الصحراء الغربية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 6730 - 2020 / 11 / 12 - 00:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مؤخرا زار وزير الخارجية الفرنسي المغرب ، والتقى نظيره المغربي ، واثناء الكلمة التي القها ، استعمل مصطلح الصحراء الغربية ... الى هنا لا اشكال لان الوزير الفرنسي يعرف دلالة أي مصطلح يستعمله ، خاصة حساسيته عند الطرف المعني به ، فالوزير الفرنسي ليس غبيا ان يستعمل مصطلحا يقلق مضيفه ..
لكن ما لم يكن متوقعا ان يقفز احد الصحفيين اللاجئين بفرنسا على هذا الاستعمال للوزير الفرنسي ، فيُقوّل الوزير الفرنسي ما لم يقله ، معتقدا ان استعمال مصطلح الصحراء الغربية ، يفيد اعتراف الوزير الفرنسي بعدم مغربيتها ..واعتبر هذا الاستعمال نصرا لقضية كان يصفق لها قبل التحاقه بباريس ..
ان ما يجهله الصحافي المذكور الراضي الليلي ان استعمال المصطلح لا يعني ان مستعمله لا يعترف بمغربية الصحراء ، ومن جهة ، فهذا الاستعمال هو وصف محدد للجهة التي تقع فيها المنطقة المشار اليها التي هي الغرب ، وليس الجنوب ، او المشرق ، او الشمال .. ومن جهة ان هذا الاستعمال هو مصطلح اممي تستعمله الأمم المتحدة ، من الجمعية العامة ، الى مجلس الامن ، واستعملته المنظمات والهيئات الموازية ، التي لها علاقة بقضية الصحراء ، كما تستعمله محكمة العدل الاوربية ، ومحكمة العدل الدولية ، والبرلمان الاوربي ، ويستعمله المغرب في مراسلاته مع مجلس الامن ، والهيئات الموازية خاصة القانونية والحقوقية..
لذا فهو مصطلح استعماله لا يعني الانحياز الى أطروحة عدم مغربية الصحراء ، بل هو مصطلح يفيد تحديد المكان مثل مصطلح الصحراء الشرقية التي تحتلها الجزائر اليوم ...
وحتى ندلل اكثر على ان المصطلح لا يعني عدم مغربية الصحراء ، وهو المعنى الذي سار عليه الوزير الفرنسي عند نطقه بمصطلح الصحراء الغربية ، ان سعد الدين العثماني لمّا كان وزيرا فاشلا للخارجية ، دعا الى استعمال مصطلح الصحراء الغربية كما يجري به العمل من قبل الأمم المتحدة ، وصديق ومستشار الملك فؤاد الهمة ، سبق ان استعمل مصطلح الصحراء الغربية دون خلفية قصد عدم مغربيتها ، بخلاف الوزير السابق في الداخلية ادريس البصري عندما كان في باريس لاجئا ، استعمل هذا المصطلح بخلفية ليست مغربية ، لكنه كان يقصد بها عدم مغربية الصحراء التي جنسيتها معلقة على الاستفتاء الذي ستباشره " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، " المينورسو " .. وهو الذي كان يدخل اليساريين الى السجن فقط عند استعمالهم هذا المصطلح ، لأنه كان يُكيف التهمة بقصد عدم مغربيتها .. والحال انه كان يصفي الحسابات السياسية مع اليسار الماركسي خاصة مع منظمة الى الامام ..
اذن ان استعمال مصطلح الصحراء الغربية ، عوض استعمال مصطلح الصحراء المغربية ، ليس موقفا من النزاع ، فهو لا يجردها من مغربيتها ، كما انه لا يضفي عليها هذه المغربية التي تتحقق من خلال شرعية الأرض ، ومن خلال الشرعية القانونية التي جسدتها كل قرارات مجلس الامن ، ومن اهمها القرار الأخير 2548 الذي نص على الحل السياسي التوافقي ، الذي يعني حل الحكم الذاتي ولا يعني الانفصال ..
فان يستغل الصحافي الراضي الليلي ترديد الوزير الفرنسي لمصطلح الصحراء الغربية ، لتبرير فوضى قطاع الطرق بالغرغرات ، لهو في الحقيقية جهل مسطر، يدلل على افتقار الشخص وللأسف صحافي ، مغزى ومعني المصطلح عند الأمم المتحدة التي تعني التحديد ، ولا تعني البلطجة وقطع الطريق ، وهي الاعمال المرفوضة جملة وتفصيلا من قبل مجلس الامن ، ومن الأمانة العامة للأمم المتحدة .. وهنا نذكر بقرار مجلس الامن 2414 الذي دعا البوليساريو الى اخلاء معبر الغرغرات في سنة 2018 ، وقد استجابوا للقرار مبررين الانسحاب بإعادة الانتشار ... كما نذكر مؤخرا برسالة الأمين العام للأمم المتحدة السيد انطونيو غيتيريس الذي ادان ، ودعا قطاع الطرق الى فتح المعبر وقطع المواصلات المدنية والتجارية ، لان تواجد البوليساريو بالمنطقة يعتبر في حذ ذاته خرقا سافرا لاتفاق 1991 ..
فاذا كان الصحافي يجهل بأبجديات استعمال مصطلح الصحراء الغربية ، في منظور ، وقصد ، ومعنى الأمم المتحدة ، لإعطاء مشروعية مزيفة عمّا يحصل اليوم بالغرغرات ، ويُقوّل الوزير الفرنسي ما لم يقله ، فما بالك بقطاع الطرق البلطجية الذين وجودهم بالمعبر ، هو في حد ذاته خرقا لوقف اطلاق النار ...
ان المناطق العازلة المنزوعة السلاح هي تحت اشراف الأمم المتحدة ، وهي وحدها تتحمل المسؤولية القانونية والسياسية عن أي شيء يحصل بالمنطقة ، ومن ثم فهي ليست تحت اشراف البوليساريو الذي يعتبر وجوده بها مخالفا للقانون الدولي ..
لذا فان ما يقوم به المغرب يحترم القانون الدولي ، ويحترم كل بنود اتفاق 1991 الموقع تحت اشراف الأمم المتحدة ، ولو كان التصرف المغربي ضد القانون الدولي ، هل كان لمجلس الامن ان يدعو في القرار 1414 الصادر سنة 2018 البوليساريو بإخلاء المعبر المحاصر ، وهل كان للأمين العام للأمم المتحدة ان يدعو قطاع الطرق بفتح المعبر، وانهاء الحصار المخالف للقانون الدولي ...
هذا ما يجهله الصحافي الراضي الليلي ، او انه يتجاهله لغرض في نفس يعقوب ... والحال ان قطاع الطرق الخارجين عن القانون بعملهم هذا المستفز للأمين العام ، ولل " مينورسو " ، ولمجاس الامن الذي اصدر القرار 2548 ، هم خارج القانون وفي وضع خارق لاتفاق 1991 ..
بل كيف لأي مهتم ان يتفهم تهديد البوليساريو بالعودة الى الحرب ان تجرأ المغرب وسمح للمدنيين الصحراويين بعبور المعبر ، وتواجدهم هم بالمعبر خرقا فاضحا لوقف اطلاق النار ، وبشهادة مجلس الامن ، والأمين العام للأمم المتحدة ..
على الجيش المغربي الا يتدخل في المعبر ، لان المنطقة المنزوعة السلاح ، العازلة التي يعتبرها قطاع الطرق أراضي محررة ، هي تحت مسؤولية مجلس الامن .. ومن ثم فان أي تدخل يعني السقوط في الفخ المنصوب الذي سيوجه ضربة للقرار المكسب 2548 ... لكن ليس من حق النظام ان يمنع الصحراويين الوطنيين من عبور المعبر للدفاع عن وحدة المغرب ... فالمواجهة ستكون بين صحراويين وطنيين ، وصحراويين مرتزقة خارجين عن القانون ، يخدمون مصالح النظام الجزائري ، ولا يخدمون في شيء مصالح الصحراويين ..
وعلى المغرب اشعار الأمين العام للأمم المتحدة ببلطجية قطاع الطرق الذين لا يعرفون غير التخريب عندما ازالوا الزفت من الطريق .. وان يرفع شكاية لمجلس من بناء على القرار 2414 الذي دعا البوليساريو الى اخلاء المعبر حالا في سنة 2018 .. مع التذكير بموقف الأمين العام مؤخرا ...
لكن عند استنفاذ الآجال القانونية التي يقتديها تدخل مجلس الامن ، والأمانة العامة للأمم المتحدة ، واستمر جحافل قطاع الطرق تحاصر المعبر ، فيجب السرعة في الحسم ، حتى لا يصبح امرا واقعا مفروضا على المغرب ، إضافة الى التهديد بالإعمار وببناء المنشآت في ارض تخضع قانونا للأمم المتحدة ...
فاذا لم يكم من الحرب بذّ .. فلتكن مع الجزائر التي تقف وراء كل ما يجري بالمنطقة منذ سنة 1975 ، حتى لا تصبح احذيتها النتنة تدوس وتلوث مياه الأطلسي ..
الوضع خطير، ويجب استنفاذ كل الطرق لرمي المسؤولية على الأمم المتحدة ... لكن بعدها يجب السرعة في الحسم ... البوليساريو انتهت ... والقرار 2548 ناطق بما فيه ..

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات