أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عطية شناوة - سلفية لغوية مماثلة للسلفية الدينية














المزيد.....

سلفية لغوية مماثلة للسلفية الدينية


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 6913 - 2021 / 5 / 30 - 18:50
المحور: الادب والفن
    


ثمة تيار ثقافي متنامي يلبس لبوس التقدمية، وهو تبار سلفي لا تختلف سلفيته كثيرا عن سلفية التيارات الدينية الإسلامية، التي تتوهم بان حل مشكلات الحاضر تتم بالعودة الى ((الماضي الإسلامي الزاهر)).
هذا التيار يتوهم أيضا أن تخلفنا الثقافي والعلمي ناجم عن عوائق لغوية سببها اللغة العربية التي يزعم المنتمون الى التيار المذكور إنها غير قابلة للتطور، وأن الحل هو أعادة أحياء اللغات التي أندثرت في العراق ومصر وبلاد الشام وشمال أفريقيا.

ولا يشغل أصحاب هذه الدعوات أنفسهم في معرفة كيفية التأكد من أن لغات ميتة ستكون، بعد مدها بأكسير الحياة، أكثر قدرة على التفاعل مع الحاضر المعقد والمتطور باستمرار، من لغة حية لكنها تتعثر بفعل تعثر الناطقين بها فكريا، وليس العكس، أي أنهم هم سبب تعثر اللغة، بكراهيتهم لها، كون بعضهم ينظر إليها كلغة محتل أجنبي. تلك الكراهية التي تعيقهم عن القيام بجهد حقيقي لتطوير اللغة.

ونحن الآن أمام شكلين من أشكال ربط اللغة العربية بالإسلام، شكل يصر على هذا الربط باعتباره حقيقة لا تقبل النقاش، وهذا ما يتبناه المتأسلمون سياسيا أو ثقافيا. وآخر يتبناه بعض ((المتنورين)) وبعض نخب الأقليات القومية التي تبتلع الطعم فتتينى طرح المتأسلمين، وتتخذ منه مبررا لمناهضة العربية باعتبارها (( وسيلة صهر للقوميات والإثنيات، وأداة أسلمة للمجتمع)).

لكن اللغة العربية ليست لغة دين ولم تعد لغة قومية. فوجودها سابق تأريخيا لوجود الدين، وقد رافقته وكان تطورها مرهونا على الدوام بتحررها من هيمنته. كما أنها لم تعد لغة خاصة بالعنصر العربي بل تحولت جراء الفتوحات أو الغزوات العربية إلى لغة سائدة في مجتمعات عديدة، مثل ما صار الحال لاحقاً مع الاسبانية والإنغليزية والبرتغالية والفرنسية، التي أنتشرت في بقاع مختلفة من العالم، وأيضا تحت راية الدين المسيحي الذي أستخدم للتغطية على الطبيعة الأستعمارية للغزو الأوربي. ومرت اللغة العربية بمرحلة إزدهار أستوعبت خلالها منجزات الشعوب التي سبقت العرب حضاريا: السريان والفرس واليونان والرومان، وترجم اليها المنجز الفلسفي اليوناني، ومنجزات، الشعوب التي ذكرناها في مجالات الطب والموسيقى وإدارة المجتمع وغيرها من المجالات. وساهمت في تحقيق هذه القفزات، قامات ثقافية وعلمية من ورثة تلك الحضارات.

وبعد سبات القرون الذي أعقب سقوط بغداد عام 1258 وما رافقه من جمود الفكر والقيم، بدأت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، حركة تنوير جنينية ومحاولات نهوض متعثرة، انعكست في أكتساب اللغة والأدب العربيين لغة مجددة، أقل عزلة عن العصر ومنجزاته، الثقافية والعلمية، وأقل إنعزالا قيميا ومفاهيميا. ولا يمكن إلا من باب المناكدة الطفولية إنكار شوط التطور الكبير الذي قطعته اللغة العربية في سبعينات القرن الماضي، مقارنة بما كانت علية في سبعينات القرن التاسع عشر، وبلغ التطور، مديات يمكن القول معها، اننا إزاء لغتين مختلفتين.

وهذا ما يؤكد ان العربية مثل كل اللغات الأخرى كائن حي نسغ حياته مستعملوها، فهم قادرون على إغنائها، في حال تفتح مداركهم، وانفتاحهم على العالم ومعارف وعلوم عصرهم، وهم قادرون على تركها تتحجر وتموت، أن هم عزلوا أنفسهم وتدعوشوا. بيدهم إزالة ما تحجر فيها وما يستعصي على الفهم، وإضافة ما يساعد على الفهم،. فركودها وتخشبها من ركود أذهانهم، ونموها وتطورها من حيوية فكرهم, وهي مثل أي لغة أخرى تحمل الشيء ونقيضة: تستجيب للمتأسلم وتتخشب معه، وتستجيب للا ديني، وتكون طوع بنانه في تفنيد طروحات التأسلم. إنها منتج بشري، تطورها أو تخلفها مرهون بتطور أو تخلف مستخدميها، تتأثر بأنماط تفكيرهم، بقدرتهم أو عجزهم عن تجريد الأفكار وتفكيكها وإعادة تركيبها بعيدا عن مسلماتهم وأحكامهم المسبقة.

عجز لغة ما عن مواكبة التطور العلمي التكنولوجي، مؤشر على عجز المجتمع الذي يستخدمها عن النهوض. وكل المجتمعات التي تطورت ادخلت تغييرات عميقة على بنية لغاتها بما يستجيب لمتطلبات النهوض العلمي التكنولوجي. ولكن لا يمكن لمجتمع متحجر يرى مستقبله في ماضيه ان ينتج لغة نامية متطورة، تستجيب لحاجات الحاضر والمستقبل.

ولكل لغة مستويات، فلغة الأطفال غير لغة الراشدين، ولغة الأكاديميين تختلف عن لغة ذوي التعليم المتدني والمتوسط، وما يتعين تطويره هو ما يعرف باللغة المعيارية ((الستاندرد))، أي اللغة المتداولة في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي. ويظل نجاح هذه العملية مرهونا باستجابة الوعي الجمعي.



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لينين .. كاوتسكي .. وكوفيد 19
- كفى إحتماءً بالنصوص المقدسة
- حل الدولتين أصبح وهما
- سلفية عرقية
- رحلة قصيرة في عقل ((مستنيرين)) عرب
- الولايات المتحدة الصهيونية
- حوار حول القضية الفلسطينية
- حنجورية المتصهينين العرب
- التكرار يعلم الجميع .. هل الصهاينة استثناء؟
- مهلهل وجساس وكمال غبريال
- بين محمد بن سلمان وصدام حسين
- عن المصطفين في طوابير الإنشاد لبن سلمان
- بذور الإرهاب.. خزين تربتنا ام زراعة الأعداء؟
- الكلمة والمعنى والموقف
- عواقب إرهاب التأسلم على مسلمي أوربا
- السياسة المقدسة
- يتامى في شارع يتيم
- نحباني للو !!!
- تأملات في الثورة
- تحية لذكرى شيخ التنوير الأول علي عبدالرازق


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عطية شناوة - سلفية لغوية مماثلة للسلفية الدينية