أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - جعفر المظفر - الحب في زمن الكورونا ... (4)














المزيد.....

الحب في زمن الكورونا ... (4)


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6548 - 2020 / 4 / 27 - 21:39
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


المشهد الأول .. الكلب جوني
في الزمن الغابر .. قبل أقل من الثلاثة أرباع القرن بسنوات, كنا نسكن في حي صغير أشتق إسمه من عدد بيوته : الخمسين خوش, وكان ذلك في منطقة المعقل من مدينة البصرة.
في الخلف من دارنا غابة نخيل برطبها الذي لا تنافس حلاوته أية فاكهة على وجه الأرض. في تلك الغابة التي إعتدنا اللعب فيها كان هناك كلب يتعمد الظهور إلى جانبنا بوداعة. تسابقنا نحن الصغار على إطعامه فصار وكأنما صديقا للكل, لكنني كنت الأقرب إليه من الجميع حتى حسبه الناس كلبي الخاص.
ولأنه صار واحدا منا نحن الأطفال فقد صار علينا أن نسميه, فالكلاب عادة ما تتعرف على أسمائها وتأتيك حالما تناديها بتلك الأسماء.
لم أتردد ولو لثانية, لقد كان الإسم على طرف لساني : فلنسميه "جوني"
لماذا جوني وليس غيره. هذا السؤال لم أفكر فيه بالأصل. ويوم صرت بعدها أبحث مع نفسي عن أصل تلك التسمية تخيلت أنه جاء ربما كراهية بجنود الاحتلال البريطاني الذين إعتاد أغلب أهلنا أن يوفروا على أنفسهم وذاكرتهم كثيرا من التعب فصاروا ينادون كل جندي ب (جوني) حتى لو كان إسمه الحقيقي جاك أو هيوارد أو همفري.
ولما كان أهلنا حينذاك لا يحبون الجنود البريطانيين المحتلين الذين اسموهم جميعا (جوني) فقد صارت الكلاب كلها تدعى (جوني).
أما نحن الأطفال فكان (جونينا) هو غير (جوني أبائنا) إذ لم نكن قد أسميناه بهذا الاسم تعبيرا عن الإزدراء والإحتقار والكراهية, بل لأننا كنا لا نملك للكلاب اسما آخر غير اسم جوني, ولأن أباءنا لم يصدف وإن تحدثوا لنا أساسا عن أصل التسمية, ولأننا كنا نحب الكلاب التي كانت ممنوعة من الدخول إلى دورنا لأنها (نجسة), ولأن محبتنا لجوني الكلب لا تتقاطع مع كراهيتنا لـجوني الجندي.
ما حدث لـ (جوني) وقتها كان جريمة بحق .. هذا الكلب لم ينسَ يدي التي كانت تسقيه وتطعمه وتمسد على ظهره . خرج سريعا من بين النخيل لكي يهجم على إبن الحارس الذي وقف يتهددني تحت نخلة حسبتها مشاعا فصعدت كي أحصل على بعض تمراتها , ولولا أنني ألقيت بنفسي من النخلة كي أمنع (جوني) من إفتراس إبن الحارس لكان الأخير قد خرج من المعركة مثخنا بجراحه.
في اليوم التالي أحسست بتحركات غريبة تجري في الخلف من دارنا. فتحت الباب الخلفية التي تطل على النخيل. أرعبني المنظر. كان هناك فريق شرطة يحاصر جوني ومنهم من صوب عليه بندقيته من موقع الرمي وهو ممتد بطوله وعرضه على الأرض, ثم إذا بالرصاص يهوى على جوني الذي خر صريعا في الحال.
نظرت إلى أحد الشرطة بفزع وهو يحمل ساطور قصاب. إقترب من جوني وقطع رأسه. قال لي أحد الجيران أنهم يأخذون الرأس لكي يتأكدوا أنه غير مصاب بداء الكلب من أجل معرفة طريقة معالجة إبن الحارس.
تركوا لنا بعدها الجسد الذي دفناه نحن الأطفال إلى الجوار من النهر بعد أن شيعناه بكل ألم وخشوع حاملين جثته بصىندوق.
المشهد الثاني .. كلب جاري
الكلاب هنا في أمريكا لها أكثر من ألف إسم ليس بينها جوني.
أما عن الاهتمام الذي يوليه أصحابها فيدلك عليه القول : أفضل طريقة للحصول على حسناء صبية هي أن تقتني كلبا, ثم قف على أي طريق للمشاة فسوف لن يطول صبرك. بعد دقائق سترى حسناء تجلس إلى الأرض لتداعبه.
وأما أنت فعليك الباقي ..
في زمن (الكورونا) والتباعد الاجتماعي. أجزم أن الكلاب كانت هي الرابح الأعظم. كل ما تبقى في قلوب الناس من الحب صار يسبغه هؤلاء على الكلاب.
حينما يصيح جاري على كلبه بكل الحب في هذا الزمن الكوروني يأتي الكلب إبن الكلب وهو يهز ذيله متبخترا حتى أكاد أظنه يطير فرحا لأن لقاح الكورونا لم يكتشف بعد.
يحضن جاري كلبه ويحمله على صدره ثم يمسح على ظهره بيدية وحتى بخده أيضا.
أما أنا فأنظر إلى البعيد حتى كأنني أرى الشرطة وهي تأخذ وضع الانبطاح مصوبةٍ بنادقها لكي تقتل جوني طفولتي قبل سنتين وثلاثة أرباع القرن.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التشرينوفوبيا .. كزار, كل عوامل النجاح كانت معه إلا واحدة*
- في العراق إذا إجتمعت السياسة والدين يكون الشيطان ثالثهما
- الحب في زمن الكورونا ... (3)
- من هو شهيدنا ومن هو شهيدكم
- سنة وشيعة ... و ... عراق
- الحب في زمن الكورونا
- الولادة العراقية الجديدة
- أردوغان .. من تصفير المشاكل إلى خلقها وتفعيلها
- وجهة نظر .. لماذا فشل السيد محمد توفيق علاوي*
- سياج بيتي
- محمد توفيق علاوي وأسلحته السرية
- حديث لرجل عاد من المستقبل وسيرجع إليه
- المسؤول الحقيقي عن قتل عبدالخالق السامرائي.
- دولة فرانكشتاين في بغداد
- عبدالخالق .. حينما يكون الزهد مثلبة سياسية وليس إمتياز*
- الوطني في مواجهة الإقليمي
- عشرة دنانير*
- بإمكانك أن تكون أمريكيا وعراقيا في ذات اللحظة
- السيادة العراقية المنتهكة وحديث : أمك شافت أمي بالمنز .. ل*
- درس للعراقيين من ثورة السودان


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - جعفر المظفر - الحب في زمن الكورونا ... (4)