أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - خرافة قتال الملائكة بجانب المسلمين













المزيد.....

خرافة قتال الملائكة بجانب المسلمين


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 6890 - 2021 / 5 / 6 - 09:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل حاربت الملائكة يوما مع المسلمين؟

في قوله تعالى بسورة آل عمران" ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون (123) إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين (124) بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين (125)"

يسود اعتقاد شائع بأن الملائكة حاربت مع المسلمين في غزوة بدر كما هو موضح في النص وتفاسير تلك الآيات حسب النزول، وروايات أخرى أنها في غزوة أحد وأن تذكير المسلمين ببدر على نحو أن الله قد نصركم في الماضي وأنتم ضعفاء وأضعف مما أنتم عليه الآن، فاصبروا واتقوا سوف يرسل الله لكم بالمدد الإلهي، ومن ذلك ما رواه الطبري " عن الضحاك، كان هذا موعدا من الله يوم أحد عرضه على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أن المؤمنين إن اتقوا وصبروا أمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين؛ ففر المسلمون يوم أحد وولوا مدبرين، فلم يمدهم الله" (تفسير الطبري 7/ 180) والمعنى أن الملائكة كانوا 3 آلاف لكن فرار المسلمين منع عنهم الخمسة..

على فرض التفسير الأول أنها حصلت في معركة بدر، فكيف ينزل الله ملائكة محاربين بهذا العدد 3 آلاف ثم 5 آلاف ثم يصف المؤمنين يؤمئذ (بالأذلة) أي الضعفاء، فالمنطق يقول أنهم أصبحوا أكثرية..!..وفي تقديري أن النصر كان بيد المؤمنين أنفسهم بدلالة (إن تصبروا وتتقوا) فيكون المعنى أن صبر وتقوى المسلمين في بدر هو الذي منحهم الشجاعة في المعركة والإبداع في التخطيط والتنفيذ، وهذه أمور يفقدها القرشيون الذين ظنوا أنهم الأقوى والأكثر عددا..ولم يحسبوا جانب الشجاعة والإبداع والتخطيط عند الأقلية المحاربة، وبالتالي فالدعم الملائكي هنا كان معنويا لا حسيا ماديا..فبمجرد أن تشعر المقاتل أنه مؤيدا من قِبَل الله فيكتسب آليا صفات التضحية والإقدام والإيثار لينال البركة والخلاص..

أما على فرض التفسير الثاني أنها حصلت في معركة أحد وهو قول ابن عباس والكلبي والواقدي ومقاتل وابن أسحاق (تفسير الرازي 8/ 349)، فكيف ينزل الملائكة محاربين مع المؤمنين وتكون النتيجة هي الهزيمة؟..وألا يعد ذلك إهانة للملائكة؟

يبدو أن هذا الاضطراب حيّر علماء التفسير الأوائل فأضمروا المعنى كي لا يُقال عنه طعنا في الوحي الإلهي، ولكن قالوا أن الآية تحمل المعنيين، أي أن الله أمد المؤمنين بالملائكة فعلا، وأن الله لم يمدهم أصلا وبالتالي لم ينزل الملائكة محاربين، ومن هؤلاء قول الطبري " قال أبو جعفر..إن الله أخبر عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال للمؤمنين: ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة؟ فوعدهم الله بثلاثة آلاف من الملائكة مددا لهم، ثم وعدهم بعد الثلاثة الآلاف، خمسة آلاف إن صبروا لأعدائهم واتقوا الله. ولا دلالة في الآية على أنهم أمدوا بالثلاثة الآف، ولا بالخمسة آلاف، ولا على أنهم لم يمدوا بهم" (تفسير الطبري 7/ 180)

لكن الإمام الماتوريدي كان أوضح وأصدق من الطبري فقال أنه مجرد بشرى معنوية للمقاتلين لا قتال حقيقي وأن القصة التاريخية مجهولة ومضطربة ، ففي تفسير الماتوريدي " قوله: (فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين)، يوم بدر، ولا ندري كيف كانت القصة؟ وليس لنا إلى معرفة القصة حاجة؛ سوى أن فيه بشارة للمؤمنين بالنصر لهم، والمعونة بقوله: (وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به) جعل في ذلك تسكين قلوب المسلمين"..." قال آخرون: لم يقاتلوا، ولكن جاءوا بتسكين قلوبهم ما ذكر في الآية، ولا يحتمل القتال؛ لأنه ذكر في الآية: (ويقللكم في أعينهم)، ولو كانوا يقاتلون لم يكن لما يقلل معنى؛ ولأن الواحد منهم كاف لجميع المشركين، ألا ترى أن جبريل - عليه السلام - كيف رفع قريات لوط إلى السماء فقلبها؟! فدل لما ذكرنا، والله أعلم، وقيل: قاتلوا يوم بدر، ولم يقاتلوا يوم أحد..فلا ندري كيف كان الأمر؟ ( 2/ 470)

ويحسم الأمر الماتوريدي أن نزول الملائكة في الآيات كان معنويا فقط، حيث قال " الملائكة إنما أرسلت؛ لتطمئن بها قلوب المؤمنين، وتركن إليها طباعهم" (تفسير الماتوريدي 10/ 267)

ويبدو أن الماتوريدي اعتمد القول بالبشرى والطمأنينة علة لذكر الملائكة، فيكون ذكر نزول الملائكة علة متأخرة عن السبب وهو أنه مجرد تشجيع وتحفيز للمقاتلين على الأداء الطيب والشجاع في المعركة، وعلى الأرجح أن ذلك حصل بمعركة بدر لا أحد، لأن التشجيع والبشرى معا في النص دلالة على النصر الحاصل بمعركة بدر تاريخيا، فلو كان بأحدٍ فما دلالة ذكر البشرى في الهزيمة؟

كذلك فالقول بأن الملائكة نزلوا لقتال المشركين هو خرق لقوانين وسنن الله في الكون بأن المعجزات الحسية هي خاصة فقط بالأنبياء للدلالة على الله، لا أن تكون القدرة الإلهية خارقة لقوانين الكون ، فالله قد خلق الكون بقوانين صارمة لا تختلف ..بينما قتال الملائكة (وهم في عالم ميتافيزيقي لامعقول ولامحسوس) للمشركين في بدر (وهم في عالم فيزيقي معقول ومحسوس) هنا تضطرب كل القوانين، ويصبح قتال الملائكة يومها معجزة..فلماذا لم يذكرها الشيوخ بهذا الوصف وهي أمر خارق للعادة؟..أم أن الله قد ذكر الآيات بوضوح مفهوم بعصر التنزيل لكن الفقهاء في عصر التفسير المتأخر ب 300 عام زيفوا القصة وأضافوا إليها وكذبوا ووهموا أتباعهم بإمكانية دعمهم عسكريا من الملائكة إذا حصلوا على شروط التمكين بالصبر والتقوى؟

وهنا يسأل الرازي سؤالا جريئا لا يصدر سوى من عاقل " أن الملائكة لو قاتلوا لكانوا إما أن يصيروا بحيث يراهم الناس أو لا يراهم الناس فإن رآهم الناس فإما أن يقال إنهم رأوهم في صورة الناس أو في غير صورة الناس، فإن كان الأول فعلى هذا التقدير صار المشاهد من عسكر الرسول ثلاثة آلاف، أو أكثر، ولم يقل أحد بذلك، ولأن هذا على خلاف قوله تعالى: ويقللكم في أعينهم [الأنفال: 44] وإن شاهدوهم في صورة غير صور الناس لزم وقوع الرعب الشديد في قلوب الخلق فإن من شاهد الجن لا شك أنه يشتد فزعه ولم ينقل ذلك ألبتة" (تفسير الرازي 8/ 352) والمعنى أنه لا وجه لقتال الملائكة في عالم محسوس أصلا، فلو نزلوا بهيئتهم سيخيفوا المؤمنين أيضا، ولو لم ينزلوا بهيئتهم فكيف يعرفهم المؤمن والكافر ليتعظوا؟.. ولو نزلوا كعساكر فسيصبح عدد المؤمنين أكثر من العدد المذكور فكيف يسمي الله النصر يومئذ بأنهم نصر من الذلة والضعف؟

الخلاصة: أن الآية مجرد تشجيع معنوي للمؤمنين للثبات في المعركة لا أكثر، لا قتالا حقيقيا، وأن نزول الملائكة لقتال المشركين خرافة دينية رددها المحدثون فاضطربت أقوالهم وخرقت قواعد المنطوق والمعقول، بل أن بعض ما قالوه يمثل إهانة للملائكة ، وأن هذه الكذبة المشهورة تاريخيا كانت سببا لاختراع قصص وهمية عند الإرهابيين في أفغانستان وسوريا وغيرها لإيهام أتباعهم بأنهم مؤيدين من الله عز وجل، وأن خصومهم كفارا زنادقة، وأن كذبة دعم الملائكة لأي مخلوق - سوى وظيفة الوحي - هي من أكثر الخرافات والأوهام المنتشرة بفعل الجهل والأمية والتعصب الديني المقيت..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التراث الإسلامي وتخلف المسلمين
- عشرون سببا لفساد خبر الواحد في الحديث
- التفاضل واختلاف الأئمة
- جدلية تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية
- الثورة الثقافية الرابعة
- مركزية السلطان عبدالحميد الثاني في عقل الجماعات
- المجتمع وسلامة المنطق
- لماذا يكره رجل الدين حضارة مصر القديمة؟
- قانون الأحوال الشخصية ليس من اختصاص الفقهاء
- العظماء لا يموتون..نوال السعداوي نموذج
- قتل المرتد بين فرج فودة ورفيق تقي
- فرص الديمقراطية في اليمن
- شروط الاجتهاد المطلق
- حقوق المرأة بالعمل لا بالأخلاق والعقل
- الطاعات الواجبة في أصول الفقه
- مفهوم الوحي في الإسلام
- الوسائل العشر للتلاعب والتحكم الذكوري
- البنيوية اللامركزية في النقد والتجديد
- ردا على التكفيري محمد سعيد مشتهري
- حُكم التبنّي في الإسلام


المزيد.....




- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - خرافة قتال الملائكة بجانب المسلمين