أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - شيعة العراق ومتغيرات ما بعد إنهيار الدولة العثمانية*














المزيد.....

شيعة العراق ومتغيرات ما بعد إنهيار الدولة العثمانية*


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6615 - 2020 / 7 / 10 - 19:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك إن تاريخ الشيعة مع الدول (السنية) الثلاث وهي (الأموية والعباسية والعثمانية) أمرٌ سيطول البحث فيه, وأجد إننا الآن في غنى عنه, غير أن من المهم هنا التذكير بأن "الشيعة" ورغم نجاحهم في بناء دول خاصة بهم (الفاطمية والبويهية على سبيل المثال) وقيامهم بثورات كبيرة متفرقة, ضد الدولةالأموية بشكل خاص (المختار إنموذجا), وبقاء علاقاتهم مع العباسيين بين مدٍ وجزر, إلا أنهم مع الدولة العثمانية كانوا إنتهوا إلى التمسك بعقيدة الغيبة وظهور الإمام المهدي, وهي عقيدة كانت على المستوى السياسي قد أعفتهم تاريخيا من العمل في السياسة, وجعلتهم يجمدون الدعوات أو التحركات الثورية إلى حين الظهور المفترض للإمام المهدي الذي سيتجه لبناء دولة العدالة بعد أن يتمكن من القضاء على الدول والأنظمة الكافرة والظالمة.
وأحسب أن من الضرورة ان أميز هنا بين مفهوم (الدولة العميقة) ومفهوم (دولة الكيان الموازي) فربما يجري إستعمال المفهوم الأول من باب التعريف بوجود دولة متسللة إلى مؤسسات وتشعبات الدولة القائمة وتعمل بالضد منها وصولا إلى تقويضها كالوصف الذي أطلقه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المجموعة المعارضة التي يقودها رجل الدين فتح الله غولن الذي إتهمه أردوغان بانه العقل المدبر لمحاولة إنقلاب عام 2016.
أما بخصوص دولة (الكيان الموازي) التي أطلقتها هنا فهي كناية عن ما تعنيه المؤسسة التي تضم تشعبات الكيان الشيعي الديني الذي لا يتدخل بالسياسة, وتقر بوجودها الدولة المركزية الأم (العثمانية في نهاية الأمر) عبر تفاهمات ضمنية إنتهى إليها حال الصراع بين الشيعة ومجمل الإمبراطوريات الإسلامية "السنية"
في البداية كان هاجس المرجعية ورجال الدين الشيعة هو التهديد غير المباشر الذي خلقه زوال الدولة العثمانية لصالح الحلفاء الغربيين, ثم تأسيس الدولة العراقية المدنية أو (العليمانية) التي باتت مؤسساتها الوظيفية والثقافية والسياسية مشجعة على نزوح الشيعة من مساحة الولاء لمرجعايتها الدينية إلى مساحة الولاء للدولة الجديدة التي إستحدثت فرصا جديدة أمام العراقيين عامة سواء على صعيد الوظائف أو فرص التعليم وذلك بالمستوى الذي وضع الشيعة أمام حياة هي خارج المساحة التقليدية التي كانوا قد توزعوا فيها على شيوخهم الإقطاعيين والقبليين والدينيين, وهو أمرٌ لم تكن المؤسسة الدينية قد ألفته طيلة وجود العراق في ظل الدولة العثمانية.
ولقد صار العراق بعد إنتهاء عصر الدولة العثمانية أمام كثير من المتغيرات التي أدخلت بدورها تغييرا على قواعد توزيع الولاءات. وما أن بدأ العراقيون ينزحون من ساحة الولاءات الدينية والقبلية (دولة الكيان الموازي) إلى ساحة الولاءات السياسية والمدنية حتى دخل العراق في عصرٍ بات الإنقسام فيه واضحا بين مؤسسات دينية توارثت مواقعها ونفوذها في عالم الدولة العثمانية وبين جماهير هذه المؤسسات التي بدأت بتوزيع ولاءاتها وفق المعادلات الجديدة التي خلقتها عملية الخروج من العالم العثماني الديني إلى عالم الدولة العراقية (العليمانية) ومؤسساتها ذات الطابع الوطني المدني خطابا وهياكل.
على صعيد آخر كان نجاح الإنقلاب التي قاده الثنائي قاسم وعارف ضد النظام الملكي قد أدى إلى إرساء العديد من التحولات الإقتصادية التي نالت من هيمنة الإقطاع وشيوخ القبائل, وهذه, إضافةً إلى النمو السريع لمؤسسات الدولة والنقلات العصرية السريعة التي أضيفت للنقلات التحضرية والمدنية التي رافقت مجئ الدولة الملكية, قد أدت إلى متغير إجتماعي واضح وكبير على صعيد إلتحاق الشيعة بحركة الدولة الجديدة والإنتماء لمؤسساتها المدنية والعسكرية.
صار الشيعة يمثلون قاعدة الجسم العسكري والمدني للدولة وبدأت المدارس تنتشر ولم تكن هناك أية وسيلة لمنعها, وتحرر أغلب شيعة الجنوب العراقي من عبودية الإقطاع, فكرا وأغلالا, وأصبحوا أحرارا في تحديد خياراتهم الحياتية بدلا من الإتكاء على عصا الطاعة للعمامة أو الإقطاعي أو شيخ القبيلة, وبرز من بينهم قادة أو حتى مؤسسون للإحزاب الوطنية بما أذنوا بإنتقال الشيعة أو نزوحهم من مساحة الدولة الدينية المذهبية الموازية إلى ساحة الدولة الوطنية المدنية.
ولم تكن فتوى الحكيم المرجع الأعلى للشيعة بتحريم الشيوعية مطلع الستينات من القرن الماضي قد جاءت بسبب موقف العقيدة الشيوعية من الدين والذات الإلهية وإنما لأنها من ناحية سياسية وإقتصادية حازت على رضاء وتاييد النسبة الكبيرة من جماهير الشيعة في حين توزعت البقية ما بين بعثي أو قومي أو وطني.
لقد بدأت دولة الكيان الشيعي تتآكل بعد نزوح (الشعب الشيعي) عنها وبعد كل ما أدت إليه عملية تغيير الولاء والإنتماء من الكيان القديم إلى الدولة الحديثة. أما المتغيرات الإجتماعية والسياسية العميقة فقد بدأت تدخل إلى بيوت علماء الدين أنفسهم.
إن الغالبية من جماهير الشيعة أصبحت جزءا من الحالة السياسية الجديدة التي رافقت نمو الدولة المعاصرة. في البداية حاولت المرجعية الحفاظ على دولتها الموازية من خلال إصدار فتاوى تحرم العمل في مؤسسات الدولة ولا تظهر أيضا حماسا للتعليم, غير أن المتغيرات العصرية هي التي تركت للمتغيرات قدرة الدخول إلى بيوت وعائلات رجال الدين أنفسهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*القسم (5) من دور محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية.
(6) يتبع



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية (4)
- الصدر بين دكتاتوريتين*
- دور السيد محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية ...
- دور محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية (1)
- قضاء وفضاء .. والنقطة الساقطة
- أوراق بعثية
- البحث عن الذات البعثية
- يا لها من فتوى
- حزب الدعوة بين العمالة الفقهية والعمالة التقليدية
- عفلق وعبدالخالق السامرائي*
- الحب في زمن الكورونا .. وفيك إنطوى العالم الأكبر (5)
- الأخلاق والسياسة
- إشكالية الدين والقومية
- كاريزما صدام وشجاعته
- الحب في زمن الكورونا ... (4)
- التشرينوفوبيا .. كزار, كل عوامل النجاح كانت معه إلا واحدة*
- في العراق إذا إجتمعت السياسة والدين يكون الشيطان ثالثهما
- الحب في زمن الكورونا ... (3)
- من هو شهيدنا ومن هو شهيدكم
- سنة وشيعة ... و ... عراق


المزيد.....




- حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر ...
- باريس تعلق على طرد بوركينا فاسو لـ3 دبلوماسيين فرنسيين
- أولمبياد باريس 2024: كيف غيرت مدينة الأضواء الأولمبياد بعد 1 ...
- لم يخلف خسائر بشرية.. زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جزيرة شيكوكو ...
- -اليونيفيل-: نقل عائلاتنا تدبير احترازي ولا انسحاب من مراكزن ...
- الأسباب الرئيسية لطنين الأذن
- السلطات الألمانية تفضح كذب نظام كييف حول الأطفال الذين زعم - ...
- بن غفير في تصريح غامض: الهجوم الإيراني دمر قاعدتين عسكريتين ...
- الجيش الروسي يعلن تقدمه على محاور رئيسية وتكبيده القوات الأو ...
- السلطة وركب غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - شيعة العراق ومتغيرات ما بعد إنهيار الدولة العثمانية*