أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الجهاز البوليسي والسلطوي في المغرب















المزيد.....



الجهاز البوليسي والسلطوي في المغرب


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6758 - 2020 / 12 / 11 - 10:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


L’appareil policier et autoritaire au Maroc
" بمناسبة الذكرى الثانية والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الانسان " ، ننشر هذه الدراسة التحليلية عن عدوانية الجهاز البوليسي الدموي في المغرب . وقد فضلنا استعمال كلمة جهاز Appareil ، عوض كلمة نظام Système ، وعوض كلمة دولة بوليسية Etat policier ، لان الجهاز يبقى آلة بيد النظام البوليسي ، وبيد الدولة البوليسية ، لأسباب ليس هنا مجال معالجتها ..
الجهاز البوليسي في المغرب ، هو نتاج الدولة البوليسية التي تعتمد التقارير البوليسية لإشاعة الخوف والرعب ، من جهة لإخافة الملك أولا ، رغم انه هو رئيسها المباشر ، والمسؤول عن كل ما تقوم به من خروقات واعتداءات في حق المعارضين السياسيين ، ودعاة حرية الراي والتعبير ، ومناضلي الحقوق المختلفة ، والصحافيين ، وفاضحي الفساد ... ، حتى يستمر مجرومها في مناصبهم ينهبون ويغتنون . ومن جهة لتخويف الاحرار والشرفاء من المعارضين من الفئات المشار اليها أعلاه .. حتى تُظهر لرئيسها الذي هو الملك ، مدا قدرتها في اسكات المعارضة ، وفي التأثير على الراي العام الوطني الغير موجود اطلاقا ، ومن ثم تنجح في إعطاء الملك رئيسها ، قناعة بانه بفضلها يستمر في ملكه ، ويستمر في غناه الذي يتضاعف بشكل اكثر من مهول .. فهي تسوق فكرة مغلوطة للملك ، انه بدونها سيكون عرشه في مهب الريح ، وهذه الفكر الشيطانية التي نجحوا في اقناع الملك بها ، هي من الخطورة بمكان ، لأنها تؤصل للاستبداد ، وللطغيان البوليسي الفاشي ، وتؤصل لدولة الرعب والخوف ، التي لا علاقة لها بالدولة الديمقراطية .. ولو كان حقا انّ البوليس الرديء هو من يحمي الملك الذي ضربوا الغشاوة على اعينه منذ انقلاب 16 مايو 2003 ، أي تفجيرات الدارالبيضاء ، ومنذ تفجيرات مدريد في 14 مارس 2004 ، مع العلم ان الجهة التي فجرت الدارالبيضاء ، هي من فجرت مدريد ، لأسباب واحدة قد يطول شرحها وبالأذلة القاطعة ، التي تبعد الشك في إدانة المجرم الحقيقي الذي يقف وراء الجريمتين ، فكانت جريمة الدارالبيضاء بمثابة انقلاب على الملك من دون ان يشعر ، خاصة مع الإشارات التي بزغت مع العهد ( الجديد ) لذي كان يضن الجميع ، انه حقا عهد جديد ، كملك الفقراء ، المفهوم الجديد للسلطة ، اذلال وابعاد ادريس البصري الشماعة الذي الصقوا بع كل شيء ، في حين انه كان ينفذ التعليمات مرة بالحرف ، ومرات بالاجتهاد وبالتوسع في الفهم والتفسير... فالذي دافع ويدافع على النظام ، ليس البوليس الفاشي ، بل الرعايا المرتبطين بالنظام ، وهؤلاء الرعايا هم من خرج يبكي موت الحسن الثاني الذي اداقهم الفقر والعذاب ، والبسهم كل الشقاوات، والذل ، والمهانة ، ولم يخرج في جنازته ولا بكاه آل الفاسي ، ولا الاقطاع ، و( زعماء ) الاحزاب الذين ظلوا يتفرجون وينتظرون المآل الذي سيتطور له الوضع ، فكانت لهم رجل بالمغرب ، ورجل أخرى خارج المغرب ، لكن عندما تيقنوا وتأكدوا باستمرار الوضع على ما هو عليه ، حيث سيستمر العبد عبدا ، والرعية رعية ، وسيتسمر ناهبوا ثروة المغرب والرعايا على حالهم ينهبون ويستنزفون ، باسم رعايا جاهلة ، حتى عادت حليمة الى وضعها السابق ، ولنصل اليوم الى اكثر من السكتة القلبية التي هي السكتة الدماغية .. فنحن لم نصل الى العجز ، بل اننا مفلسون ، ولا يزال النظام يقترض الدولار والأورو باسم الرعايا الذين سيسددون قروضا ربما سمع بعضهم بها ، ويجهل الجهة التي سيطرت عليها .. او يتجاهلها خوفا ورعبا .
ان الدور المفضوح للمربع البوليسي البليد ، وبخلاف بوليس الحسن الثاني الذي كان بالفعل يتقن البوليسية ، كحرفة وليس كهواة ، ان البوليس الجديد أراد تقليد بوليس الحسن الثاني ، لكنه اخطأ الهدف حين بدأ محمد الدخيسي مدير الشرطية القضائية ، ورئيس الانتربول بالمغرب ، وبأمر من المجرم الجبان المدعو عبداللطيف الحموشي الذي يعتدي على الناس ، يحرر مذكرات تسليم في حق مغاربة موجودين بإيطاليا ، منتسبين لحركة الجمهوريين ، وفي حق الألماني محمد حجيب ، لأسباب سياسية ، تعتبر تصرفات وحقوقا عادية في الدول الديمقراطية ، التي تنتقد حكامها ، وتحرق راياتها الوطنية ، وترفع راياتها المحلية ... ورغم ان مذكرات محمد الدخيسي جوبهت بالرفض ، لأنها ضد الحقوق الديمقراطية ، فقد واصل هؤلاء في تحرير مذكرات التسليم لمعارضين مغاربة خارج المغرب ، وكانت تجابه دائما بالرفض .
ان مثل هذه الأخطاء الغير مسموح بها ، لم تكن ترتكب في عهد بوليس الحسن الثاني ، الذي كان يعترف بالمعارضة الموجودة خارج المغرب ، وكان يتعامل معها بطرق الشراء مرة ، وبالاغتيالات مرات ، وبالصلح والعودة الى المغرب مرات ومرات ... فبوليس اليوم هو من الهواة وليس من المحترفين ، لان السؤال وبعد صفعة القضاء الإيطالي ، والقضاء الألماني برفض تسليم معارضين مغاربة ، نتساءل هل محمد الدخيسي في مستوى المنصب الذي يشغله بالإدارة العامة للأمن الوطني ، كمدير للشرطة القضائية ، وكرئيس للبوليس الدولي .. وأين المستشارون القانونيون والسياسيون بالإدارة ، لينبهوا الواقفين وراء تحرير مذكرات الجلب لمغاربة ، انْ كانوا يحقون انّ سند مطالبهم ، يتعارض مع القيم الديمقراطية المعمول بها في الدول الديمقراطية ، معتقدين بإرسالياتهم هذه ، انهم يراسلون قايْد او عميد شرطة في المغرب ...
لذلك وامام هذا الضعف البيّن ، فالمربع البوليسي والسلطوي المخزنولوجي المكون من فؤاد الهمة ، ومن عبداللطيف الحموشي ، ومن عبدالوافي لفتيت ، ومن قبْل الشرقي ضريس ، ونورالدين بن إبراهيم ..... لخ ، وهؤلاء وباستثناء لفتيت والحموشي ، لهم علاقة بالجرائم الخطيرة المرتكبة ( خلية المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة ) ، وهم من مخلفات ادريس البصري التي لا تزال تعمل الى جانب الوزير .. ، فانهم عندما مكنهم محمد السادس من المغرب بسبب ضعفه ، فهم حاولوا ان يسوقوا لصورة كاذبة ، حين قدموا انفسهم من الخدام الأساسيين للأعتاب ( الشريفة ) وهذا نفاق ، ومن ثم فهم اشد حراس المعبد ، ومن اشد الاوفياء للعرش ، ومن ثم كذلك ، فهم أدوات الحكم الضاربة في السيطرة والبطش بالشعب المغربي ، لهذا لا بد من اطلاق أيديهم للتنكيل بالشعب ، لضمان حماية الملك ، في حين انهم يحفرون قبر الملك بأيديهم ، ليقربوا ردمه فيه .. والطامة ان الملك وفي احدى خطاباته نوه فقط بالبوليس واثنى عليه ، وكانه وحده المغرب . وهذا راجع الى التوجيهات التي يرسلها البوليسي الأول فؤاد الهمة عند تحرير الخطابات ، بما يجعلها تصب في مرمى ما يريده البوليس ، لا في ما يريده الشعب .. وهنا دائما ، فعندما جاء محمد السادس الى الحكم ، وبسبب شعارات العهد الجديد التي رُوّج لها ، وارتسامات الانخراط في الديمقراطية ، كان عدد مؤيدي الملك يصل الى اكثر من تسعين بالمائة ، أي كان وراءه شعب بما فيهم فيالق اليسار التي عارضت الحسن الثاني . لكن بعد تفجيرات الدارالبيضاء الانقلاب ، وتغول البوليس في كل مفاصل الدولة ، بحيث أصبحت دولة بوليسية مغربية تختلف عن الدولة البوليسية الاوربية ، ونجحوا في تحويل الشعب الى فوبيا لدا الملك ، وتم اطلاق يد البوليس للفتك بالأبرياء ، حتى تدنت شعبية الملك اليوم الى اقل من عشرة في المائة . لقد اصدروا قانون الإرهاب المخدوم مثل القانون الاستعماري " كل ما شأنه " ، ونجح الانقلاب على ما سمي بالعهد الجديد الذي سيصير اكثر قتامة وسوداوية من العهد ( القديم / سابقه ) ، وعوض الولوج الى الديمقراطية ، غرق الجميع في الازمة المركبة والمصطنعة التي أبعدت الملك عن الشعب ، وليتخندق الى جانب أعداء الشعب .. فكانت النتيجة ان النظام وبفعل حرب الصحراء اذا طالت ، لان نتائجها على الوضع الاجتماعي والاقتصادي ستكون كارثية ... ، قد يكون التغيير / الانقلاب البوليسي في 16 مايو 2003 ، هوالمدخل الرئيسي لأي تحول قد ترسم خريطته خارج المغرب .. اللهم لا شماتة ..
ان معالجة موضوع القمع في المغرب تثير طبعا عدة قضايا نظرية ، منها بالأساس التحليل الطبقي لتحديد طبيعة الطبقة الحاكمة التي تمارس القمع البوليسي ، وهنا يبقى الحموشي ولفتيت ، وغيرهما ، مجرد أدوات ومعاول ، بعد استنفاد دورها سيتم رميها في المزبلة كما حصل لإدريس البصري ..
ان الأجهزة البوليسية المغربية الراهنة ، لم تكن في اصلها نتاجا محضا لتطور الصراع الطبقي الداخلي ، بل هي بالأساس أجهزة اوجد اصلها ولا يزال يرعاها ، الاستعمار الفرنسي لفرض استمرار النظام المخزني اللاّشرعي تحت مظلته ، عن طريق العنف والاكراه – علما بان النظام الاستعماري الذي لا يزال يسيطر على المغرب بمقتضى اتفاقية الخيانة / الحماية ،هو نفسه لا شرعي من الدرجة الأولى – ، ثم تمت مغربتها في مرحلة لاحقة ، مع استمرارها في نفس الوظيفة : حماية الشرعية المطعون فيها ، زيادة على توفير شروط النهب ، والاستغلال الفاحش ، من خلال ابعاد الجماهير عن مراكز القرار ، والتقرير ، وتزوير ارادتها ، وضرب نضالها ، ومقاومتها ، وباختصار : ضمان بقاء الحكم المطلق عن طريق القمع والعنف ، بشتى الأساليب والسبل ..وهنا سنحاول استعراض موجز لأساليب القمع لدا النظام البوليسي ، كتجديد واستمرارية للإرث الاستعماري ، والارث المخزنولوجي العتيق ...
1 ) أجهزة بوليسية فاشية ، تتقن النهب ، وتتقن العنف والتقتيل الجماعي ، والاغتيالات والإرهاب :
ان أسلوب العنف المباشر ، هو السلاح الفتاك الذي يلجأ اليه الحكم ، كلما مال ميزان القوة لصالح الجماهير الشعبية ، ونهضت هذه أخيرا للتعبير عن سخطها والدفاع عن حقوقها ، إمّا في شكل انتفاضة شعبية ، او من خلال خوض النضال السياسي وصياغة شعاراته الثورية الصائبة ، وفقا لأهداف استراتيجية واضحة ، إذْ ذاك يتخذ الحكم قراره السياسي في اعلى مستوى ، لتسخير اجهزته القمعية المريضة ، الفاشية المجرمة ، لممارسة أساليب العنف المباشرة الاتية :
ا --- التقتيل الجماعي وبدون رحمة ، حيث اطلاق الرصاص الحي من قبل البوليس المريض الفاشي على الشعب ، وقد شاهدنا هذا التقتيل الجماعي السادي ، والبسيكوباطي في الريف في سنة 1958 ، والدارالبيضاء في 23 مارس 1965 ، وفي مختلف المدن المغربية وعلى راسها الدار البيضاء في يونيو 1981 ، وانتفاضة الشمال ومراكش في يناير 1984 ، وانتفاضة فاس والمدن المغربية في 1990 ، حرق شباب مغاربة ورميهم في بنك في احداث الريف الأخيرة ... سحل الزفزافي وتعريته وإخراج الصور الى الشارع ... ناهيك عن فبركة صور لبوعشرين وللأستاذ زيان ، زكريا ء المومني .... ففي كل هذه الانتفاضات ، كان رد بوليس النظام القتل بإطلاق الرصاص الحي ، فسقط المئات شهداء انْ لم تقل سقط الآلاف ..
وتجدر الإشارة الى ان هذا الأسلوب ، له امتداده وجذوره في الطريقة التي كان يواجه بها المخزن السلطوي القروسطوي ، مقاومة الجماهير الشعبية في المناطق الخارجة عن سلطته ، والتي يسميها ببلاد " السيبة " ، في حين انها بلاد الثوار الذين ثاروا على النظام السلطاني في فاس ، الذي استنجد بفرنسا عندما ابرم معها اتفاقية الخيانة / الحماية ، لحمايته من ثورة القبائل التي كانت تنشد النظام الجمهوري .. فاذا كانت كل دول المعمور قد تعرضت للغزو الاستعماري من الخارج ، فالطرافة بالنسبة للنظام العلوي ، هو من ادخل الاحتلال الى المغرب لا العكس .. فالنظام ومن اجل بقاءه يغرف من ثروة المغاربة الذين رفضوا دفع الضريبة ، ورفضوا وجوده ، لم يكن يتردد في تنظيم حملات عسكرية حربية بالمعنى الحرفي للكلمة ضد الجماهير ، وتسخير جيشه المرتزق للهجوم على القبائل ، ومحاولة اخضاعها عسكريا ، ونهبها نهبا تاما ، وممارسة التقتيل الجماعي في حقها . فكانت هذه وسيلته الوحيدة لضمان بقاءه واستمراره .
ان نفس المهمة ، ونفس الأهداف من اجل التسلط ، والبقاء ، والخوف من المستقبل ، يجعلان النظام اليوم يلتجأ لنفس الأسلوب الاجرامي في قمع الشعب المغربي الثائر ، وبالضبط عندما يشعر انه مهدد في وجوده ، وتطرح الجماهير أهدافها الاستراتيجية والمستقبلية الواضحة ، وتناضل ، وتتعبأ من اجلها ..
وليس من قبيل الصدف ان نراه ، أي النظام المخزني ، وادرعه البوليسية الفاشية المريضة ، وجهازه السلطوي ، القروسطوي ، المخزنولوجي ، خلال قمعه الدموي ضد الانتفاضات الشعبية ، يركز بشكل خاص على تقتيل الأطفال ، كما شاهدنا خلال انتفاضة الدارالبيضاء في مارس 1965 ، وفي يونيو 1981 ، وفي يناير 1984 ، وفاس في سنة 1990 ، فهم رمز المستقبل ، وقوته البشرية في نفس الوقت ..
كما انه ليس من الصدفة كذلك ، ان يعبر النظام الطاغي الاستبدادي صراحة ، عن فزعه ، وخوفه ، ورعبه الدائم من نضال الشباب وتحركهم . وهذا مثلا ما عبر عنه الخطاب الرسمي في احداث الدارالبيضاء في مارس 1965 ، ويوينيو 1981 ، والشمال ومراكش في يناير 1984 ، وفي الريف مؤخرا عندما ذهب الى تنبيه وتحذير رؤساء الأحزاب من خطر الشباب الذي قال عنه انه يهدد جيلا برمته سواء كحكم او كقيادات وطنية .. ان الخوف من الشباب ، هو خوف من الانتفاضات والثورات المؤجلة الى حين ...
ب --- الاغتيال : ويستهدف أساسا المناضلين السياسيين ، او النقابيين ، او الطلاب المتياسرين ، او المحسوبين على الإسلام السياسي ( اغتيال عبد الرزاق لمروري ) ، الذين يشكلون رمزا للنضال السياسي الثوري المعارض ، ويجسدون طموحات الجماهير الكادحة في التغيير الجذري ، وبناء مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية ، زيادة على ما يقومون به من نضال شخصي صائب وفعال ، ويقدمونه من تضحيات في سبيل ذلك ، وما يلعبون من دور أساسي في توجيه النضال الشعبي ، وانارة الطريق اماهه ، وصياغة أهدافه البعيدة والقريبة بالكلمة وبالكتابة ، او من خلال الممارسة العملية في الساحة ..
وهذه كانت حالة المهدي بن بركة ، عمر دهكون ، بنونة ، عبد الله الودان الذي قتلوه بالحي الجامعي Port Royal بباريس ، عبد العزيز النعماني الذي قتلوه على متن القطار الرابط بين باريس وفلانس Valence ليلا ، وبتغطية مديرية الاستعلامات العامة الفرنسية ، وليس مديرية مراقبة التراب الوطني .. المهندس أمين التهاني ، عبد اللطيف زروال ، سعيدة المنبهي ، عبدالسلام المؤذن ، عبدالله بها ، النقابي موناصير ، عمر بنجلون ، جبيهة رحال ، محمد گرينة ، حسين المانوزي ، مولاي علي فخيم ... مول الصباط الذي قتله الجنرال حميدو لعنيكري ، هشام المنظري الذي قتله نفس الجنرال ، وبتواطئ مع رئيس الوزراء الإسباني ، Zapatero الذي الصق التهمة في x في حين ان المسؤول عن الاغتيال كان يعرفه ، الاتحادي الزايدي ... لخ ، أي القتل بالجملة من هذا التنظيم السياسي او ذاك ... كلهم شهداء الشعب المغربي ، وابناءه البررة ، دخلوا التاريخ بالعشرات قبل ان توضع أسماؤهم في السجل الأسود لجرائم النظام الشنعاء ..
واذا كان الحكم يلجأ الى اغتيال هؤلاء المناضلين ، القياديين منهم والقاعديين ، فلان نضالهم السياسي والاجتماعي ، لا يقل أهمية وخطورة بالنسبة اليه ، عن الانتفاضات والانفجارات الشعبية الواسعة ، بل يلتقي معها في نفس التوجه : التوجه الاستراتيجي مرة أخرى ، الذي يرعبه ويهدده ويخيفه ، والذي يتوجب قمعه بأشرس الوسائل ، وأكثرها بدائية في نفس الوقت : الاغتيال والتقتيل الجماعي للشعب المغربي ..
ج --- الإرهاب المقنن على صعيد الدولة : ويشمل مجموعة من الممارسات والأساليب ، تمهد للأساليب الاجرامية السالفة الذكر او تكملها ، ومن بينها : الاختطافات المنظمة ، والتي تجري في واضحة النهار ، وبتحد كامل للراي العام الداخلي والخارجي ، والتعذيب الوحشي الذي يتعرض له المعتقلون السياسيون ، والذي اودى بحياة العديد منهم داخل السجون الرسمية ، والسرية ، وشبه السرية ، وكذا أساليب التخويف والانتقام التي لا تمس المواطن المعني لوحده ، بل تذهب الى التهديد بتشريد اسرته ، وعائلته ، واقاربه زورا وتعسفا ، كما حصل مع محمد الدخيسي رئيس البوليس الدولي فرع المغرب ، عندما اثار الضابط اخ وهيبة خرشيش الذي لا علاقة له بمشكل اخته ، ثم التشهير بأسرتها ، والاعتقالات والمحاكمات الصورية التي يزخر بها تاريخ الاستقلال الشكلي ، سواء منها المحاكمات السياسية الكبرى ، او تلك التي استهدفت المناضلين افرادا وجماعات ، والتي لم تتوقف وتيرتها الى الان سنة تلو اخرى ..
والحقيقة ان إحصاء كاملا لنتائج هذا القمع العنيف والمباشر، خلال العشرين سنة الأخيرة ، وبمحاضر بوليسية مزورة ، وقبلها حتى سنة 1995 ، يحتاج مجهودا خاصا ، ويتطلب مجلدا كاملا ، إذا ما أراد الإحاطة بكل احداث التقتيل الجماعي ، والاغتيال ، والاختطاف ، والتعذيب ، والمحاكمات الصورية ، والإجراءات الانتقامية التي تعرض لها الشعب المغربي ، خلال كل هذه الحقبة السوداء بملابساتها السياسية والاجتماعية ..
سنكتفي اذن بالتأكيد هنا ، على ان هذا النوع من القمع يسلط أضواء كافية – من خلال الوقائع والاحداث المعاشة – على طبيعة الحكم البوليسي الفاشي ، والجهاز السلطوي ، القروسطوي ، المخزنولوجي القائم قهرا في المغرب ، كحكم استبدادي طاغي ومطلق ، لم ولن يسمح طواعية بانتقال ولو جزء بسيط من السلطة الفعلية الى ايدي الجماهير ، ولن يقبل سوى بالواجهات والمؤسسات الشكلية ، التي تخدم نفس الحكم الرجعي الخارج عن الزمن المعاصر ، او تغطي على طبيعته ، وتمنحه التبريرات اللازمة ، لأجل التسلط والبقاء ، جبرا ، وقهرا على الشعب المغربي ..
الاّ ان أسلوب العنف البوليسي الفاشي المريض بالسادية والبسيكوباطية ، حيث يمثل حالة باطولوجية متعفنة رافضة للاستشفاء ، لا يمكن للنظام ان يمارسه بشكل دائم ، وفي أي وقت وحين ، لأنه يشكل في الحقيقة سلاحا ذا حدين ، غالبا ما يعود عليه بنتائج عكسية ، من خلال تأجيج التناقض الأساسي بين النظام ، واوسع الجماهير الشعبية ، وترسيخ سخط ونقمة هذه الأخيرة ، فضلا عن تنمية التناقضات الداخلية للحكم نفسه ، وخلخلة اجهزته القمعية العدوانية ، وتأثرها بانعكاسات التناقض الأساسي المذكور .. ومن ثم فان النظام يعتبر هذا الأسلوب الاجرامي ، بمثابة السلاح الفتاك المفضل ، لكنه السلاح الذي يُستعمل عند الضرورة فقط ، أي عندما يشرع ميزان القوى في التحول بشكل ملموس لصالح الشعب ، جماهيريا وسياسيا .. في حين انه يستعمل مجموعة من الأسلحة القمعية المتنوعة والمتجددة باستمرار ، والتي تكتسي خطورة وفعالية مماثلة ، من خلال استعمالها الدائم والمستمر في مستويات مختلفة ومتنوعة كذلك ..
2 ) الحكم الطاغي ، الاستبدادي ، يستعمل أساليب قمعية متنوعة ومتجددة ، عن طريق الاجتهاد في ابتكار آليات ومكانيزمات القمع المختلفة :
في هذا السياق ، فان الحكم القائم في المغرب ، يجتهد باستمرار في تجديد وتنويع اساليبه القمعية الدائمة ، لكي تشمل كل المرافق ، وتضمن تحكما واسعا للمجتمع ، وتأثيرا فعالا في كل الاتجاهات ، الافقية والعمودية ، مكتسبة بذلك طابع التعميم والشمولية ، الى درجة يرتفع فيها مفهوم القمع ، الى مرتبة مذهب ، وعقيدة في الحكم .. فعندما يتم توقيف وطرد مناضلي جماعة العدل والإحسان من وظائفهم ، وعندما تصدر أوامر شفوية وليست مكتوبة ، تقضي بتجريد كل منتمي للجماعة المذكورة من المسؤوليات التي يمارسونها في الإدارة ، او الحيلولة دون منح المسؤولية لأطر الجماعة ... هنا يظهر بكل وضوح نوع القمع الفاشي الاقصائي الذي يمارسه الحكم ضد أبناء نفس الشعب .. انها عقيدة العدوان التي يتشبع بها نظام الحكم في المغرب ..
ونجد تطبيقات هذا المفهوم أولا ، في المستوى الاقتصادي من خلال استغلال فاحش وممارسات تعسفية ، كما نشاهد في المدن والبوادي ، من خلال انتزاع الأراضي ، وتفقير صغار الفلاحين وتشريدهم ، او من خلال تهميش ملايين المواطنين في المدن ، وسد آفاق الشغل والعيش في وجههم ، او تجاهل الحد الأدنى من القوانين الاجتماعية بالنسبة للعاملين منهم .. وما ظاهرة الهجرة المكثفة من البوادي في اتجاه المدن ، ومن البلاد عامة في اتجاه الخارج ( ظاهرة لحريگ ) ، الا تعبيرات بسيطة عن شراسة هذا القمع الاقتصادي ، الذي يستهدف اقتلاع جذور جماهير واسعة ، والزج بها في أوضاع " المنفى الاضطراري " ، سواء داخل البلاد او خارجها . وما ظاهرة الرشوة المعروفة ، بل المقننة والمشجعة من طرف الدولة الراشية والمرتشية ، الاّ تعبيرا بسيطا كذلك ، عن طبيعة التعامل بين الدولة الطاغية المستبدة ، وبين المواطنين ، قوامه الابتزاز ، والتعسف ، وخرق ابسط حقوق المواطنة ...
اما على الصعيد الاجتماعي ، فغير خاف على احد ، انّ سياسة التجهيل ، وحرمان ملايين الأطفال والشباب من التعلم والمعرفة ، وتشجيع ظاهرة تفشي الانحلال الاجتماعي والخلقي ، والضياع ( الاجرام ، الفساد ، تعاطي المخدرات ... ) ، كلها أساليب نصنفها ضمن القمع الاقتصادي / الاجتماعي المسلط على فئات واسعة من الشعب المغربي ، وكذلك الشأن بالنسبة للسياسة النخبوية في ميادين الصحة ، والشغل ، والسكن .... لخ
واذا كان هذا النوع من القمع يسري في صفوف الجماهير الشعبية دونما تمييز ، فإننا نرى انّ النظام يلتجئ اليه أحيانا بأهداف سياسية مُبيّتة ، كبَثِّ التفرقة والاختلافات في الإطارات الجماهيرية المختلفة ، من سياسية ، ونقابية ، بتحريك طابور النظام بهذه المؤسسات ، لعرقلة أي مجهود لتفعيل الفعل الجماهيري ...
انّ بهذه الطريقة ، حاول النظام ولا يزال ، شل نضال المنظمات الجماهيرية ، وكذا ضرب القواعد الحزبية ، والمناضلين السياسيين ذوي الارتباط المباشر بالجماهير ، العاملين وسطها ولأجل خدمتها ، دونما تمييز بين هذا الحزب او ذاك ، لكن فقط بمنع الوعي والتأطير ، والممارسة التنظيمية والجماهيرية ..
ولا فائدة هنا في التأكيد على ان ( استقلالية القضاء ) عندما يتعلق الامر بالمناضلين الجذريين ، والديمقراطيين الحقيقيين ، ما هو الاّ قول فارغ المعنى لا علاقة له بالحقيقة .. وقد لا يسع المجال هنا لتعداد الأمثلة التي تكذبه بشكل قاطع ، والتي توضح ان خرق القوانين ، والتبعية المطلقة للقرار السياسي ، وللجهاز التنفيذي ، هي القاعدة بالنسبة لما يسمى في المغرب ، بالقضاء المشدود بمصالح الطبقة الحاكمة ، والمسخر لخدمتها .
في المغرب لا يوجد قضاء بالمفهوم الأوربي ، والامريكي ، فما يسمى تجاوزا بالقضاء ، هو ليس كذلك ، لان القضاء في المغرب من وظائف الامامة ، والقاضي الأول الذي هو الامام ، يخضع له المأمومون الذين هم في المصطلح الحديث القضاة ، وهؤلاء لا يمكن لهم الطعن في القرارات التي يصدرها إمامهم العظيم ، لانهم مرؤوسون لا رؤساء ، ومن ثم فان الاحكام التي تأخذ صفة احكام الامام ، تبقى محجوبة من أي طعن ، لأنها تصدر باسمه ، وتنفذ باسمه كذلك ، والاعوان الذين ينفذونها هم اعوانه ... فهل من العقل ان المأموم الذي يصدر حكما باسم الامام سيقبل الطعن في قرار رئيسه الامام ... انه من خطل العقل ..
وفي هذا السياق ، نرى أحيانا ان القرار السياسي هذا ، الصادر عن الحكم لأجل توجيه " العدالة " ، وإملاء القرار عليها ، لا يزال يحن الى العهود المخزنية العتيقة ، كما نلمس في مفهوم " العفو " الذي يمارسه الحكم تجاه بعض " القادة " ، والتغاضي عن نهبهم المال العام ، يمر أولا " بالتربية " والعقاب الشديد لمجرد القول بفكرة مخالفة ( المحجوبي احرضان ) ، وينتهي بالعفو الأحادي الجانب الذي يشترط فيه الركوع والتوبة وتقديم " صكوك الغفران " ... ونجد هذا في نظرة الحكم لمختلف الهيئات والأحزاب التي يرفض تمثيليتها ، ويعتبرها مجرد أدوات للعبة السياسية المفضلة : لعبة " القمع " و" الانفتاح " ، وشد التوازن بين مختلف المتناقضات ، الموجودة او التي يتوجب خلقها ، عملا بالشعار الاقطاعي المعروف : شعار فرنسا " فرق تسد " . فالنظام يعتبر ان الشرعية ، كل الشرعية ، له وحده ، يستمدها من مؤهلات مادية وروحية ، يمتلكها دون سواه ، وبالتالي ، فان كل من خرج عن " الطاعة " والخضوع للحكم المطلق ، فكأنه خرج عن " الامة الإسلامية باسرها " ( حسب تعبير القصر ) ، فيباح فيه اشد العقاب بما في ذلك القتل .... فتوى رئيس المجلس الفقهي ( العلمي ) لتمارة – صخيرات التي يدعو فيها الى قتل كل من عارض الملك ) ..
وفي تعداد الأسلحة القمعية المتجددة والمتنوعة ، نجد انّ النظام يولي اهتماما بالغا للجانب الأيديولوجي والدعائي ، خاصة الخرافي والطوطمي ، من خلال ضجيج اعلامي يومي واسع النطاق ، تجند له كل الوسائل المقروءة ، والمسموعة ، والمرئية ، لانزال الدعاية الرسمية المنهجية بشكل مكثف ، عبر خليط من المفاهيم المادية والروحية الكاذبة ، لا يخرج اهتمامها عن هدف واحد : تبرير وتثبيت شرعية الحكم ، والدعاية لسياسته ، وسياسة حلفاءه الإمبرياليين ( ماما فرنسا ) من جهة ، والتعتيم والتشويه الإعلامي في حق القيم ، والمبادئ ، والاعمال الوطنية والتقدمية ، سواء على المستوى الوطني ، او القومي ، او الدولي . وهذا التطبيل والتهليل حول الأيديولوجية السائدة واصحابها ، والذي لا يكاد ينقطع ليل نهار ، ليس مجانيا بطبيعة الحال ، بل انه يستهدف أساسا استيلاب المواطن ، والحيلولة دون محاولة تعتيم وعي الجماهير ، والتقليل من فرص نهوضها ، واقبالها على النضال والدفاع عن النفس ، سواء على المستوى المطلبي والاجتماعي ، او على المستوى السياسي ..
واذا كان هذا النوع من القمع الموجه للعقول بغرض شلها وتخديرها ، يكتسي طابعا خفيا ومتسترا ، فإننا نجد تطبيقات حية مماثلة له ، في مجال الحريات بشكل عام ، بدءا بحرية التعبير المُنتفية اصلا ، والمتاح منها يخضع لضوابط محددة ، إمّا عن طريق الرقابة المباشرة ، او من خلال فرض الرقابة الذاتية على الفرد او الجماعة ، وصولا الى ابتذال مفهوم الاقتراع العام ، وتزوير الإرادة الشعبية بشكل واضح مباشر ، كما شهد تاريخ الاستقلال السياسي الشكلي ، عبر مسلسل المهازل الانتخابوية التي انفضح امرها للراي العام الداخلي والخارجي على حد سواء .
ان دوس كرامة المواطن عمدا من قبل البوليس الفاشي ، ومن قبل الجهاز السلطوي ، القروسطوي ، المخزنولوجي سليل تركة الباشا التهامي لگلاوي تركة العبيد ، اثناء كورونا 19 ، وجعله يشعر ويقبل بالواقع الطبقي المخزنواوجي ، والتفاوت الحتمي بين الغني والفقير في الحقوق كما في الواجبات ، وتكميم أدوات التعبير عن القيم ، والمبادئ الوطنية ، والتقدمية ، ومحاربة التنظيم النقابي والسياسي محاربة عشواء ... ،كلها أساليب تستهدف التحكم البوليسي الفاشي ، وتحكم الجهاز السلطوي ، المخزنولوجي ، القروسطوي لوزارة الداخلية في الحياة السياسية في البلاد عامة ، مع إعطاء العناية والاسبقية للمدن اكثر من البوادي بشكل خاص ..
وخلاصة القول . ان الحكم القائم في المغرب اليوم ، قد اجتهد بشكل خاص طوال السنين الأخيرة ، وبعد موت الحسن الثاني ، في إيجاد أدوات ، وأساليب قمعية متنوعة ناعمة ومتجددة ، يتوخى من خلالها نظام محمد السادس تعميم القمع ، وتوسيع نطاقه ، والرفع من فعاليته عبر حضور يومي ظاهر او متستر ، مع محاولة التقليل من ردود الفعل التي بإمكان القمع العنيف والمباشر ان يثيرها ..
ولا يفوتنا ان نذكر انّ الاسلوبين ، / العنف الاجرامي المباشر ، والقمع المعمم / لا يتناقضان في شيء ، بل يكملان بعضهما البعض الاخر ، ولكل واحد منهما وظيفته الخاصة التي قد تتزامن مع وظيفة الثاني ، او تتفاوت معها في الزمان والمكان . فالعنف المباشر ، هو الأداة الرادعة الفتاكة التي يراد بها التدخل في الوقت المناسب ، للحيلولة دون تحول ميزان القوى لصالح الجماهير ، والأساليب المتنوعة الأخرى / والتي لا تخلو من عنف كذلك / ، تلعب دور القمع اليومي الشامل والحاضر ، في كل مكان وبشكل دائم .. فالمغربي مقموع اين ما حل وارتحل داخل المغرب .. بل انه مقموع حتى خارج المغرب خوفا من عيون مخبري السفارات ، والقنصليات العامة والخاصة .. وأعضاء طابور النظام المسمى بالجمعيات المخزنية العديدة والمختلفة ..
ولا يفوتنا كذلك ، الرد على الدعاية الرجعية المزيفة والكاذبة ، التي يروج لها الحكم تحت شعار " الدمقرطة " ، " المفهوم الجديد للسلطة " ، " ملك الفقراء " ... لخ ، والمسلسلات التي تريد ايهام الراي العام ، بان حكم محمد السادس قد غيّر من طبيعة حكم الحسن الثاني من تلقاء نفسه ، وانتقل من وضعية حكم مطلق بتريمونيالي / كمبرادوري / بتريركي / اليغارشي / اقطاعي / طاغي / استبدادي / ثيوقراطي / اثوقراطي / مفترس / ناهب للثروة / مفقر للشعب / مهرب الدولار واليورو الى الابناك الأجنبية خارج المغرب .... لخ ، الى وضعية حكم ( ديمقراطي ) به تعدد " الأحزاب والنقابات " ، و " الحريات الفردية والعامة " ، بل وحتى " الليبرالية " ... وهذه الدعاية المغرضة الكاذبة والمفضوحة التي ساهم فيها أمثال ( الزعماء ) الحزبويين ، وفلول اليسار الماركسي التي اعلنت البيعة والتوبة على درج الاعتاب ( الشريفة ) ، --- بل يذهبون ابعد من ذلك ، ويؤكدون ان المغرب اصبح " احسن بلد ديمقراطي في العالم العربي ، وفي العالم الثالث " ، وان " ديمقراطيته شبيهة بالديمقراطية الاسبانية "... --- يتأثر بها كذلك بعض النيو/ديمقراط القريبين من النيو/مخزن ، انطلاقا من رؤية مبسطة ، ومقارنة سطحية بين الأوضاع السائدة في الأقطار العربية المشرقية والجزائر اليوم ، وبين الساحة المغربية التي تفيض حيوية ، ونشاطا بجمعياتها ، واحزابها ، وصحفها المختلفة من الكترونية الى الورقية .. وينتهون الى القول بوجود " ديمقراطية حقيقية " في المغرب ، وانّ النظام قد تخلى عن أساليب القمع الاجرامية المعمول بها في بقية البلدان ، واختار الديمقراطية بدلا عنها . وللرد عن كل هذا ، وتوضيح الخطأ في منطلق هذا التقييم ، نكتفي بالملاحظات الأساسية :
1 ) ان وجود الأحزاب السياسية ، والنقابات ، والجمعيات ، والصحف بمفهومها الصحيح حتى بدية سنة الالفين 2000 ، حين تحول الجميع الى صدفيات فارغة ، وخاصة المعارضة الاصلاحوية ... ، هي مكتسبات حققها الشعب المغربي بفضل نضاله منذ استقلال " ايكس ليبان " الشكلي ، فهي ليست مِنّة ولا مِنْحة من احد ، فالشعب تمكن من فرضها منذ مناهضة الاحتلال الاستعماري ، وبالتالي فان النظام الذي نصب نفسه على رأس البلاد غداة الاستقلال الشكلي ، وبتعاون مع الاستعمار الجديد ، قد وجد نفسه مضطرا للتعامل مع هذا الواقع القائم ، خاصة وان ميزان القوى ، كان لصالح القوى الوطنية التقدمية الذي يرتبط بها الشعب المغربي ، وانه لم يتمكن من قلب هذا الميزان الاّ من خلال الانقلاب ، والانفراد بالحكم ، والاعتماد على القمع كوسيلة أساسية للبقاء والاستمرار ، رغم حالة ضعفه الدائم الناجمة عن افتقاره لأية شرعية وطنية ، وبالأحرى شعبية .
وباختصار ، فان ما فرضه الشعب المغربي من إمكانية التعبير والنضال ، لم تكن يوما ما هدية من هدايا النظام اللاّديقراطي واللاّشعبي ، او نتيجة ل " دمقرطة " ما ، بل انها نيلت بفضل تضحيات جسام ، وكفاح دؤوب ومرير ، سواء في عهد الاستعمار الفرنسي ، او في عهد الاستعمار الجديد ، او الاستقلال الشكلي . وما لائحة شهداء الشعب المغربي ، ولوائح السجناء ، والمختطفين ، والمشردين ، الاّ ضريبة مجانية ، بل انها حققت ما حققته من مكاسب على درب التحرر والانعتاق ، من العبودية الحاطّة بالكرامة الإنسانية ..
2 ) ان طبيعة الحكم المطلق لم تتغير قيد انملة : وما طبيعة دستور 2011 الذي هو امتداد للدساتير السابقة ، والقوانين المعمول بها ، والتي تمركز كل الحكم في يد الملك لا في يد المؤسسات التي هي أصلا مِلْك للملك ، انا الدولة – الدولة انا ، زيادة على السلطة الروحية " ألالاه " التي منحها لنفسه زورا وتسلطا ، لأنها تعطيه سلطات استثنائية فوق دستوره الممنوح ، وما الاحتكام لممارساته لهذا الحكم ، الذي لا يتوانى في الطعن علانية في سيادة الشعب ، الذي يعتبره مجرد رعية لتجريده من حقوقه السياسية والاقتصادية ، واحتكار السيادة له وحده دون سواه ، أي انه امير المؤمنين في امارة المؤمنين ، التي يغلفها القمع والظلم ، والاعتداء على الناس بأمر امير المؤمنين مرة ، وبمباركته الشطط والاعتداء مرات ، وهو احتكار مطبوع بطابع القمع الدموي الشرس .. الاّ اذلة قاطعة على انّ " دار لقمان على حالها " ، وأن حالة الضعف فقط ، هي التي ترغم النظام على إيجاد واجهات " ديمقراطية " شكلية ، موجهة للاستهلاك الخارجي العارف بقواعد الدار ، ومشدودة بشكل حديدي الى " جدلية القمع والانفتاح " السيئة الذكر ...
ان المطلوب اذن وفي وضع شاد كهذا ، ليس الاكتفاء بالمقارنات السطحية ، لكن المطلوب هو انصاف الشعب المغربي في كفاحه الطويل ، والمرير، والصبور مع هذا النظام الاقطاعي ، الاستبدادي ، الملهوف على الدولار واليورو ، وشراء القصور بفرنسا ، وتثمين مكتسبات هذا الكفاح الذي يتجذر اليوم بفعل نمو التثقيف السياسي من الواقع المعاش ، وتقديم السند ، والمعونة ، والتضامن من اجل اهداف التحرر الوطني الكامل للمغرب .. وهي اهداف لا شك انها لصالح كل شعوب المنطقة الافريقية ، والعربية ، ومن أساسها شعب الصحراء الغربية الذي اعترف به النظام عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية في يناير2017 ، والمنشور في جريته الرسمية ، والذي سيرفض وصاية وحجر النظام السلطوي ، الاستبدادي ، والطاغي ..وكذا حركة التحرر المغربي ، وحركة التحرر على الصعيد العالمي ..
3 ) طبيعة أجهزة القمع في المغرب : التزاوج بين النظام البوليسي الرديء والفاشي ، وبين الجهاز السلطوي ، القروسطوي ، المخزنولوجي لوزارة الداخلية التي تعتبر بالنسبة للنظام ، مفتاح أبواب المغرب الذي يؤدي الى جميع الجهات ، عدا الاتجاه الديمقراطي :
لمزيد من التأكيد من طبيعة هذا النظام الفريد من نوعه في العالم ، ومن حقيقة أساليب البطش والإرهاب التي يمارسها في حق جماهير الشعب المغربي ، نعود لإلقاء نظرة سريعة على طبيعة الأجهزة القمعية نفسها ، التي ورثها عن سلفه الذي منحه الشرعية و " الحماية " في نفس الوقت : الاستعمار بصيغتيه القديمة والجديدة .
اكدنا أعلاه على ان طبيعة الحكم في المغرب لم تتغير ، ولن تتغير في ظل استمرار ميزان قوى مختل ، فالحكم حافظ على اصوله الاقطاعية ، وبشكل اكثر استبدادية واقطاعية في عهد محمد السادس ، لان ضعفه دفع به الى تسليم المغرب الى مافيوزيين يجتهدون في ممارسة القمع ، وفي الاعتداء على الناس الذي وصل تدمير اسرهم الصغيرة ، ومحاولة تصفيتهم مرارا ، لولا الالطاف الإلهية التي ارجعت كيدهم في نحورهم ، وفي افتراس ثروات المغاربة المفقرين ، كما حافظ الحكم على الاصول الاقطاعية بالنسبة لبنياته الفوقية ، مع استيعابه لبنيات رأسمالية استعمارية ، ودمجها في الهياكل القائمة ، وبالتالي ، استيعاب كل الاساليب الاستغلالية الرأسمالية ، والمناهج البرجوازية .. عدا المزايا ، والفوائد ، والقيم التي حققتها الثورات البرجوازية المتجسدة فيما يسمى بالديمقراطية البرجوازية ، بفضل كفاح الشعب ، ونضال الفلاحين ، والعمال ، والطلبة ، والمثقفين ... فهو بالتالي نظام شاد يكاد يكون فريدا من نوعه في العالم ، من حيث استمرارية طابعه الاقطاعي المشدود للقرون الوسطى ، واستيعابه لهياكل رأسمالية عصرية في نفس الوقت .. سكيزوفرينيا مقيتة من اجل الاستمرار بكل الوسائل والطرق .. ولو على حساب أرواح الناس ..
طبعا وكمحللين مثقفين وسياسيين ، لأجهزة هذا النظام ، وللنظام نفسه ، فإننا سنجد انعكاسات وتأثيرات هذا الطبيعة الهجينة ، في كل المستويات ، سواء بالنسبة للهياكل والبنيات القائمة الاقتصادية والاجتماعية ، ذات الطابع المزدوج او المتعدد الاشكال ، او بالنسبة للإيديولوجية الاقطاعية العتيقة السائدة ، الممزوجة بتلقيحات برجوازية باهتة ، او بالنسبة للسياسة الرسمية التي تسعى عبثا ، الى التوفيق بين جوهر الحكم المطلق الاقطاعي ، الطاغي ، والاستبدادي ، وقيام مؤسسات " ديمقراطية " كتقليد ممسوخ للنمط البرجوازي الغربي .. ونجد هذا طبعا في طبيعة أجهزة القمع كذلك ..
وهكذا ، فان أجهزة القمع في المغرب " متعددة البنيات " أيضا .. فمن جهة ظل الجهاز القمعي السلطوي ، القروسطوي ، المخزنولوجي قائما ، ولم تدخل عليه سوى بعض التحسينات في الشكل والأسلوب ، وشيء من التطور في أدوات القمع المستعملة ، وهو الذي يبدأ بجهاز القيّاد ، والباشوات ، المقدمين ، والشيوخ ، والمتعاونين معهم في المدن كما في البوادي من اجل إحصاء انفاس المواطنين ، ومراقبة الكبير منهم والصغير .. ، ويمر بأجهزة المخابرات المبثوثة في بعض الزوايا ، والمساجد ، والمعتمدة على الشعوذة والتلغيم .. ولينتهي بأجهزة التعذيب ، والقتل ، والارهاب تماما ، كما كان الحال في عهد السلطان الدموي إسماعيل ، وغيره من الملوك الاقطاعيين الاستبداديين ، والطغاة المتنفذين المتعطشين الى البطش وسفك الدماء من اجل البقاء في الحكم ، لافتراس ثروة الشعب المفقر والفقير ..
ومن جهة أخرى ، نجد ان النظام قد قام بتطوير جهازه البوليسي الموروث عن الاستعمار ، وعمل بتأطير مباشر من الجهات الامبريالية ، على رفعه الى مستوى مستلزمات العصر وتقنياته الحديثة ، بدءا باستعمال الأساليب النفسية في التتبع ، والمراقبة ، والتحقيق ، وصولا الى الاشتغال باللجان المختصة ، والملفات المدروسة .. والفعل الالكتروني ... واستعمال تقنيات إسرائيلية عالية التقنية في التجسس على المعارضين .. انّ هذا التحديث التقني البوليسي ، لم يرافقه تحديث مماثل بالنسبة للجهاز السلطوي ، القروسطوي ، المخزنولوجي لوزارة الداخلية ، حيث ظل القياد ، والباشوات ، والمقدمين ، والشيوخ ، والسلطة تعمل بأساليب ترجع الى عهد الباشا لگلاوي ، وقياد الاستعمار ابّان فترة الاستعمار. فجلد الناس في الشوارع تعتبر مسالة عادية عند هذا الجهاز الفريد وحده في العالم ، وهو الذي يضفي على الدولة طابعها المخزني الغارق في الممارسات المخزنولوجية المرفوضة ..
ان هذين الهيكلان ، الجهاز البوليسي ، والجهاز السلطوي التقليدي ، لا يناقض احدهما الاخر ، بل انهما يتكاملان وينسجمان مع بعضهما ، كما اننا نجد قاسما مشتركا لهما ، في الاعداد المتعددة من المخبرين الذين يستقطبهم النظام ، استفادة من ظروف القهر الاقتصادي والاحتياج ، التي يعمل على ادامتها وتعميقها باستمرار ، كما نلاحظ انّ الهيكل الأول ، يجيب عامة على ضرورات ممارسة العنف الاجرامي المباشر كما اسلفنا ، في حين الثاني يتولى دراسة " التوجيه " والتدقيق ، في الخطط الجهنمية التي تستهدف ضرب وتفتيت ، قاعدة القوى الوطنية والتقدمية الحقة ، بالأساليب الأكثر خبثا ، وتسميما ، ومنهجية ، وهي الاعمال التي تنسقها وزارة الداخلية بتوجيهات من الديوان الملكي .. فإنشاء الأحزاب ، وتشتيت أخرى ، هي من المهمات التي تتفنن فيها وزارة الداخلية بامتياز ... ( منظمة العمل الديمقراطي الشعبي / الحزب الاشتراكي او عصابة فندق حسان ) ، ( حزب التقدم والاشتراكية / جبهة القوى الديمقراطية ) ، ( التجمع الوطني للاحرار / الحزب الوطني الديمقراطي ) ، ( الحركة الشعبية / عصابة الثانية بقيادة العنصر ضد احرضان ) .... الخ ..
وبدون ادنى مبالغة يمكن القول ، بان جهاز القمع في المغرب ، هو " القطاع " الذي يضمن لنفسه سيرا عاديا متطورا ، قياسا بالأزمة الخانقة التي تشهدها البلاد ، في مختلف المرافق الاقتصادية والاجتماعية .. وهذا ليس من قبيل الصدفة ، علما بان القمع لدا النظام ، هو القاعدة الصلبة التي يُرسي عليها أسس الاستمرارية والبقاء . وهذا ما ذهب به ، تجنبا لانعكاس الازمة الاقتصادية على سير كل هذه الأجهزة ، الى تأمين تمويلها المتزايد عن طريق " المعونات " الخارجية خاصة الفرنسية ، وتلك التي كانت تأتي من السعودية ، والامارات قبل تأزيم العلاقات بين النظام المغربي وهذه الدول .. ولا فائدة في التأكيد أيضا ، على ان التأطير ، والتوجيه ، والتكوين موكل للخبراء الأجانب الأمريكيين والفرنسيين ، وحتى الألمان ، والاسبان ، والاسرائليين في وقت سابق ، الى درجة ذهب معها الحكم الى منح الثقة في الموضوع الأمني للأجانب دون سواهم ، مع التأكيد على تعدد الأجهزة ، والفصل في اختصاصاتها ، لضمان التحكم في حجمها ، ولجعلها تراقب بعضها البعض الاخر في نفس الوقت .. وهنا لا ننسى ارسال أمريكا لأشخاص مقبوض عليهم بتهمة الإرهاب ، ليستنطقوا بمقرات المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، مجزرة الذبح ، والسلخ للمناضلين وللضحايا ، ومختبر الفوتوشوب في جانبه البورنوغرافي ، لان الدستور الأمريكي يمنع منعا كليا تعذيب المعتقلين وجلدهم ..
ويجب الاعتراف ان النظام المغربي قد تفوق فعلا في المجهود المتواصل الذي بذله خلال العشرين سنة الأخيرة ، في تطوير وتحسين هياكل اجهزته القمعية ، بفعل التأطير المادي ، ، والمعنوي ، والمالي الذي يقدمه الأجانب والخليجيين سابقا ، الى درجة أصبحت معها هذه الأخيرة تتمتع بمستوى عالمي ، وشهرة مرموقة ، وسمعة ذاع صيتها في الوطن العربي ، وافريقيا ، وبأوربة ، وامريكا ... فاذا كانت بلادنا تعاني مثلها مثل بقية بلدان العالم الثالث من ظاهرة هجرة " الادمغة " ، فأنها تمتاز عن هذه البلدان بكونها تعرف أيضا ، تصدير " الأطر البوليسية " المحنكة في قمع الشعوب ، وكبح تطلعاتها ، والعديد من رؤساء الدول الافريقية الرجعيين التبعيين ، كانوا يتهافتون على استيراد مثل هذه الأطر من النظام المغربي ، لحمايتهم من غضب شعوبهم ، ونضال قواها الثورية ، وكم تباهى النظام دونما تستر بالأدوار التي لعبها ويلعبها في " امن الخليج " ، و " امن افريقيا " ، نيابة عن الامبريالية التي أصبحت تفضل توكيل حلفاءها المحليين ، في كل الاعمال القذرة ، القمعية العنيفة الموجهة ضد نضال الشعوب ..
وتجدر الإشارة الى ان الأجهزة القمعية البحثة ، ذات الطبيعة والمستوى المذكور ، لا تعمل بشكل معزول داخل المجتمع المغربي ، بل تحظى ب " ترسانة " من الأجهزة الإضافية المكملة ، والتي لا يقل دورها في القمع خطورة وشراسة ، ومن ضمنها أساسا ، الجهاز الإداري المرتشي في المدن والبوادي ، الذي لا تنطلي " استقلاليته " على احد ، إذ انه جهاز مسخر للمراقبة والمتابعة السياسية أولا وقبل كل شيء ، بل ان دوره التنفيذي المباشر في القمع والابتزاز ، والاعتداء على المواطنين ، ودوس حقوقهم ، والوقوف بشكل مكشوف الى جانب الاقطاعيين ، والبرجوازيين ، وخدمة مصالحهم الاستغلالية في واضحة النهار ، الى درجة الاندماج في مصالحهم .. دور معروف ، بل ومقنن ومجهر به ، من خلال النصوص الرسمية للدولة ، والتكوين الدقيق الذي تلقنه ل " رجال السلطة " ... ب " مدرسة تكوين الأطر التابعة لوزارة الداخلية " ، وقد القيت فيها محاضرات ، والتي أصبحت باسم جديد " المعهد الملكي للإدارة الترابية " بالقنيطرة ..
والى جانب الإدارة ، يقف ( القضاء ) أداة طيعة في يد نفس الطبقة الاقطاعية / البرجوازية ، يصدر الاحكام لصالحها ، ويُحوّل الحق باطلا والباطل حقا ، حسب مستلزمات خدمة الحكم وقاعدته الاجتماعية والسياسية ، وقد عشنا محاكمات سياسية كانت الاحكام فيها معروفة بأيام حتى قبل النطق بها ، بل في احد الانتخابات التشريعية ، وحتى تعطى لها المصداقية ، استقدم ادريس البصري قضاة يشرفون على سير العملية الانتخابوية ، وكان مبلغ الغلاف المالي الذي توصلوا به من اجل اغماض اعينهم عن التزوير الذي كان مفضوحا ، 10 مليون سنتيم للقاضي .. هذا زيادة على أجهزة الاعلام من ( صحافة متعددة الالوان ، التي اكتظت بها الساحة بشكل متزايد في الآونة الأخيرة بشكل مكشوف "كشوف تفي / العمق " .... الخ ، واذاعات وفضائيات ، تفرغ يوميا سمومها ، ودعايتها ، وافرازاتها الرجعية العتيقة ... ) ، وما تلعبه من دور خطير وإرهاب فكري مستمر ..
4 ) ما العمل : نضال الجماهير الشعبية هو الأقوى .
كانت هذه الدراسة المتواضعة ، بمناسبة ذكرى الثاني والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الانسان ( John p . Humphrey ) ، لمحة مختصرة عن طبيعة الأجهزة القمعية التي سخرها النظام القمعي الدموي ، لتأطير مجتمع بكامله ، والتحكم فيه ، أفقيا وعموديا ، باستعمال اعتق الأساليب المخزنية والاقطاعية ، التي يعكسها الجهاز السلطوي ، القروسطوي ،المخزنولوجي لوزارة الداخلية ، ممثلا في المقدمين ، والشيوخ ، والقياد ، والباشوات الذين كانوا يجلدون الناس في الشوارع العامة ... لخ ، والأ كثرها " حداثة " و " عصرنة " كذلك .
لكن هل هذه الأجهزة تسير بشكل آلي ومنسجم ، حسب رغبة الحكم ، وتوجيهاته المحددة ؟
وهل الصورة قاتمة بهذا الشكل ، بحيث تغيب إمكانية الرد على هذا القمع الدموي الشامل ، الذي يحاول التحكم في جذور المجتمع وشرايينه ؟
راينا في بداية هذه الدراسة ، كيف ان النظام القائم في المغرب ، لا يستمد شرعيته سوى من النظام الاستعماري اللاشرعي هو نفسه ، وكيف انه ينفي السيادة على الشعب باسره ، وينفرد بها لوحده ، تحت تبريرات روحية غيبية كاذبة ، وأخرى مادية واهية ، كما اكدنا على طبيعته القارة كحكم مطلق ، حافظ على اصوله الاقطاعية ، واندمج بشكل تبعي عضوي مشوه في النظام الرأسمالي ، وراينا بالتالي ، كيف انه في حاجة حياتية يومية للقمع ، كوسيلة في الحكم ، وقاعدة أساسية له ، لا تتغير سوى اساليبها ، واشكالها بما يرفع من مستوى فعاليتها ، ويضمن لها تطويق الشعب ، والتسرب الى جسم المجتمع باسره ، كمثل كورونا 19 ، وكمثل السرطان المزمن ...
بقي لنا ان نؤكد من جهة أخرى ، وبشكل قاطع ، على ان النظام باعتماده على القمع ، سواء بأساليبه الاجرامية الدموية العنيفة المباشرة ، او بطرقه المتعددة العالية في الفنية والتقنية ، لم ولن يتمكن من حل التناقض الأساسي ، الذي يتواجه فيه بشكل تناحري مع أوسع الجماهير الشعبية المغربية ، واوسع فئات هذا الشعب المفقر والكادح ، التواق الى التحرر والديمقراطية ، والعدالة الاجتماعية ..
والحقيقة ، ان النظام القمعي الدموي لا يعمل سوى على تأجيل هذا التناقض ، ويرفعه في نفس الوقت ، الى درجة اعلى من الحدة والوضوح ... فسواء مارس حلقة من حلقات القمع الدموي الهمجي ، او حلقة من حلقات مسلسلاته الانفتاحية / القمعية الفاضحة ، فانه لا يعمل سوى في اتجاه الانتقال الى مرحلة يرتفع معها وعي الجماهير الشعبية ، ونضجها ، وتمرسها ، وحنكتها في النضال الجماهيري الواسع النطاق ، وفي العمل السياسي والتنظيمي على حد سواء ، الى اعلى مستوى ..
ومن المعروف انّ مِنْ ضمن أساليب المواجهة التي يمارسها الحكم واجهزته القمعية الدموية ، هناك أسلوب الحرب النفسية التي تسعى الى التضخيم والتهويل من قدرة هذه الأجهزة ، وحضورها في كل مكان وزمان ، وتمكنها من تلغيم واختراق كل ما هو منظم في الإطارات الجمعوية ، او النقابية ، او السياسية ، وبث عيونها وآذانها في كل مرافق المجتمع وقطاعاته .. وهذه الحرب النفسية تستهدف طبعا ، تخويف المواطنين وارعابهم ، وإذكاء الشك والتشكيك فيما بينهم ، وفي اوساطهم ، وجعل الحذر وفقدان الثقة يحتلان الأولوية في العلاقات بين المواطنين ..
الاّ ان هذه الأساليب المفضوحة كلها ، مادية كانت ام نفسية وروحية ، وهذه الترسانة من الأجهزة والأسلحة المادية ، او الفكرية ، والأيديولوجية ، والسياسية ، لا يمكنها ابدا ان تصمد امام نضال الجماهير والشعب ، وهو يتقدم نحو مواقع افضل وامتن ، ويُصلّب صموده وثباته ، ويتقدم في حل اشكالاته السياسية والتنظيمية ، ويرتفع بها الى المستوى المطلوب من الضبط والاحكام ..

فهذه الأجهزة نفسها تم بناء قاعدتها بأفراد من الشعب .. فهي اذن ، ليست خالية من التناقض وحسب ، بل انها تعيش اجمالا ، نفس التناقضات الطبقية الصارخة التي يعيشها المجتمع بأكمله ، وتتأثر بها وتتفاعل مع انعكاساتها اليومية ، وهي بالتالي قابلة للانفجار والتفتيت ، بمجرد ما يميل ميزان القوة ، وميزان القوى لصالح الجماهير بشكل ملموس ...
وهذا الشعب المكافح الصبور ، لا بد وانْ يحقق تكتل قواه الحية ، التي ستنبع من قلب الجماهير في كل المدن ، والقرى ، والبوادي في وحدة وطنية حقيقية متراصة الصفوف ، ولا بد ان يفرز في الساحة النضالية والميدان ، طليعته الثورية الواعية المنظمة ، التي ستقود كفاحه المنظم كذلك ، وستفجر طاقاته الجماهيرية الهائلة التي ستجرف حتما ، بكل هذه الأجهزة القمعية الدموية ، بتنظيماتها العصرية ( البوليس الفاشي ) ، او العتيقة ( الجهاز السلطوي ، القروسطوي ، المخزنولوجي سليل تركة الباشا التهامي لگلاوي ، وقياد الاستعمار ) ، بأسلحتها الأيديولوجية والمادية ، والحربية ، بآلاف المخبرين والوشاة المتعاونين معها .. هذا ما علمتنا تجارب العديد من الشعوب ....



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغاربة يعارضون مغربية الصحراء
- هل تسحب موريتانية اعترافها بالجمهورية الصحراوية ؟
- الوساطة الموريتانية
- - اللجنة التأسيسية المعارضة للنظام الملكي بامريكا -
- تقنين اساليب القمع السياسي والايديولوجي لاضفاء مشروعية جبرية ...
- حزب النهج الديمقراطي وقضية الصحراء -- بيان الكتابة الوطنية - ...
- بيان وزارة الخارجية الجزائرية
- البوليساريو تنتحر
- الصحراء الغربية
- من يتحمل مسؤولية ما يجري بالگرگرات ؟
- الوضع القانوني لمعبر الگرگرات
- أخطاء جبهة البوليساريو
- قرار مجلس الامن 2548 حول نزاع الصحراء ، كان صفعة مدوية في وج ...
- تقييم الوضع في الصحراء .
- ماذا يختمر بالگرگرات .. ؟
- نعم انها فعلا حرب يخوضها النظام الجزائري ضد المغرب ..
- هل تلوح في الافق بوادر عودة الى الحرب في الصحراء ؟
- آليات السيطرة والعنف في نظام الحكم المطلق
- من المسؤول عن الوضع العام في الصحراء ؟
- مملكة الرعب والخوف


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الجهاز البوليسي والسلطوي في المغرب