أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الاسطورة والواقع في قصيدة -هنا غزة ... بتوقيت الدماء- هيثم جابر















المزيد.....

الاسطورة والواقع في قصيدة -هنا غزة ... بتوقيت الدماء- هيثم جابر


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6903 - 2021 / 5 / 19 - 22:31
المحور: الادب والفن
    


الاسطورة والواقع في قصيدة
"هنا غزة ... بتوقيت الدماء"
هيثم جابر
في الحرب العدوانية التي يشنها المحتل على غزة استخدمت المقاومة الفلسطبينية شكل جديد للمقاومة ا يتمثل بتحديد موعد/ساعة الرد على العدوان، والذي سمته موعد البهاء، فالشاعر تماثلا مع هذا الشكل للمقاومة يقدم قصيدة "هنا غزة ... بتوقيت الدماء" مغربا التوقيت من البهاء إلى الموت، لكنه يحافظ على الساعة/الوقت "التاسعة"، يفتتح الشاعر القصيدة بهذا الشكل:
"تمام التاسعة بتوقيت البهاء
القول قول البندقية والدماء
تتبدل ملامح الكلمات والاشياء
وتبقى غزة على ثبات النور والبهاء
تتصدر الرواية الكبرى..."
في فاتحة القصيدة يستخدم الشاعر عين البيان الصادر من المقاومة الفلسطينية: "تمام التاسعة بتوقيت البهاء" وكأنه يريد أن يؤكد على واقعية الأحداث التي سيتناولها، فهي قصيدة ليست للترف أو للمباهاة، بقدر كونها قصيدة صادرة من المعاناة، المعاناة المزدوجة، فالشاعر أسير في سجون الاحتلال، والعدوان الصهيوني يتواصل على شعبه، وهذا ما يجعل القصيدة تؤرخ لأحداث بعينها، تجري في وطنه فلسطين، وتحديدا في غزة.
من هنا نجده يركز على الفكرة الذي نجدها حاضرة من خلال لفظ :"القول، قول، الكلمات" وهذا الاستخدام يشير "للقول/للكلمات" يشير إلى أن الشاعر يعمل على إيصال فكرة، (يوضح) فيها من خلالها ما يجري على الأرض.
فهناك تبديل لأفكار/الكلمات، وحتى "الأشياء" تتغير، لكن الثابت هو المكان: وتبقى، ثبات،" يثم يجعل المكان يحرك/يغير الآخرين "تتصدر" الرواية الكبرى"، وهذا ما يلفت النظر، فكيف لشيء ثابت غير متحرك أن "يتصدر"!؟، وبهذا يكون الشاعر قد أوصل فكرة ثبات المقاومة بطريقة غير مباشرة، ةضمن قصيدة (واقعية) وهذا ما يحسب له وللقصيدة.
" ونزف كربلاء..."
ينهض الحسين على رمالها
يأم النوارس والفراش...جد الشهداء
تمام التاسعة بتوقيت الدماء
فلترحلوا ايها الغرباء
هنا اعددنا لكم ...مقابر...موت احمر
واشلاء"
الشاعر يعي عقلية المتلقي العربي الغارقة في التاريخ، والذي يرى نفسه في الماضي، لهذا يستحضر مآثر الحسين حينما قرر مواجهة جيش بكامله في معركة محسوما أمرها لعدوه، لكن هذا الاستخدام لم يأتي بشكله التاريخي المجرد، بل أضفى عليه لمسة اسطورية، فجعل الموت تنبثق منه الحياة، كحال اسطورة "البعل" الفينيقية، الذي يخرج من موته ليبث الحياة في الأرض وما عليها، وبهذا يكون الشاعر قد ربط بين فكرة الحسين (الحديثة) وفكرة البعل (القديمة)، ثم يربطهما معالحاضر، وبهذا يكون قد اختزل نظرة الفلسطيني للموت منذ فجر التاريخ وحتى الآن، مؤكدا على أن الموت في عرف الفلسطيني/الفينيقي هو انبعاث للحياة، وليس نهاية كما يعتقد بعضهم.
"هنا نحكم الزمان والمكان
ونشعل الرمضاء..
هنا للموت طعم اخر
للعيش طعم اخر
للعزة طعم اخر
للكرامة اسم اخر
لاتشبه الاشياء
لا شيء يشبه موتنا
لاشيء يشبه ضخ النار في دمنا
حين نتصبب كبرياء"
تأكيد على تواصل وحدة موضوع القصيدة، يستخدم الشاعر ألفاظ "الزمان، المكان، ليربط الماضي البعل/الحسين بالحاضره الآن، ويقدم فكرته الفلسطينية/الفينيقية عن الموت "لا شيء يشبه موتنا" مؤكد عن فكرة الانبعاث من الموت/من النار/من الرماد "ضخ النار في دمنا".
ونلاحظ أن الشاعر يركز على الروحانيات/الأخلاق/المبادئ، "للعزة، للكرامة" وكأنه يريد أن يبني الإنسان السوي، المعطاء، المبدئي، الخلوق، المنتمي قبل أي شيء، لهذا أكد على تميزه وتفرده من خلال تكرار "لا شيء" وأنهاء المقطع:
" حين نتصبب كبرياء ".
" هنا نختزل الزمن
ونختزل الوقت بلهيب قذيفة مسافرة
تحرق عش الدخلاء...
هنا المنطق يتجاوز خط المستحيل
يتعدى عرف الانواء...
هنا نستولد الحياة من رحم الحياة
نقطف الثمار من غصن الهواء
نطعم القصائد لغة التراب
نصنع الاغاني من قمر وماء
نصبغ الليالي عزة واباء
نزرع الحقول فراخ انبياء
هنا غزة..بتوقيت اغاني المساء
تكتب اول سطر في الحكاية
قبل النوم
عند كل تاسعة
وقبيل الفجر تجد النداء"
بعد أن قدم الشاعر رؤيته الأخلاقية والمبدئية لما يجري من موت/حياة في غزة، يقربنا من الواقع، فقد أصبحنا محصنين بأفكار صلبة نستطيع بما تحمل قسوة العدوان وشدته، لهذا نجده يستخدم: "بلهيب، قذيفة، تحرق" واللافت في تصويره للعدو أنه قدمه بصورة هشه: "عش الدخلاء" وهذا ما يجعل فكرة القسوة تصل للمتلقي على أنها مؤقتة وليست دائمة، من هنا نراه يستخدم أفعال الحياة: "نستولد، نقطف، نطعم، نصنع الأغاني، نزرع" وكأنه بهذه الأفعال يؤكد ـ بطريقة غير مباشرة ـ على ما طرحه في السابق عن فكرته عن موت الحسين/البعل ونهوضه من النار/الموت، وما حديثه عن الواقع "عند كل تاسعة/ وقبل الفجر تجد النداء" إلا تأكيدا على أن هناك وحدة بين الماضي والحاضر، وهذا ما يجعل الموت مقدمة للحياة.

ترسل رسائلها رعدا وبرقا ونيازكا "
وشهبا ...هدايا السماء
كلما دقت ابوابها
كلما لامست اسماعها صرخة
الثكالى والبؤساء
اشهرت نخوة معتصمها
ولبت النداء"
رغم أن المقطع يبدو تشبيه (شعري)، إلا أنه يحمل بين ثناياه بعدا أسطوريا، ففي الملحمة الفينيقية وبعد أن عاد البعل من موته نجد هذا المقطع:
"غير ألأن بركات السلام تعقب ذلك
فتستنبط ماء وتغسل:
ندى من السماء
ودهنا من الأرض
ومطرا من راكب السحب
...
ندفن العداوة في أرض المعارك
ضع الجن في التراب
صبي سلاما (قربانا) في وسط الأرض
مصلحا في وسط الحقول
...
الأن عندي كلمة أخبرك بها
كلمة الشجرة وهمس الحجر
وصوت السماء للأرض
والأعماق للنجوم
أنني أفهم البرق الذي لا تعرفه السموات" اساطير العالم القديم، صمويل نوح كريمر، ص174-176، نلاحظ أن هناك تشابهة في مضمون الملحمة والقصيدة، فلكتماهما تتحدث عن الحرب وما بعدها، كما أنهما تستخدمان ألفاظ متشابهة ومتاثلة، فهناك تريكز على عرقة السماء بالأرض، وهذا ما يشير إلى أن الثقافة الفنيقية/الفلسطينية ما زالت مستمرة وحاضرة منذ أن كتبت ملحمة البعل وحتى كتابة قصيدة "هنا غزة ...بتوقيت الدماء".
من هنا نجد الشاعر يستخدم:
" تكتب اول سطر في الحكاية" وكأنه ودون وعي منه، يقدمنا من أول سطر، من أول من استخدم الكتابة في التاريخ، من أول من استخدم الابجدية في العالم، وهذا ما يجعلنا نقول أن الثقافة التراثية/القومية/الوطنية تظهر في الأدب حتى عندما يتحدث الكاتب//الشاعر عن أحداث واقعيه، فهو يستحضرها في نصه/في شعره دون أعي يقصد ذلك، لأنها جزء أساسي من تكونيه الثقافي وقاموسه اللغوي.
" هي التي ذهبت للبحر
ولم يأتي البحر اليها..مدينة الفداء
غزة طوال الوقت
في كل وقت
ايً كان الوقت
صيفا او شتاء
كانت تفوح كبرياء
صارت تفوح كبرياء
تبقى تفوح كبرياء
هنا غزة بتوقيت الدماء
والبهاء "
يختم الشاعر القصيدة مستخدما بعدا دينيا مقدسا من خلال تكرار"تفوح كبرياء" ثلاث مرات، وهذا يأخذنا إلى ما يحمله الرقم "ثلاثة" من معنى استمرارية وديمومة وكمال، وعندما ربطه بالمكان/بغزة وزمان "وقت البهاء/التاسعة أكد على قدسة "غزة" وقدسية زمن البهاء، زمن الرد بالناتر على العدو.
القصيدة منشورة على صفحة الأسير ,



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثنائية الواحدة في قصائد محمد عياف العموض، وجيه مسعود، كميل أ ...
- فلسطين العادية والمتمردة في -فلسطين- واثق العبدالله
- التألق في ديوان -أنا نهم- أحمد العارضة
- كيف تم قتلي سعيد يوسف حج علي عودة
- رواية يعقوبيل ناصر قواسمي
- التضحية وجمالية تقديمها أحمد حسيان
- عناصر الفرح في -عبرت الطريق- عبد السلام عطاري
- الأدب والأحداث الميدانية -صاروخ تاه- وجيه مسعود
- الأمنية وأثرها في قصيدة -رُبّما سوفَ نرجِعُ عمّا قريبٍ- كميل ...
- الدهشة في مجموعة -ماذا لو- سمير الشريف
- معضلة السفر في كتاب -حرية مؤقتة- ناصر عطا الله
- الصور والتشكيل في ديوان -منسي على الرف- عامر بدران
- صوت المرأة في رواية -أنثى- ديانا الشناوي
- التناسق في قصيدة - أدرّب القلب - جراح علاونة-
- اللغة في ديوان -صيحة الحنظل- سليمان الحزين
- شجاع الصفدي زلة منام
- قصة -قراءة من وراء الزجاج- نزهة الرملاوي
- عز الدين المناصرة ديوان قمر جرش كان حزينا
- رواية اجتياح أسامة المغربي
- تنظيم الفكرة في قصيدة -في الظلّ نسوني- كميل أبو حنيش


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الاسطورة والواقع في قصيدة -هنا غزة ... بتوقيت الدماء- هيثم جابر