أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - المناضل الديمقراطي















المزيد.....


المناضل الديمقراطي


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6791 - 2021 / 1 / 18 - 22:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما العلاقة بين المناضل والديمقراطية ، وما العلاقة بين التنظيم والديمقراطية ؟
هل يمكن تصور وجود مناضل او تنظيم غير ديمقراطي ؟
كما جرى به العمل ، لا يمكن للمناضل ان يكون مناضلا ، ولا للتنظيم ان يكون كذلك ، دون ان يكون المناضل والتنظيم ديمقراطيا .. فالنضال كقاعدة عامة ، وأياً كانت اشكاله ، ونوعه ، يكون مبتغاه وهدفه ، هو الديمقراطية ممارسةً في ظل نظام يكون ديمقراطيا...
لكن هل كل المناضلين وكل التنظيمات ديمقراطية ، وانْ كان الكل يرفع شعار الديمقراطية لبناء النظام الديمقراطي ؟
واذا كان الجميع يصبو للديمقراطية ، فهل هذا الجميع متفق وموحد على المعنى المقصود بالديمقراطية ، ومنه هل الكل متفق على نوع النظام الديمقراطي الذي يحلم به الجميع ؟
من السهل على أي شخص ان يرفع شعار الديمقراطية ، وان يدعو الى الدولة الديمقراطية .. لكن من الصعب جدا ان يحصل الربط بين شعارات الديمقراطية ، والممارسة الديمقراطية .. فقد يتغنى أي مناضل ، واي تنظيم بالديمقراطية ، لكن الحقيقة المشاهدة ، انّ لا علاقة ولا رابط بين الشعارات المروجة باسم الديمقراطية ، وباسم النظام الديمقراطي ، وبين الممارسة اليومية التي لا علاقة بها بالشعارات المتداولة ...
المناضل الحقيقي ، والتنظيم الحقيقي الداعي الى الديمقراطية ، والى الدولة الديمقراطية ، يجب ان يتلحّف بأوصاف ، وبعوامل ، او شروط الديمقراطية ... ومن اهم هذه الشروط ، انْ يتجنب المناضل و التنظيم الذي يرفع شعارات الديمقراطية ، حب وسمة الأنا الذي يتحكم في ممارساته اليومية الأنا الأعلى الذي ينطق بحقيقة المناضل والتنظيم ، انه فعلا ديمقراطي بالقناعة والممارسة ، او انه يتاجر باسم الديمقراطية التي تتعارض مع ممارساته اليومية ، وتتعارض مع القيم الديمقراطية بنفحاتها الكونية ،وحتى شيئا من الخصوصية باسم مراعاة الحق في الاختلاف ، حول الحواشي لا حول المضمون الذي يبقى هو الديمقراطية ..
فعندما يغرق المناضل و التنظيم من مرض الشخصانية والأنا الذي يتحكم فيه الأنا الأعلى ، ويتصرف انه ليس نبياً ( وحتى الأنبياء تعرضوا للتقريع وللتشكيك ) او ملاكا ، وانه معصوم من الخطأ ، وما يقوله منزّه عن النقد والانتقاد ، وانّ كلامه قرآن ، او انجيل ، او توراة منزل ... هنا تطفح الملائكة المنزلة التي لا يأتيها الباطل من حيث اتي ، وهنا تكمن العلة بين رفع الشعار باسم الديمقراطية ، وبين الممارسات التي تحصل باسم الديمقراطية ، رغم انها في اصلها متعارضة مع القيم الديمقراطية ...
ان المناضل الديمقراطي الحقيقي ، والتنظيم الديمقراطي الحقيقي ، هو من لا يضفي البياض على سلوكه ، وعلى قراراته ، وعلى نوع المشروع الذي يحلم به ويشتغل عليه .. فالمناضل الديمقراطي ، والتنظيم الديمقراطي ، مفروض فيه كل مرة القيام بالمراجعة ، للتقييم من اجل التصحيح ، ومن اجل التصويب .. فلا يمكن لأي عمل حتى يحقق او يتمكن من النجاح ، الاّ ينظر الى نواقصه ، وخلله ، ومثبطاته ، وكأنه منزل من عند الالاه ... وهذا يسمى بالنقد الذاتي الذي يمايز ويقارن بين الإيجابي وبين السلبي ، مادام الفعل والقرار مرجعه انساني ...
فعندما لا يرجع المناضل الديمقراطي ، والتنظيم الديمقراطي الى المراجعة للتقييم ، والحكم على الحصيلة رغم الشدائد والصعوبات ، ورغم القمع المستشري ، فان هذا خطأ غير مقبول ، نتيجته قتل المناضل ، وقتل التنظيم ، سواء بضياع الوقت في ما لا فائدة فيه ، وسواء بالتسبب في كوارث تنظيمية ، او كوارث انشقاقية تُصغّر ما كان كبيرا ، وتنتهي بالتجرد او ترك الاخلاق والاخلاقيات ، والانغماس في لغة التخوين ، والشتم ، والسب التي تخدم النظام ، ولا تخدم المناضل او التنظيم في شيء ..
والى جانب النقد الذاتي الذي هو اهم سلاح يصحح ويقوم الطريق ، بالربط بين الامس ، واليوم ، وما يجب ان يكون عليه الغد ، فان المناضل الديمقراطي الحقيقي ، والتنظيم الديمقراطي الحقيقي ، يجب ان يقبل بالنقد الذي يوجه المهتمون والمعنيون بالخطاب ... فحين يدعو مناضل ديمقراطي ، وتنظيم ديمقراطي الى مشروع ، فهو يتوجه بمشروعه الى المخاطبين بالمشروع ، ويتوجه بالمشروع كذلك الى الشعب .. وهنا عندما يعرض المناضل او التنظيم شيئا على الشعب ، او على المعنيين بالأمر ، فان المشروع المعروض يغدو ملكا للشعب ، وللراي العام المهتم ، ومن ثم يصبح أصحاب المشروع عرضة للنقد الذي وضعوا انفسهم فيه ... فلا يعقل ان ترمي بمشروع الى الرأي العام ، او الى المهتمين ، او الى الشعب ، وفي نفس الوقت تتصرف كشخص ديكتاتور يفرض مشروعه ، ولا يقبل نقاشه .
وعندما يوجه المهتمون ، او الراي العام ، او الشعب ملاحظاتهم لصاحب المشروع ، كان مناضلا ديمقراطيا ، او تنظيما ديمقراطيا ، فالغاية من ذلك ليس القدح ، والسب ، والشتم ، والتجريح ، والتحقير ،او التقليل من كفاءة وحسن ماهية المناضل و التنظيم .. بل ان المقصود من النقد والانتقاد ، هو ابداء وجهة النظر، مما فهموه من المشروع المعروض لمشاركة هَمِّ المناضل والتنظيم صاحب المشروع ... فعندما يرفض المناضل و التنظيم النقد ، بدعوى بياض الأفكار ، او المشروع ، وبدعوى القدسية ، او حب الذات ، وسُموّها عن غيرها من ذوات البشر .. هنا نكون امام اشخاص يتاجرون بالديمقراطية ، لكنهم في ممارساتهم ، وفي طريقة تعاملهم مع المهتمين ، او الراي العام ، او الشعب ، ليسوا غير دكتاتوريين استبداديين ، وقد يكون طغاة على منوال دكتاتورية ، واستبداد ، وطغيان النظام الذي يحاربونه ، باسم ديمقراطية مفترى عليها ، الغاية منها ليس بناء النظام الديمقراطي ، بقدر ما ان الهدف هو بناء نظام دكتاتوري ، وهذا ليس له من تفسير غير النضال للخروج من نظام دكتاتوري ، للسقوط في نظام اكثر دكتاتورية من النظام القائم ...
ان المهتمين ، او الراي العام ، او الشعب ، حين يوجه انتقاداته الى الأفكار ، او الى المعتقدات ، او الى الأيديولوجية ، او الى البرنامج ،او المشروع ، فهو لا يريد ضررا بهم ، بل من خلال النقد والانتقاد ، فهو يقدم خدمات جليلة للمشروع ، او للأفكار ، او للعقائد ، او ما شابه ذلك ... طالما لا ينِصبّ النقد او الانتقاد على شخص الشخص ..
اذن لكي يكون المناضل والتنظيم ديمقراطيا حقيقيا ، لا بد ان يقبل النقد والانتقاد ، لأنه يؤكد حرية الاختلاف في القراءة ، وفي الفهم للمشروع ، طالما انّ ما يصبو اليه الجميع ، هو الديمقراطية ، وبناء النظام الديمقراطي الحقيقي ..
لقد استعملت مصطلحين متكاملين . المناضل الديمقراطي ، والتنظيم الديمقراطي ، والسبب في ذلك ، ان ساحة النضال السياسي تغيرت ، واختلفت عن نضال الستينات والسبعينات ، وحتى النصف الأول من الثمانينات ... فخلال هذه الفترات كانت الساحة النضالية تعج بالتنظيمات ، والبرامج العقائدية والأيديولوجية ، وكان الصراع الفكري يدور بين مناضلي التنظيم بين ثوريين راديكاليين ومعتدلين او اصلاحيين ، وكان يدور بين التنظيمات ضد بعضها البعض ، وهذا الصراع كان في عمقه فلسفيا ، وثقافيا ، وتنظيريا ، وتنظيميا ، كما ستنضاف للصراع ، جماعات حملت مشاريع متعارضة باسم الخلافة ، وباسم الجمهورية الإسلامية .. هذا دون ان ننسى مشروع الستينات الذي طرحه الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ..
اما اليوم ، فالساحة لم تعد تملئها وتشغلها كل هذه التنظيمات التي منها من انقرض كليا كمنظمة 23 مارس ، حركة لنخدم الشعب ، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، وحتى الاتحاد الاشتراكي ، وحزب التقم والاشتراكية اللذان اضحيا صدفيات فارغة .. لكن انضاف الى العمل السياسي معارضون شخصيون ذاتيون، وليسوا تنظيميون ، او ايديولوجيون ، او عقائديون ... ، يرفعون شعارات كالجمهورية ، ومنهم من يرفع مطلب الملكية البرلمانية كنظام في الحكم ..
ان هؤلاء ، وبخلاف معارضة الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات ، رغم انهم يتحركون ليس كتنظيميين ، فقد مكنتهم وسائل التواصل الاجتماعي من انترنيت ، وفايسبوك ، وتويتر ، وانسكرام ، وواتساب .....من اثارة اهتمام الراي العام الداخلي بهم ، كما اثاروا اهتماما واسعا وسط الراي العام الخارجي ، خاصة في البلدان التي يتواجدون بها . فأي شيء ينشر او يطرح ، واي تدخل يكون مراقبا من قبل الأجهزة الأمنية للدول التي يعيشون فيها .. ويكون هذا الوضع قد مكن حكومات ، وراي عام ، وسياسيو/ احزاب هذه الدول من معرفة الكثير عن كل ما يجري بالمغرب ، خاصة التطورات السياسية الجارية ، والاحتمالات الممكن حدوثها ، ومكنتهم من المعرفة الدقيقة لنزاع الصحراء الغربية ، الامر الذي يسهل على دول الاستقبال ، سرعة اتخاد القرار المناسب في الظرف المناسب كالموقف من نزاع الصحراء مثلا.. لهذا هناك فرق بين المناضل الذي يدعو الى الديمقراطية ، وبين التنظيم الذي يدعو كذلك الى الديمقراطية .. فتأثير الاول بسبب وسائل التواصل الاجتماعي في المجتمعات التي يعيشون فيها ، كان ابلغ واهم من تأثير التنظيمات في سبعينات وثمانينات القرن الماضي رغم ان جلهم كان لاجئا بتلك الدول ....
اذن اذا كان المناضل والتنظيم المفروض فيه انه ديمقراطي ، يدعو الى الديمقراطية، والى بناء النظام الديمقراطي ، فان المشكل العويص الذي يفند اية علاقة لهؤلاء بالديمقراطية ، وبكونهم ديمقراطيين حقيقيين ، هو اختصارهم الديمقراطية في نموذج حكم معين ، وغيره من النماذج الأخرى لا تعتبر أصلا ديمقراطية ، وانّ المنادين بها سيصبحون غير ديمقراطيين ... ففرض نموذج واحد لإضفاء صفة الديمقراطية ، مع العلم ان هذا النموذج محط تساؤل ، لأنه غير بريء من اوصاف اللاّديمقراطية ، واعتبار النماذج الأخرى غير ديمقراطية ، وكأن هذه ، أي الديمقراطية أصبحت مجرد عناوين لأنظمة ، وليس حقوقا وحريات مكفولة بالقوانين وبالممارسة ، يزرع التفرقة والاختلاف التي قد تتحول مع العقلية السائدة ، وهي كلها عقليات انقلابية ، الى مشادات كلامية ، من سب ، وشتم ، وتنقيص من المعارض الذي سيتحول وبسرعة البرق ، الى عدو لكنه بالمجان .. وهنا تكمن العلة ، وتكمن المصيبة في فهم الإشكالية المستعصية عن الحل ، التي هي إشكالية الديمقراطية ، واشكالية بناء النظام الديمقراطي الحقيقي .. وهنا نطرح السؤال على منوال الشعارات التي ترفع من قبل المعارضين الشخصيين والذاتيين ، وليس التنظيميين ، ولا العقائديين ، او الايديولوجيين ..
من هو النظام السياسي الذي تتوافر فيه معالم الديمقراطية الحقيقية . هل الأنظمة الملكية البرلمانية ، ام الأنظمة الجمهورية ؟
ومن خلال تتبع التعليقات ، والتصريحات بالقنوات اليوتوبية ، سنجد ان بعض من يدّعُون الجمهورية دون فكر جمهوري، كمجموعة إيطاليا التي تشتت ، لا يترددون في قدح وسب المطالبين بالملكية البرلمانية ، بل يعتبرونهم من انصار كما يقولون ( مولاهم هشام ) ، في حين ان الدكتور هشام العلوي لا علاقة له ، لا من بعيد ، ولا من قريب بهذه النماذج التي تلُوح شعارات الملكية البرلمانية او شعارات الجمهورية ... واستعمال اسم هشام دون حجة ولا دليل ، هو محاولة للتبخيس فقط ، دون النيل من قامت الشخص التي انْ قارناها مع ( قاماتهم ) ، سنكون بمن يجني على هشام الذي ما سب احد ولا شتم اخرا ... ولا انتقد زيد او مدح عمرو ..
ان الديمقراطية في فكر الديمقراطيين الحقيقيين ، لا ترتبط بنموذج حكم هل هو ملكي او جمهوري ، بل ترتبط بالدولة الديمقراطية التي يجب ان تكون ديمقراطية ، وتحت اية مظلم كانت ملكية برلمانية ، او جمهورية برلمانية ..
فبالنسبة لديمقراطية الملكية البرلمانية ، فعن اية ملكية برلمانية يتحدثون ، او ينوون ، او يحلمون الانشاء ... هل الملكية البرلمانية الاوربية على طريقة ملكيات الدول الاسكندنافية كالسويد مثلا ، او الملكية في هولندا وبلجيكا التي يحتفظ فيها الملك بدور رمزي ... ام يريدون ملكية برلمانية يبقى فيها للملك مجاله الخاص للتقرير ، خاصة في كل ما يتعلق بالوحدة الوطنية والقومية ، ووحدة التراب كالملكية الاسبانية ، والملكية الإنجليزية ...
وبالنسبة لدعاة الجمهورية . فعن اية جمهورية يتحدثون ، او ينوون ، او يحلمون الانشاء ..
--- هل جمهورية طبقية أيديولوجية التي تدعو لها الأحزاب الماركسية ؟
--- هل جمهورية رئاسية على الطريقة الامريكية ؟
--- هل جمهورية شبه رئاسية كالفرنسية ؟
--- هل جمهورية الأحزاب السياسية كايطاليا ؟
--- وهل جمهورية كوريا الشمالية ، او جمهورية الصين الشعبية ، او جمهورية كوبا .... لخ
--- او يريدون جمهورية إسلامية على طريقة الجمهورية الإيرانية .. او جمهورية طالبان .. لخ
فباستثناء التنظيمات الأيديولوجية الماركسية ، وهُمْ قلة عددية تحسب على رؤوس الأصابع ، التي تنشد جمهورية الطبقة ، فما هي نوع الجمهورية التي يدعو اليها الجمهوريون الشخصيون والذاتيون ؟ ما هي عقيدتهم ؟ ايديولوجيتهم ؟ ما هي مكانيزمات الوصول الى نظام الجمهورية ، لان الوصول الى الجمهورية لا يعني فقط ترديد ورفع شعارات جمهورية ، دون ان تكون هناك قوة مادية تحشر الحشر ، وتجمعه في بوثقة الدفع به الى الجمهورية ...
ولنفرض جدلا ان الحشر استجاب ونزل الى الشارع ، واحتل المدن الكبيرة ، والمتوسطة ، والصغيرة ، والقرى ، والمداشر .. كيف سيتمكن الداعون الذاتيون الى الجمهورية ، من التحكم في الحشر حتى لا يتحول الحشر الى ضده ، عندما يغيب الضبط ، وتنتصر الاناركية ، ويصبح كل شيء معرض للردم والتحطيم ، انتقاما من دولة قامعة وفاسدة ، وبسبب الضغط الذي جاوز حده ، وبسبب التنفيس الذي سيعبر عن نفسه بالفوضى الهدامة ....
اذن في محور دعاة الملكية البرلمانية ، أي ملكية يريدون ؟ وفي محور دعاة الجمهورية ،أي جمهورية يريدون ؟
ومرة أخرى فان الديمقراطية ليست شعارات ترفع هنا وهناك ، وليست هي نظام من الأنظمة ملكية برلمانية ، ام جمهورية برلمانية .. بل هي نظام للحكم الذي هو الحكم الديمقراطي ، وتحت اية مظلة كانت ، ملكية برلمانية اوربية على شاكلة الملكيات الاسكندنافية ، والهولندية ، والبلجيكية ، او على شاكلة الملكية الاسبانية والانجليزية ... او جمهورية برلمانية ، ما دام ان السلطة والحكم هُمْ للشعب يمارسهم بواسطة الانتخابات والاستفتاءات ، لاختيار ممثليه الذين سينوبون عنه في تحقيق البرنامج الانتخابي الذي صوت عليه الشعب ...
في اوربة هناك أنظمة ملكية ، وهناك أنظمة جمهورية ، لكن لا احد شكك في الديمقراطية البرجوازية التي تحكم النظامين ، ولا الشعب استفاق ليشعر بانه استعمل ككمبراس لإيصال طبقة اجتماعية لا تمثله طبقيا ، تمارس الحكم نيابة عنه ، وباسمه لتنفيذ برنامج لم يشارك في الانتخابات أصلا ..
ان مفهوم الديمقراطية نسبي ، والا كيف نفسر ما حصل مؤخرا بالولايات المتحدة الامريكية ، حين سيشكك الرئيس شخصيا في الديمقراطية الامريكية بسبب اتهامه حكومة الظل بتزوير الانتخابات ، ودعوته هو شخصا حاكم جوريا لممارسة التزوير لصالحه ، وكيف نفسر الانقلاب الذي دشنه اليمين المتطرف ضد البرلمان ، وضد الديمقراطية التي لم يعد يعترف بها ... وعندما يتم اليقين بنسبية الديمقراطية ، ستبقى مطالب دعاة الأنظمة الملكية البرلمانية ، ودعاة الجمهورية نسبية كذلك ... لان العلة في العنوان بين جمهورية وملكية ، وليست العلة في الدولة التي يجب ان تكون ديمقراطية ..
المناضل الذي يدعو الى الديمقراطية ، والتنظيم الذي يدعو الى الديمقراطية ، ويدعوان معا الى الدولة الديمقراطية ، قد يكونان صادقين في دعواتهما للديمقراطية ، وقد يكون عكس ذلك مجرد مروجين لأنظمة دكتاتورية لا علاقة لها اطلاقا بالديمقراطية ، أي استعمال الديمقراطية للتأسيس لأنظمة معادية للديمقراطية ... وكيف ما كان حال الداعون الى أنظمة مخالفة ، فهم يشكلون الاستثناء داخل الدولة ، لان في دعواتهم يسببون ازعاجا للدولة ، ويسببون الارباك لطبقتها . فهم بذلك اشخاص استثنائيون تكرههم الدولة سواء كانوا مناضلين ذاتيين شخصانيين ، او كانوا تنظيمات أيديولوجية او عقائدية .. لذلك فالدولة تعمد الى ترتيبهم درجات من حيث الخطورة ، ومن حيث القوة في التأثير على الرأي العام ، كما تصنفهم حتى من حيث الانتماء الطبقي ، ومن حيث المهام والاشغال التي قاموا بها ، والوظائف التي زاولوها ولا يزالون يزاولونها ...
هكذا ستتربع على رأس اخطر التنظيمات المهددة للدولة ، المنظمات الماركسية في سبعينات القرن الماضي ، كما ستحتل درجة الخطورة الأولى حركة الاختيار الثوري التي تتبنى السلاح ...
يلي هذه التنظيمات حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعد المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 ، ليس كتنظيم ، بل كأشخاص داخل التنظيم كعمر بن جلون الذي اغتالوه بسبب موقفه الرافض للانتخابات التي كان يعول عليه الحسن الثاني كثيرا .. والاغتيال حصل بمباركة اشخاص من المكتب السياسي للحزب ..
ناهيك عن تصنيف الجماعات الإسلامية كالشبيبة الإسلامية كمنظمات خطيرة ..
لذا كانت الدولة ولا تزال الى اليوم بالنسبة لبعض المعارضين المزعجين تستعمل كل الطرق وكل السبل في تدميرهم وتخريبهم والقضاء عليهم ..
ومن بين الأساليب التي كانت مستعملة ، ولا تزال تستعمل حتى في عهد محمد السادس ، وهي تختلف بحسب درجة الخطورة التي يصنفون فيها المناضل او التنظيم ، فان اخطر مناضل في تصنيف الأجهزة الأمنية :
1 ) المناضلون المعارضون الذين كانوا يشتغلون في الدولة ، كالضابط السابق واللاجئ في الولايات المتحدة الامريكية مصطفى اديب ، وكمحمد الراضي الليلي ، وعبد ربه ... فالأجهزة تمارس ضدهم كل أنواع الجبر والاكراه لتحطيمهم وتدميرهم والقضاء عليهم .. حتى ولو بالاغتيال الذي كنت عرضته وضحيته لثلاثة مرات ، ولا أزال مهدد به ، بل ان الأجهزة بقيادة صديق الملك فؤاد الهمة ، والمدير العام للبوليس عبداللطيف الحموشي ، ووزير الداخلية عبدالوافي لفتيت يبحثون عن توريطي في صراع مع مجرم ينتهي بقتلي ، او توريطي في نزاع مع مجرم لطبخ محضر بوليسي مزور لرميي في السجن .. لكن هيهات فهذه المرة ان ادخلوني السجن لن تكون كالسابقة ، بل ستسجل في التاريخ ، وسيسمع بها العالم ...
ومن الوسائل المعمولة ضد هذه العينة من المناضلين ، تحريك طابور البوليس داخل الأحزاب ، والنقابات ، والجمعيات ، لشويه سمعة المناضل بتلفيق الأكاذيب حتى يتم قتله ثقافيا وسياسيا .. لان خطورة هذه العينة من المناضلين التي تخيف الاجهزة القمعية ، ان يحصل تقارب بين هؤلاء المناضلين ، وبين المناضلين المخلصين ، فتتعرى حقائق ، وتطفو الى السطح أخرى ، وتنسج مسطرة جديدة للنضال تجعل الاختراق البوليسي لأي تنظيم جد صعبة .. وان حصلت ستكتشف لحينها ....
فالخطر الأول للدولة البوليسية هي هذه العينة التي تملك خبرات قوية ، وتعرف كل ملفات الفساد التي لا تزال جامدة ... ومن ثم فالإشاعة والتشهير تبقى وسيلتها الوحيدة لمواجهة هؤلاء المناضلين ..
ناهيك عن الاغتيال الذي تعرضت له ، وبالحجة والبرهان ، والشهود الذين لا يزالون على قيد الحياة ..
2 ) اما عن الخطة المستعملة لمواجهة التنظيمات الثورية من علمانية وإسلامية ، وغيرها من التنظيمات المعتدلة التي قد تتحول الى معارضة للدولة الدكتاتورية ، ومطالبتها بالدولة الديمقراطية ، فهي التلغيم والاختراق ، وتحريك طابورها البوليسي داخل الأحزاب والنقابات كلما كان في الامر خطة تستدعي الانشقاق ... حصل هذا في الانشقاقات الكثيرة التي عرفها الاتحاد الاشتراكي ، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ، حزب التقدم والاشتراكية ، التجمع الوطني للأحرار ..
اذن اذا كانت الدولة البوليسية والجهاز السلطوي القروسطوي يكره المناضلين الديمقراطيين الحقيقيين ، فعلى هؤلاء الاستمرار في التحدي ، وما بدلوا تبديلا حتى الشهادة او الاستشهاد ، وان يكون سلاحهم المزيد من السلوك الديمقراطي ، والممارسة الديمقراطية ، والاتصال بالراي العام الوطني والدولي ، لا سماع صوت المطالبة بالديمقراطية وبالدولة الديمقراطية ... ان مجيئ الرئيس جون بايدن والحزب الديمقراطي ، سيفرض تغييرات مهمة ، وما على المناضلين الديمقراطيين الا طرق الأبواب لان الجواب سيكو ن بالإيجاب ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤامرة الكبرى ضد الشعب المغربي
- ماذا تريد جبهة البوليساريو ؟
- حين يصبح رئيس أكبر دولة في العالم ، بلطجي شمْكارْ -- السقوط ...
- هل رفعت اجهزة البوليس المغربي ، دعوى محلية ، ضد مغاربة معارض ...
- الديمقراطية
- الدولة العميقة والحكومة العميقة -- من يحكم ؟
- هل اذل النظام المخزني سعد الدين العثماني ؟
- نزاع الصحراء ألعوبة أممية
- - ماذا تريد منّي يا محمد السادس - . البوليس الفاشي والجهاز ا ...
- فرض سيادة الشعب
- هل كان اعتراف دونالد ترامب بمغربية الصحراء الغربية ، فخ سقط ...
- الجهاز البوليسي والسلطوي في المغرب
- مغاربة يعارضون مغربية الصحراء
- هل تسحب موريتانية اعترافها بالجمهورية الصحراوية ؟
- الوساطة الموريتانية
- - اللجنة التأسيسية المعارضة للنظام الملكي بامريكا -
- تقنين اساليب القمع السياسي والايديولوجي لاضفاء مشروعية جبرية ...
- حزب النهج الديمقراطي وقضية الصحراء -- بيان الكتابة الوطنية - ...
- بيان وزارة الخارجية الجزائرية
- البوليساريو تنتحر


المزيد.....




- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - المناضل الديمقراطي