أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - طريق الهاوية- 8-














المزيد.....

طريق الهاوية- 8-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6881 - 2021 / 4 / 27 - 22:25
المحور: الادب والفن
    


منذ أن تزوجت أمي من رجب لم تعد تهتم بي . أجبرني أبي على الزواج من أخو زوجته الأخيرة ، أمضيت خمسة سنوات معه ثم مات أبي فطلقني . قارب عمري على الخامسة و العشرين ، لكنّه عندما تزوجني كنت في التاسعة عشرة من عمري . أسمعني كلمات جميلة فتعلّقت به ثم أرسل لي ورقة طلاقي . قال لي: لا تصلحين زوجة لي يا فاطمة . أين أذهب ؟
لست امرأة ناضجة . لا يعني أن تبلغي الخامسة و العشرين أن تكوني ناضجة ، أنا لم أبلغ الخامسة و العشرين بعد، لا زلت في التاسعة عشر ، أنظر إلى الأشياء بنظرة طفل ، كل الأشياء تجذبني: الطّعام ، الثياب ، الغناء، الضحك ، أحاول أن أفعل كل ما يسعدني ، أشعر بقيبضة قوية توقفني في مكاني كي لا أكون خفيفة.
إنّني اثنتان إحداهما أنا عندما أخف ، أصبح بوزن الرّيشة، و الثانية تشبهني يوزن عقلها قبة فارغة ترغب أن تقنعك بها ، لكنّني أحياناً حتى لو لعبت الدّور لا أستطيع الاستمرار في التمثيل عليك، فالبارحة لم أستطع أن أتمالك نفسي من الضحك عندما كنت تتحدّث لي عن بطولاتك . عرفت أنّك تكذب، وكلما كبتّ ضحكتي خانتني إرادتي ، رغم ذلك اعتذرت منك عندما قلت لي أنّني لا أهتم لك، قلت لك أنّني أضحك على نفسي لآنني لا أبدو بمثل روعتك .
قالت لي أمي يوماً: كنتُ من أحطّ النّساء
قبلت الإهانة عن طيب خاطر
سميتها الصّبر على نزوة رجل
هو درس أمّي لي
اعتقدت أنّني لست كأمّي
رفضت أن تشبه حياتي حياتها
اعتدادي بنفسي كبير
قد يكون تعويضاً عن نقصي
عندما نزعت العصابة عن عينيّ
تمنيّت لو كانت حياتي مثل حياة أمي
. . .

ترقص العروس في ليلة زفافها . . . كي يرقص سعدها
هي عادة جديدة ، فقد كانت تبكي العروس على فراق أهلها
تودّعهم بالدّموع ، ولا تنتهي بعدها الدموع
اليوم تودع العرس أهلها بالرّقص
وتبدأ الدموع تماماً كما بدأت عند عروس الأمس
السعد، الدمع، الحبّ، الحياة ترتبط بزوج
برجل يصيغ حياة امرأة كما يشاء
تقبل منه كل الأشياء
كي لا تبقى دون حماية ، فهو وليها وحاميها
هل فكرت العروس بأن العرس سوف يتهي ؟
هل كانت سعيدة بالرقص ، أم تتمنى البكاء؟
. . .
لا ندري كيف تمرّ الحياة
أخبرته أن الألم في معدتي
طلب أن أفتح فمي
لم أتناول الطّعام منذ البارحة
كانت الرائحة تزعجه
كتب لي وصفة على الفور
مزقتها و أنا في طريقي
كانت معاينته مجانية
لكنه لم يستمع لي لأشرح ألمي
أتيت أتسوّل ، ولم آت شاكياً
أتعب نفسه دون أن يفهم لغة جسدي
من يومها لم أزر طبيباً
ليس للوصفات مكان في جيبتي
وعندما مرّ أخي لم يعرفني
كنت أفتش القمامة عن حصتي
ربما تجاهلني ، فليس لديه الوقت لنجدتي
من مذكرات مريم
. .
عندما نبث الشّكوى لا نقصد أن نحصل على الحلّ . نحن فقط نريد أن نشكو، أن نتنهد ، أن نقول الآه علّ ذلك المخزون في صدورنا يخفّ.
عندما كنت في الخامسة عشر من عمري كنت أبث أوجاعي للريح ، للشمس ، لسواقي الماء، ولطالما كتبت الرّسائل و أرسلتها عبر تلك السّواقي إلى المجهول، اعتقدت أنّه لا بدّ أن يكون المجهول على قدر من الوعي فيتجسد أمامي، يربت على كتفي قائلاً: لا بأس . لا زلت في مقتبل العمر . لا تأسري نفسك بالشجون .
حاولت يا صديقي المجهول ، وصلت إلى الثامنة عشر، وخبت جذوة الحياة فيّ، فكنت أسبح في الظلمة كي أرى النّفق ، أدخل إليه و أعثر في آخره على النور.
نشأت و الجمال يعانقني ، أرغموني على فكّ العناق ، فحتى الجمال عيب طالما أنّ هناك من يثيره ذلك. علي أن أكون حصان فلاحة، لا أحرك رأسي إلا في اتّجاه واحد، ولا ألحس وجنتي لأزيل الغبار عنهما ، و لا ألبس ذهباً، ولا فضة، و خطر لي أن أربي شواربي كي لا يثار أحد ما .
لو رأيتني كيف كنت منكوشة الشّعر، أركض بين المطبخ، وغرفة الجلوس كي أرتب أولادي قبل الذهاب إلى المدرسة، ثم بين المطبخ وغرفة النوم حيث زوجي لم يستيقظ بعد كي أحضر له أفضل سفرة طعام من أقل الحاجات الموجودة ، فهو لا يجلب مؤونة المنزل إلا لماماً، عندما يأتي المساء تفوح مني رائحة البصل، و الثوم ، ومرق الدجاج، أكون قد أنهيت يومي برضى، أضع رأسي على وسادة أينما كانت و أغفو.
لا زلت في الثلاثين من عمري ، لدّي خمسة أولاد، قرّر زوجي فجأة أن يطلقني بمعروف، ودفع لي مؤخر المهر ، كان عشرة آلاف ليرة، يمكن أن تشتري فيها إسوارة ، اليوم العشرة آلاف لا تجلب صندويشة . قال لي : سرّحتك يا مريم بإحسان ، يمكنك رؤية أولادك مرّة بالإسبوع . أنا وفاطمة متشابهتان . نأتي هنا كي نشكو فقط .
لا أبثّك همّي ، فقط أراجع سيرتي
كم أنا مغفلة!
أستحق ما اجرى لي
لم يجر لي شيء ، فأنا كما كنت ألهث من التّعب
وحيدة ، أعتقد أنّني فريق
أركض بين الواقع و المستحيل
أنسى نفسي في المنتصف
تعلق يداي بخيط عنكبوت
أرغب أن ينقذني
أعرف أنه الوهم يداهمني
الوهم يعني نهاية الحلقة
ويعني نهاية الشّكوى

. . .
أتدرين يا نوال ؟ عندما أسمع قصص صديقاتك التي يتون إليك أفكّر في السجن . كان السجن عند العدو أقل معاناة ، فبعد أن حكموا علينا لم يعودوا يمنعونا من السهر ، ومشاهدة التلفاز ، بل حتى أنّي سجلت في الجامعة . لولا لم يكن اسمه سجن لكان أفضل من وضعنا اليوم .
-هؤلاء السيدات الصغيرات واظبن على المجيء إلي كي يشكو ، ولو وجد السجن الذي يطعمهن ويسقيهن لقبلن به عن طيب خاطر . السجن التي تتحدّث عنه نجلم به جميعاً
-عندما انتهى حكمي طلبت أن أبقى فقالوا لي : القانون لا يسمح . رغم هذا فإنّني وجدتك، لن أقل أنني سعيد، فلا أنا ولا أنت سعداء بعد أن سرق عمرنا منا. نحن نحاول ترقيع مشاعرنا كي نستمر,



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثّرثرة
- طريق الهاوية -7-
- مساهمة المرأة في صنع المجتمع الذّكوري
- يموت المعارضون ، ويبقى الدكتاتور
- طريق الهاوية 6
- هبّات إسلامية
- عن البوذية
- جنون عظمة سوري
- طريق الهاوية -5-
- موسم أزهار الكرز
- معاناة الغجر مع النّازية
- طريق الهاوية -4*
- عندما يموت الإله
- كزانية
- طريق الهاوية -3-
- التحرش الجنسي بالأطفال
- سقوط المرحلة
- 150 عاماً مضى على كومونة باريس
- غاندي و النساء العاريات في سريره
- البطل ، وسكين المطبخ


المزيد.....




- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - طريق الهاوية- 8-