أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - لا أعرف الشّام














المزيد.....

لا أعرف الشّام


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6857 - 2021 / 4 / 2 - 10:48
المحور: الادب والفن
    


لا أعرف أهلّ الشّام ، فمن تحدّث عنها ربما ليسوا أبناء المدينة . عشت في دمشق ، ولم أعرفها ، فعندما كنت طالبة كانت تمثّل لي النّضال، و النّضال كان يمثُل الاجتماع الحزبي ، و الاجتماع الحزبي كان يقود لا نتخاب المسؤول الذي لا يترشح أحد سواه.
عشت في دمشق عندما عملت في التعليم، وكنت أنظر من الحافلة إلى تلك الخضرة التي ترافقني إلى الغوطة الشّرقية، لكنّني رغمّ أنّني علّمت في الغوطة لكن عاداتهم وتقالبدهم كانت غريبة عني، فقط أحببت مهنة تطعيم الخشب.
ذكريات ضبابية تمرّ في خيالي عن دمشق الجمال ، لكن فيما بعد أتى من أقنعني بأنّها دمشق الياسمين ، فعدت إليها ناضجة كي أبحث عن الياسمين ، و الجمال الذي غاب عنّي، وجدت نفسي على جسر الرئيس ، حيث الأطفال يصرخون ، يتمسحون بك كي تشتري منهم علبة كبريت. قلت: لا ليست هذه دمشق ، لا شكّ أنّني أخطأت المسار.
في دمشق أنت غريب تماماً كما أهل الشّام الذين قد تجد بقاياهم في سوق الحمدية يمارسون التّجارة . في دمشق تضيع لأنك وحيد ، قد تحاول شراء الخبز المشروح من امرأة تجلس على زاوية ما، ثم تعود لتتغزّل في دمشق، وتقلد نزار قباني في كتابة الشّعر عن دمشق.، ورغم أنّك تبحث عن الياسمين، لكنّك لا تراه إلا في أحياء تبدو فارغة في الصباح ينهمر زهر الياسمين على سيارات المقيمين فيها.
أذكر أنّني في إحدى المرّات حاولت أن أنزل من الحافلة على الموقف، لكن السائق كان مستعجلاً ، فبقيت إحدى قدميّ في الحافلة ، وساق بسرعة جعلتني أقع أرضاً ويدخل الحصى إلى أجزاء من جسدي .
أذكر ذلك المكرو الذي كنت أركب فيه، ونوافذه مفتوحة ، فيتلبّد شعري، و تتناثر خصلاته حتى أبدو كأنني خارجة من معركة.
أذكر عندما كنت أقف قرب البرامكة كي أصطاد الباص ، لكنّ حدسي في أغلب الأحيان يخونني ، فعندما أترصد الباص قبل الموقف يمرّ مسرعاً ليقف بعد الموقف، أو العكس ، و أبقى أتجوّل بين الباعة حتى ينتهي وقت الذروة فيكون يومي قد انتهى.
في مرّة قلت أن دمشق مكان غير صالح للعيش ، سخرّ مني الجميع، وكلّهم كانوا قادمين من الريف، ليس لديهم سيارات، ولا وسائل رفاهية ، ولا مكانة سوى أنهم معجبون بزهر الياسمين .
أعتذر منكم لأنّني لم أر الياسمين بل رأيت الدجاج يسرح فوق السطوح، أو في
باحات البيوت الصغيرة في منطقة ال86
أتحدث عن دمشق التي كنت أبحث عنها في كل مرّة عشت فيها ، أو زرتها ، ثم أقلعت عن البحث عن الياسمين، وزرعت ياسمينة في حديقتي بعيداً عن دمشق ، زرعت دالية عنب، مسّها الجنون فاحتميت بها، كنت أسميها المجنونة ، وكانت ترقص على نغمات الأغاني عندما أسقيها من كفيّ.
لا أتحدّث عنكم . أعرفكم . كنتم مراهقين تجاوزوا الأربعين عندما كنتم تذهبون إلى الشام القديمة، بعد أن تكونوا قد سهرتم في الليلة الفائتة في المدينة الجامعية .
كنتم متنفذين لديكم سيارات وصلات، و أحاديث عن النفوذ و السلطة.
كنتم إما جنوداً جهلّهم الأسد كي يلمّعوا بوطه، أو مرغمين على الخدمة .
كنت لا أتجرّأ حتى على ذكر اسمكم بيني وبين نفسي حيث أعتقد أنّكم من كوكب آخر. . .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمليات التجميل بين الحقيقة و الوهم
- العلاقات العائلية الدّافئة، وخط الفقر
- نعيش على أفكار السّلطان
- طريق الهاوية -2-
- الطلاق التعسفي وفق قانون متعسف
- التثوّر، و الثورجية
- طريق الهاوية
- الرجل النسوي
- متلازمة الشتيمة عند السّوري
- فوضى عيد الأمّ و عيد النوروز على وسائل التّواصل
- يوم الجوع السّوري
- انتصار رجل
- العنف ضدّ النّساء
- عشرة أعوام مضت على الثورة السّورية
- يغتنون على بساطتنا
- أعتذر عن غفلتي
- عالمك الدّاخلي يخلق عالمك الخارجي
- درس في الوحدة
- وردة لي ، و أخرى لرجل محب
- وردة لي، و أخرى لرجل محبّ


المزيد.....




- من أرشيف الشرطة إلى الشاشة.. كيف نجح فيلم -وحش حولّي- في خطف ...
- جدل بعد أداء رجل دين إيراني الأذان باللغة الصينية
- هل تحبني؟.. سؤال بيروت الأبدي حيث الذاكرة فيلم وثائقي
- الأخوان ناصر: إنسان غزة جوهر الحكاية.. ولا نصنع سينما سياسية ...
- الأخوان ناصر: إنسان غزة جوهر الحكاية.. ولا نصنع سينما سياسية ...
- -سيرة لسينما الفلسطينيين- محدودية المساحات والشخصيات كمساحة ...
- لوحة للفنان النمساوي غوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يُب ...
- معاناة شاعر مغمور
- الكويت تعلن عن اكتشافات أثرية تعود لأكثر من 7 آلاف سنة
- الصين تجمّد الأفلام اليابانية في ظل اشتعال ملف تايوان


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - لا أعرف الشّام