أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - كاريزما صدام وشجاعته














المزيد.....

كاريزما صدام وشجاعته


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6559 - 2020 / 5 / 9 - 20:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1- تذكرني مقارنة الحكم الصدامي مع حكم الطائفيين السراق الحالي برواية شعبية مفادها أن رجلا أراد من الناس أن تترحم على أبيه القاتل والسارق والفاسد بدلا من أن تلعنه فحاول الإعتداء أمام الناس على شرف الدفان الذي كان يواري أباه التراب. وقد تحقق للرجل ما أراد إذ راح الناس يترحمون على أبيه الشقي الفاسد كلما قارنوا أفعاله مع فٍعلة أبنه الأشقى والأفسد منه.
في علم السياسة, وفي علم التاريخ أيضا, فإن أخطر وأسوأ ما يمكن أن نفعله هو مقارنة السيء بالأسوأ حتى نستخلص منه إن السيء كان جيدا.
وإنما الجيد يقال عنه جيدا لذاته وليس لمقارنة مع ذات الأسوأ منه.
إن العراقيين يستحقون الأفضل. ولا أعتقد أن من العدالة أن يوضعوا في مساحة المقارنة التي تقول لهم : لقد كان سلفكم فاضلا لأنه كان أقل سوءا من خَلفٍه.
2- التصفيق لا يخلق قائدا, وهو في بلدان العالم الثالث حيث الزعامات الدكتاتورية وحكم العسكر : التصفيق ليس دليلا على شعبية القائد أو صلاح أو فلاح حكمه.
قبل صدام صفقت الملايين لعبدالكريم قاسم. وقبل أيام من سقوط الحكم الملكي رفعت الملايين سيارة الملك فيصل الثاني في ساحة حافظ القاضي.
إن الزعيم الحكيم, وهو الذي نحتاجه, هو الذي يمنع التصفيق وليس ذلك الذي يشجعه.
كان العراق يحتاج إلى حكم مؤسسات عادل وحكيم ومتوازن بدلا من حكم طاغية يحكمه بالحديد والنار ويخرب الجار على جاره ويحول الناس إلى كتبة تقارير يخاف الواحد منهم الآخر.
وما الذي حدث بعد الإحتلال : ذهبت الأغلبية المصفقة إلى بيوتها بينما راح قسم كبير منهم يرقص للمحتل.
فيا لعار الحاكم الكاريزماتي.
3- الدبابة الأمريكية التي دخلت العراق من الكويت سارت ووصلت إلى بغداد بسرعة قياسية فأين ذهبت الجماهير المليونية المصفقة والمذهولة بكاريزما قائدها المحبوب. لقد أنهك صدام شعبه ووضعه في فم المدفع. أفقره وأخافه ومسخ شخصيته. حتى إذا دخل المحتل أرضه رأينا الأغلبية تصفق لمحتليها. هل عمركم رأيتم شعبا يصفق لمحتليه. نعم صفق العراقيون لمحتليهم.
وأرجوكم .. لا تبحثوا عن العلة في الشعب بل إبحثوا عنها في الحكام.
4- من قال أن صدام حسين لم يكن شجاعا ؟!
لكن ألا يكون عدلا أن نعرف الشجاعة أولا.
ألا يكون عدلا أن نميز بين شجاعة رجل الشارع من جهة وشجاعة رجل الدولة من جهة أخرى.
قبل إستلام الحكم فإن شجاعة صدام حسين لم يكن فيها موضع شك.
لكن رجل الدولة يحتاج عرض العقل والدماغ قبل حاجته إلى عرض الأكتاف.
يحتاج إلى التروي والتعقل والحكمة قبل المغامرة والطيش والطغيان.
وإنما مشكلة العراقيين كانت بالضبط مع شجاعة صدام لا مع جبنه.
مشكلتهم مع نوع الشجاعة التي هي أقرب إلى التهور والجنوح والمغامرات التي يحس بمخاطرها المبتدئ في عالم السياسة والصبي في عالم الإدراك.
5- لو أن صدام حسين لم يلقٍ بجيشه وشعبه في أتون حروب وحروب ثم يذهب مختفيا في مزرعة خاله (طلَّ وفاح) إبان حرب الكويت بينما بغداد كانت تحترق.
لو أنه لم يفرش أرض العراق بعد أن كرهته الناس وتمنت زواله ثم يصبح طريدا ويترك شعبه في مواجهة المجهول, لكان ممكنا أن يتم النظر في أمر شجاعته المُهولة.
إن غرفة الإعدام والمشنقة هي المكان الوحيد الذي يجب أن لا يستدل به على شجاعة القائد أو يستدل بها على جبنه, فهي تمثل لحظة اللاخيار أمام القائد غير أن يكون (شجاعا).
ليس شجاعا من يغدر بنصف رفاقه في القيادة في ساعة غفلة ويرسلهم إلى سوح الإعدام وإلى زنازين التنعذيب.
ليس شجاعا من يحتفل بعيد ميلاده وسط غناء الأطفال في قصره الجمهوري بينما جثث شهداء الجيش العراقي ظلت تأكل بها الحيوانات على طريق الموت بعد الهزيمة النكراء في الكويت.
ليس شجاعا من يموت شعبه جوعا بفعل الحصار الظالم بينما يصعد هو إلى عربة مذهبة تجرها الخيول. شجاعة رئيس الدولة هي تلك التي تتجلى من خلال حرص ذلك الرئيس على حماية شعبه وبناء بلده وليس على تحويله إلى مشاريع موت من أجل تحقيق احلامه الزعامية المريضة.
7- أما وأن العراق, وبسبب تنوع أديانه وقومياته ومذاهبه محكوما عليه أن يكون حاكمه طاغية وديكتاتور ومغامر وغادر وقاتل, فأرى أن الأفضل لبلدٍ كهذا أن يختفي من الخارطة, وأن يذهب اهله كُلٌ إلى طريق.
بل لعلي أرى العكس تماما, فلقد توفرت لصدام فرصة أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه لو أنه إهتم ببناء بلده, فليس العراق هو الوحيد المتنوع التكوين, بل لعل تعدده كان يمكن أن يكون طريقا إلى تقوقه.
لكن مصيبة العراق كانت مع حاكم جاءنا من العوجة فأراد أن (يُعَوجٍن) العراق بدلا من أن (يعرقن) العوجة.
وبفضل صدام, بفضل شعبيته, بفضل كاريزمته, ما زال العراق أعوجا, وسيظل أعوجا حتى إشعارآخر.
بل لعل ثورة تشرين ستضعه على طريق جديد.
حيث الفاضل فيه هو الفاضل بذاته, وليس لأن الآخر الذي يليه أتعس أو أسوأ منه.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب في زمن الكورونا ... (4)
- التشرينوفوبيا .. كزار, كل عوامل النجاح كانت معه إلا واحدة*
- في العراق إذا إجتمعت السياسة والدين يكون الشيطان ثالثهما
- الحب في زمن الكورونا ... (3)
- من هو شهيدنا ومن هو شهيدكم
- سنة وشيعة ... و ... عراق
- الحب في زمن الكورونا
- الولادة العراقية الجديدة
- أردوغان .. من تصفير المشاكل إلى خلقها وتفعيلها
- وجهة نظر .. لماذا فشل السيد محمد توفيق علاوي*
- سياج بيتي
- محمد توفيق علاوي وأسلحته السرية
- حديث لرجل عاد من المستقبل وسيرجع إليه
- المسؤول الحقيقي عن قتل عبدالخالق السامرائي.
- دولة فرانكشتاين في بغداد
- عبدالخالق .. حينما يكون الزهد مثلبة سياسية وليس إمتياز*
- الوطني في مواجهة الإقليمي
- عشرة دنانير*
- بإمكانك أن تكون أمريكيا وعراقيا في ذات اللحظة
- السيادة العراقية المنتهكة وحديث : أمك شافت أمي بالمنز .. ل*


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - كاريزما صدام وشجاعته