أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - كأني إذ مدحتك قد هذيت














المزيد.....

كأني إذ مدحتك قد هذيت


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 6711 - 2020 / 10 / 22 - 23:44
المحور: الادب والفن
    


ينصحنا ابن المقفع وهو خير الناصحين حين يقول : "من يصاحب السلطان كمن يضع الحية في عبه لا يعرف متى تنقلب عليه " ، و ربما كانت هذه الخصلة متأصلة في القادة والسلاطين والمدراء على مرّ الأيام.فأنت تقدم الغالي والرخيص في خدمتهم وفي النهاية يكون الجزاء من غير جنس العمل والتاريخ مشبع بالحكايات والقصص والنوادر التي تروي علاقة الناس بالسلاطين .
يحكى أنه في يوم من الأيام حمل جحا الضاحك المضحك كما سماه العقاد يوما إلى تيمور رمانات باكورية ظهرت في غير أوانها ، فرضي عنه تيمور وأرضاه.
ثم طمع في جائزة أخرى، فجمع رءوسًا من اللفت ليهديها إليه، فقال له بعض جيرانه إن اللفت لا يصلح لإهداء الملوك، فاذهب إليه بنخبة من التين فهو ألطف وأحلى.
واستكبر تيمور أن يهدى إليه التين وهو يملأ الأسواق، وأحب أن يكف جحا عن طمعه، فأمر الجند أن يقذفوه بالتين واحدة بعد واحدة.
فوقف جحا يتلقى الضربات على رأسه وعلى وجهه وعلى عينيه وأنفه وهو يضحك ، ويدعو للجار الذي أسدى إليه النصيحة الصادقة.
واشتد عجب تيمور من ضحكه ودعائه، فأمر الجند أن يمسكوا عن ضربه، ليسأله عن سر ذلك الضحك وذلك الدعاء.
قال: إنه سر عظيم، لو كان اللفت في موضع هذا التين، لتهشم رأسي وانفقأت عيناي! الحمد لله.
ويحكى أن ربيعة الرقي امتدح العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس (عم هارون الرشيد) بقصيدة جميلة في وزنها، جزيلة في معناها، جميلة في وصفها، وهي طويلة يقول فيها:

لو قيل للعباس يا ابن محمدٍ ...... قل لا وأنت مخلد ما قالها
ما إن أعد من المكارم خصلة .... إلا وجدتك عمها أو خالها
وإذا الملوك تسايرت في بلدة ... كانوا كواكبها وكنت هلالها
إن المكارم لم تزل معقولةً ..... حتى حللت براحتيك عقالها

ثم ترك له الرقعة وخرج، فبعث إليه العباس بدينارين، وكان يقدر فيه ألفين، فلما نظر إلى الدينارين، كاد أن يجن غضبا ، وقال الرسول : خذ الدينارين فهما لك على أن ترد إلي الرقعة، من حيث لا يدري العباس، ففعل الرسول ذلك، فأخذها ربيعة، و كتب في ظهرها:


هززتك هزة السيف المحلى......... فلما أن ضربت بك انثنيت
مدحتك مدحة الطرف المجلي ... لتجري في الكرام كما جريت
فهبها مدحة ذهبت ضياعا .......... كذبت عليك فيها وافتريت
فأنت المرء ليس له وفاءٌ ............ كأني إذ مدحتك قد هذيت


والطرف هو الفرس الأصيل، أما المجلي فهو عند العرب من الخيل السوابق .

ثم دفعها إلى الرسول وقال له : ضعها في الموضع الذي أخذتها منه، ففعل.
فلما كان من الغد، أخذ العباس الورقة وقرأ الأبيات و غضب، وقام من ساعته ، وركب إلى الرشيد، وكان أثيرا عنده يبجله ويقدمه على غيره، فرأى الرشيد الكراهة في وجهه،
فقال له الرشيد : ما شأنك؟
قال: هجاني ربيعة الرقي.
فأحضره الرشيد، وقال له: أتهجو عمي، وآثر خلق الله عندي؟ لقد هممت أن أضرب عنقك.
أجاب ربيعة : يا أمير المؤمنين، والله لقد امتدحته بقصيدة ما قال أحد مثلها من الشعراء في أحد من الخلفاء، ولقد بالغت في الثناء، وأكثرت من الوصف، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإحضارها فعل.
وعندما سمع الرشيد القصيدة المادحة ، سكن غضبه، وأحب أن ينظر في القصيدة، فأمر العباس بإحضارها فتلكأ عليه.
قال له الرشيد: سألتك بحق أمير المؤمنين، إلا أمرت بإحضارها؟
أحضر العباس القصيدة ، فإذا فيها القصيدة بعينها، فاستحسنها و استجادها وأعجب بها، وقال: والله ما قال أحد من الشعراء في أحد من الخلفاء مثلها، ولقد صدق ربيعة ، فبرَّ .
ثم قال للعباس: كم أثبته عليها؟ فسكت العباس، وتغير لونه، وغص بريقه.
قال ربيعة: أثابني عنها يا أمير المؤمنين بدينارين، فغضب الرشيد غضبا شديدا، ونظر في وجه العباس، وقال: سوءة لك! أية حال قعدت بك عن إثابته؟ أقلة مال؟ فوالله لقد نولتك جهدي، أم انقطاع المال عنك؟ فوالله ما انقطعت بك، أم أصلك؟ فهو الأصل الذي لا يدانيه شيء، أم نفسك؟ لا ذنب لي، بل نفسك والله فعلت بك ذلك، حتى فضحت أجدادك وفضحني، وفضحت نفسك
فنكس العباس رأسه، ولم ينطق، ف
قال الرشيد: يا غلام، أعط ربيعة ثلاثين ألف درهم، وخلعةً، واحمله على بغلة، ثم قال له: بحياتي لا تذكره في شيء من شعرك تعريضا ولا تصريحا.
فقال له ربيعة الرقي : من كان ابن أخيه بمثل هذا العطاء لا يمكن أن يذكر إلا يخير.
وكان ما كان ...



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو حب غير مشروط
- رسائل -قلب الظلام-
- سوق الخيانة
- المرأة والسرير
- السياسات العامة في المكاتب
- المرونة الاقتصادية
- إدارة الضغوط أثناء وباء كورونا
- لماذا نجلد أنفسنا؟
- تعددت الأقلام والمداد واحد
- المواطن الرقمي
- الاستهداف الرقمي الدقيق في الحملات الانتخابية
- على قدر أهل العزم
- لماذا نستقيل من العمل؟
- وللفشل قوانينه
- مدرسة المستقبل في العالم العربي
- الاستهداف الرقمي الدقيق
- والنساءُ ظنونُ
- التفاوض في أجواء الكذب
- في طبائع المرأة العصرية
- ثقافة الإلغاء في السياسة الحديثة


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - كأني إذ مدحتك قد هذيت