أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - فرص الديمقراطية في اليمن















المزيد.....

فرص الديمقراطية في اليمن


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 6836 - 2021 / 3 / 10 - 20:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحل الآن الذكرى العاشرة للثورة اليمنية سنة 2011 وهي كغيرها من الثورات الفاشلة التي حدثت في هذا الوقت لم تؤت ثمارها في تحقيق الديمقراطية بل عادت البلاد لنموذج مستبد أكثر سوءا مما كان عليه قبل الثورة.

فاليمن ليست استثناء مما حدث في الهبوط لقاع الاستبداد، ولكن خصوصية المجتمع اليمني كانت ولا تزال عائق كبير في تحقق الديمقراطية من بين مشكلات كثيرة أبرزها الطائفية الدينية والولاءات السياسية الخارجية للحد الذي ترفع فيه صور زعماء أجانب في شوارع اليمن، وتلك الظاهرة تستدعي النظر لتعريف المجتمع اليمني الحالي بشكل صحيح بعيدا عن الشعارات والأمنيات، لأن صور الأجانب التي تغزو شوارع صنعاء وعدن وأبين ليست دلالة على مجرد صراع داخلي بل تورط اليمن في مستنقع صراع إقليمي يأخذ بعدا متشابكا وأكثر تعقيدا مما نظن.

ويظهر من الوضع الحالي اليمني أن الشعب هناك لم يكن مستعدا لدفع معاناه أكبر مما تحملها في الثورة، فاضطر رغما عنه للاصطفاف بناء على دعوات الطائفة والعرق والحزب والولاءات الخارجية، مما يعني أن الشعب اليمني حاليا يرفض الديمقراطية بشكل قاطع..وأي محاولات لتطويعه جهة الديمقراطية ستفشل إلا إذا تغير الظرف الإقليمي ورفعت صور الأجانب من الشوارع، وعقدت مفاوضات شاملة بين الأشقاء في اليمن دون استثناء لفصيل واحد، مما يعني أن الحديث عن ديمقراطية اليمن في تلك الظروف وإلقاء اللوم على جهة واحدة دون إدانة الجميع هو تصرف غير مهني وقراءة غير صحيحة للمشهد.

فالمجتمع اليمني بحاجة لانفتاح حقيقي قبل الحديث عن ديمقراطيته..وظروف الحرب وأجواءها الساخنة المشتعلة منذ عام 2015 تمنع هذا الانفتاح وتصب أكثر في باب المواجهة والشعارات والمزايدات في الداخل، ثم تصدير هذه المواجهة والأزمة الداخلية للخارج كتنفيس عن غضب اليمنيين مما يحدث، وهو ما تنبأت بحدوثه عقب اشتعال حرب اليمن قبل 6 سنوات ، وقلت أن استقرار وأمن الخليج كله متوقف على استقرار اليمن وحصر مشاكله الداخلية في صورة تنافس حزبي لا صراع عسكري ينتمي رؤساءه لطائفة الإسلاميين والجنرالات العسكريين الذين لا يهمهم فكرة تكوين الحكومة أكثر من الإبقاء على سلطاتهم في الداخل آمنة..

وبالطبع تتحمل السعودية والإمارات جزء كبير من مشكلة اليمن بوصفهم من أشعلوا الحرب فيها ومنعوا انفتاح شعبها وتوافق قبائلها على خطة سلام لا تستثني أحد، لكن الوقت في تقديري قد فات على مبدأ إلقاء اللوم..فالسنوات الستة للحرب لم يعد حمل مسئوليتها على جهة واحدة أمرا حكيما..بل تعنت الجميع دون استثناء في منع الوصول إلى اتفاق سلام شامل ينهي الحرب التي يتفق العالم كله أنها تحدث بشكل عبثي والغرض من إشعالها وبقائها صار منتفيا ولا مصلحة واحدة منها سوى تنفيس عن غضب كامن وحقد باطني مركب يجمع في أواصره عوامل الدين والطائفة والقومية والهوية والقبيلة، وتلك العوامل مجتمعة تقف حجر عثرة في التوصل لاتفاق سلام دون تدخل القوى الكبرى التي يظهر من سلوكها أنها راضية عن ما يحدث وليس في جعبتها تصورا واضحا عن خطة إيقاف الحرب أو النوايا لذلك كأضعف الإيمان.

ولسوء حظ اليمنيين أن ثورتهم عام 2011 لم تتجدد بحركة تصحيح ناجحة، فالذي حدث في سبتمبر عام 2014 قبيل اندلاع الحرب بعدة أشهر لم ينجح في تكوين دولة ناجحة بل انشق اليمنيون إلى 3 فرق كبرى تحارب بعضها على النفوذ الداخلي كأولوية والدفاع عن مصالح ولاءاتهم الخارجية بشكل ثانوي، وتلك الفرق الثلاثة التي تمخضت عنهم الحرب وأحداث سبتمبر هي "الحوثيين والانتقالي والشرعية" والجميع لا يملك المبادرة والقوة لبدء الحوار على الأقل قبل التفكير في بناء دولة ديمقراطية، مما يعني في نظري أن بقاء الوضع على ما هو عليه الآن في انقسام اليمنيين إلى 3 فرق هو تعبير فقط عن حالة صراع طائفي وقومي وقبلي يعاني منه اليمن وسيظل كذلك إلى أن يملك اليمنيون القدرة على الحوار والتنازل بشكل مستقل عن الخارج..

فأول ما تصل إليه الدول في بداية تكوين ديمقراطيتها هو تكوين شعبي واجتماعي يتفهم قبول الآخر والتعددية ضمن منظومة كلية تحفظ مصالح الجميع، وهذا التكوين لا أظن أنه سيحدث في اليمن حاليا ولعدة سنوات قادمة لظروف الحرب، فتى لو توقف الحرب اليمنية أو الإقليمية سيظل تبعات ما يحدث كامنا في النفوس ومشتعلا في الصدور تعززه جرائم الماضي وخطايا الأسلاف، فإذا ما قرأ اليمنيون هذه الحالة التي عليها دولتهم بشكل صحيح سينجحوا في المستقبل لتجاوز هذا الواقع بالنقد الحاد له والانقلاب على كل مفاهيمه ومسمياته.

فالحرب لا تقضي فقط على الحجر والبشر..بل أيضا تقضي على الثقافة والضمير والسلام المجتمعي، وتنشأ بناء عنها مفاهيم ومصطلحات صدامية تظل لعقود حتى يأتي جيل يفطن خطورتها فيشرع في نقدها حتى يتجاوزها عقليا ونفسيا، وبنظري أن المجتمع اليمني به الكوادر المناسبة لهذا التجاوز، فالثقافة عند اليمنيين كبيرة لكنها معطلة بأثر الحرب، والانفتاح يحدث لديهم بشكل علمي وديني لكن لا يحدث بشكل سياسي وقبلي واجتماعي، وهذه معضلة تفسر كيف أن دولة كوريا الشمالية مثلا امتلكت النووي والقنبلة الهيدروجينية لكن شعبها ما زال مغلقا لا يعلم شئ عن دول الجوار فضلا عن أن يعلم شئ عن الخارج البعيد..

ولكي يثبت اليمني قبوله للديمقراطية يجب أولا أن يمر بحركة تصحيح بعيدة عن مفردات الفوضى والطائفية التي حدثت عام 2011، وأقصد بذلك ثورات (السودان والجزائر) تحديدا ، فهذه الثورات الناعمة ساهمت في الإصلاح السريع والمؤثر أكثر وأفضل مما حدث في دول الربيع العربي خصوصا (مصر – سوريا- اليمن) باستثناء تونس التي تملك خصوصية ثقافية ولغوية مختلفة عن الطابع العربي الشرق أوسطي مما ساعدها في إيجاد صيغة تفاهم محلية وعقد اجتماعي مناسب لا زال صامدا إلى اليوم، مما يعني أن المجتمع اليمني لكي يقفز خطوات إيجابية للأمام تجاه دولته الديمقراطية المنشودة يجب عليه أن يدرس ما حدث في الجزائر والسودان تحديدا كأقرب نماذج شبيهة له نجحت في تحقيق الحرية بمعدلها الأدنى المفقود يمنيا..

ويوجد نموذج آخر مشابها لليمن وهو النموذجين (العراقي واللبناني) فكلاهما حدثت بهما ثورات تصحيحة نجحوا فقط في إقالة الحكومة والضغط لتعزيز الحريات، لكنهم فشلوا في إسقاط النظام الطائفي، مما يعني أنه وبدراسة النموذجين يمنيا يصبح لدينا نموذج ناجح في الحريات بشكل جزئي والقدرة على المحاسبة حتى لو لم ينجحوا كليا في إسقاط نظام ما بعد 2014 و 2015 الطائفي الذي يحكم اليمن حاليا بشكل كبير، وبالتالي فالكلام على إلغاء طائفية اليمن أو الحزبية العسكرية لا يمكن قبل الاستفادة من الحريات المهدرة اجتماعيا وتحقيق معدلها الأدنى المفقود، وكلما كثر الكلام على إلغاء تلك الطائفية تعقد الوضع أكثر لدفاع ذوي النفوذ عن مصالحهم الطائفية الضيقة، فالأعيان والنافذين يمكنهم القبول بهامش جزئي من الحريات السلمية لكنهم لن يقبلوا المساس بأمنهم ومكتسباتهم ونفوذهم في الواقع.

أخيرا: سيكون الوضع أفضل لو كان لليمنيين حرية – ولو قليلة – في الكلام والاعتراض، هذا يساعد كثيرا في شيوع التفكير النقدي اللازم للتغيير، أما فكرة الانقلاب والثورة والحرب فهي تُعزز سلطات ونفوذ أمراء الحرب أكثر وتعطي صلاحيات هائلة لملوك الطوائف والقبائل ورجال الدين، وكان هذا ولا يزال مبعث نقدي لحرب اليمن أنه لو توفرت النوايا الصادقة للإصلاح في هذا البلد لما قامت الحرب فيها، ولجهل القائمين على تلك الحروب بطبيعة اليمنيين عبر التاريخ الذي لم يأتِ الحل العسكري لديهم بأي جديد، وأن الحوار فقط والمصالحة الداخلية هي التي تصنع التغيير



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شروط الاجتهاد المطلق
- حقوق المرأة بالعمل لا بالأخلاق والعقل
- الطاعات الواجبة في أصول الفقه
- مفهوم الوحي في الإسلام
- الوسائل العشر للتلاعب والتحكم الذكوري
- البنيوية اللامركزية في النقد والتجديد
- ردا على التكفيري محمد سعيد مشتهري
- حُكم التبنّي في الإسلام
- تجديد الفقه الإسلامي وتحدياته
- كيف تنقد مقالا بطريقة علمية؟
- الشيعة فوبيا والإسلاموفوبيا..ما العلاقة؟
- صفوت الشريف كرئيس مصري بدون قَسَم
- روشتة الاستبداد الذكي
- أكذوبة لعن الزوجة الممتنعة عن الفراش
- صراع المرأة ورجل الدين
- الأصل الأفريقي للحضارة المصرية القديمة (6)
- الأصل الأفريقي للحضارة المصرية القديمة (5)
- الأصل الأفريقي للحضارة المصرية القديمة (4)
- الأصل الأفريقي للحضارة المصرية القديمة (3)
- الأصل الأفريقي للحضارة المصرية القديمة (2)


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - فرص الديمقراطية في اليمن