أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - مخالب الشيطان … ! ( قصة قصيرة )















المزيد.....

مخالب الشيطان … ! ( قصة قصيرة )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 6807 - 2021 / 2 / 6 - 21:42
المحور: الادب والفن
    


كان الطقس مستقراً ومشمساً .. تُمسك نعيمة بصُرَّة صغيرة تحتوي على ملابسها ، تغذ في السير .. محاولة ً اللحاق بابيها الذي يسبقها بخطوة .. يستعجلها ، وهو يدمدم بسيل من النصائح والتعليمات والتحذيرات ، يشرح لها طبيعة المكان الذاهبين اليه ، والذي سيكون بمثابة بيتها الجديد ، ويذكرها بلزوم الطاعة لاهله ، وخدمتهم باخلاص .. تستمع اليه بعقل مشغول ، وهي تلهث :
تمهل يا ابي .. ارجوك ، أكاد انكفئ على وجهي ! تقولها ، وهي تحاول اللحاق به ، لم تعد تستطيع السيطرة على خطواتها .. يريد انجاز المهمة ، والعودة السريعة للقرية ، لكن ذلك لم يمنعه من مجاراتها .. يتوقف قليلاً لالتقاط الانفاس ، وهو يتفحص ابنته ، وكأنه يراها لاول مرة .. تنفر من عينيه دمعة رغم ملامح الصرامة الظاهرة على وجهه .. يمسح دموعه ، ويقبلها ، ويوصيها بأن تهتم بنفسها ، وانه سيزورها كلما سنحت الفرصة .. ربما يشعر بالذنب لانه جعلها ضحية لا ذنب لها .. لفقره !
تواصل السير ، وهي لا تسمع الا صوت انفاسها ، وهي تنتزعها في صعوبة ، يبدء البيت الذي كانا يسعيان اليه بالظهور تدريجيا .. يُشير ابوها الى بيت يبدو كقصر منيف بالنسبة لهم ، تلقي عليه نظرة ، وهي فاغرة ً فمها .. ! يدق ابوها الجرس ، يفتح له رجل يبدو انه الحارس .. يدخل كأن خطواته تحفظ المكان ، تحتضنهم حديقة واسعة ، تسمع فيها ثرثرة الطيور ، وحفيف اجنحتها ، وهي تنطلق الى الفضاء المفتوح …
يدخلون الى صالة كبيرة .. تحيط بهم الجدران بما عليها من صور مؤطرة لافراد العائلة ، واثاث فاخر ، وتحف نادرة .. يعجز حتى المال عن تقيمها .. تستقبلهم سيدة البيت .. تتهالك نعيمة على الارض بعد ان اخذ التعب ، والجهد منها كل مأخذ .. ترفعها الحاجة من الارض ، وتُجلسها برفق على احد المقاعد جنبها ، يقول الاب في ايجاز بان عليه ان يعود سريعاً ، ويوصيها بأبنته ، ويطلب منها ان تنقل تحياته الى الاستاذ ثم يغادر .. تبقى نعيمة ، وهي توشك على الانهيار من التعب ، والذهول ، والتوتر .. تقلِّب نظرها في المكان .. مأخوذة بهذا الجو الغارق في الرفاهية .. !
نبتة اقتُلعت من جذورها ، وزُرعت في ارض غريبة .. تخصص لها الحاجة مكاناً في المخزن ، رغم ان البيت يبدو فارغا الا من ابنها احمد ، وابنتهم ندى .. تحاول نعيمة ان تدخل عالم هذه الاسرة الناعم والراقي .. تبدء براعم أنوثتها بالتفتح والنضج قبل اوانها بسبب التغذية الجيدة ، واجواء الرفاهية التي يلوحها شئ منها .. يكفيها من عملها كخادمة ويزيد .. وتكشف عن جمال ريفي حقيقي أخاذ لا يحتاج الى أي اضافات ..!
تتعاقب الأيام والليالي في دورة الكون التي لا تهدء ، وفي يوم منها .. تشعر بدوخة غريبة ، ورغبة في تقيوء ما بداخلها من طعام .. تتكرر الحالة حتى باتت تنتزعها من دفء الفراش ، وحلاوة النوم ، وتسلل الشحوب الى وجهها الطفولي .. يبدو عليها الوهن واضحاً .. تدرك ان امامها أياماً صعبة .. تناديها الحاجة .. تشهق ، وتنسحب على عجل .. تقف امامها بطريقتها الريفية العفوية ، تطلب منها الحاجة بلهجة جافة غير عدائية ان تنظف ، وترتب غرفة سيدها الصغير ، ينتفض جسد نعيمة عند سماعها بإسم الشاب ، وكأنها تشعر بحركة يده ، وهي تحط على ذلك البروز النامي في صدرها وتضغط عليه ، وتعبث ببقية جسدها المتفتح الذي تسرب اليه شئ من دفء الاستسلام .. كأنه يفتح الباب الى التهام بقية الجسد .. محتفظاً لنفسه بحق الليلة الاولى .. من فتاة جميلة بكر لم تُمس ، مستغلاً برائتها .. صانعاً منها دمية لشهواته .. !!
تقطع عليها الحاجة سيل افكارها ، وتسألها عن هذا الشحوب الذي بات واضحاً على وجهها ، وما اذا كانت مريضة ، تجيبها بانه مجرد عارض ، وسيزول ، يتلاشى صوت الحاجة .. عندما تباغت نعيمة رغبة ملحة في التقيؤ .. تسرع الى الحمام ، وتفرغ كل ما في جوفها من بقايا طعام ، وكأنها توشك ان تتقيأ امعائها .. تحاول التقاط ما تستطيع من انفاس .. ثم تتطلع الى وجهها الشاحب المتعب في المرآة ، تعدِّل من هيئتها ، وتستدير لتخرج ، لتفاجأ بالحاجة واقفة امام الباب ، وقد ضمت ذراعيها على صدرها ، وهي تركز عليها نظرات من عينين باردتين لا تخلوان من قلق ومعنى : يبدو انكِ فعلاً مريضة …
تنهار نعيمة ، فتجهش بالبكاء ، وتقول من خلال دموعها انها تريد العودة لاهلها ! تحضنها ، وتهدئ من روعها !
تنتظر الحاجة زوجها باحر من الجمر .. وقبل ان يخلع ملابسه ، ويرتاح تبادره :
مصيبة يا ابراهيم .. ! يصعق الرجل من كلامها :
يا ساتر ، خير انشاء الله !
البنت حامل .. !
اي بنت .. ؟ يتسائل وهو لا يخفي دهشته ..
نعيمة .. نعيمة ، وهي تضرب على خدها .. مصيبة ، من يكون غير ابنك .. طفلة ، وامانة عندنا .. أين كنا .. استغفلنا جميعاً .. يا الهي ماذا علينا ان نفعل ؟!
هل انتِ متأكدة مما تقولين ؟
واضحة مثل الشمس ، انا إمرأة ، واعرف هذه الامور .. هذه نهاية دلالنا .. اذا عرفوا اهلها سيذبحون الاثنين ، وربما يذبحونا جميعاً .. عجلني بحل لهذه المصيبة .. هي اولاً واخيراً مشورتك !
اردت مساعدت والدها ولاخفف عنه ، لا اكثر ولا اقل …
الا توجد غير هذه الطريقة لمساعدته .. ؟
هو من اقترح ذلك ، وليس أنا .. المهم الان وقع الفاس في الراس ، ولا فائدة من هذا الكلام .. خلينا في البلوى ! ثم يُكمل :
لا يتم الامر هكذا .. لنتأكد اولا .. خذيها الى الدكتورة غداً .. وانا سأتحدث مع هذا الكلب .. والله يستر !
توصيه الحاجة بأن يشدد عليه ان لا يتكلم امام اصدقائه مهما كانوا ، فاللسان قتّال .. !
يسير الى غرفة النوم مبهوتاً ، وهو يهمهم مع نفسه كالمجنون ..
تفحصها الدكتورة ، وتطلب منها الخروج .. لتنفرد بالحاجة ، تسألها : هل هي ابنتك ، تجيبها بتعالٍ : ابداً .. زوجة ابنك ؟ ولا هذه .. تكمل الدكتورة : لا يحتاج الامر الى تحاليل .. الفتاة حامل ..
اعرف دكتورة ، جئت من اجل حل !
ماذا تقصدين .. ؟
لا نريد هذا الطفل ..
تجيبها الدكتورة بشئ من الحدة : اعتقد بانك أخطأت في العنوان .. !
لا اقصد حضرتك .. تلين وتبدو كمن يتوسل : ارجوك نحن في ورطة ، ارشديني الى من يستطيع ان يحل مشكلتنا ، ارجوك !
تحذرها الدكتورة : هل تدركين خطورة الامر .. ؟ انها طفلة ، وربما لن تستطيع تحمل آلام العملية ، اعتقد انها مجازفة لا مبرر لها .. ثم تستجيب تحت الحاح الحاجة .. تكتب عنوان ، وتناوله لها ، وتطلب منها ان تجعلها خارج الموضوع .. !
في يوم العملية كانت نعيمة كأنها شاة تُجر الى مسلخ .. دموعها تنساب في صمت لا تعلم بما ينتظرها من آلام ومرارات .. تستلقي ساكنة كلحظة فجر .. نصف جسدها العاري المهان ، والدامي فوق السرير يتلوى من الألم .. كانت تتارجح على الخط الفاصل بين الحياة والموت .. !!



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلوب لينة … ! ( قصة قصيرة )
- من أيام الحصار … ! ( قصة قصيرة )
- الفرصة لمن يقتنصها … ! ( قصة قصيرة )
- بائع الجرائد الاعرج … ! ( قصة قصيرة )
- أحلام مستحيلة … ! ( قصة قصيرة )
- لحظة شجاعة نادرة … ! ( قصة قصيرة )
- أرملة في بازار … ! ( قصة قصيرة )
- مشروع زواج فاشل … ! ( قصة قصيرة )
- هاشم الغبي … ! ( قصة قصيرة )
- موعد مع اليأس … ! ( قصة قصيرة )
- جريمة شرف … ! ( قصة قصيرة )
- مأساة ( حربونة ) … ! ( قصة قصيرة )
- يوم … في حياة زوج ، وزوجة ! ( قصة قصيرة )
- اللحظات الاخيرة قبل الرحيل … ! ( قصة قصيرة )
- زوج خائن ، و مخادع … ! ( قصة قصيرة )
- أستاذ علي … ؟ ( قصة قصيرة )
- ألارتماء في أحضان ألموت … ! ( قصة قصيرة )
- زواج مشروط … ! ( قصة قصيرة )
- لقاء عابر … ! ( قصة قصيرة )
- ألا ما أفضع ألخيانة … ! ( قصة قصيرة )


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - مخالب الشيطان … ! ( قصة قصيرة )