أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - طريق الحرير و استراتيجية البحار الأربعة في سورية















المزيد.....

طريق الحرير و استراتيجية البحار الأربعة في سورية


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 6763 - 2020 / 12 / 17 - 23:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الوقت الذي يركز فيه المجتمع الدولي على برنامج ايران النووي وعودة الولايات المتحدة للتفاوض مع إيران ، تعمل الصين باطراد على توسيع علاقاتها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية مع الجمهورية العربية السورية . اللافت للنظر أن العلاقات السورية الصينية قد تطورت كثيرا بدءا من عام 2004 عقب زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للصين بعد الاجتياح الأمريكي للعراق في عام 2003 . واللافت أيضا أن التعاون الاقتصادي بين سورية والصين متزايد باستمرار وقد شهدت الشهور الأخيرة تبادل وجهات النظر رفيعة المستوى حول القضايا السياسية والاستراتيجية والاقتصادية شملت سبل مكافحة الإرهاب واعادة الاعمار ومبادرة الحزام والطريق Belt and Road Initiative .
على مر التاريخ ، كان الشرق الأوسط جسرا مهما للتواصل بين أسيا وأوروبا، وكان محطة هامة لطريق الحرير القديم ، وقد بدأت الصين بدءا من عام 1991 اعادة بناء طريق الحرير من جديد تحت عنوان مبادرة الحزام والطريق عبر بناء شبكة كبيرة من الطرق السريعة بين الدول، والاستثمار في البنية التحتية والفوقية من أنابيب نفط وغاز وخطوط سكك حديدية تبدأ من الصين بهدف إعادة ربط دول وسط وغرب أسيا بأوروبا واحياء الخط التجاري التاريخي .
تهتم بكين بدمشق كثيرا وهذا الاهتمام المتجدد دوما مرده أن دمشق تشكل العقدة الطرقية التقليدية لطريق الحرير القديم ، ورغم الحرب الكونية الحالية على سورية والعقوبات المتكررة من جانب الغرب على سورية والعزلة شبه الكاملة على دمشق دوليا ، تعتبر الصين سورية مركزا تجاريا مهما وشريكا لا يمكن الاستغناء عنه للمصالح الصينية في أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط. وتسمي الصين دمشق باسم "نينغ جيولي " أي القوة المتماسكة دوما رغم الصعاب . وفي ذات الوقت تعمل دمشق كقوة متماسكة حيث تتلاقى مصالح سورية على صغرها جغرافيا بمصالح الصين على كبرها في أن الصين تنظر غربا وسورية تنظر نحو الشرق تجاه الصين كشريك تاريخي لا يمكن الاستغناء عنه .
تنظر الصين إلى سورية على أنها جزء لا يتجزأ من استراتيجية الصين الأوسع للشرق الأوسط ، والتي قال جين ليانغ شيانغ ، الخبير و الباحث في معهد شنغهاي للدراسات الدولية " إنها تمر بمخاض جديد وأن عصر السلبية الصينية في الشرق الأوسط قد انتهى".

في الواقع ، ومنذ التدخل الأمريكي في العراق عام 2003 ، أصبحت الصين أكثر نشاطًا في متابعة "استراتيجية التطويق" التي تمارسها الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط تجاه قوى فاعلة في الشرق الأوسط مثل الصين وروسيا وإيران . وقد انتقد وزير الخارجية الصيني تشيان كيتشن السياسة الخارجية الأمريكية في مقال نشرته صحيفة " الصين اليومية" حيث قال فيه: " إن الولايات المتحدة طرحت برنامجها الإصلاحي نحو الشرق الأوسط وأسمته" الشرق الأوسط الكبير ". وتخشى الصين انتشار البرنامج الأمريكي للإصلاح شرقا نحو أراضيها .
ويساور بكين القلق من أن استراتيجية واشنطن في الشرق الأوسط تنطوي على تعزيز تطويق الصين، وخلق معيار محدد وفق المفاهيم الأمريكية لتغيير النظام ضد الدول التي تصفها واشنطن بأنها غير ديمقراطية ، والتي تتحدى ضمنياً شرعية الحزب الشيوعي الصيني في الداخل. ولمواجهة ذلك ، عززت الصين العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع دول المنطقة ، وعملت على إنشاء منطقة تجارة حرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي ، وأنشأت منتدى التعاون العربي الصيني، وزادت من تواجدها في المنطقة بشكل عام. كما أعلن جين ليانغ شيانغ أنه "إذا لم تأخذ الحسابات الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط المصالح الصينية في الاعتبار ، فلن تعكس الواقع".
هناك العديد من الأسباب التي تدفع الصين للاهتمام بسورية بغض النظر عن موقعها الجغرافي كنقطة نهاية لطريق الحرير بحرا أو كممر اجباري برا منها :
- لا تريد الصين لسورية أن تصبح دولة فاشلة في المنطقة وأن توفر ملاذا آمنا للمجموعات الإرهابية ، وخاصة الإيغور الذين يتمركزون في إدلب قرب الحدود التركية السورية والذين يحضرون بنية تحتية لمهاجمة شينجيانغ وزعزعة استقرارها ، وهي المقاطعة ذات الأغلبية المسلمة في غرب الصين ورأس جسر مبادرة الحزام والطريق.
- الصين ، عكس الولايات المتحدة التي تنتج حاليا الطاقة وتصدرها ، لا زالت تعتمد على مصادر الطاقة القادمة من الشرق الأوسط ، ويعنيها كثيرا الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة لتأمين مصادر الطاقة بأمان.
- تعد سورية بوابة الصين للوصول إلى الأسواق الأوروبية في مواجهة ضغوط الحماية المتزايدة التي تفرضها ألمانيا وفرنسا وبريطانية ، وهو ما دفع الصين لإطلاق استراتيجية الاستثمار في البلدان والأقاليم التي انضمت للاتحاد الأوروبي بمشاريع البوت بأنواعها ، وفي سورية ولبنان والأردن التي تعد نفسها للدخول إلى الاتحاد المتوسطي وتنفيذ اتفاقية برشلونة التي عقدت عام 1995 لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الاتحاد الأوروبي ودول حوض المتوسط والتي تأجل دخول سورية إليها لأسباب تقنية ولوجستية وبتفهم من جميع الأطراف في بداية الألفية الجديدة .
في عام 2009 ، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ دول البلقان مثل المجر وبلغاريا ورومانيا والتي انضمت للاتحاد الأوروبي لتكون بمثابة حلقة وصل مع دول البلقان الصغرى ( سورية وجوارها ) للمساعدة في توقيع اتفاقيات عديدة مع الاتحاد الأوروبي.
حاليًا يوجد تصدعات داخل الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمساعدات إعادة الإعمار لسورية مع رغبة بعض الدول في إعادة العلاقات مع دمشق. وحيث أن الصين تلعب لعبة طويلة ، وعندما يكون هناك قرار نهائي بشأن سورية وتوقع دمشق اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي ، فإن استثمار الصين في سورية سيكون على وشك الحصول على رأس جسر في سوق الاتحاد الأوروبي عبر الاتحاد المتوسطي.

وفي الوقت الذي تتحرك الصين فيه غربًا عبر مبادرة الحزام والطريق ، تتحرك دمشق بشكل متزامن باتجاه الشرق. فمنذ عام 2009 ، طرح الرئيس بشار الأسد " استراتيجية البحار الأربعة " لتحويل دمشق إلى مركز تجاري بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط والخليج العربي / بحر العرب وبحر قزوين. وفي هذا السياق تعتبر سورية بالنسبة بنفس أهمية الصين لسورية في سنوات الحرب الدولية عليها. وقد أكد الرئيس بشار الأسد في مبادرته أنه "بمجرد اندماج الفضاء الاقتصادي بين سورية وتركيا والعراق وإيران ، سنربط البحر المتوسط ، بحر قزوين ، البحر الأسود ، والخليج العربي.... لسنا مهمين فقط في الشرق الأوسط ، وبمجرد ربط هذه البحار الأربعة ، نصبح التقاطع الإجباري للعالم بأسره في الاستثمار والنقل وغير ذلك. "
ومع ذلك ، ومع التداعيات الحالية للحرب الإرهابية على سورية واصطفاف أنقرة مع المجموعات الارهابية وخروجها عن الاتفاقيات الرسمية المعقودة بين البلدين وزيادة التوتر بين أنقرة ودمشق ، تتطلع سورية إلى البحر الأحمر مع مصر لتحل محل البحر الأسود ، لتشكل ما يبرز كقوس أمني جديد في الشرق الأوسط لمكافحة الإرهاب. ومن المثير للاهتمام أن هذا القوس الأمني التي تتطلع سورية لتأسيسه من جديد يتداخل مع "الممر الاقتصادي لآسيا الوسطى وغرب آسيا" (CCAWEC) في مبادرة الحزام والطريق.
لقد وصف الرئيس الأسد العلاقة بين سورية ودول البحار الأربعة بأنها "محيط واحد أكبر ...ونحن نتحدث عن سورية التي تشكل مركز العالم" والدور الذي يمكن أن تلعبه سورية كوسيلة لوصول دول الاتحاد الأوروبي إلى الأسواق في العالم العربي دول غرب آسيا.
اليوم ومع تباطؤ الغرب والاتحاد الأوروبي في حل الأزمة السورية وإنهاء التسليح السياسي والمادي والعسكري للمجموعات المعادية لدمشق والعداء لسورية ، تحاول دمشق التوغل شرقا نحو الصين وتأصيل دورها في القوس الأمني الاقتصادي الجديد عبر مبادرة الحزام والطريق الصينية في لعبة جديدة وتغير للأدوار في منطقة تعج بالتناقضات السياسية والدينية والفكرية والعقائدية .



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على طريق الغفران
- الأنظمة الاقتصادية الدولية وأنواعها
- سأحبك أكثر...للشاعرة اللبنانية مادونا عسكر
- الظهور الثاني The Second Coming للشاعر وليم بتلر ييتس WILLIA ...
- هذي الحياة..للشاعرة اللبنانية مادونا عسكر
- التنبؤات الاقتصادية العالمية لعام 2021
- مفاهيم اقتصادية
- الرئيس جو بايدن والشرق الأوسط
- النجاح ومعانيه
- أغنية لشجرة الزيتون
- الاقتصاد الموازي في الميزان
- كأني إذ مدحتك قد هذيت
- نحو حب غير مشروط
- رسائل -قلب الظلام-
- سوق الخيانة
- المرأة والسرير
- السياسات العامة في المكاتب
- المرونة الاقتصادية
- إدارة الضغوط أثناء وباء كورونا
- لماذا نجلد أنفسنا؟


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - طريق الحرير و استراتيجية البحار الأربعة في سورية