أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - الموانئ في سياسة موسكو الخارجية















المزيد.....

الموانئ في سياسة موسكو الخارجية


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 6797 - 2021 / 1 / 24 - 14:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تلعب الموانئ دورا هاما في السياسة الخارجية الروسية ولها أهمية كبرى لدى موسكو وقد ظهر ذلك جليا خلال العقد الأخير حيث عملت موسكو على تطوير علاقات فوق العادة مع دولتين على درجة من الأهمية بالنسبة لروسيا هما سورية وأوكرانيا . وخلال هذا العقد تدخلت روسيا عسكريا بطلب من الحكومتين السورية والأوكرانية لمساعدة السلطات الشرعية كما استضاف كلا البلدين قواعد عسكرية بحرية روسية . السؤال هو ما الدور الذي تلعبه الموانئ في سياسة موسكو الخارجية؟
لقد استطاعت روسيا مساعدة حليفها السوري في التغلب على المجموعات الإرهابية المدعومة من الغرب ، كما استطاعت الحكومة السورية تنفيذ العديد من المصالحات بين الحكومة الشرعية في دمشق والمجموعات المسلحة في أكثر من مكان ، ومن جانب آخر استطاعت موسكو مساعدة حلفائها في أوكرانيا في استعادة الاستقرار في كلا البلدين . سورية حاليا في طريقها إلى التعافي ، وأوكرانيا في طريقها إلى المصالحة الوطنية . وفي اطار التعاون العسكري بين روسيا وهذين البلدين استطاعت موسكو أن تؤسس لموطئ قدم لها عبر قواعد عسكرية دائمة ومستمرة في كل من طرطوس السورية وسيفاستوبول الأوكراني.
لطالما لعبت الموانئ ، وخاصة موانئ المياه الدافئة ، دورًا مهمًا في السياسة الخارجية الروسية. تتوق روسيا لتأسيس سلسلة من القواعد العسكرية والمحطات البحرية في المياه الدافئة لتدعم موانيها الأخرى مثل أرخانجيلسك وسانت بطرسبورغ ومورمانسك وفلاديفوستك ، وكل هذه الموانئ لا تسمح لروسيا بالوصول إلى البحر الأبيض المتوسط بسهولة علاوة على اغلاق بعضها بسبب الجليد. وقد حفز هذا الحال روسيا اقتصاديا وعسكريا وسياسيا للتوسع نحو المياه الدافئة . لقد قاتلت روسيا في القرن السابع عشر الدولة العثمانية ، قبل بطرس الأكبر ، في محاولة للوصول إلى المياه الدافئة وتأسيس ميناء يشكل قاعدة للانطلاق نحو المياه الدافئة قبالة البحر الأسود ، وبحلول عام 1812، تمكنت روسيا من السيطرة على الساحل الشمالي للبحر الأسود بكامله.
اكتشفت روسيا سريعا أن من يمتلك موانئ على البحر الأسود ويحتفظ بتواجد كامل في منطقة شمال البحر الأسود ، لا يستطيع الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط بسهوله وسيبقى محكوما بأهواء من يسيطر على مضيقي الدردنيل والبوسفور . وخلال الحرب العالمية الأولى أبرمت روسيا اتفاقا سريا غير مكتمل الشروط مع بريطانيا العظمى وفرنسا يتم بموجبه منح روسيا السيطرة على القسطنطينية والمضائق التركية في حال انتصر الحلفاء. وعلى الرغم من تمتع روسيا بإمكانية الوصول إلى القواعد البحرية في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط أيام الحقبة السوفيتية ، إلا أن انهيار الاتحاد السوفيتي وضع حدا للحرية الروسية في الوصول إلى المياه الدافئة وقلل من نشاط روسيا وحركتها في حوض المتوسط ، باستثناء القاعدة البحرية الروسية في طرطوس السورية .
يقع مرفأ طرطوس على الساحل الغربي لسورية ، وهناك وجود عسكري بحري في سورية منذ عام 1971 ، بالإضافة إلى المستشارين العسكريين الروس في سورية ، وفي ذلك الوقت كان الاتحاد السوفيتي المورد الرئيسي للأسلحة لسورية واستخدم ميناء العميقة كوجهة لشحنات الأسلحة السوفيتية . لقد كان الوجود العسكري الروسي في طرطوس رمزيا ، وتمكنت روسيا من الحفاظ على إمكانية الوصول إلى طرطوس بعد سقوط الاتحاد السوفيتي حيث ألغت الحكومة الروسية الديون السورية المستحقة للاتحاد السوفيتي السابق. وقد افتقرت القاعدة الروسية في طرطوس لمرافق الصيانة والاصلاح لكنها كانت قادرة على استيعاب القطع البحرية الروسية أما بعد الاتفاق الأخير مع دمشق فتحاول موسكو تطوير مرافق ميناء طرطوس بما يسمح له باستيعاب السفن البحرية الروسية الكبيرة والقدرة على إدارة عمليات القيادة والسيطرة في مجال واسع وفق تقارير غربية .
تأسست مدينة وقاعدة سيفاستوبول البحرية ، في شبه جزيرة القرم ، في عام 1783 من قبل الإمبراطورية الروسية ، وظلت المدينة جزءًا من روسيا حتى نقلها إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية في عام 1978. وبعد ست سنوات من تفكك الاتحاد السوفيتي ، تخلت روسيا عن مطالباتها الإقليمية بالمدينة مقابل إيجار القاعدة البحرية للمياه الدافئة لمدة 20 عامًا . تعد مدينة وقاعدة سيفاستوبول البحرية أصولا عسكرية ذات قيمة استراتيجية ورمزية كبيرة لروسيا. تضم القاعدة أسطول البحر الأسود الروسي وفرقة عمل البحر الأبيض المتوسط ، التي أعيد تأسيسها في عام 2013 ، وتساعد روسيا على إبراز قوتها في منطقة البحر الأسود وفي البحر الأبيض المتوسط. كان الميناء أيضًا موقعًا لحصارين رئيسيين في زمن الحرب . واعتبارا من العام 2014 ، تمركز حوالي 15000 من أفراد البحرية الروسية في القاعدة. في عام 2008 ، كانت مدينة وقاعدة سيفاستوبول البحرية بمثابة نقطة انطلاق لعمليات الحصار والإنزال البرمائي خلال حرب روسيا مع جورجيا.
تشير الدراسات الاستراتيجية والدولية ، أنه في حين أن الاجتياح الروسي لشبه جزيرة القرم في ربيع عام 2014 ، في أعقاب الثورة التي أطاحت بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش . ربما حدث ما حدث في مدينة وقاعدة سيفاستوبول البحرية بسبب وجود القاعدة هناك والضم أكثر إلحاحًا . وقد اختارت روسيا الذهاب إلى أبعد من ضم شبه جزيرة القرم ، وبالتالي ضمان السيطرة على سيفاستوبول ، في حين أنها لم تتخذ نفس النهج في أبخازيا أو أوسيتيا الجنوبية - وهما جمهوريتان جورجيتان منفصلتان متحالفتان مع روسيا ولكنهما لم تمتلكا قواعد بحرية روسية.
قد تبدو القاعدة في طرطوس أقل قيمة من نظيرتها في سيفاستوبول ولكنها ليست كذلك في حقيقة الأمر باعتبارها القاعدة البحرية الروسية الوحيدة خارج البوسفور - التي تسيطر عليه تركيا ، وهي عضو في حلف الناتو - تساعد قاعدة طرطوس في ترسيخ الوجود الروسي في البحر الأبيض المتوسط. وهي جزء كبير من اهتمام روسيا المستمر بسوريا. وبكل تأكيد تمتلك روسيا رؤية جيوسياسية أكبر للعالم ، وتعتبر شرق البحر المتوسط منطقة ذات أهمية ، وتريد أن تتأكد من أنها تستطيع تأمين مصالحها هناك." يرى الجنرال فيليب بريدلوف ، قائد أعلى للناتو، أن طرطوس أيضا جزء من جهود روسيا الرامية إلى إقامة منطقة أمنه لمنع طيران وتحليق حلف الناتو فوق المناطق AD وA2 وتهدف إلى منع قوات الناتو من اتخاذ إجراءات هجومية ضد روسيا وحلفائها في المنطقة. وقد أعلن الكرملين أن استعادة وجود قوي في أعالي البحار يمثل أولوية ، ويميل فلاديمير بوتين إلى التصرف وفقًا لأولوياته.
يلعب كل من سيفاستوبول وطرطوس دورًا في تعويض أوجه القصور الجغرافي في روسيا أيضًا. فقد واجهت روسيا دائمًا التحدي المتمثل في عدم وجود منفذ بحري كبير ، نتيجة جغرافيتها ، وبالتالي إلى الحد الذي تريده أن تكون لاعبًا نشطًا في البحر الأبيض المتوسط. يجب أن يكون لديها بعض القدرة على العمل خارج حدود البلاد . وتكرس روسيا هذا الطموح في الاستراتيجية البحرية الجديدة لروسيا ، والمفصّل في كتاب "العقيدة البحرية للاتحاد الروسي 2020 ." حيث تركز الاستراتيجية بشكل خاص على المحيط الأطلسي بسبب "توسع الناتو ، والحاجة إلى دمج شبه جزيرة القرم وقاعدة سيفاستوبول البحرية في الاقتصاد الروسي ، وإعادة تأسيس وجود دائم للبحرية الروسية في البحر الأبيض المتوسط" ، كما تؤكد هذه العقيدة أيضًا على أهمية القطب الشمالي ، نظرًا لمواردها المعدنية وسهولة الوصول منها إلى كل من المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ خصوصا في السنوات القليلة القادمة وبعد ارتفاع حرارة الأرض وبدء الثلوج بالذوبان في المنطقة المتجمدة الشمالية وزيادة واضحة في عدد أيام الملاحة .
و هذا لا يعني أن الاستراتيجية البحرية هي الدافع الأساسي وراء تدخلات روسيا لدعم حلفائها في أوكرانيا وسورية . لقد تألمت روسيا سابقا من التطرف الإسلامي المدعوم من الغرب ، ولهذا السبب قد تكون موسكو تريد أن ترسل للعالم مقارنة بين دعمها الثابت للحكومة السورية مقابل تخلي الغرب وتحديدا الولايات المتحدة عن دعم حكومة الرئيس حسني مبارك في مصر . كما تريد روسيا أن توصل رسالة لحلفائها بأن دور روسيا اليوم غير دور روسيا بالأمس وهي لا تتخلى عن حلفائها بسهولة وتحت أي ظرف من الظروف .
و حتى لو لم تحشد روسيا جيشها لتأمين القواعد البحرية ، فقد أعلن الكرملين بوضوح أن استعادة وجود قوي في أعالي البحار يمثل أولوية بالنسبة لموسكو. ويميل الرئيس فلاديمير بوتين إلى التصرف وفقًا لأولوياته في إشارة واضحة للعالم بأفول نجم القطب الواحد وعودة روسيا لمكانها في الساحة الدولية ضاربة بعرض الحائط موافقة الغرب على ذلك أم رفضه .



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الشباب التركي في ظل حكم الرئيس أرودغان
- الشرق الأوسط في المفكرة الصينية
- رسالة الميتروبوليتان فيليب صليبا إلى الرئيس باراك أوباما حول ...
- دعوة روسية للحذر
- كيف تصبحين أسطورة للشاعرة البريطانية نيكيتا جيل
- أغنية إلى جميلة للشاعر بودلير
- مفاهيم في الاقتصاد السياسي
- الصين والشرق الأوسط
- الطاقة والصراعات الجيوسياسية في شرق المتوسط
- مبادرة الحزام والطريق الصينية
- الايمان والخوف
- الليالي العشر...روح للمستقبل والمرح والخير
- شيطان ثم ملاك
- الاقتصاد بعد عقد من الزمن العقد
- العناق تجربة وأي تجربة
- سورية وأولويات الإدارة الأمريكية الجديدة
- التعليم عن بعد بين الايجابيات والسلبيات
- طريق الحرير و استراتيجية البحار الأربعة في سورية
- على طريق الغفران
- الأنظمة الاقتصادية الدولية وأنواعها


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - الموانئ في سياسة موسكو الخارجية