، وبالتالي أصبح عدد المشتغلين بالفن أكبر..تخيل كان يحدث ذلك بينما الشيوخ مشغولين بكلمة واحدة (حرام..حرام) ولا يوجد منهم أدنى محاولة لفهم ما يحدث وأن المستقبل سيكون فني بامتياز..

ثالثا: عندما ظهر التلفزيون في الستينات فتح المجال أكثر وأكثر..وزاد عدد المشتغلين بالفن، ورأينا المذيعات لأول مرة والبرامج الاجتماعية والفنية المختلفة، وفي وقت انشغال الفقهاء بتحريم التلفزيون..كان هذا الجهاز ينتشر بسرعة الصاروخ حتى (استسلموا للأمر الواقع) وقرروا يشتغلوا بالتلفزيون مع "أحمد فراج" التي بدأت معه رحلة تديين الإعلام رسميا..

ومن هنا وضحت استراتيجية الشيوخ وهي عندما يفشلون في مقاومة ظاهرة ما، ينخرطوا فيها من باب (الإصلاح الداخلي) فصار دخولهم التلفزيون وبرامج الشعراوي من باب إصلاح التلفزيون من الداخل، وهي كانت رؤية ذكية جدا بالمناسبة ولها بعد براجماتي يجيده الفقهاء حين يتعرضون للهزيمة أو يشعرون بالخطر، وشيئا فشيئا تحول التلفزيون لآداه إعلامية دينية وفقد دوره الفني وصارت أخبار اعتزال الفنانين تملأ النشرات والمجلات الفنية..

رابعا: عندما ظهر الفيديو في السبعينات حدث نفس الشئ، وهو تحريم الفيديو باعتباره:

1- يفتح الباب لتصوير الحياة العامة بعيدا عن الدراما، يعني الموضوع لم يعد في إمكانية التضييق أو مقاومة ألوان الفن في (المسرح والسينما والتلفزيون) دا الفيديو دا (بلوة سودة) لأنه سيدفع الناس لتصوير الشارع وحياتهم الشخصية وحفلاتهم الماجنة والخليعة كما يزعمون..هنا عقلية الحارس الديني لم تفارق رجل الدين، فهو يعتقد أنه (حارس العقيدة) وأنه الموكل من الله بإجبار الناس على الفضيلة، وهي الآفة التي يعاني منها أي رجل دين بالمطلق وفي كل الشعوب والمجتمعات..

2- يفتح الباب لرؤية فنون الكفار والماسونيين والزنادقة في الغرب، والتي من بينها الأفلام السكس، وبرغم أن الشيوخ من رواد هذا النوع من الفن وعشاقه (باعتبارهم الأكثر نكاحا) لكن ملأوا الدنيا والمنابر صراخا من (خطر الفيديو) وشهدت بأذني خطب الشيوخ في الثمانينات والتسعينات المحذرة من هذا الجهاز اللعين..!

خامسا: عندما ظهر الكمبيوتر في الثمانينات وصار امتلاكه في البيوت أمرا عاديا مع اسطوانات مدمجة فيها كل ما لذ وطاب من أنواع الفنون المختلفة حدث نفس ما حدث مع الفيديو، وشهدنا فتاوى تحريم الكمبيوتر، لكن وكعادة الشيخ عندما يفشل في مواجهة الظاهرة ينخرط معها من باب إصلاحها من الداخل، فتحولت كمبيوترات المسلمين من الأفلام والمسرحيات لخطب الظواهري وحسان والشعراوي، وتسجيلات بن لادن على قناة الجزيرة..

سادسا: عندما ظهر الدش في التسعينات..مش هقولكم على اللي حصل لأنكم عارفينه بالحرف، وماذا كان يعني الدش في مخيلة هؤلاء إلى اليوم، وخطر الدش عند هؤلاء أنه لا يمكنك التحكم في مادة العرض كالكمبيوتر والفيديو والسينما والتلفزيون الوطني..يعني مصيبة قولا واحدا..!

سابعا: عندما ظهر الإنترنت في أواخر التسعينات لم يرصده الشيوخ وقتها كخطر يستدعي المقاومة كسابقيه، لأن استعماله كان محدودا في الطبقة العليا..وعندما بدأت الطبقة الوسطى في استعماله بالألفية الجديدة انتفض الشيوخ، والويل والثبور وعظائم الأمور لمستخدمي الإنترنت..إنه يسمح للمسلمين برؤية الكفار والعياذ بالله..بل والحديث معهم في الشات..بل والزواج منهم ..استغفر الله العظيم..

ثامنا: عندما ظهر المحمول في نفس التاريخ أيضا لم يرصده الشيوخ لنفس السبب وهو أنه كان حكرا على الطبقة العليا، لكن فور دخوله للوسطى والدنيا وحملات موجهة ك (المحمول في يد الجميع) التي رفعتها شركات (كليك سابقا فودافون حاليا..مع موبينيل) انتفض الشيوخ وظهرت لأول مرة خطب (خطر المحمول) مع (عظمتين وجمجمة وثعبان سام) لزوم الدعاية السوداء وتشبيه المحمول (بخطر الكهرباء) والقنبلة النووية، وهي ثمة سيكولوجيا رجال الدين بالعموم..وهي أنهم يبالغون في تصوير الخطر حين يشعرون من وراءه بالخطر على ذواتهم ونفوذهم المعرفي، لأن المحمول وقتها كان يعني تواصل دون مراقبة العائلة ، فإذا كانت العائلة تتحكم في الخط الأرضي إنما لا يمكنها وقف هذا الجهاز الجديد الذي يعني كلام الشباب مع البنات بعيدا عن سلطة الأب والمجتمع والعياذ بالله..

تخيل بقى حضرتك لما أضيف للمحمول (رنات وصور وموسيقى وفيديو وكاميرا hd وزادت مساحة الذاكرة لتحمل ما عجز عن حمله كل أسلاف المسلمين من كتب ومرئيات)..حتى يمكن اعتبار أن الذي حدث في المحمول أشبه بيوم القيامة حرفيا بمخيلة الفقيه..

تاسعا وأخيرا: ثم وصلنا للمحطة الأخيرة في تطبيقات المحمول وخصوصا التيك توك، وهي المحطة التي جعلت من كل مواطن صغير وكبير (مشروع فنان) أي زادت مساحة الانشغال الفني ولم تعد حكرا على المسرح والسينما والتلفزيون كما في السابق، فإذا كان في القديم توجد شبكة مراقبة على المنتجات الفنية..فالآن لن يوجد بفعل تواصل وانخراط كل فئات المجتمع تقريبا وبعشرات الملايين في تصوير أعمالهن الفنية..

حنين أسامة ومودة الأدهم كانوا جزءا من ثورة تطبيقات المحمول، وفيه غيرهم ملايين بيطلعوا حاليا ويحصلوا على الأضواء والشهرة بأثر الانشغال الفني، فمهما فعلت الدولة أو الشيوخ من عقاب ومراقبة لن يؤثروا في هذا الظهور ، والفنون عموما تشغل الحيز الأكبر من مخيلة ذهن الإنسان، فهو ملئ بالتمثيل والقصص والأدب والشعر والغناء والرقص والتفاعل الإيقاعي مع الحركات والكلمات..هذا لا يمكن نزعه، والاعتقاد بإمكانية ذلك هو نوع من (الغباء والوهم)

لاحظ أن الفقهاء كانوا دائما ردود أفعال على التطور الحضاري..يعني لا يمكنهم التحكم في هذا التطور أو صياغته حتى..وكل ما يفعلوه إنهم يصبحوا جزءا من هذا التطور كمستهلكين، ومن ثم يوجهوا خطابهم الدعوي والتحريضي من داخله، وهي أيضا سياسة فاشلة بدليل أن مقاومتهم للتلفزيون لم تفلح في تدمير الفيديو، ومقاومتهم للفيديو لم تفلح في تدمير الكمبيوتر ، ومقاومتهم للكمبيوتر لم تفلح في تدمير الدش..وهكذا ، حتى جاءت ثورة الإنترنت لتفتح كل آفاق المعرفة والتطور الحضاري الإنساني وتختصر كل الصراع السابق على شكل (حرب طواحين الهواء)

مطلوب من الدولة أن تتعامل مع التطور الحضاري دون إنكار ومقاومة، فالحكم بسجن فتيات التيك توك بتهم مطاطية لن يحل المشكلة بل يعقدها عن طريق قهر الفنون الشعبية والنساء خصيصا بوصفهن أكثر رواد هذا النوع من الفن وجمهوره لتعلقه بالسلامة الشخصية والأمان من العنف والابتزاز الذي قد يتعرضن له إذا انخرطن في الحياة العامة أو شبكة العلاقات المتحكمة في الفن الرسمي، علاوة على رخص هذا النوع من الفن وما يجلبه من أموال طائلة حال الإنجاز، وبالتأكيد سيكون هو الحل لأسر كثيرة تعاني من الفقر بعيدا عن ممنوعات القانون كالدعارة وخلافه، فالرقص ليس تهمة ولا الفنون خطيئة..ومن يرى الأمور كهذه هو الخطر الحقيقي على المجتمع..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاغتصاب الزوجي..جريمة إنسانية
- صورة أخرى للشخصية الانطوائية
- أضواء على المسيحية الصهيونية
- المرأة في الفكر البشري القديم
- خطر الفكر الظاهري على قضية فلسطين
- خرافة قتال الملائكة بجانب المسلمين
- التراث الإسلامي وتخلف المسلمين
- عشرون سببا لفساد خبر الواحد في الحديث
- التفاضل واختلاف الأئمة
- جدلية تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية
- الثورة الثقافية الرابعة
- مركزية السلطان عبدالحميد الثاني في عقل الجماعات
- المجتمع وسلامة المنطق
- لماذا يكره رجل الدين حضارة مصر القديمة؟
- قانون الأحوال الشخصية ليس من اختصاص الفقهاء
- العظماء لا يموتون..نوال السعداوي نموذج
- قتل المرتد بين فرج فودة ورفيق تقي
- فرص الديمقراطية في اليمن
- شروط الاجتهاد المطلق
- حقوق المرأة بالعمل لا بالأخلاق والعقل


المزيد.....




- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - ثورات المحمول الفنية..تيك توك نموذج