أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الأخلاق والسياسة














المزيد.....

الأخلاق والسياسة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6566 - 2020 / 5 / 17 - 17:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أكبر الآثام أن يقال : إن من طبع السياسة أن تتقاطع مع الأخلاق. هذه حجة يستعملها الآثمون من أية جهة كانت, وخاصة حينما تكون هذه الجهة دينية, لتبرير إنحرافاتها عن القواعد الأخلاقية الأساسية للعمل السياسي, وغالبا ما يكون ميكافيلي جاهزا للإستخدام كأفضل وسيلة للتبرير المخادع .. الغاية تبرر الوسلة.
لأنها, أي السياسة : تصريف المبادى الأخلاقية بأعلى قدر من المروىة, والذهاب إلى الأقصى الميداني دون الخروج على الأساس الأخلاقي.
فإذا ما إفترضنا أن السياسة هي طائرة والأخلاق هي المطار, فإن من حق الطيار أن يحلق بطائرته عاليا وفق ما تمليه قواعد السلامة وتوقيتات الوصول, على شرط أن لا يحلق أعلى من اللازم فينفلت من قوانين الجاذبية ولا يكون قادرا بعدها على العودة إلى المطار الذي إنطلق منه.
ولا أعتقد أن هناك خلافا أكيدا سينشأ في حدود هذا الفهم العام .. مثلا, المقصود بالتكتيك والمرونة السياسية وقضية المساحة المشتركة, وهي الوطن هنا: كن مرنا سياسيا لكن في مساحة المشترك, أي الدفاع عن قضية الوطن, وهذا لايمنعك من طلب المساعدة الإقليمية أو الدولية ولكن لحساب الوطن وليس على حسابه.
في حالة هادي العامري, أو غيره على منواله, فإن قضيته يجب ان لا تناقش على مستواه كشخص وإنما على مستوى الفقه المذهبي ومن ثم السياسي الذي إنطلق منه, والذي ظن أنه يعطيه شرعية الإنحياز للحاكم (المسلم الشيعي : الخميني !) ضد الحاكم ( الكافر السني : صدام حسين !) .
حين تسأل أشخاص آخرين إجتمعوا في الولاء لإيران والتبعية الفقهية والسياسية لإيران, من أمثال المالكي أو الحكيم أو الفياض أو الخزعلي, فستكون لهم نفس إجابة هادي العامري.
مشهد آخر يمكن أن نتحدث عنه هنا أيضا : نحن نقول أن الحلول الحقيقية للقضية العراقية هي تلك التي تبدأ من خارج العملية السياسية لا من داخلها لأن الخلل الحقيقي هو بنيوي, أما الذي ينتج عنه فسلوكيات منحرفة, ولكي تمنع تلك السلوكيات وتقضي عليها عليك أولا بمعالجة الخلل البنيوي الذي أنتجه.
هذا يجعلنا أمام نفس الحالة حينما نتحدث عن (إنحراف أو خيانة أو تبعية هادي العامري وأخوته) فإن علينا أن نعالج الخلل الفقهي المذهبي الذي يجعل الخيانة الوطنية أمرا طبيعيا وحتى محببا.
على الجانب الآخر, أي السني والتجمعات السياسية التي تنطلق من تشريعاته الإسلاموية, هناك الكثير من القواعد الفقهية التي تفسر تبعية الإخوان المسلمين العرب وتعلقهم بزعامة أردوغان وإستعدادهم للقتال إلى جانبه.
هناك مقاتلون فلسطينيون وأردنيون ومصريون كانوا حاربوا في صفوف القاعدة في أفغانستان والعراق وتحولوا إلى داعش أيضا بدلا من أن يحاربوا الصهاينة وعذرهم في ذلك أن نداء الإسلام يسبق نداء الوطن وقد يتقاطع, بل ويتقاطع, مع مفهوم الوطنية ومفهوم الدول الحديثة في عالم ما بعد الديني.
ولا أظن أن المسألة هنا لا تتسع لمناقشة أخطار الفقه القومي والأممي على المسألة الوطنية. فهي نفس الأخطار.
هناك كثير مما يقال عن التآمر الفرنسي الإنكليزي الذي أنتج خارطة سايكس بيكو, لكن عالم ما بعد الحرب العالمية الأولى الذي قام في منطقتنا في أعقاب إنهيار الإمبراطورية العثمانية أعطانا من خلال سايكس بيكو بلدانا متفرقة أسميناها أوطانا, وضمن هذا الوضع الوطني الجديد المقر عالميا والخاضع إلى قوانين الجيوبوليتك الدولية نشأت مدارسنا الوطنية.
وهنا وضمن هذه المساحة الوطنية المقرة إقليميا ودوليا, والموزعة علينا كأوطانٍ خارجة على الحضن العثماني, كان على من يرفض هذه الخارطات الوطنية الجديدة سواء من القوميين والبعثيين الذي يعتبرون هذه الخارطات نتاجا إستعماريا عليه أن يزول لصالح أمة عربية واحدة, أو من الشيوعيين الذين كانوا يعتبرون الولاء الوطني نوعا من الشوفينية المدانة التي تقف في وجه بناء الدولة الأممية الواحدة, كان عليهم, وما يزال من واجبهم, وعي الحاجة, ليس للتخلي عن أحلامهم وإن صعبت, وإنما لصياغة المعادلة التي تلبي القومي أو الإقليمي أو الدولي بشرط أن لا يتعارض مع الوطني, أي الدخول إلى القومي والإقليمي والدولي من خلال الوطني, وإلا فليتخلوا عن نقد الإسلاميين الذين يبايعون المركز الإقليمي تبعا لمذاهبهم أو أولئك الذين يؤمنون بالخلافة.
إن ما ترضاه لنفسك يجب أن تقبل به من خصومك.
وإن ما ترفضه لخصومك ولنفسك يجب أن ينطلق من قاعدة وطن يتفتح على الجوار وعلى العالم بشكل لا يتعارض مع حاجات البناء الوطني.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الدين والقومية
- كاريزما صدام وشجاعته
- الحب في زمن الكورونا ... (4)
- التشرينوفوبيا .. كزار, كل عوامل النجاح كانت معه إلا واحدة*
- في العراق إذا إجتمعت السياسة والدين يكون الشيطان ثالثهما
- الحب في زمن الكورونا ... (3)
- من هو شهيدنا ومن هو شهيدكم
- سنة وشيعة ... و ... عراق
- الحب في زمن الكورونا
- الولادة العراقية الجديدة
- أردوغان .. من تصفير المشاكل إلى خلقها وتفعيلها
- وجهة نظر .. لماذا فشل السيد محمد توفيق علاوي*
- سياج بيتي
- محمد توفيق علاوي وأسلحته السرية
- حديث لرجل عاد من المستقبل وسيرجع إليه
- المسؤول الحقيقي عن قتل عبدالخالق السامرائي.
- دولة فرانكشتاين في بغداد
- عبدالخالق .. حينما يكون الزهد مثلبة سياسية وليس إمتياز*
- الوطني في مواجهة الإقليمي
- عشرة دنانير*


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الأخلاق والسياسة