أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الطائفية في العراق .. بين سطحية التعريف وإستعجال الإدانة*















المزيد.....

الطائفية في العراق .. بين سطحية التعريف وإستعجال الإدانة*


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6854 - 2021 / 3 / 30 - 19:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن تقديم حل لأية مشكلة هامة يتطلب حدا أقصى من الحيادية والحرفية. وأما الحيادية هنا فهي القدرة على المتابعة العلمية البعيدة عن ضغوطات الموروث وليست تلك التي تتخذ موقفا حياديا بين الخطأ والصواب.
من الوهم الإدعاء بالقدرة المطلقة على التحرر من ضغط الموروث, لكن ستشفع طيب النوايا لتخفيف عَوَق التفاصيل, فإن وجدت هَنة هنا أو هَنة هناك, فإن ما يجعلها خارج القصد نقاء الهدف وغياب التدليس, ثم سيقلل كثيرا من شأنها, الفهم الواسع والدقيق لمفهوم الطائفية. ولكي تكون المعالجة وافية فإن علينا أن نميز منذ البدايةً بين ما هو مذهبي وما هو طائفي, وبين ما هو سياسي وما هو مجتمعي.
وأجزم أن ذلك التمييز سوف يحقق لنا إقترابا جيدا وبمداخل تضمن لنا عدم الوقوع في فخ التجريد أو التعويم الذي سيقودنا حتما إلى تأسيس أحكام نهائية خاطئة ربما يكون بالإمكان تلافيها لو أحسنا تصنيف الظاهرة وأجدنا طريقة الإقتراب, فقد بات من السهل جدا إتهام المناوئين بالطائفية وذلك دون تمحيص أو تمييز أو معرفة ما إذا كان سلوك الشخص وقتها قد يشي بطائفية موروثة وغير مسيسة أو كحالة رد فعل على فعل يمكن إنهاءه بإنهاء الفعل الذي أنتجه.
أن الوضع الطائفي في العراق معقد وشائك مما يستوجب ملاحقته في العمق وتفكيكه بصبر وتأني للعثور على تفسيراته بشكل سليم. أما وصفه على السطح لتأسيس أفكار نهائية وناجزة فهو قد يكون مضللا, إذ قد تكون الطائفية عندي مصدرها خوفي من الطائفية عندك !!.
وليس هناك شك أن حداثة تأسيس للدولة الوطنية العراقية في أعقاب الحرب العالمية الأولى, ووجود جارين لن يترددا في العمل من أجل إستثمار الطائفية وتفعيلها سياسيا, وهما الإيراني والتركي, مضافا إلى ذلك غياب فترة الإستقرار اللازمة التي تلت تأسيس العراق الحديث والمطلوبة لإنتاج هوية وطنية عراقية مشتركة, وغياب العمل الإستراتيجي من أجل القضاء على الطائفية, وذلك بعد الإقرار بوجودها أولا, ثم العمل المشترك لإنهائها ثانيا. كل ذلك قد أدى إلى بقاء الطائفية جاهزة للتفعيل في أية لحظة.
وأجد أن ليس هناك مشكلة مع التعريف اللغوي أو حتى الفقهي للطائفة ولا يشكل الإنتماء إليها معضلة إلا إذا تفعلت سياسيا. غير ان عدم تعريف الطائفية على أساس سليم ووفق توصيفات وتصنيفات دقيقة سؤدي حتما إلى تفاقم الظاهرة نتيجة لخطأ تعويم التعريف وصيغ المعالجة, فحينما لا نميز بين الطائفية السياسية والطائفية الإجتماعية, بين الموروثة الخاملة وبين المكتسبة الفاعلة, بين الإنتماء الفقهي للطائفة وبين الإنتماء الهوياتي لها, حين ذاك فإن التعامل مع الطائفية دون تمحيص وكأنها حالة واحدة سيؤدي بالفعل إلى تهميش لفاعلية العلاج وتخفيف لقدرته على المجابهة.
من جهة أخرى سيمنعنا الخلط بين طائفية المجتمع وطائفية الدولة من اكتشاف خصوصية كل منها على إنفراد فنحسب أن خطر الواحدة يتساوى مع خطر الآخرى وأنه بوجود أحدهما يوجد الثاني.
والحال أنه وبدون التفعيلة السياسية فإنه لا خطر هناك لأن يتحول الإجتماعي إلى سياسي. وإن هذا ما يجب أن نعمل على تعطيله. ويشترط ذلك (أن تتحررالنخبة السياسية من تراكماتها االطائفية, وأن تحرر معها الدولة ومؤسساتها من احتمال ارتهانها للعصبيات الخاصة٬حتى تتحول بفضل سياساتها الوطنية إلى دولة امة٬أي دولة مواطنيها, وحتى يعيش المجتمع حالة تماهي وإنسجام مع دولته اللاطائفية).
وإن هذا التأكيد لا يعني من جانبه أن المجتمعي لا ينتج السياسي ولكنه يعني أن بإمكان مجتمع الطوائف أن يبني دولة وطنية إذا ما أنتج نخبا سياسية وطنية غير طائفية في ظل ظروف تشجعه على ذلك. ويتأكد هذا من خلال معرفة أن مجتمعنا مجتمع الطوائف هذا كان قد أفلح سابقا في إنتاج نخب وأحزاب وحركات نقيضة للطائفية وذات ولاءات وطنية متقدمة.
ولعل ذلك يحيلنا إلى مسألة ذات أهمية كبيرة, فإشتراط أن تنتهي الطائفية الإجتماعية أولا للحيلولة دون نشوء الطائفية السياسية هو حلم طوبائي, على الأقل في المراحل المنظورة, مثلما هو تعطيل لأمل بناء الدولة الوطنية من خلال نخب علمانية وطنية ينتجها مجتمع الطوائف نفسه ثم تعود هي بدورها إلى التضييق على الظاهرة الطائفية ثقافيا ومنع تفعيلها سياسيا. إن هذا الآمر يحتاج إلى نشاطات إنسانية تتخطى مساحة الوعظ الثقافي إلى ما هو سياسي وقانوني وإقتصادي, أي العمل على تغيير البيئة أولا لتنشيط جانبها الوطني وإنتاج وتوسيع حواضن تعميق الهويات الوطنية وجعلها تعلو قيمة أخلاقية ومادية على الهويات الثانوية.
إن من المهم قبل الإقتراب من الظاهرة, بدعوى تقديم الحلول لها, ان يكون هناك قدرا عاليا من "الفلترة" الذاتية, لأن ملكية التجرد والحرفية العالية هي ملكية مشكوك فيها, وفي لحظة الإدعاء بوجودها عادة ما يكون الإنسان خاضعا بدرجات إلى تأثير الموروث الذي يوفر تلقائية الإنحياز غير المتوازن, و"الفلترة" المقصودة هنا هي القدرة على أن يكون الإقتراب من الظاهرة بأعلى درجة من كبت الموروث ومنع قمعيته التلقائية لحالة التجرد والمهنية المطلوبة.
وأجد أن المداخل السياسية للإقتراب من الظاهرة غالبا ما تؤدي إلى التيه. مثلا, إن الإدعاء أن ثورة الخميني الإيرانية كانت السبب الإساسي في ظهور الطائفية في العراق هو إدعاء يحاول كسب الجولة سياسيا أكثر من محاولته التصدي لدراسة هذه الظاهرة بكل عمق من خلال البحث عن جذورها وتمظهراتها الموضوعية وتعرجاتها التاريخية. إنه ذات القول الذي يلقي بسبب وجود الظاهرة على كاهل الدول الإستعمارية, وخاصة بريطانيا وفرنسا وبعدهما أمريكا وإسرائيل فيعتمد على نظرية المؤامرة أولا ولكي يحسم بحثه بإنتصار هو بالنتيجة إنتصار طائفي يعكس نفسه من خلال تحميله لتبعات التفعيل الطائفي على الطائفة المقابلة.
إن باحثا من هذا النوع يزيد الطين بلة ويزيد على سوء الحشف كيلات, ولكان الأفضل لنا لو أنه لم يتطوع, حتى بوجود حسن النوايا, على أن يدلي بدلوه الذي حرك فيه فيه طين القعر بدلا من أن يستعمله لتحصيل الماء الصافي من أعلى البئر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*لا ينطبق هذا التعريف على أحزاب السلطة في العراق فهي عميلة إن قعدت وذيولا إن قامت.
بل يمكن تبوبها في خانة العار.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أن لا تكون عميلا لن يجعلك بالضرورة وطنيا
- إنه ليس بابا نويل يا سادة وإنما هو بابا الفاتيكان
- رغد صدام وحسين كامل .. ليلة الغدر بشيخ القبيلة
- الجذور الأيديولوجية والبنيوية للفساد الحالي في العراق
- أمريكا الريف وأمريكا المدينة, وبينهما كانت المنازلة.
- كلام عن البعثيين
- ترامب وشمشون .. يوم كاد التاريخ أن يعيد نفسه.
- عن أمريكا وعن حزبيها وعن الترامبية أيضا.
- مقالتان لي, الأولى تنبأت بفوز ترامب, والثانية بغزوة الكونغرس
- هل إنتهت ثورة تشرين الباسلة.
- يوم كدت أشارك مريضي غيابه عن الوعي
- مقتل رئيس جامعة البصرة مطلع السبعينات
- لقاح بدهن الخنزير
- دولة البصرة ودولة الموصل
- رفع الإصبع الوسط في وجه الحاكم الغلط.
- حينما تذكرت الجلبي.
- العزيزان : عزيز السيد جاسم وطارق عزيز (2)
- العزيزان : عزيز السيد جاسم وطارق عزيز (1)
- شيطنة العدو .. بين تعنت الإيديولوجيا ومستحقات السياسة
- إنقلاب تموز عام 1968 ومشاركة عبدالرزاق النايف*


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الطائفية في العراق .. بين سطحية التعريف وإستعجال الإدانة*