أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (3)















المزيد.....

البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (3)


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6881 - 2021 / 4 / 27 - 18:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن القيادة القطرية التي كانت متماسكة في أثناء العمل للإطاحة بحكم الزعيم قاسم سرعان ما وجدت نفسها تائهة في مساحة غياب الهوية الإجتماعية الطبقية للحزب فإنشقت عموديا إلى فريقين, فريق يتبع علي صالح السعدي المسؤول عن قيادة الحزب ويضم أعضاء قيادين آخرين مثل محسن الشيخ راضي وهاني الفكيكي, وفريق يتبع حازم جواد وطالب شبيب وإنضم إلى فريقهما عسكريون محافظون, أي يمينيون بلغة ذلك العصر, من أمثال عبدالسلام عارف رئيس الجمهورية ذا المنصب الشكلي, وأحمد حسن البكر رئيس الوزراء العضو في مكتب الحزب العسكري وعساكر آخرون من أمثال صالح مهدي عماش وحردان التكريتي .
وأما الفريق الأول الذي تزعمه السعدي فقد ظهرت ميوله اليسارية واضحة وكان يدعو إلى تبني أفكار ذات طبيعة ماركسية. ولقد إنتصر المؤتمر القومي السادس للحزب الذي إنعقد في دمشق في 5-23 تشرين الأول من عام 1963 لهذا الميل متبنيا خطابا إجتماعيا يؤكد على تبني مفهوم قيادة الطبقة الكادحة للثورة والحزب ومقتربا بشكل أكيد من النظرية الإجتماعية الشيوعية, الأمر الذي دعا عفلق إلى التأكيد على أنه لم يعد يتعرف على الحزب الذي كان قد أسسه.
وإلى حد كبير كانت عبارة عفلق تلك (لم أعد أتعرف على الحزب الذي اسسته) دليلا قاطعا على أن الحزب الذي اسسه لم يكن يملك نظريات إجتماعية واقعية رصينة بل هو يقترب إلى كونه مجموعة أمنيات تلمس شغاف القلب وليس العقل, وأما أولئك الذين تقاطعوا فيما بعد مع تنظيراته الخطابية فليس بالضرورة أنهم كانوا بديلا بالإتجاه الصحيح لكنهم بكل تأكيد كانوا تعبيرا عن حالة ضياع فكري عن مواجهة الواقع وغياب المقدرة على التعاطي معه.
في 8 شباط من عام 1963 إنتصر الحزب على عبدالكريم قاسم ومجاميع الشيوعيين والوطنيين الذين كانوا يؤازرونه, لكن ذلك لا يعني أن المنتصرين كانوا هم الأفضل. على إمتداد التاريخ كانت هناك صولات للباطل وصولات للحق, وكان النصر في كل الأحوال نسبيا. ولن يكون تأكيدنا على وهن مجموعة قاسم وهزيمتها دليلا على قوة الخصوم البعثيين, فالنصر بالعضلات ليس كما النصر في العقول. كما أن النصر الحقيقي يعني في كل الأحوال قدرتك أن تكون بديلا جيدا أو معقولا لعدوك. لذلك, فما أن إنتهت معركة وزارة الدفاع بشكل سريع ومفاجئ وسقط الزعيم الخصم حتى تبين أن لا شيء حقيقي كان يجمع الجسم البعثي والعقل البعثي غير وجود الخصم القاسمي والشيوعي وغير خطاب ثقافي ينتقل بناسه من حاضرهم للبحث عن حل له في ماضيهم بدلا من أن يحثهم على البحث عن حل واقعي ومعاصر لذلك الحاضر المعاق.
وبإنهيار ذلك الخصم صار الحزب في مواجهة نفسه التي بحث عنها في المرآة حال سقوط الخصوم فلم يجدها بل وجد بديلا لذاته المفترضة مجموعة أقوام كان أكثر ما يجمعهم هو العداء لخصمهم. ووجد الحزب نفسه بالحق جسما بعضلات ولكن برأس صغير جدا. وماذا كان أصل المشكلة ؟.
إن بعضا من أصولها في العراق أن حزب البعث الناشئ حديثا لم تُترك له المساحة الزمنية للنمو والنضج من خارج مساحة الصراع مع الخصوم الشيوعيين والقاسميين, فنمت عضلاته على حساب عقله. ولعله لم يكن يحتاج إلى العقل في ذلك الصراع بل كان كل ما يحتاجه هو العضلات التي تعينه على إختراق أسوار وزارة الدفاع محمولا على أكتاف الأخطاء الشيوعية والقاسمية.
وما الذي كان قد وجده عفلق في بغداد قبل أن يصعد عبدالسلام عارف دبابته من جديد ليقود ما أسماه ثورة الثامن عشر من تشرين وينقلب على البعثيين لبناء عصر العراق العارفي. لقد وجد عفلق نوعان من البعثيين في قيادتهم القطرية العراقية المتناحرة, نوع كشّرَ في وجهه وإعتبره أصل المشكلة ولهذا فإن هذا النوع كان غير مؤمن أن بإمكان المشكلة أن تقدم حلا, ونوع إبتسم في وجهه نصف إبتسامة لأنه كان يؤمن بأن عفلق هو عبارة عن نصف حل ونصف مشكلة لذلك لم يسعد كثيرا بوجوده, وإضطر عفلق إلى العودة بعد أن أدرك أن أتباعه في العراق لم يلبوا نداءه الرومانسي لكي يكونوا (كلهم محمدا مثلما كان محمدا كل العرب) لأنه كان مستحيلا أن يعيد التاريخ نفسه إن لم تتوفر له نفس الظروف ونفس القوى ونفس أفكار وقوى الإنتاج ومستويات التفكير والبنى الإجتماعية, وهذه المرة أيضا لم يذهب عفلق إلى صومعته حتى يكتشف حلا أكثر واقعية لخطابه البعثي الرومانسي بل إستمر يغرد ويتحدث في فضاء ليس له علاقة بالجاذبية الأرضية.
أما صدام حسين فقد تنسب عضوا في مكتب الفلاحين بعد عودته من القاهرة, ورغم أن ذلك المكتب كان يحتل خانة أدني من الخانات التي تحتلها بقية المكاتب, كالعسكري والعمال والطلبة, إلا أن الرجل لم يكن كغيره من أعضاء ذلك المكتب المتواضع. لقد منحته مشاركته في فريق إغتيال عبدالكريم قاسم عام 1959 أسبقية على غيره, كما أن التسعة شهور التي قضاها بالقرب من قريبه البكر رئيس الوزراء آنذاك, كانت فترة مليئة بالمشاحنات والمواجهات والتعسكرات والإنشقاقات والكولسة, وهي فترة جعلته يدرك عن قرب طبيعة أزمة الحزب ويرسم لنفسه صورةً للحزب الذي يريد.
وقد جعلته تلك التجربة المكثفة والقريبة جدا من مراكز الصراع والإستقطابات وجدل الأفكار يبدو وكأنه أكبر من سنه عمرا وتجربة. وأكثر الظن أن إدانة القيادة القومية للحزب لعملية إغتيال عبدالكريم قاسم وفصل أغلب القائمين عليها من أعضاء القيادة بشكل خاص قد طبعت تجربته الحزبية بطابع أزمة الثقة التي ساهمت بتكوينه الشخصي بعيدا عن الإلتحام مع جسم الحزب وعقيدته, فالملحمة التي كان يعتقد بأنها ستصبح مفصلا تاريخيا هاما صارت بتقييم قيادته العليا ليست أكثر من حادثة إغتيال سياسي مدان وأقرب إلى التهور منها إلى العمل السياسي المشروع.
ومن داخل ذلك المشهد المليء بالإحباط والألم والمرارة وخيبة الأمل قرر صدام أن يبني حزبه الخاص من داخل حزب البعث على حساب حزب البعث.
إن ثمة ما يجب الإستشهاد به هنا لمعرفة كيف جرت الأمور بعدها. صدام حسين من جانبه جاء من مجتمع ريفي قبلي وقد ولد وتربى في دار لا علاقة لها بالدين ولا بالطوائف, وقد تأكد من خلال أكثر من عقد في السلطة أنه لم يكن قد حفظ آية قرآنية واحدة, وما عدا خاله القومي العنصري فإن البقية من أخوته وأقاربه في العوجة كانوا على شاكلته بكل تأكيد, وقد قضى كل سنوات عمره السياسي قبل إستلامه السلطة في بيئة لا يشكل الدين فيها محورا أساسيا مؤثراً.
ويمكن التأكيد دون تردد على أن الرجل هو الذي تحمل الجزء الأكبر من مسؤولية إعادة بناء الحزب من جديد دون أن ينتقص ذلك من دور الآخرين وفي المقدمة منهم عبدالخالق السامرائي وعبدالكريم الشيخلي وصلاح عمر العلي وآخرين كانوا قد كرسوا كل السنوات الخمس التي تلت سقوط جمهورية البعث الأولى وإلى سنة تأسيس جمهوريته الثانية في عمل متواصل من أجل الهيمنة مرة أخرى على السلطة.
ولأنني لست معنيا في هذه المقالة سوى بالتوقف أمام المشاهد المفصلية في حياة الحزب وخاصة تلك التي لها علاقة بقضايا علاقة الحزب بقضية الدين والطائفية أجد أن من الأفضل أن أشير إلى الحقائق التالية : إن صدام حسين لم يكن طائفيا إلى حين إنفجار طائفي الشيعة ضده.
يتبع



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (2)
- البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (1)
- الطائفية .. من التكفير والإرهاب إلى عبادة الموتى
- الطائفية في العراق .. بين سطحية التعريف وإستعجال الإدانة*
- أن لا تكون عميلا لن يجعلك بالضرورة وطنيا
- إنه ليس بابا نويل يا سادة وإنما هو بابا الفاتيكان
- رغد صدام وحسين كامل .. ليلة الغدر بشيخ القبيلة
- الجذور الأيديولوجية والبنيوية للفساد الحالي في العراق
- أمريكا الريف وأمريكا المدينة, وبينهما كانت المنازلة.
- كلام عن البعثيين
- ترامب وشمشون .. يوم كاد التاريخ أن يعيد نفسه.
- عن أمريكا وعن حزبيها وعن الترامبية أيضا.
- مقالتان لي, الأولى تنبأت بفوز ترامب, والثانية بغزوة الكونغرس
- هل إنتهت ثورة تشرين الباسلة.
- يوم كدت أشارك مريضي غيابه عن الوعي
- مقتل رئيس جامعة البصرة مطلع السبعينات
- لقاح بدهن الخنزير
- دولة البصرة ودولة الموصل
- رفع الإصبع الوسط في وجه الحاكم الغلط.
- حينما تذكرت الجلبي.


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (3)