أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - طريق الهاوية -3-














المزيد.....

طريق الهاوية -3-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6863 - 2021 / 4 / 8 - 16:01
المحور: الادب والفن
    


في الماضي كنّا نلوذ بالجدران
نسعى إلى الكمال ونحن غارقون في البحث عن أنفسنا
نرغب أن نكون نبلاء ، لا نملك المال
نجادل أن الفقر قيمة ، نسعى أن نقبره
نسير مع التّيار، و عكس التيار
يتهادى مركبنا في بحر السكون
نغفو على وقع اهتزاز الرّيح


نحتضن وسائد قاسية،
ننام على فراش بارد ،
و في الصباح ، حيث الشتاء. نأكل الخبز الساخن مع البرتقال
مدفأتنا الصغيرة تدفئ بطوننا
وروتين يومنا يعانقنا
يجمعنا الأمل بالخلاص
لم نسمع بحبّ الوطن
كان الوطن رغيف خبز لا يكفي
رائحة نار المدفأة الحلم ، مع الخبز المحمّص
ورائحة البرتقال
. . .
ذكّرتني بالماضي يا نوال . لولا الفقر لم أحلم بأن أكون ضابطاً في الجيش ، لكن ممنوع على الفقراء أن يتعلّموا ، وحتى أن يصبحوا ضباطاً. لقد ذهبت أمي إلى قريبها اللواء غدير ، طلبت منه أن يقبلوني متطوعاً في الجيش ، باعت اسوارتها الوحيدة و أعطته ثمنها، و أصبحت ضابطاً طيّاراً . أحببت معانقة السّماء، لكنّني لم أحبّ رمي القنابل ، ترددت في رمي القنبلة فاصطادني العدو، وقضيت عمري في السجن، وها أنا أعد بلا حسب، ولا نسب، ولا حتى سجل نفوس فأنا متوفٍ .
زميلي علاء في الثانوية كانت عرماته متوسطة ، لكنّ والده استطاع أن يؤمّن له كلّية الطبّ ، ثم أرسله في منحة إلى فرنسا ، وقد أعجبته فرنسا فبقي فيها ، و لديه عيادته الخاصة. كان الفرق بيني وبين علاء أن والده متنفّذ، وو الدي يعيش على الهامش. كان الناس يصفون والدي بالطيب، ولم تكن الكلمة لتروق لي، فقد كنت أفسرها أنها تعني : قليل الفهم.
. . .



يحاورني طيف ، أهرب منه
يكبر خلفي
أخشى أن ألتفت إلى الوراء
أصرخ: أمي !
لا أقوى عن الهرب
تلك القرينة التي رافقت طفولتي تعود
كانت بثلاثة عيون
كبرت ، زادت عيونها
تمشي خلفي
أراها أمامي
في وقت الظهيرة
يمشي الظّل قربي
لا زلت مسكونة بها
لم تخرج منّي
لولاها لما تحديت العيش
ليست وحدها تسكنني
يسكنني الضعف ، الغياب، الحنين
جبلت مع أشياء لا تغادرني
تؤنس وحدتي
تعوّضني عن مجتمع كامل
تسير معي، ومعها أسير
لقد أصبحت علاقة رجب بأمي متينة ، لم تعد أمّي تقنعني بالزواج منه. أشعر أنها تصبح سعيدة عندما يأتي، لم تعد تستدعيني لأجلس معه ، بالعكس فقد طلبت منّي عدم التواجد عندما يأتي. قالت لي: أنت صغيرة ، وسوف يأتي شاب يطلب يدك، قد يكون ابن رجب .
يبدو أن أمّي رتبت شيئاً مع رجب من أجلي ، لكن ليس هذا هو كل الموضوع. لم تعد تهتم لذهاب أبي إلى زوجته الرّابعة، و لم تعد تتنصت عليهما .
بالصدفة رأيتهما يتعانقان . لا أعرف إن كان الأمر يجوز أم لا يجوز ، لكنّني أردت أن أعرف السّر . تنصت عليهما. قال رجب: اليوم مساء سوف أطلب من زوجك أن يتنازل عنك لي ، سوف يتم الطلاق ، وبعد العدّة نعلن زواجنا ، لكن من حقنا بعد كتب الكتاب أن نختلي وفق الشرع .

. . .
توقف الزمن
لم يأت الغد ، لم نكبر من البارحة
هراء ذاك الحديث عن النّضج
الروح لا تنضج ، العمر يجري ،
ونبقى نعيش في طفولتنا
نحلم أن نكبر ، و أن لا نكبر
أن نلعب على ناصية شارع
أن نصبح نجوماً
أن نصنع مجداً
يهزمنا الزمن
ننظر إلى أمكنتنا
فإذ بها مليئة بطفولتنا
لا زلنا أطفالاً،
نرحل عن الأمكنة ، لا نكبر
-هل هذا شعر؟
-لاأدري ! هي خواطر أكتبها عندما أشعر بالحاجة .
-سوف أغادر المنزل اليوم . أثقلت عليك يا نوال ، سوف أرى ماذا أفعل . أنا غير موجود في السجلات لأنني ميت ، لا أعرف طريقة أعيد بها حياتي على الورق كي أبحث عن عمل . أرغب أن أعمل كي أستطيع العيش. في الحقيقة أنني لست متمسك بالعيش ، لكن الأمر ليس بيدي.
-لا بأس ياسر . ابق اليوم . سوف نناقش الأمر مساء، لكن أعتقد أنّك لن تجد عملاً ، و إن حاولت العودة للحياة قد تسجن إلى أن يثبتوا أنك لست جاسوساً، قد تموت في السجن دون أن يكترث لأمرك . لدي فكرة . أملك قطعة أرض صغيرة ، لو تعاونا على زراعتها . يوجد فيها بئر ماء ، لكن ليس فيها مضخة ، وليس لدي ثمن مضخة .
-يبدو أنّك تمنحينني الأمل، تعيدين لي الحياة . لقد تعودت على الحديث معك ، لكنني أخجل أن أكون عالة عليك. أرجوك لا تعيدي الأمل إلى قلبي .
. . .

نحلف بالنعمة ، نقبّل الخبز المرمي على الأرض
نطارد الرّغيف ، يهرب من أمامنا
نتلذّذ بمضغ الخبز الساخن ، و نشتهيه
ما أطيب الخبز !
كل ممنوع مرغوب
وفي حقل أبي كانت السنابل تلوي رؤوسها احتراماً
كان الحصاد مرّاً وحلواً ،
و البيدر أملاً،
الطاحون ملاذاً
أمّي وطناً
لا أدري من أين أتى ذلك الفقر الأسود . لم نكن أغنياء يوماً ، و لم تكن أمّي تمنحني فرصة لأفكّر في نفسي . كنت أعمل كالدّابة ، و مع ذلك أشتاق لأمي، ولخبزها السّاخن. لقد سامحتها . ناقشت نفسي كثيراً ، هي ضحية الجهل، و أنا ضحيتها. لا. لماذا أكون ضحية؟ كان علي أن أكون أقوى . سامحت الجميع . أشفق على ياسر . أصبح جزءاً من حياتي، في المساء نجلس أمام التلفاز أشعر بالونس، وعندما تنقطع الكهرباء نخرج نتحدّث حول الحياة . أحتاج لياسر، هو أيضاً يحتاجني، لكن إن لم يستطع تأمين دخله ، لن أستطيع إعالته.
. . .

نسعى لأربعة جدران وسقف
هو حلمنا الأوّل ، يستمرّ ، يتفرع
ننسى من نحن ، نحارب ، نثور
يغادرنا الحبّ
تصبح حياتنا ركض
نختلف حول الكسب
نكفّر بعضنا البعض
ننزوي بين جدراننا الأربعة خوفاً على الحلم
نمدّ برؤوسنا من بين الجدران
نرى الحياة تسير ، و قد فاتنا المسير
يسكننا الألم ، نرغب أن نخرج من الوكر
لا نستطيع
فقد كبلتنا القيود
سقطنا في حفرة ، وظلّ العالم يسير



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحرش الجنسي بالأطفال
- سقوط المرحلة
- 150 عاماً مضى على كومونة باريس
- غاندي و النساء العاريات في سريره
- البطل ، وسكين المطبخ
- لا أعرف الشّام
- عمليات التجميل بين الحقيقة و الوهم
- العلاقات العائلية الدّافئة، وخط الفقر
- نعيش على أفكار السّلطان
- طريق الهاوية -2-
- الطلاق التعسفي وفق قانون متعسف
- التثوّر، و الثورجية
- طريق الهاوية
- الرجل النسوي
- متلازمة الشتيمة عند السّوري
- فوضى عيد الأمّ و عيد النوروز على وسائل التّواصل
- يوم الجوع السّوري
- انتصار رجل
- العنف ضدّ النّساء
- عشرة أعوام مضت على الثورة السّورية


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - طريق الهاوية -3-