أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - رفع الإصبع الوسط في وجه الحاكم الغلط.














المزيد.....

رفع الإصبع الوسط في وجه الحاكم الغلط.


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6760 - 2020 / 12 / 13 - 22:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عام 2017 إنتشرت صورة لسيدة أمريكية إسمها (جولي بريكسمان) وهي تركب دراجة هوائية وعندما مر موكب الرئيس ترامب بالقرب منها رفعت له إصبعها الأوسط في علامة مسيئة تدل على إعتراضها عليه وعلى سياساته, وقد قام الكثيرون في ولاية فرجينيا بدعمها بعد أن فصلتها إدارتها من الوظيفة فجمعوا لها أموالا أكثر من تلك التي تحصل عليها من مرتبها الوظيفي ثم كانت المفاجأة الأكبر التي حدثت مؤخرا، حيث فازت السيدة (جولي بريسكمان) بسباق الإنتخابات وحصلت على مقعد في مجلس مقاطعة (لاوْدِن) في ولاية فرجينيا وهزمت الجمهورية (سوزان فولب) التي إستولت على المقعد لمدة ثماني سنوات كاملة. أما الوكالة الخبرية التي نشرت الواقعة فقد نقلتها عن الـ (سي أن أن) ونشرتها تحت عنوان (الشعوب هي التي تصنع الطغاة عندما ترضى بالظلم والظالم), ولقد أعجبَ هذا العنوان الكثير من الأصدقاء الأعزاء الذين أعتقد بصواب نواياهم بشكل أكيد .
أما أنا فأرى إن الحالة من بعضها .. الشعب الأمريكي لم يتم تصنيع وعيه في زمن السيد ترامب وإنما هو كان من صُنْع تاريخ بأكمله, أما السيدة ذات الأصبع الشتيمة فهي من صنع هذا التاريخ وليست من صنع لحظة من خارجه, وأما الترامبية فهي دخيلة عليه تماما مثل المكارثية.
السيدة ليست وحدها على هذا المسار وإنما معها الأغلبية من الشعب الأمريكي وحتى من الذين صوتوا لترامب نفسه. بالنسبة لنا فليس صحيحا إننا كنا على الدوام أو جميعا من المصفقين فقد أعطينا الكثير من التضحيات طوال العهود المختلفة.
وإنما يجب الإهتمام بحقيقة تناقض الخطابين التاريخيين, إجتماعيا وثقافيا, بين العرب أو عموم العالم الثالث وبين أمريكا وأوروبا على الجهة الأخرى.
لحظة رفع الأصبع من قبل تلك السيدة لم تكن لحظة مقتطعة من التاريخ. الشعب الأمريكي وغيره من الشعوب الأوروبية إمتلكت المساحة الزمنية الكاملة لتركيب هويتها الثقافية وسلوكها الإجتماعي. أما نحن فقد كنا ممسوحين وممسوخين وخارج التاريخ طيلة قرون الهيمنات الإستعمارية. وحتى غيرها من القرون فقد سادتها ثقافة (هات يدك أبايعك) مع غياب كامل للنقد وسيادة ثقافة طاعة ولي الأمر حتى لو كان شاذا ومسخا.
وحتى حينما إنتصرنا في أيام الفتوحات فقد إنتصرنا على العدو لكننا لم ننتصر على أنفسنا قبل ذلك, وأغلب إنتصاراتنا لم تبدأ بالإنتصار على النفس, وإنما كانت للنفس, ومن أجل أن يدفع الخاسرون الجزية وهم صاغرون.
ولا تنسى فنحن أيضا ضحايا للتاريخ الإستعماري لأوروبا وأمريكا, أي لدولة السيدة ذات الإصبع الوسط المرفوع.
في الجزائر على سبيل المثال لم يتردد عسكريو فرنسا عن قتل أكثر من مليون شهيد جزائري لغرض توطين إستعمارهم العنصري بدلا من أن يشيعوا مبادئ الثورة الفرنسية ويعملوا بالتالي على تعميق ثقافة التحرر الأوروبي من الذات أولا.
وبدلا من أن يحافظوا على إصبع اليد الجزائرية تراهم وقد قاموا بقطعه.
أما فعلته الحكومات الأمريكية, ديمقراطية كانت أم جمهورية, مع العراق بعد الإحتلال فهي عبارة عن قصص مؤلمة ومبكية ومفزعة. لقد كنا على أمل أن نتحرر من طاغية دكتاتور فجاءوا لنا بنوعية من البشر أشرف منهم الدكتاتور الطاغية نفسه بمراتٍ لا تحصى. وكنا على أمل إقامة جمهورية تتماهى مع التجربتين الألمانية والكورية الجنوبية فإذا بنا أمام " دولة" أين منها جمهورية الصومال.
لقد ضيعت علينا الإدارات الأمريكية فرصتنا التاريخية الفاعلة وقطعت إصبعنا الوسط.
نحن أبدا لسنا مسؤولين لوحدنا عن صناعة لحظتنا التاريخية. إنها كما قلت, أي لحظة رفع الإصبع الوسط, لم تكن مستقطعة من التاريخ الأمريكي وخطابه الثقاقي والسياسي, وإنما هي لحظة من سياق.
أما نحن, وحتى نستطيع أن نرفع الأصبع الوسط في وجه الحاكم, وحتى نمتلك اللحظة التاريخية الفاعلة, علينا أن لا نظلم شعبنا كثيرا, وعلينا أن لا نجلد ذاتنا كثيرا. وأجزم إن عملية تصنيع الطغاة هي عملية مركبة, أما الشعب فهو الأخير في قائمة تضم الكثيرين.
وحتى الشعب فهو ليس صنع نفسه حتى يقال أنه هو الذي يصنع الطغاة. وأرى أن تفسير الأمر بهذا الشكل فيه كثير من الإختزال والتبسيط .
وحتى ينبت لهذا الشعب إصبع وسط فهو يحتاج إلى من يزرع في كفه هذا الأصبع الذي ظل مقطوعا منذ مئات السنين. هو يحتاج إلى فكر رائد وإلى نخبة رائدة وإلى رجال تاريخيين كأولئك الذين أنبتوا لأمريكا إصبعا وسطا, إصبعا ترفعه في وجه حكامها.
وهو ذات الإصبع الذي نتمنى أن ترفعه أمريكا لمساعدتنا بدلا من أن تضعه في مؤخراتنا.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما تذكرت الجلبي.
- العزيزان : عزيز السيد جاسم وطارق عزيز (2)
- العزيزان : عزيز السيد جاسم وطارق عزيز (1)
- شيطنة العدو .. بين تعنت الإيديولوجيا ومستحقات السياسة
- إنقلاب تموز عام 1968 ومشاركة عبدالرزاق النايف*
- 17 – 30 تموز ... (1)
- وقد يتعدد الجلادون وتختلف الأسواط لكن المجلود واحد
- ترامب أيضا لا يريد أن ينطيها
- ما هكذا يكتب التاريخ*.. عن العراق الملكي وهل كان طائفيا
- حرب السبعينات بين النجف وكربلاء (4)*
- العراق بين بكائيتين
- حرب السبعينات بين النجف وبغداد .. (3)*
- حرب السبعينات بين النجف وبغداد (2)*
- بضعة أفكار عن قضية الإعتراف الإماراتي بإسرائيل.
- المشكلة العراقية والمشكلة اللبنانية
- قلبي مع الموصل كما هو مع بيروت
- كابوسي البيروتي الذي تحقق
- أيها العقابي إذهب أنت وأعتذر أما أنا فلن أفعل ذلك
- حرب السبعينات بين النجف وبغداد*
- شيعة العراق .. النزوح من دولة الكيان إلى كيان الدولة*.


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - رفع الإصبع الوسط في وجه الحاكم الغلط.