أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبد الكريم يوسف - سارقُ النار سارقٌ للمعرفة














المزيد.....

سارقُ النار سارقٌ للمعرفة


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 6921 - 2021 / 6 / 7 - 09:16
المحور: المجتمع المدني
    


ربما سمع معظما بالخطيئة الأولى وسقطة آدم وحواء وربما يعرف الكثيرون أن ثمن تذوق تفاح المعرفة كان باهظاً ولدى الإغريق ما يشبه تلك الخطيئة وتلك السقطة الكبرى وذلك الثمن الباهظ الثمن . يبدو أنه منذ الخليقة الأولى كانت المعرفة والإدراك من محرمات الكون والخلق الأول .
يحكى أن الآلهة الأولى وزعت تعمير الكون على أنفسها وكانت الأرض من نصيب بروميثيوس فأراد أن يجعلها بأجمل صورة وقرر أن يكون البشر على صورة الآلهة فاستعان ببعض الآلهة فجبلوا الحمأ المسنون وصاغوا منه الإنسان الأول والثاني والثالث والرابع وتفنن في تكوينهم وصناعة قاماتهم وجمال الوجوه والشعور والعضلات المفتولة والعيون الجميلة . وفرح الإله بما صنعت يداه وأغرته صلوات البشر الشكورة كل صباح فرأى أن يزيد من فرحتهم وشكرهم بأن يقدم لهم النار وكانت الناس مقدسة ومحرمة على غير الآلهة . لكن بروميثيوس كان مأخوذا بنشوة المبدعين حين أتى الموقد الأعظم فأخفى قبسا منه تحت ثيابه ومضى إلى خلقه فبهتهم بما أتاهم وعلمهم إيقاد النار في الحطب الهامد.
ثم أشعل الإنسان النار ووصل الدخان للسماء وشم زيوس الرائحة وعلم بالخيانة فاحمرت عيناه وزلزلت الأرض زلزالها واهتزت عروش الآلهة واستدعي الجميع إلى "مجلس تأديبي" إلهي . ثم أحضر برمومثيوس ملطخا بالأوحال مغلول اليدين ممزق الثياب . وخلصت الآلهة بحكم فحواه يقضي بأن يربط برومثيوس سارق النار إلى صخور جبال القوقاز العالية على أن يخصص زيوس نسرا قويا يمزق صدره كل صباح وينهش كبده وإذا حل الليل شفى جراحه وبدل كبده ليعود النسر إلى تمزيقه في الصباح التالي.
الويل ثم الويل لسارق النار .
من ذا يتجرأ على مغالبة الآلهة ؟
من ذا يتجرأ على تخليصه من العذاب ؟
ويستمر برمثيوس في عذاباته آلاف السنين إلى أن يأتي هرقل ابن زيوس فيقتل النسر ويفك أغلال وقيود الإله . يستشيط زيوس غضبا من فعلة هرقل لأن حقدة لا يذوب مع الأيام ويقسم أن يكيد للبشر ويذيقهم أشد العذاب . فيبعث لهم فتنة الأنثى .وتبارى الآلهة في إيداعها كل ما يمتلكون من فنون حيث الجمال الغاوي والثرثرة والحب والفضول ثم منحها الإله هرمز قلب كلب ونفس لص وروغة الثعلب واتفق الجميع على تسميتها " بندورا" .
كانت غضب الآلهة من برومثيوس ليس منبعه سرقة النار وإنما سرقة المعرفة .
يتجرأ على سرقة المعرفة ؟
من يتجرأ على امتلاك التكنولوجيا ؟
ربما كان سبب غضب الغرب من إيران و هواوي الصين وغيرهم من طلاب المعرفة .
ممنوع أن يمتلك المعرفة غير الآلهة . والنار رمز للمعرفة يمكنك أن تفعل بها ما تريد .
حملت الآلهة هديتها الفاتنة لبرومثيوس فرفضها غير شاكر لها صنيعها . لكن أخاه أبيثمون أقنعه أن لا يرفض هدية الآلهة وأن يتوجها زوجة له .
وفي أحد الأيام أرسل الإله الحقود زيوس صندوقا كهدية للزوجين مصنوعا من الخشب الثمين وطلب أن لا يفتح إلا بإذنه .
سألت بندورا نفسها وماذا في الصندوق ؟
لكنها لم تجد جوابا . كانت تسمع في داخله أصواتا مبحوحة تهمس أنقذينا أنقذينا .
ألقت بندورا الصندوق على الأرض فانكسر وخرجت منه خفافيش سود تعربد في أرجاء الغرفة وتعض بندورا حيثما استطاعت إلى ذلك سبيلا . وبدأت الخفافيش تصيح :
أنا المرض ..
أنا الفقر ..
أنا الجوع ..
أنا القحط ..
أنا النفاق..
أنا الطمع ..
وأسرعت بندورا المليئة بالجراح تغلق الصندوق لكنها لم تستطع أن تغلقه إلا على فراشة صغيرة متعبة حزينة . وعندما سألتها بندورا من تكونين ؟ أجابتها : أنا الأمل. في حين انطلقت باقي الخفافيش سابحة في الفضاء الواسع توزع الشرور على البشر .
وحين عاد الزوج أبيثمون فتح الصندوق مرة أخرى فخرجت منه فراشة الأمل تشفي جراح بندورا وتأسوا جراح البشر إلى اليوم .
إنها نار المعرفة ويل لمن يقترب منها أكثر من اللازم وويل لمن يبتعد عنها أكثر من المسموح به.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكل منا حكايته الخاصة
- طُعْمٌ لسمكِ القرش
- ليبارك الرب أمريكا للأديب هارولد بنتر
- أغنية الصباح ، سيلفيا بلاث
- أفكر فيك
- هذا العالم مكان خطير للعيش فيه
- حين ولدت ، من الأدب الأسود
- الحاصودة المتفردة
- قلعة الكهف Qalaat al-Kahf
- الشيطان المخادع
- يا قلب سوف ننساه
- أوفيليا
- غزل
- من وسط الضباب
- بجانبي دوما
- شعائر باخوس و ديونيسيوس الدينية
- فكرة بسيطة عنها
- امرأة مثالية
- البطالة وأنواعها وسبل معالجتها
- إلى صديقي


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبد الكريم يوسف - سارقُ النار سارقٌ للمعرفة