أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - الصين والشرق الأوسط





الصين والشرق الأوسط


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 6777 - 2021 / 1 / 3 - 23:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في نهاية عام 2010 كنت أعطي محاضرة عامة حول العقود الهندسية الدولية FEDIC ؛ وقتها بدأت محاضرتي بالحديث عن مشاريع النفط و الغاز الذي قد يعبر الحدود باتجاه شواطئ البحر المتوسط ، وتحدثت عن خطوط تعبر الحدود باتجاه الصين وخطوط أخرى تعبر الحدود من جنوب روسيا باتجاه الخليج العربي وأخرى من الخليج العربي باتجاه أوروبة مرورا بقبرص . أخبرت وقتها الحضور أنه في عالم النفط والغاز ،كما في عالم السياسة ، ليس هناك مستحيل و ليس هناك غريب . في عالم النفط والغاز ، هناك دائما تطورات وتغيرات وأسرار وفق ما ذكره ميشيل كليرك في رواية " فئران الأنابيب". كنت أشعر وقتها أن الحضور ينظر إلى بغرابة وكأني الساحر الغريب الذي يأتي بما يدهش ويثير الغرابة. اليوم ، نحن في بداية العام 2021 ، وكل ما كان في دنيا الأحلام صار على الطاولة .
ومنذ 2009، يعزز الرئيس بشارالأسد إستراتيجيته ورؤيته لـربط"البحار الأربعة" لتحويل سورية إلى محور تجاري في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط والخليج العربي وبحر العرب، وبحر قزوين، بالاصطفاف مع تركيا وإيران وأذربيجان في هذه العملية. حاليا تركيا تعادي سورية وتتدخل فيها عسكريا وتدعم المتمرين على الحكومة المركزية في دمشق ، ولهذا السبب تحاول دمشق فتح ثغرة في منطقة البحر الأحمر لتحل محل تركيا.
يوضح المسار الأخير لعلاقات الصين السياسية ومبادراتها الاقتصادية وموقفها العسكري بأن "المملكة الوسطى" قد وصلت إلى "الشرق الأوسط الكبير". ولعدة سنوات الآن، كانت الصين تعتقد أن أمن الطاقة مهم للغاية ويجب أن لا يترك لقوى السوق وحدها، ومن ثم جعلت هذه المسألة أولوية من ناحية الأمن القومي الصيني . وقد بدأت الصين بإنشاء موطئ قدم لها في وسط آسيا ، ومنطقة "البحار الأربعة" والشرق الأوسط، من خلال الدخول بمشاريع بدءاً من مد خطوط أنابيب وإقامة بنية تحتية جديدة والخول في مناقصات متزايدة لتطوير موانئ بحرية مدنية ونفطية وتمويل هذه المشاريع في حال عدم توفر التمويل لدى الحكومات المضيفة . كما تزيد البلاد أيضاً من علاقاتها العسكرية لحماية تلك المصالح. وعلاوة على ذلك، فإن الطريق لهذا التوسع الاقتصادي والسياسي الخارجي يشبه كثيراً فتح "طريق الحرير" القديم وطرق بحر العرب التي أوصلت الصين لأول مرة إلى الغرب.
لقد كان جزء كبير من هذا النشاط متجذراً في ميل الصين لتحقيق أمن الطاقة من وجهات نظر جغرافية سياسية واستراتيجية بدلاً من مجرد وجهة نظر اقتصادية خالصة. وتحديداً ، كانت بكين معنية بمواجهة مبادرات الطاقة الغربية في المنطقة. وفي عام 2009 ، على سبيل المثال، أكملت "شركة البترول الوطنية الصينية" التابعة للدولة خط أنابيب غاز طبيعي عبر "وسط آسيا" إلى تركمانستان على الشاطئ الشرقي لبحر قزوين، وفي نفس اللحظة التي كانت تعمل هناك مجموعة شركات مدعومة من قبل الاتحاد الأوروبي على خط أنابيب نابوكو للوصول إلى احتياطيات الغاز في تركمانستان من الغرب. وفي حزيران عام2010، أعلن رئيس تركمانستان قربان قولي بيردي محمدوف عن مشروع بتكلفة 2 مليار دولار لربط خط الأنابيب الشرقي مع الصين، بموارد تركمانستان الغربية، مما يهدد قابلية تطبيق خط أنابيب نابوكو.
وقد واجهت خطط الطاقة في مسرح عمل "الناتو" في أفغانستان المجاورة منافسة من الصين أيضاً. فقد دعت الشركات الأمريكية و"بنك التنمية الآسيوي" كثيراً إلى إنشاء خط أنابيب غاز من تركمانستان يمر عبر أفغانستان إلى المستهلكين في باكستان والهند، وقد تُوج في مشروع مقترح يدعى "خط أنابيب الغاز العابر تركمانستان - افغانستان - باكستان - الهند" (تابي). غير أن المشروع يجب أن يكون على مستوى الاقتراح المنافس لباكستان والهند بالحصول على الغاز عن طريق مد خطوط أنابيب من إيران. وفي آذار 2009، أبرمت طهران وإسلام أباد عقداً لبناء حصة إيران- باكستان من "خط أنابيب إيران- باكستان- الهند" بهدف جلب إما نيودلهي أو بكين إلى المشروع. وفي أماكن أخرى في المنطقة، دخلت الصين مسرح الطاقة العراقي، وهي الآن أكبر مستثمر للنفط والغاز في تلك البلاد.
التحول الاستراتيجي الصيني:
منذ أن أصبحت الصين دولة مستوردة للطاقة عام 1993، تبنت استراتيجية "الخروج" لشراء أصول الطاقة في الخارج، محولة الطرق التجارية التاريخية القديمة إلى شبكة خطوط أنابيب حديثة وطرق وسكك حديدية لإمدادات الطاقة الخاصة بها. وينبع هذا النهج من مخاوف بكين من الحصار الأمريكي على الإمدادات البحرية في حال نشوب عداءات بسبب تايوانأو حرب اقتصادية متطورة، فضلاً عن طلب الصين المتزايد للطاقة.
وقد أظهر تقرير في آب 2010 أن الصين قد أصبحت أول مستهلك للطاقة في العالم متخطية بذلك الولايات المتحدة. وبالإضافة إلى ذلك، تمتعت البلاد بنمو سنوي عشري لمعظم العقد الماضي أي حتى نهاية عام 2020، وزادت حاجة الصين للطاقة ليس بسبب طلب المستهلك، ولكن بفضل بناء البنية التحتية والصناعات الثقيلة التي تستهلك الطاقة، وكذلك النمو المتزايد في قطاع النقل بمختلف أنواعه.
وبمرور السنين، بدأ العديد من الصحفيين وصناع السياسة والعلماء في الإشارة إلى هذا المنهج على أنه استراتيجية "طريق الحرير الجديد". وفي المقابل، فضل المسؤولون الصينيون هذا التصور من أجل استحضار الروابط التاريخية المشتركة على طول "دول طريق الحرير القديم "، في الوقت الذي يسعون فيه إلى توسيع العلاقات مع دول في وسط آسيا والقوقاز والشرق الأوسط. وعلاوة على ذلك، ففي كانون الثاني 2010، أعلن مجلس الدولة بالصين إقامة "لجنة الطاقة الوطنية" برئاسة رئيس الوزراء وين جياباو مما يعكس المخاوف العميقة لدى النظام تجاه أمن الطاقة الصيني .
ولمعالجة تلك المخاوف انضمت بكين إلى "منظمة شانغهاي للتعاون" التي تم تأسيسها في عام 2001، وتتكون من الصين وروسيا ودول وسط آسيا الأربع كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، إلى جانب أربع دول مراقبة وهي (إيران وباكستان والهند ومنغوليا). وقد استخدمت الصين المنظمة لتحقيق تكامل اقتصادي تدريجي مع منطقة "وسط آسيا/بحر قزوين" وتلبية ثلاثة أهداف رئيسية هي:
1- تهدئة مقاطعة شينجيانغالمتوترة وهي موطن قوى "الأويغور المسلمين" الانفصالية الكبيرة
2- تنويع مصادر الطاقة من الخليج العربي
3- إظهار الهيمنة الصينية في القارة الأوراسية.
وقد ركزت هذه الاستراتيجية بشكل كبير على استخدام الوسائل المالية لخلق تبعية بين الحكومات الإقليمية، والبناء على التعاون المتزايد في المجالات السياسية والعسكرية والنفط والغاز.
وفي الواقع، وكما تقوم شركة الطاقة الروسية غازبروم المملوكة للدولة الروسية باستخدام الطاقة كسلاح عن طريق قطع إمدادات الغاز لاستهداف دول معينة إذا رفضت تنفيذ السياسة الخارجية الروسية ، ترى بكين الطاقة سلاحاً يجب استخدامه لأغراض استراتيجية .
الأثر الصينيالمتزايد:
امتدت استثمارات الطاقة الصينية المنتشرة على نطاق واسع إلى كل ركن تقريباً في "الشرق الأوسط الكبير"، ولا سيما في "حوض بحر قزوين" وأطراف أخرى مثل إيران وتركيا واليونان. وفي الكثير من الحالات تُرجم هذا التمدد الاقتصادي المتنامي إلى موطئ قدم عسكري أيضاً، نظراً إلى المشاركة الواسعة النطاق لأفراد الجيش الصيني في مشروعات الطاقة و"الشراكات الاستراتيجية" التي شكلتها بكين مع دول رئيسية في القارة الأوراسية غربا وشرقا.
الصين وإيران:
بين عامي 2005 و 2010، وقعت الشركات الصينية عقوداً بقيمة 120 مليار دولار مع قطاع النفط والغاز الإيراني. ولإيران أهمية خاصة لدى الصين لأن لها حدوداً مع بحر قزوين والخليج العربي. وفي الخليج ترى بكين إيران كوسيلة لتحقيق توازن أمام الدول العربية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، وبسبب إيرانفإن البحرية الأمريكية غير قادرة على إغلاق الخليج العربي تماماً، طالما تسيطر إيران حليفة الصين على الجانب الشرقي منه. كما أن طهران هي أيضاً طرف رئيسي في "طريق الحرير الجديد" البري والبحري للصين، حيث تتطلع بكين إلى زيادة الروابط مع إيران عن طريق إنشاء خطوط السكك الحديدية، بل وربما إنشاء قاعدة بحرية في إحدى الجزر الإيرانية.
الصين و السعودية :
يتدفق أكثر من نصف النفط السعودي حالياً إلى آسيا مقارنة بـ 14 بالمائة فقط إلى الولايات المتحدة. وتملك شركة أرامكو السعودية مصفاة في مقاطعة تشينغداو في الصين وأخرى في مقاطعة فوجيان، في حين بدأت الشركات الصينية في الاستثمار في الصناعة والبنية التحتية السعودية. وفي الوقت نفسه، لا تزال المملكة شريك الصين التجاري الأكبر في منطقة الشرق الأوسط رغم علاقاتها التاريخية المميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب ، الأعداء التقليديين التاريخيين للصين .
وعلى الصعيد العسكري، في الثمانينات من القرن العشرين، قدمت الصين إلى السعوديين صواريخ ذات قدرة نووية من طراز "CSS-2"، وقد عبرت واشنطن عن قلقها من الصفقة وهي قلقة الآن من أن الرياض ربما تسعى لخلق رادع ضد إيران باكتساب المزيد من الأسلحة التي صممتها الصين، فضلاً عن الرؤوس النووية ذات الاستخدام المزدوج التي تأتي من باكستان. ورغم أن الولايات المتحدة ما تزال هي الضامن الرئيسي لأمن السعودية إلا أن المملكة تحقق التوازن بمراهناتها الدولية في وجه إيران التي ربما تصبح نووية من خلال تعاطيها مع بكين، حليفة طهران الرئيسية.
الصين والعراق:
زادت بكين بالفعل من حجم استثماراتها في العراق، وهي الآن أكبر مستثمر للنفط والغاز في تلك البلاد، حيث وقعت على عقود تطوير وخدمات طويلة المدى لحقول نفط الأحدب والرميلة وحلفاية وميسان إما بصورة مباشرة أو من خلال الشركات الأجنبية التي تم شراؤها مؤخراً. وبالنظر إلى إنتاج النفط العراقي الذي ما يزال محدوداً والمشاكل الأمنية المتزايدة وعدم وجود قانون للنفط والغاز، سوف تستمر الصين في الاعتماد بقوة على مموليها الكبار الحاليين وهم السعودية وأنغولا وإيران.
الصين وتركيا:
بالإضافة إلى حدودها مع كل من البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط فإن تركيا هي عضو قديم في منظمة حلف شمال الاطلسي "الناتو" ،ولديها اتفاقيةاتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، وتمثل منفذ العبور الرئيسي لاثني عشر مشروعاً لخطوط الأنابيب متعددة الجنسيات. إن الموقع الجغرافي الاستراتيجي للبلاد يشكل أيضاً موقع مثالي لشبكات السكك الحديدية التي تربط أوروبا بالشرق الأوسط وآسيا. وبناء على ذلك، عندما زار رئيس الوزراء الصيني وين جياباو أنقرة في تشرين الأول 2010، رفعت الصين مستوى علاقاتها الثنائية مع تركيا إلى مستوى "تعاون استراتيجي".
وقد جاءت زيارة وين جياباو في أعقاب مناورات "نسر الأناضول" القتالية الجوية المشتركة (التي قامت بها القوات الصينية والتركية) ومهمة السلام 2010لـ "منظمة شانغهاي للتعاون" (وهو تدريب عسكري لمكافحة الإرهاب جرى في كازاخستان). وتقليدياً كانت مناورات "نسر الأناضول" تدريباً لحلف "الناتو" بين تركيا والولايات المتحدة وأعضاء آخرين في منظمة حلف شمال الأطلسي، والكيان الإسرائيلي؛ لكن يبدو أن أنقرة قد فضلت أن تحل الصين محل إسرائيل.
الصين واليونان:
في حزيران 2010، تولت شركة الشحن العملاقة "كوسكو" المملوكة للصين، الإدارة والتحكم العملياتي الكامل على الرصيف الرئيسي في أكبر ميناء يوناني وهو ميناء بيرايوس بتكلفة 2.8 مليار جنيه إسترليني في عقد مدته خمسة وثلاثين عاماً يشمل توسيعاً مخططاً له ومتفق عليه يشبه إلى حد بعيد الاستثمار الروسي لميناء طرطوس السوري. وبالنظر إلى أن اليونان تتحكم في خُمس أسطول التجارة العالمي، وهي أكبر زبون لأحواض بناء السفن الصينية، يهدف هذا الجهد إلى تعزيز التجارة الصينية مع الأسواق الناشئة حول إطار البحرين الأسود والمتوسط. وتخطط الصين أيضاً لشراء حصة في شبكة السكك الحديدية اليونانية المثقلة بالديونوبناء مطار في كريت وبناء مركز لوجيستي في شمال أثينا.
الصين وسورية واستراتيجية "البحار الأربعة":
في الوقت الذي تشرع فيه بكين في استراتيجيتها لتطوير "طريق الحريرالجديد" عن طريق "التطلعنحو الغرب" تهدف سياسة "التطلعنحو الشرق" التي تتبعها سورية إلى مقابلة الصين في بحر قزوين. فمنذ 2009، يعزز الرئيس بشار الأسد استراتيجيته لـ "البحار الأربعة" لتحويل بلاده إلى محور تجاري في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط والخليج العربي وبحر العرب وبحر قزوين، بالاصطفاف مع تركيا وإيران وأذربيجان في هذه العملية. وبينما كانت تركيا تبرز كأهم مستثمر وشريك تجاري لسورية قبل الحرب، و تبقى إيران الضامن لأمن سورية، و أصبح ثلاثي أنقرة- دمشق- طهران في عام 2009 نواة لمنهج يهدف إلى ضم العراق والقوقاز في سلسلة متصلة جغرافياً تربط "البحار الأربعة".
وبينما يرى الغرب سورية وإيران ودولاً مماثلة بأنها عوائق استراتيجية ودولاً مارقة، ترى الصين هذه الدول كأصول استراتيجية. ومنذ غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003، تخشى بكين من أن استراتيجية واشنطن لـ "الشرق الأوسط الكبير" تنطوي على تطويق الصين وخلق نموذج للإطاحة بالأنظمة غير الديمقراطية. ورداً على ذلك، زادت بكين من روابطها الاقتصادية والدبلوماسية مع بلدان في المنطقة لها علاقات إشكالية مع الولايات المتحدة والغرب.
إن أحد المكونات الرئيسية لاستراتيجية "البحار الأربعة" هو التركيز على البنية التحتية للطاقة وتطوير السكك الحديدية. وعلى صعيد الطاقة اتخذ الرئيس بشار الأسد خطوات لتوسيع "خط أنابيب الغاز العربي" لنقل الغاز من مصر والعراق عبر سورية، والعمل في الوقت نفسه مع أذربيجان وروسيا حول مقترحات لربط هذا الأنبوب بخطوط أنابيب نابوكو وصولاً إلى تركيا وأوروبا. وعلاوة على ذلك، ومن خلال الربط مع إيران، يمكن أن يتصل "خط أنابيب الغاز العربي" في نهاية المطاف بخط أنابيب تركمانستان- الصين وخطوط أنابيب النفط المستقبلية بين كازاخستان والصين.
وفي الوقت نفسه، تتقاطع خطط سورية لبناء سكك حديدية من موانئها في البحر الأبيض المتوسط إلى جنوب العراق مع مصالح الصين في بناء شبكة سكك حديدية تربطها بآسيا الوسطى والشرق الأوسط وأوروبا. إن بكين مهتمة بوجه خاص بتوسيع السكك الحديدية عالية السرعة، وذلك بالتفاوض مع سبعة عشر بلداً حول هذه الخطوط بالإضافة إلى توسعها الداخلي السريع. وتلعب السكك الحديدية دوراً مهماً في النقل وخدمات الإمداد والتجهيز العسكرية في نطاق جهود الصين لإظهار القوة في المنطقة الأوراسية .
إن الموقف الصيني المؤيد لدمشق أثناء عشر سنوات من الحرب على هذا البلد واتخاذ بكين موقف الحامي المدافع عن دمشق في الأمم المتحدة يظهر مدى الاهتمام الصيني بسورية ومدى تثمين بكين لعلاقاتها التاريخية مع دمشق. إن دراسة متأنية لرؤية دمشق في مبادرتها حول " البحار الأربعة "يبين التطابق الشديد مع مبادرة بكين " الحزام والطريق " . سورية بصغرها والصين بكبرها لهما نفس الأهمية لبعضهما في المجال السياسي والاقتصادي والعسكري.
الأبعاد العسكرية الصينية للتوسع غربا :
تتمحور استراتيجية بكين الحالية حول تحقيق موطئ قدم صيني من خلال النفوذ العسكري أو الجيوسياسي على طول الشريط الساحلي للمحيط الهندي، وإلى الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط .لقد بنت الصين "سلسلة من اللؤلؤ" ، وتقع اللآلئ التي أقامتها بكين في السنوات الأخيرة على طول طرق البحار المستخدمة منذ قرون لربط الصين بحوض البحر الأبيض المتوسط. وهناك لآليء معينة تشمل مرافق مطورة في مدينة بور سودان بين مرافق أخرى.
كما أضافت الصين أيضاً ميناء بيرايوس اليوناني كلؤلؤة جديدة في البحر المتوسط. وفي آب 2010، وقد زارت القطع البحرية الصينية بيرايوس عندما التقى رئيس أركان القوات الجوية اليونانية فاسيليوس كلوكوزاس مع وزير الدفاع الصيني ليانغ قوانغ ليه في بكين في الشهر نفسه لمناقشة التعاون العسكري المتزايد. وفي أماكن أخرى تأمل بكين في إقامة قاعدة بحرية دائمة في خليج عدن و بحر العرب. والخيار الأرجح هو ميناء عدن اليمني ذلك أن البدائل الأخرى - سلطنة عمان وجيبوتي - لها علاقات وطيدة مع حلف "الناتو" وواشنطن.
كما تزيد الصين أيضاً من وجودها العسكري برَّاً من خلال نشر أفراد الجيش والشرطة لمراقبة مشروعات الإنشاء الخارجية للسكك الحديدية والموانئ. على سبيل المثال يقال أن الصين نشرت عدة آلاف من الجنود في كشمير مما يثير مخاوف هندية حول الجهود الصينية لربطمشاريع الطرق والسكك الحديدية في "جبال كاراكورام" بميناء جوادار في باكستان.
إن قراءة متأنية للخارطة الجيوسياسية للمنطقة تبين ماهية واهداف الحروب وأبعادها الاقليمية والدولية. هناك من يسمي الحروب التي جرت خلال العقد المنصرم " حراك شعبي" وهناك من يسميها " المطالبة بالحريات " وهناك من أطلق عليها اسم "الربيع" وكل هذه التسميات ما هي إلا "عناوين براقة " تخفي خلفها ما تخفيه من أسرار وحروب خفية بين القوى العظمى ، في حين ان الضحية هم المساكين من كل الأطراف .



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطاقة والصراعات الجيوسياسية في شرق المتوسط
- مبادرة الحزام والطريق الصينية
- الايمان والخوف
- الليالي العشر...روح للمستقبل والمرح والخير
- شيطان ثم ملاك
- الاقتصاد بعد عقد من الزمن العقد
- العناق تجربة وأي تجربة
- سورية وأولويات الإدارة الأمريكية الجديدة
- التعليم عن بعد بين الايجابيات والسلبيات
- طريق الحرير و استراتيجية البحار الأربعة في سورية
- على طريق الغفران
- الأنظمة الاقتصادية الدولية وأنواعها
- سأحبك أكثر...للشاعرة اللبنانية مادونا عسكر
- الظهور الثاني The Second Coming للشاعر وليم بتلر ييتس WILLIA ...
- هذي الحياة..للشاعرة اللبنانية مادونا عسكر
- التنبؤات الاقتصادية العالمية لعام 2021
- مفاهيم اقتصادية
- الرئيس جو بايدن والشرق الأوسط
- النجاح ومعانيه
- أغنية لشجرة الزيتون


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - الصين والشرق الأوسط