أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - أيها العقابي إذهب أنت وأعتذر أما أنا فلن أفعل ذلك















المزيد.....

أيها العقابي إذهب أنت وأعتذر أما أنا فلن أفعل ذلك


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6635 - 2020 / 8 / 3 - 22:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعتقد أن ثمة أمرين بحاجة إلى وقفة جادة ومهمة وضرورية, أولهما الإنتهاك الصارج لكرامة الطفل العراقي التي لا شك أنها أثارت غيرة وألم وقرف كل عراقي وكل إنسان لديه إعتبار لكرامة الإنسان وحقوقه, أما ثاني الأمرين التي علينا أيضا الوقوف أمامها بكثير من الإهتمام فهي نوبة العصبية والإنفعال وفوضى الأفكار التي عانى منها رجل إعلامي بوزن الدكتور هاشم العقابي.

بالنسبة لي فإن القضية التي صارت أمامنا الان هي قضيتين في ذات اللحظة, وأجزم أن قضية (النوبة وهيجان الإعصاب وفوضوية الأفكار) التي أصابت هاشم العقابي وهو يتعرض لقضية الطفل الضحية صارت تحتل منزلة أكثر ضررا من تلك التي نتجت عن قضية ذلك الطفل المعذب والمهان.
.
من رأى الإعلامي الشهير وهو يعلن توبته وإعتذاره عن الكتابات والتصريحات التي أثارها ضد صدام حسين وجرائمه, وإعلانه أن صدام كان محقا في كل ما فعله, وكل ذلك بسبب ما أثارته لديه قضية الطفل المهان, يجعلنا نعتقد أننا نعيش حقا في بلد كسويسرا أو الدنمارك أو النرويج حيث أن كل شيء فيه هو عال العال, حتى كأن الشعوب جميعها كانت على وشك إرسال وفود من مختلف الإختصات العلمية والإنسانية لدراسة تجربة العراق الراشدة على صعيد بناء بلد ومجتمع لا جريمة فيه ولا خروج على الأخلاق.
لكن فجأة سيكتشف هاشم العقابي أن جمهورية إفلاطون التي نسجتها مخيلته قد أصيبت بمقتل كبير.

نعم وبكل تأكيد, أن ما حدث للطفل المهان يجب ان يدان منا جميعا بكل قوة, وهو جريمة يجب أن يعاقب عليها من إرتكبوها بأقصى درجة من العقاب, لكن الكل يعلم أنها لم تكن الجريمة الأولى, إذ خلال طيلة عمر هذا النظام كانت الجرائم وما تزال تجري على مدار الساعة, وهي جرائم تغطي آلاف الكتب. وحتى لو أنها أدرجت بصفحة واحدة فستكون تلك الصفحة كافية للتأكيد على أن هذه الفئات الحاكمة تشترك جميعها في جريمة سياسية لا ترتكبها سوى عصابات غازية متوحشة من القرون الوسطى.

لكن من يرى إنفعالات (العقابي) سيظن بان الرجل كان من (أهل الكهف) وكان قد ترك البلد قبل أن ينام على أجمل وأنظف وأسعد وأرقى حال. ثم أنه حالما إستيقظ كان أول ما رآه هو تلك الجريمة الجلل, فاصيبت أعصابة بالتلف وأحاسيسه الرقيقة بالقرف, فراح يشتم بالجملة معلنا في نفس اللحظة ندمه عن كل حرف قاله ضد (صدام حسين) الذي ظهر لديه أخيرا أنه كان على حق, وعلى قدر كبير من الأخلاص للشعب والوطن. ثم أنه لم ينسَ أيضا فإمتد تأنيبه إلى القائمين على أمر طائفته من رجال الدين ومعلنا خروجه على المذهب الشيعي الذي تسبب بهذه الكارثة.
__
بالنسبة لي لا تهمني إلى أية طائفة ينتمي العقابي, لكني أريد أن أنبهه إلى أن مثات بل ألوف المثقفين من الشيعة كانوا أول من أعلن تمردهم ضد القائمين على أمر الطائفة, سياسيين كانوا أم عمائم, بسبب ما إرتكبوه من جرائم وإنحرافات, وأنا كنت واحدا من هؤلاء الذين ظلوا يؤكدون على ان الجريمة التي إرتكبتها الغالبيىة من عمائم الشيعة, من أولئك المشاركين في العملية السياسية او المؤيدين لها أو الساكتين على جرائمها يجب أن يحاسبوا غدا عليها مثلهم مثل السياسيين المجرمين بحق عموم الشعب من مختلف الأديان والطوائف. لكنني مع ذلك حرصت على أن اقول ذلك بهدوء ولم أشعر مطلقا إنني بحاجة إلى هيجان الأعصاب وإلى حالة تقريع الذات كمثل تلك التي تفضل بها علينا الدكتور العقابي.

إن ما حدث للطفل حامد, رغم بشاعته, لا يعادل غير جزء بسيط مما عانى ويعاني منه الآن الملايين من أبناء المخيمات وعشرات بل ومئات الألوف من الشعب العراقي من الموصل إلى البصرة نتيجة بيع المالكي ومجموعته لقضية شعبنا العراقي إلى داعش ثم بعد ذلك جاءت طائرات التحرير لتهدم المدن على ساكنيها.

وربما لم يسمع العقابي بقضية الإيزيدين وكيف بيعت نساؤهم كإماء وجواري وبقضية أولئك وأولئك وأولئك الذين وصلوا إلى الخمسة ملايين مهجر عراقي من خيرة كفاءات البلد وعلمائه. فلماذا أجلت إنفعالك هذا لكي تفجره على قضية كلنا تألمنا منها لكننا لم ننفعل بطريقة هستيرية لندين ونبرئ هكذا دون مسؤولية وإدراك.

ونأتي الآن إلى المسألة الأهم .. إن الإعلامي الصادق مسؤول عن بناء وعي رصين وغير مشوش او إنتهازي أو نفاقي أو وصولي, وما أراه بكل اسف أن هاشم العقابي الذي يؤاخد عليه حديثه دائما بصيغة (الأنا) قد ضخم إنفعالاته من القضية بحيث تراجعت أمام قيمتها قضية شعب بكامله, وقد كان عليه أن يعالج القضية صمن سياقها العام لقضية عراقية غاطسها أوسع بكثير من طافيها.

أما الجانب الأخلاقي الذي اضر به كثيرا هذا الإعلامي الحاصل على شهادة الدكتوراه في الإعلام فهو محاولته الهستيرية لمسح عار الجرائم التي قام بها صدام بممسحة الجريمة التي قام بها رجال من عصابات النظام الميليشاوي المتعفن. وهنا فهو لاشك قد أخل بالجانب الأخلاقي لمهنته حينما أسقط دموية مزاجه وإنفعالاته الشخصية لكي يعيد الإعتبار لرجل كان هو أحد الأسباب الكبرى التي أدت إلى هذا المصير العراقي المؤلم وأقصد به صدام حسين.

ولست الآن مطالبا بتعداد المواقف المؤذية والمهلكة التي تسببب بها صدام لشعبه, إلا إنني أريد أن اذكر الإعلامي الرصين بواحدة فقط من تلك الجرائم وهي جريمة قاعة الخلد عام 1979تلك التي غدر صدام فيها برفاقه ولو أنه, أي العقابي, كان إطلع على فنون التعذيب والمهانة التي أتبعت بحق رفاقه أنفسهم لعرف أن من بين تلك الطرق كان إشرافه شخصيا على الإعتداء على (شرف) أولئك الضحايا, اي انه لمرات عديدة كان حاضرا في وقت تلك الإعتداءات المهينة بحق أولئك الرجال.
صدام حسين ورجالاته كانوا حريصين على الإعتداء جنسيا على البعض من السجناء لضمان سكوتهم وكوسيلة للإنتقام منهم تغطية لنقص فيه ولأن ما كان يفعله ينسجم وينطلق من ثقافة البدو الغزاة ومن الشقاوات الذين كانوا يعتبرون العدوان الجنسي ضد سجنائهم بمثابة (كسر عيون) خصومهم.

لم يكن حريا بك أن تنفعل يا عقابي وتتصرف كانك في مستشفى للأمراض العقلية لأن بعض ما عانى منه هذا الفتى العراقي قد عانى مثله وأكثر شهداء تشرين وجرحاهم والآخرون من المعذبين في كل المدن الأخرى.
وإنه لخروج أثيم على الأخلاق أن تمسح جريمة مجرم سابق بجريمة مجرم لاحق.
أنت بحاجة لا شك إلى علاج نفسي قبل أن تظهر علينا من خلال أي شريط مصور آخر لتقص علينا من خلاله كل قصصك الممتعة ..

إذهب يا عقابي وأعتذر على طريقتك وأقطع أزرار ثوبك دليلا على هيجانك, أما أنا فأعرف أن صدام كان قد أجرم كثيرا بحق الشعب العراقي, وخاصة بعد أن ألقاه في محرقة الموت في الكويت ثم ذهب إلى قصره لكي يحتفل بعيد ميلاده بينما كانت جثث العراقيين لم تدفن بعد على طريق الموت بعد الهزيمة الماحقة في الكويت.

إن لدينا الآن مجرمين وكان لدينا قبلهم مجرمون .. وكل مجرم يؤاخذ بجريمته, وليس هناك في القانون أو الأخلاق أو السياسة جريمة سابقة تمسحها جريمة لاحقة يا سيدنا الإعلامي وحامل الدكتوراه العظيمة

يا عقابي اذهب أنت وإعتذر أما أنا فلن أفعل ذلك.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب السبعينات بين النجف وبغداد*
- شيعة العراق .. النزوح من دولة الكيان إلى كيان الدولة*.
- شيعة العراق وشيعة إيران .. ضغط الموروث التاريخي*
- شيعة العراق ومتغيرات ما بعد إنهيار الدولة العثمانية*
- دور محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية (4)
- الصدر بين دكتاتوريتين*
- دور السيد محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية ...
- دور محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية (1)
- قضاء وفضاء .. والنقطة الساقطة
- أوراق بعثية
- البحث عن الذات البعثية
- يا لها من فتوى
- حزب الدعوة بين العمالة الفقهية والعمالة التقليدية
- عفلق وعبدالخالق السامرائي*
- الحب في زمن الكورونا .. وفيك إنطوى العالم الأكبر (5)
- الأخلاق والسياسة
- إشكالية الدين والقومية
- كاريزما صدام وشجاعته
- الحب في زمن الكورونا ... (4)
- التشرينوفوبيا .. كزار, كل عوامل النجاح كانت معه إلا واحدة*


المزيد.....




- بايدن لـCNN: ترامب لا يعترف بالديمقراطية ولن يتقبل الهزيمة ف ...
- البنتاغون: أمريكا ستبدأ بإرسال المساعدات لغزة عبر الرصيف الع ...
- البيت الأبيض: عملية عسكرية كبرى في رفح ستُقوي موقف -حماس- في ...
- رئيس الوزراء البولندي يعترف بوجود قوات تابعة للناتو في أوكرا ...
- إسرائيل تسحب وفدها من مفاوضات القاهرة لوقف النار مع حماس ومس ...
- بالفيديو.. -سرايا القدس- تستهدف جنودا من الجيش الإسرائيلي مت ...
- مشاركة النائب رشيد حموني في برنامج مع ” الرمضاني” مساء يوم ا ...
- -محض خيال-.. تركيا تنفي تخفيف الحظر التجاري مع إسرائيل
- RT تستطلع وضع المستشفى الكويتي برفح
- رئيس الوزراء: سلوفينيا ستعترف بالدولة الفلسطينية بحلول منتصف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - أيها العقابي إذهب أنت وأعتذر أما أنا فلن أفعل ذلك