|
الافتخار بتقليد المشاهير ، فقدانٌ لهوية الذات .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6823 - 2021 / 2 / 24 - 14:33
المحور:
الادب والفن
طبقاً لخبراء علم النفس : ظاهرة حب الشهرة و الميل للاستعراض غريزية المنشأ ، و احتياجٌ نفسيٌّ ، و رغبةٌ وجدانيةٌ لدى كل الأفراد . و تعتبر هذه الظاهرة سمةً اعتياديةً إذا بقيت ضمن دائرة الاعتدال ، و لم تخرج عن حدود المعقول .
أما إن يتجاوز جموح رغبة البعض تخوم الوسطية ، وصولاً إلى حالة الهوس بإظهار الافتخار المفرط ، و الإسراف في حب الشهرة ، و المغالاة في مدح الذات ، فهو دليل مرضِ نفسيِّ ، و اضطرابِ في السلوك ، كما خللِ في بنية التنشئة الاجتماعية .
نعم الكثير من الأفراد مصابون بداء التباهي ، و لديهم عقدة لفت الأنظار ، و توقٌ شديدٌ لذيوع الصيت ، و اشتهاءٌ هائجٌ للشهرة و الترفع و الخيلاء ، كما إنه التعطش للتعالي و الرياء ، و البحث المتسارع للمعجبين ، و التكبر إلى حد الغرور . و الأنكى شيوع حالة النبش و التحري للفوز بالألقاب ، و انتزاع التسميات لالتصاقها على النفس ، باللجوء إلى تقليد المشاهير و التحلق في جو الشهرة الكاذبة عالياً .
علماً أن التشبه بسلوكيات الشخصيات المرموقة تخبطٌ واضحٌ و سطحيةٌ لا ابتكارٌ ، و أن في محاكاتهم فقدٌ للهوية ، و تعطيلٌ للكثير من قدراته العقلية . ولاسيما ولع البعض للتقليد الأعمى إلى حد التماهي ، و الإيحاء بأنه هو ذات المرء الذي تقمص شخصيته ، و نسخةٌ منه طبق الأصل .
محط أنظارنا هو تقليد البعض لمشاهير الأدباء في نمط فنهم شكلاً و مضموناً . و لا أقصد التقليد اللاشعوريَّ المتوارث ، حسب معايير ثقافة المجتمع المهيمنة على العقل ، دون درايةٍ منه أنه يحاكي الأديب . كما لا أقصد تقليد علوم الأمم الأخرى و ابتكاراتها و تقدمها العلميِّ ، لارتقاء المجتمع و رفعة البلاد .
إنه من السخف أن يفتخر أحدهم بإدمانه على حب النقل و التوريث ، و انسياقه للتشبه بالأديب منهجاً و أسلوباً ، و غالباً حتى اقتباس تعابيره و عناوينه ، للافتخار بأنه نسخةٌ مكررةٌ منه .
نعم للاقتباس ضرورةٌ لترسيخ أفكار الكاتب ، و دعم آراء الباحث ، بعد ذكر المصادر و الأسماء ، كي لا يصنف ضمن لائحة السرقات الأدبية . إنه سلوكٌ مريضٌ ، و سمةٌ سيئةٌ ، و آفةٌ وخيمةٌ للفكر ، و جمودٌ للعقل ، كما ضجةٌ متعمدةٌ ، لتلميع الصورة و جعلها محط أنظار الآخرين و موضع إعجابهم ، مع التنازل عن الكثير من المبادئ و القيم .
أن تنال لقباً ، يلزمك الكثير من الوقت في البحث و المجهود الحثيث ، و اكتساب خبرةٍ واسعةٍ في مجال اختصاصك ، لا أن تكون متطفلاً ، أو تزاول عملاً خارج سياق صنعتك . علاوةً على تدني موهبتك مقارنةً بحنكة المشهور و طاقاته الإبداعية التي تفوق طاقتك . ً
فينطبق عليك مضمون حكمةٍ شهيرةٍ قالها الأقدمون : “ تستطيع أن تخدع العالم كله ليومٍ واحدٍ ، لكنك لن تستطيع أن تخدع فرداً واحداً طوال العمر "
أن تلتقط صورةً مع شخصٍ مشهورٍ ، لا يعني أنك أصبحت مشهوراً ، و أن تقلد أديباً مرموقاً لا يستوجب انضمامك إلى قافلة العمالقة . لأن طاهرة الإبداع و التجديد حضاريةٌ تنبثق من روح الأدباء ، و ينفجر التحديث و الابتكار من مواهب الكُتّاب ، كما هي أصالةٌ فنيةٌ متحررةٌ من القوالب الموروثة المتهالكة عبر الزمن . مع رعاية هموم العامة بالتمكين الفكريِّ و الثقافيِّ و التعابير المبتكرة ، و التحول من الجمود إلى النشاط الذاتيِّ و الإبداعيِّ ، و الاندماج مع القضايا الإنسانية بالعقل المنفتح و الفكر الخلاق ، و التخلص من داء عظمة الذات ، و الانسلاخ من الأنانية النرجسية لإعادة بناء النفس .
و لرفع راية التجديد عالياً ، فإن الأشخاص الأسوياء الموهوبين المبدعين ، لا يفكرون بانتزاع الشهرة ، و لا اختلاس الألقاب ، بل تتوافد عليهم الشهرة تلقائياً ، و يفوزون الألقاب بلا تخطيطٍ مدروسٍ و لا تدبيرٍ مرسومٍ .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كل لحظات الحب للعاشقين عيدٌ .
-
رحيل الثلج ، بالنسبة للصغار طعمه مرٌ كالعلقم .
-
الاعلام المرتزق ، متآمرٌ على الوطن و رخيصٌ .
-
المنظومة الاستخباراتية الشرقية ، هدفها ترسيخ سلطة المستبدين
...
-
شهداء الوطن فداءٌ لخاطفيه .
-
سلوكيات أباطرة المال ، مدعاةٌ للاحتجاجات .
-
حينما يتطوع المثقف برتبة بيدقٍ في إعلام السلطة .
-
لا تغيير على ملامح العام المقبل .
-
للمبادرين بالدخول إلى القفص الزوجيِّ .
-
و مازلنا نبحث عن ذواتنا التائهة
-
حينما يكذبون جهاراً و علانيةً .
-
العبرة بالخواتيم .
-
من تمنطق فقد تزندق !!!
-
نعمة مواقع التواصل مصدرٌ للإزعاج .
-
كانت راية الرسول سوداء ، و لواؤه أبيض .
-
مكر السياسيين و تجار الدين بات فاضحاً .
-
و يبقى الاشتياق للغائبين جارفاً .
-
الانغلاق المؤدلج آفة العقل .
-
شر بلية الغزاة و أذيالهم ، ما يضحك .
-
كونوا سنداً لصنع العباقرة .
المزيد.....
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|