أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - النهاية في قصيدة -في البعيد البعيد- كميل أبو حنيش














المزيد.....

النهاية في قصيدة -في البعيد البعيد- كميل أبو حنيش


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6800 - 2021 / 1 / 27 - 12:30
المحور: الادب والفن
    


النهاية في قصيدة
"في البعيد البعيد"
كميل أبو حنيش
هناك.. وعندئذ في البعيد البعيد
سأصبح مثل غبار
بلا أيّ معنى
كما الآخرين بقبلي استحالوا غبارًا
وبعدي الجميع سيغدون مثلي غبارًا.. يطير
فأيّ الحكايات سوف تفوز..
وتنقذ هذا الجمال من الاندثار؟
وأيّ الغبار سيمسي رفيقي..
إلى عالم الانطفاء الثّقيل؟

هناكَ.. ووقتئذ في البعيد البعيد
سأُضحي غيابًا
بلا أيّ ذكرى
تثير اشتياقي إذا ما حَدَست
بأنّي وجدت على رقعة في الوجود
الذي سوف يبقى ينام برحم الفناء الطّويل
فأيّ الإشارات سوف تنير الظّلام
وتغدو الدّليل إلى درب ذاك الحضور البديل

هناك.. وحينئذ في البعيد البعيد
سأغدو ذهابًا
بلا أيّ مثوى
ولا أيّ حلم بأيّ إياب
إلى عالم الأمنيات..
سأَمضي وحيدًا..
كأنّي خيال ولمّا أجيء.. ولمّا أغيب
ولمّا يساور قلبي سؤال عن الأحجيات..
فأيّ المرايا ستُظهر وجه الظّلال.. بُعيد الرّحيل؟

هناك.. وآنئذ في البعيد البعيد
سأمسي خواء
بلا أيّ جدوى..
وليس يؤرقني الامتلاء.. بعيد الفناء
سأقضي شريدًا بلا أيّ مأوى
وسوف أذوب بصمت الفراغ الكفيف
فأيّ الرّياح ستذرو غباري بكلّ الجهات
وأنهي حضوري الغريب العليل
بهذا العماء البهيّ الجميل
القصيدة مكونة من أربع مقاطع، يتحدث فيها الشاعر عن نظرته للنهاية، للخاتمة التي سيجدها بعد انتهاء الحياة، وهو يتحدث عن نفسه مستخدما صيغة الأنا "سأصبح، سأضحي، سأغدو، سأمسي، وكلها سبقها اشارات تدل على الوقت المستقبلي/الوقت القادم: "عندئذ، وقتئذ، حينئذ، انئذ" وهذا بحد ذاته يخدم فكرة القصيدة المتعلقة بزمن بما هو آت.
الشاعر يركز على استخدام ألفاظ تشير إلى (عبث) الحياة وتفاهتها من خلال "غبار (مكررة خمس مرات)، غياب/أغيب، الانطفاء، خواء، فناء" وهذا أيضا يشير إلى أنه قد (شبع) من الحياة وممتلئ منها، فالألفاظ لمجردة تخدم فكرة عدم اكتراث الشاعر بها وما فيها.
إذا كان هناك ذكر للزمن الآت، فأنه الشاعر ايضا يتناول المكان، لكن بطريقة غير معهودة" فهو يكرر في المقاطع الأربعة "البعيد البيعد" وهذا يجعل المكان مبهم، غير معروف، فأين هذا المكان البعيد البعيد، وما هي حدوده/معالمه؟، وهذا (الابهام) يجعل المتلقي يهيم بفكره باحثنا عنه.
كل هذا يجعل المكان مجهولا وغير معروف بشريا، وهذا يتماثل مع فكرة مكان القيامة، الجنة والنار، فمكانهما غير معروف، رغم إيمان البشر بوجودهما، وبما أن الشاعر أحد أفراد هؤلاء البشر، فإنه يتحدث بمنطقهم، وليس بعيدا عن فهمهم للخاتمة/للنهاية التي تنتظر الناس.
والشاعر ينوه إلى أن حالة العالم الآخر، غير عالمنا، فيغلب عليه الظلام ويخلو من الجمال: "الاندثار، الانطفاء، الظلام، الكفيف، العماء" فهو هنا يقترب من وصف "أنكيدو" للعالم السفلي، الذي يفتقر لكل مقومات الحياة التي يعرفوها البشر، كما نجد تماثل آخر حينما قال "فأي الحكايات سوف تفوز، يسمي رفيقي، الانطفاء الثقيل" فقد جاء في ملحمة جلجامش:
"ظهر أمامي رجل معتم الوجه، أمسك بخصل من شعري وتمكن مني وثب غاص بي
قام بتحويل شكلي، فغدت ذراعي مكسوتين بالريش كما الطيور
نظر إلي وقادني إلى بيت الظلام مسكن أرجالا
إلى دار لا يرجع منها داخل إليها
إلى مكان لا يرى أهلة النور
فالتراب طعام لهم، والطين معاش" ملحمة جلجامش فراس السواح، ص166 و167، فلقاء بين الملحمة والقصيدة حاضر، حتى أن الشاعر بدا وكأنه "أنكيدو" الذي يتحدث عما رآه في العالم السفلي، لكن برؤية معاصرة.
ونجد عدم القدرة على المغادرة من "البعيد البعيد":
" ذهابًا
بلا أيّ مثوى
ولا أيّ حلم بأيّ إياب"
ف"البعيد البعيد" يتماثل مع مكان الخلود، لكنه هنا مكان خلود العدم، خلود الفناء: "سأُضحي غيابًا/ سأصبح مثل غبار/ سأمسي خواء"، هكذا يرى الشاعر نهايته.
نستنتج من القصيدة : إلى أن النهاية ستكون عادية/طبيعية، وأنها ستكون أبدية/خالدة، وأن مكانها غير معروف لنا، وأننا لا نستطيع مغادرته، فكما اجبرنا على الوجود في هذه الحياة ورغما عنا، كذلك سيكون وجودنا وخلودنا في عالم الافناء/الموت.
القصيدة منشورة على صفحة شقيق الأسير كمال ابو حنيش.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كميل أبو حنيش الحلقة الثانية عشرة وجعٌ بلا قرار
- الغلاء والإستغباء
- رواية لم يكن مجرد -هبو- وفاء عمران محامدة
- المرأة والتوازن في ومضة حسن قطوسة
- فساد المؤسسات المدنية في رواية -حين يعمى القلب- ل-وداد البرغ ...
- كميل أبو حنيش الكبسولة الكتابة والسجن الحلقة الحادية عشرة
- الحكاية الشعبية وطريقة تقديمها في قصيدة -نام أهل البيت- لطفي ...
- كميل أبو حنيش قصيدة -لا تَكُفَّ عَنِ المَجِيء-
- رواية الحب في زمن الكورونا -محمد عارف مشّه/نيفين عياصرة/كميل ...
- كميل الدراسات (كتاب)
- رواية سراج عشق خالد للكاتب معتز الهيموني
- كميل أبو حنيش -العالم البنيّ-
- عبود الجابري ▪غودو
- رواية عندما تزهر البنادق (دير ياسين) بديعة النعيمي
- ارتدادات الحزن في ومضة أسامة المغربي
- مركزية المكان في رواية -الجد الثاني السيد هاشم بن عبد مناف- ...
- الحروف والكلمات والمعنى في ومضة محمد مشيه
- كميل ابو حنيش الحلقة الثامنة -بشائر-
- البدايات المتعثرة في رواية حب حيفا دنيا سنونو
- المسيح والبعل في قصيدة -هو الصوت- إسماعيل حج محمد


المزيد.....




- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - النهاية في قصيدة -في البعيد البعيد- كميل أبو حنيش