أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - حزب النهج الديمقراطي وقضية الصحراء -- بيان الكتابة الوطنية --















المزيد.....



حزب النهج الديمقراطي وقضية الصحراء -- بيان الكتابة الوطنية --


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6736 - 2020 / 11 / 18 - 13:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أصدرت الكتابة الوطنية لحزب النهج الديمقراطي يوم الاحد 15 / 11 / 2020 بيانا حول الشأن العام ، وحول ما يجري في الصحراء الغربية المغربية . ومما جاء في البيان الذي احدث ضجة وردود أفعال هائجة ، وكأنه لأول مرة يعلن الحزب عن موقفه بخصوص النزاع الدائر بالمنطقة ، في حين ان الموقف متداول منذ الانسحابات التي عرفتها المنظمة الأصل الى الامام ابتداء من سنة 1979 ، ومما جاء في البيان : دعت الكتابة الوطنية لحزب النهج الى " .. تجنب التصعيد والحرب في الصحراء ، واعتماد أسلوب السلم والحوار لتجنيب المنطقة وشعوبها ويلات الحرب .. ... " وطالب البيان ب " اعتماد المواثيق الدولية ، ومقررات الأمم المتحدة لحل قضية الصحراء الغربية ، للوصول الى حل متفق عليه ، بما يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ، ويخدم هدف وحدة الشعوب المغاربية .. " .
ان صدور البيان وفي هذا الظرف بالذات ، تسبب في ردود فعل متشنجة وعنيفة ، وصلت الى حد تخوين الحزب ، والدعوة الى حله ، واعتباره حزبا خارجا عن الاجماع الوطني ، ويخدم اجندات الجزائر واعداء الوحدة الترابية للمغرب ، التي هي خط احمر لا يجب الاستهزاء او التفريط به ..
فهل البيان الذي أصدرته الكتابة الوطنية لحزب النهج الديمقراطي ، حقا يستحق كل هذه الاثارة ، وهذه الردود التي وصلت الى التخوين ؟
أولا لمعرفة مدى المغزى من البيان ، يتعين مقارنته بموقف المنظمة الأصل ، التي انسحب منها النهج الديمقراطي ، واقصد بها منظمة الامام التي تأسست في 30 غشت 1970 ...
وحتى نبحث في الفكر السياسي والايديولوجي للمنظمة الذي كانت تبني عليه كل مواقفها ( و ليس هنا محل بحثه )، نشير الى انّ منظمة الى الامام ، كانت لها مواقف ، وليس فقط موقفا واحدا بشأن الموقف من الصحراء ، وهي مواقف كانت تطرحها مع القناعة السياسية والإيديولوجية التي بلورتها المنظمة في ازمنة مختلفة ... وعلى العموم سيتبلور الموقف المتطرف للمنظمة ، حين اعترفت صراحة بالجمهورية الصحراوية ، ورفعت شعارات من داخل المحكمة في المحاكمة التاريخية يناير / فبراير 1977 بالدارالبيضاء ، تناصر فيها الجمهورية الصحراوية .. وهو ما جعل القاضي يتشدد في انزال اشد العقوبات بالأماميين ، ولم ينجو منها حتى مجموعة 23 مارس التي أصبحت مع مغربية الصحراء ..
الموقف الذي عبر عنه حزب النهج الديمقراطي من خلال بيان الكتابة الوطنية ، يعتبر تراجعا عن موقف منظمة الى الامام التي دعت الى انفصال الصحراء عن المغرب ، بل انها اعتبرت قضية الصحراء بمثابة بؤرة ثورية لتحرير المغرب من سيطرة وحكم الدولة العلوية ...
ان ما عكسه بيان الكتابة الوطنية للنهج ، لا يعتبر انّ الصحراء مغربية ، كما لا يعتبرها ليست مغربية ، لكنه دعا الى اعتماد المشروعية الدولية ، وهي مشروعية تعجيزية في حد ذاتها ، لأنها تحمل في طياتها سبب استحالة تطبيقها ، من خلال التناقض الصارخ الذي تحمله كل القرارات التي أصدرها مجلس الامن منذ 1975 بشان الصحراء .. فدعوة النهج الى اعتماد قرارات الأمم المتحدة ، تبقى دعوة اقل ضررا من مواقف منظمة الى الامام ، لأنها دعوة تحاول الظهور بمظهر الحياد من خلال اللجوء الى المشروعية الدولية ، لكنها دعوة جد متخلفة عن التطور والجديد الذي عكسه قرار 30 أكتوبر التاريخي لمجلس الامن ، الذي أصدره تحت رقم 2548 ، الذي افرغ المينورسو من احد اهم مهامها التي هي الاستفتاء ، والتركيز على الحل السياسي التوافقي الذي هو حل الحكم الذاتي ، وليس حل الانفصال كما تزعم جبهة البوليساريو والجزائر ... فالذي سيحدد جنسية الصحراء من خلال بيان الكتابة الوطنية ، يبقى هو الاستفتاء وتقرير المصير ، في حين ان مجلس الامن تجاهل القرار 690 الذي لم يعد احد يعترف به ... فهل حزب النهج من خلال بيان الكتابة الوطنية ، اصبح ضد مجلس الامن الذي اصدر القرار 2548 ، او انه ضد القانون الدولي في معالجته حالات الاستفتاء كحل ، او انه بيان نكاية في النظام المغربي الذي رخص للنهج الديمقراطي بالاشتغال السياسي طبقا لمقتضيات قانون الحريات العامة ...
فالنهج من خلال بيانه ، يحاول ان يبني موقفه بالدعوة الى الاستفتاء ، على دعوة الاختيار ، وليس على الانتصار للجغرافية ، وللتاريخ ، ولتضحيات الشعب المغربي ، الذي عبر منذ دخول اسبانيا الى الصحراء في سنة 1884 ،على التشبث بمغربيتها التي جسدتها ملحمة القائد الثوري احمد الهيبة ماء العينين ، الذي نصب نفسه ملكا على مراكش ، احتجاجا على اتفاقية الحماية التي وقعها السلطان عبد الحفيظ مع فرنسا ... كما جسدتها ملحمة جيش التحرير الذي كان ضحية مؤامرة " المكنسة " او " ايكوفيون " ...
لكن هل الاستفتاء جائز في حالة الصحراء المغربية كما ذهب الى ذلك بيان الكتابة الوطنية للنهج ؟
اذا كان حزب النهج يريد ان يرجع قراره الى الأيديولوجية اللينينية ، فلنين عندما دعا الى تقرير مصير الشعوب ، فهو كان يقصد الشعوب التي يحتلها استعمار اجنبي ، وهو نفس المعنى يذهب اليه القصد من تقرير المصير في ميثاق الأمم المتحدة ... وليس المقصود بالاستفتاء في الاطروحة اللينينية ، او ما ذهب اليه ميثاق الأمم المتحدة بتحديد القصد من تقرير المصير ، هو حق الشعوب الصغيرة او الكبيرة في الانفصال عن اوطانها قصد اضعافها ، لان مثل هذا الاستفتاء الذي يؤدي الى بتر الدول ، فرغم انه سيتسبب في خلق دويلات صغيرة ، فأنها لن تكون ابدا بمنأى عن السيطرة الاستعمارية الامبريالية ، التي تجعل منها بقرة حلوب تمتص خيرات شعبها ، باسم احترام خصوصيات الشعوب المؤكد عليها بميثاق الأمم المتحدة ، والحال انه حق يراد به باطل ، لان الهدف من اية دعوة للتقسيم هو اضعاف الدول وتصغيرها ، والمستفيد من التقسيم بالنسبة للحالة المغربية ، والعربية ، والإسلامية ، تبقى الصهيونية والامبريالية الذين خلقوا أدواتا عملاء لهم ، يحركونها كل ما جد جديد في الساحة الدولية ... وحتى الجزائر حين عارضت مغربية الصحراء ، فهي كانت تقصد ارباك المغرب ، والحيلولة دون تطوره الذي يخيفها ويقض مضجعها ليل نهار ...
ان حل الاستفتاء حسب الاطروحة اللينينية ، وحسب معنى الاستفتاء في ميثاق الأمم المتحدة ، كان جائزا وحقا مشروعا ، حين كانت اسبانيا تحتل الصحراء ، اي استعمار اجنبي .. لكن حين تم استرجاع الصحراء الى المغرب أصلها ، اصبح كل مطلب بالاستفتاء بمثابة مطلب سم قاتل لوحدة الشعوب ، ولوحدة الارض ...
بل ان الامم المتحدة نفسها اقتنعت باستحالة تطبيق حق تقرير المصير ، لان جميع المراحل التي قطعها مسلسل اعداد القوائم والمسجلين الذين لهم حق المشاركة في الاستفتاء ، اصطدمت بصعوبات مادية وتقنية ، تَحُول دون اية إمكانية لإجراء الاستفتاء في الأقاليم المسترجعة .
والأمم المتحدة نفسها اعترفت بمأزق تحديد هوية الصحراويين ، الذين لهم حق التصويت في الاستفتاء ، وذلك بسبب التركية القبائلية للصحراويين ، وبسبب تقاليدهم وانماط عيشهم ، بسبب بدوية السكان الصحراويين ، وبسبب اعتمادهم على الترحال من اجل الماء والرعي بين الدول التي كانوا دائمي الترحال والتنقل اليها ، ويعيشون مع سكانها وشعوبها .. وهذا جعل من الصعب مسطريا وماديا ، اجراء إحصاء دقيق للصحراويين سكان الصحراء ، وهذا نفسه خلق مشاكل عويصة لمسطرة الاستفتاء بالنسبة للأمم المتحدة ، الامر الذي يعني ان استعمال هذا الحق في الحالة المغربية ، هو ظلم صارخ للمغرب صاحب الحق التاريخي والجغرافي في الصحراء .. ومجلس الامن المدرك بهذه الحقيقة التي لا يتناطح حولها كبشان ، وحتى يمزق الطابو في فهم قرارته العليلة منذ خمسة وأربعين سنة ، تملّك الشجاعة والجرأة في وضع النقط على حروفها الصحيحة ، حين اصدر قراره الشهير 2548 في 30 أكتوبر 2020 الذي نص على الحل السياسي التوافقي ، الذي هو حل الحكم الذاتي ، وليس حل الانفصال ، وطبعا فان خيار الحكم الذاتي يبقى بدوره تقريرا للمصير وبمنطوق القانون الدولي ..
فاذا كان مجلس الامن مقتنعا باستحالة حل الاستفتاء وتقرير المصير ، وهي نفس قناعة الاتحاد الأوربي ، فكيف للنهج الديمقراطي ان يكون متخلفا عن كل هذه الحقائق الملموسة ، ويواصل رفع شعارات مرفوضة من قبل مجلس الامن نفسه ، قبل ان تكون مرفوضة من قبل المغرب ؟
ان بيان الكتابة الوطنية للنهج الديمقراطي ، رغم انه بيان يعكس مواقف النهج من الصحراء ، ومن المشاركة في الانتخابات ، الاّ انه يبقى بيانا يتيما ، وللأسف اثار حنقا ليس من قبل الذين يجهلون تاريخ النهج منذ منظمة الى الامام في 30 غشت 1970 ، وهم معذورون في ذلك ، لكن اثار رد فعل من كانت لهم ارتباطات مع النهج ( القاعديون / رفاق الشهداء --- رفاق المهدي وعمر ) ، ومن كانت لهم علاقة بالنهج ( الحزب الاشتراكي الموحد ) ، لكن للأسف هؤلاء لم يملكوا الشجاعة للإعراب عن موقفهم ، عندما اعترف النظام بالحكم الذاتي دون اللجوء الى استفتاء الشعب ، وبلعوا لسانهم عندما اعترف النظام بالقانون الأساسي للاتحاد الافريقي ، الذي تنص فقرته الرابعة على الاعتراف بالحدود الموروثة عن الاستعمار ، وبالدول الأعضاء بالاتحاد ، أي ان النظام المغربي اعترف بالجمهورية الصحراوية ، واعترف بجزائرية تندوف ، وباستقلال موريتانية ، وباسبنة ( اسبانيا ) سبتة ومليلية ، والتحدي الكبير للنظام لهؤلاء انه نشر اعترافه بالجريدة الرسمية للدولة في يناير 2017 ، ولا منهم من حرك ساكنا ... لكن هؤلاء لم يخجلوا ان يتصدوا لبيان النهج الذي يحدد مطالب معروفة أضحت ميتة ، وليس فقط متجاوزة ..
ان سكان الصحراء الذين طالب النهج شاردا بتقرير مصيرهم ، هم ليسوا شعبا يختلف عن الشعب المغربي . ان سكان الصحراء الغربية المغربية التي كانت تحتلها اسبانيا ضمن التركة الاستعمارية ، هم جزء من سكان المغرب ، ولا يشكلون شعبا مستقلا ، او قومية مغايرة ومتميزة عن الشعب المغربي ، وهذه الحقيقة دلت عليها مختلف الدراسات التاريخية التي انجزها وطنيون ، عن صيرورة تكوّن وتشكل كيان الامة المغربية ، التي كانت مرادفة لعملية مزج العرب والبربر ، والتي تمت بصورة عفوية تلقائية ، وبعيدة عن أي تشكل من القسر والعنف من طرف الجانبين . وهذا يعني من جهة ان الصحراء المغربية شكلت جزءا لا يتجزأ من الامة المغربية ، ومن جهة أخرى ، فان كل المحاولات التي بدلها أعداء المغرب لإثبات الوضع الخاص للصحراء المغربية ، بسبب العديد من الاطروحات الخاطئة ، مثل وجود او عدم وجود العلاقات التجارية بينها وبين باقي أجزاء المغرب ، واثرُ ذلك على صلتها ام استقلالها عن الدولة المغربية ، تبقى واهية وقاصرة عن تفهم خصائص التاريخ المغربي الفعلية ، وديناميكيته الداخلية ..
--- فهل شكلت الصحراء وضعا استثنائيا على صعيد المغرب ، دولة وشعبا ؟
--- الم يكن وجود او انعدام وجود العلاقات التجارية ، ووضع الوحدة في مرحلة الاستقلال السياسي ، يعكس ظاهرة عامة على كل أجزاء المغرب ؟
ثم الم يكن هذا التاريخ بين الارتباط والانفصال النسبي ، حقيقة أساسية ، ومجرى واقعيا في تاريخ المغرب ، لم يلغيا بتاتا وحدة الامة ، ووحدة الوطن ؟ ...
ان كل الدراسات التاريخية التي تم اجراءها عن المنطقة ، تثبت بلا منازع ، انّ تاريخ المنطقة الصحراوية ، هو جزء لا يتجزأ من التاريخ الاقتصادي والسياسي للوطن المغربي ، وسواء كان ذلك كنظام قبائلي جماعي يحكمه السلطان المغربي ، والذي لعبت فيه التجارة الدور المركزي ، او كان ذلك كنظام خضع بمجموعه لحركة الاستغلال الاستعماري وتقسيماته .. وعلى هذا الأساس فان علاقة السلطة المركزية في ترابطها او انحلالها مع المناطق او القبائل التي كان سائدا فيها ، إمّا النظام الزراعي ، او النظام الرعوي ، هي علاقة تُشكّل جزءا لا يتجزأ من التاريخ الاقتصادي ، والسياسي ، والثقافي للمغرب ، وهو تاريخ تكون وتبلور كيان الامة المغربية . وهذا يتجلى بالأساس في التاريخ السياسي الذي هو لبّ المقاومة العفوية للملايين من أبناء الامة المغربية ، وبالضبط منذ القرن السادس والسابع عشر ، وفي مطلع القرن العشرين ضد التدخل الاسباني والبرتغالي ، وضد التدخل الفرنسي .
لقد اندمجت ثورة موح اوحمو الزياني قائد قبائل زيان ( يونيو 1914 ) ، وثورة عبد الكريم الخطابي ( 1921/1926 ) ، بثورة سكان الصحراء المغاربة التي كان يقودها الزعيم الصحراوي احمد الهيبة ماء العينين .. ولم يحدث بالصدفة في تاريخ المغرب ، انْ تصرفت الجماهير المغربية من اجل تحررها الوطني بأفق وحدوي ، وناضلت من اجل تحرير الامة المغربية برمتها ..
ومنذ استقلال المغرب عن الاحتلال الفرنسي ، خاض سكان الصحراء في اطار جيش التحرير المغربي بالجنوب ، معارك مسلحة واسعة من اجل طرد المستعمر ، والتشبث بوحدتهم في اطار المغرب .. وفي هذا الاطار دائما ، لا بد من التذكير انّ الاستعمار الاسباني لم يكن متشبثا باستمرار احتلاله للصحراء المغربية ، حيث عبر عدة مرات عن استعداده للانسحاب من الصحراء مقابل شرط واحد ، هو ان تتعهد السلطات المغربية بضمان وجوده الدائم في مدينتي سبتة ومليلية ... وهذه الحقيقة اكدها عبد الرحيم بوعبيد في الاستجواب الذي خص به المجلة الفرنسية Le nouvel observatoire -- عدد 23 شتنبر 1974 ص 4 .. ... قال عبد الرحيم " ... في سنة 1960 قال لي وزير الخارجية الاسباني : تنازلوا نهائيا عن مدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ، ولن يكون هناك مشكل حول الصحراء بيننا ... " .
اما احد قادة جيش التحرير المغربي سعيد بن عثمان ، فقد عبر عن رغبة جيش التحرير المغربي ، تحرير كامل التراب الوطني ، ووحدة المغرب من الشمال الى الجنوب .. " ... ان جيش التحرير لن يتخلى عن السلاح حتى تحقيق الوحدة الترابية والاستقلال المطلق للمغرب ، وحتى يتم القضاء على كل خطر يهدد هذا الاستقلال وهذه الوحدة .. " ..
ومنذ سنة 1956 ، وضعت الفصائل التقدمية داخل ( الحركة الوطنية ) ، وعلى راسها المقاومة وجيش التحرير ، برنامجا ادنى للنضال ، يستهدف الاستمرار في مهمة التحرير ، وتتلخص في الشعارات التالية :
1 ) جلاء القوات الأجنبية من البلاد .
2 ) محاكمة الخونة ومصادرة املاكهم .
3 ) تصفية الاحتلال المباشر وتحقيق وحدة التراب الوطني ... "
لكن مؤامرة " المكنسة " المسماة بمؤامرة " إيكوفيون " التي تمت في فبراير 1958 ، وما عرف آنذاك بمؤامرة " الزموريين " في يوليوز 1957 ، اجهضت هذا الحلم الذي راود جيش التحرير المغربي في الجنوب . كما ان الانقلاب على الحكومة التي تراسها عبد الله إبراهيم ، وبروز صراعات سياسية على مسرح الاحداث كان موضوعها السيطرة على الحكم .. غيرت ميزان القوى لصالح ترتيبات ستحدد نوع وطبيعة التشكيلات السياسية التي استأثرت بالعمل السياسي طيلة الستينات ، والسبعينات ، والثمانينات من القرن الماضي ، وسترسم في الأفق نوع وطبيعة المعارضة السياسية ، ومختلف الانقسامات التي تعرضت لها الى الآن . وما الوضع السياسي الذي يوجد فيه المغرب اليوم ، سوى نتيجة وافرازا منطقيا لهذه المخاضات السياسية التي عرفها المغرب منذ 1947 والى اليوم بشكل رديء ..
ان ما يغيب عن النهج الديمقراطي المتشبث بالاستفتاء وتقرير المصير في الصحراء ، انّ اخطر شيء بالنسبة لأعداء الوحدة الترابية للمغرب الذين يلوحون بتقرير المصير ، هو سقوطهم في خطأ اسقاط التاريخ الأوربي على التاريخ المغربي .
ان تفسير التاريخ المغربي بالاعتماد على النموذج الأوربي والرأسمالي المتطور ، اعتمادا على خيط او اتجاه التطور كما جرى في الغرب ، وفي البلدان الرأسمالية المتقدمة ، التي تمت فيها عملية التوحيد السياسي ، وإقامة الدولة القومية كحصيلة لنمو وتطور الطبقة البرجوازية ، واثناء ثورتها ضد طبقة الاقطاع ، وبتحالف الفلاحين ، والعمال ، والتجار ، الصغار ، والمثقفون ، والطلبة ، وعموم الشعب المُستغَل والمستضعف ، هو خطا فادح ، لان شروطه غير متوفرة في التربة المغربية .
ان تاريخ الدولة في هذا الوضع ، شهد خطا واحدا متصاعدا في التطور . فبدل تجزيئ الوطن الى امارات ودويلات صغيرة ، يصبح التقسيم الى عمالات واقاليم تقسيما إداريا محضا في اطار الدولة الوطنية الواحدة . انه يتلخص بكلمة واحدة على الشكل التالي : نمو الواحدية على حساب التعددية .
يلاحظ ان مجرى التطور عندنا في المغرب كذلك ، يختلف عن السياق الذي جرى فيه تطور الدولة في الغرب الرأسمالي . ان الدولة الواحدية في المغرب كانت تقام في فترات تاريخية متعددة ، دون ان يكون ذلك مرافقا لوجود طبقة برجوازية سائدة في الإنتاج والدولة .
وبالمقابل نجد انّ تعددية الدولة تقلص نفود الدولة ، وظهور مناطق السيبة ، أي احتفاظ مناطق واسعة باستقلالية كبيرة عن المخزن . ان تعاقب هذين الشكلين ، الصراع بين هذه الواحدية – سيادة الدولة كاملة – التي تدوم ، وبين تقلص الدولة ، وظهور مناطق السيبة ، هو ما يطبع كسمة خاصة التاريخ السياسي المغربي .. وهكذا فبعد سقوط امبراطورية الموحدين ، وتفتيت ثقلها الى امارات متشرذمة ، ومستقلة عن بعضها ، بنو حفص في تونس ، بنو مرين في المغرب ، نجد ان الصحراء لم تكن مستقلة ، ولم تكن امارة مثل الامارات الأخرى ، ولكن كانت تتبع امارة المرينيين ، ومن بعدهم العلويين ، أي انها كانت مغربية .. ومن ثم فان تحليل الحدث التاريخي يثبت ، وجود نوع من الوحدة السياسية مع المغرب الذي كان خارج النفود العثماني ، والذي تربطه في نفس الوقت بالصحراء عوامل قبلية وتاريخية متينة .. وهكذا فكلما أصاب الضعف الدولة المركزية ( المخزن ) بسبب من الأسباب ، او حُرمت من احدى امكانيتها في التطور ، او تفاقمت تناقضاتها الداخلية ، والمتمثلة اساسا في الصراع السياسي على السلطة بين افراد الاسرة الحاكمة الواحدة ، وخاصة بعد وفاة الملك ، كلما انتشرت نزاعات التمردات القبائلية ، وتشكلت بلاد السيبة ، وغاب القانون بالمرة ، بحيث تتحول القبائل الى تناقضات أساسية مع المركز المريض الضعيف ...
وهكذا فمنذ أواخر عهد المرينيين ، وفي عهد بني وطاس ، كان قسم هام من البلاد قد رفض عادة دفع الضريبة ، واصبح يمارس استقلالا فعليا عن المركز ، فتوسعت بذلك مناطق السيبة التي شملت الصحراء الغربية ، وموريتانية ، ومناطق الاطلس المتوسط ، وقبائل بني يزناسن ، وملوية ، والريف ، وبني وراين وغيرهم ... لكن الشيء الملفت للنظر في كل هذه الانتفاضات ، ان هذه السيبة الثورة ، وتمرد القبائل على المخزن ، لم تكن لتؤسس دولا مستقلة ، ولكنها كانت تجري في اطار الدولة الواحدية ..
ان هذه الثورات القبائلية لم تكن ضد الانتماء للوطن ، ولكنها كانت ضد الدولة المخزنية الضعيفة ... وهذا يعني ان تاريخ المنطقة الصحراوية ، هو جزء لا يتجزأ من التاريخ الاقتصادي ، والسياسي ، والثقافي للوطن المغربي ، سواء كان ذلك كنظام رعوي ، او كنظام قبلي ..
فاذا كانت جميع الثورات القبائلية التي عرفها المغرب ضد الدولة المركزية ، كانت ضد السلطان الضعيف ، ولم تكن ضد وحدة الشعب ، ووحدة الدولة .. ، لماذا يصر النهج الديمقراطي على التشبث بالاستفتاء وتقرير المصير ، مع العلم انّ حتى هذا المطلب كان يفترض ان يكون قد مات ، بوجود دولة الجمهورية الصحراوية . فهل النهج الديمقراطي بدوره عند ترديده لمطلب الاستفتاء لم يعد مقتنعا بالجمهورية الصحراوية الحالية ، ومن ثم فهو يطالب بالاستفتاء لخلق جمهورية ثانية على انقاض جمهورية 1976 ؟ ثم كيف الاّ يستوعب النهج التطور الذي حصل في المنتظم الدولي ، وابرزه القرار 2548 الذي نص على الحل السياسي التوافقي الذي لبّه الحكم الذاتي ، وليس الاستفتاء المؤدي الى الانفصال ... ولو كان القصد من القرار الاممي 2548 هو الانفصال ، فعلى ماذا سيتفاوض المغرب ؟ وعلى ماذا سيتوافق ؟ هل سيتوافق على الانفصال وبتر أجزاء من المغرب لصالح النظام الجزائري الذي فقد بريقه ، ولم يعد يلعب الدور الذي لعبه في السياسة الدولية طيلة السبعينات ...
وعندما كان المغرب يناضل للاسترجاع الصحراء في بداية الستينات ، وبالمناسبة فالمغرب هو من وقف وراء القرار 1514 الصادر عن الجمعية العامة في سنة 1960 ، لان النزاع كان ثنائيا بين المغرب وبين اسبانيا ، ولم يكن طرفا ثلاثيا ولا رباعيا .... اين كانت الجزائر التي ستعرف اول دولة لها حتى سنة 1962 ، لماذا لم تطرح حل الانفصال في سنة 1960 كما تطرحه اليوم بشكل ماكر وخبيث ؟ ثم اين كانت جبهة البوليساريو التي اسسها معارضون مغاربة بالجزائر في سنة 1973 ، وأسسوا مثيلتها من نفس السنة هي حركة 3 مارس المسلحة ؟
ثم ما هو الوضع القانوني للصحراء قبل ان تستعمرها اسبانيا في سنة 1884 ؟ هل كانت نظاما جمهوريا ، ام كانت تتبع وتخضع للمغرب الذي اكد هذه التبعية ، واكد هذا الخضوع ، الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1975 ،عندما اعترف بوجود علاقة بيعة مع السلاطين المغاربة . وبما ان شكل الدولة اثوقراطي وثيوقراطي ، فالحاكم يكون بمثابة الامير الراعي ، والامام الذي يمارس السلطتين الدينية والدنيوية ، ومن ثم فان الاعتراف بعلاقة البيعة هو اعتراف بمغربية الصحراء .. كذلك ماذا حين اكد هذا الاعتراف بمغربية الصحراء ، اقرار حكم المحكمة بوجود روابط قانونية من خلال معاملات قانونية ، بين الصحراويين والدولة السلطانية .. اليس الاعتراف بالقوانين التي هي سيادة الدولية ، هو اعتراف بمغربية الصحراء ؟
--- ثم لماذا لم تطرح الجزائر والبوليساريو التي لم تكن موجودة ، مطلب تقرير المصير عندما استعاد المغرب مدينتي طرفاية وسيدي افني ؟
--- وأين كان الشعب الصحراوي عندما استعاد المغرب هتين المدينتين ، وعندما كانت حركة التحرر الوطني تخوض نضالها لطرد الاستعمار الفرنسي ، والاسباني ، والبرتغالي من قبل من المغرب ؟
--- كيف التسليم بوجود الشعب الصحراوي حتى أواخر 1977 ، رغم ان منظمة البوليساريو تأسست في 10 مايو 1973 ؟
--- هل تتعامل الجزائر التي طالب رئيسها السابق بوتفليقة من جيمس بيكر باقتسام الصحراء ، لأخذ حصتها من التركة للوصول الى مياه المحيط ، مع شعار تقرير المصير من منطلق تكتيكي لمناوشة النظام المغربي ، وارهاقه ، وعرقلة أي إمكانية لتطوره ، ام تتعامل مع شعار تقرير المصير من منطلق استراتيجي للقضاء على كل المغرب ، وليس فقط على نظامه ، ام انها تتعامل مع شعار تقرير المصير من منطلق تكتيكي واستراتيجي يتجاوز الشعب الصحراوي ، الى مصالح الجزائر التي تلحقها في امنها ، و( ثورتها ) التي لم تعد ثورة ، وكونها أصبحت مهددة من قبل المغرب الماضوي الامبراطوري ؟
--- وهنا أقول للنهج الديمقراطي .. لماذا تقرير مصير سكان الصحراء الغربية ، وليس تقرير مصير سكان الصحراء الشرقية التي تحتلها الجزائر اليوم ؟
--- وللاختصار نقول لو كان الحسن الثاني هو من رفع شعار تقرير المصير في الصحراء قبل بدأ حملة استرجاعها ، لعارضت منظمة الى الامام هذا الاختيار ، ولاعتبرته موقفا خيانيا فقط لان الذي رفع شعار تقرير المصير هو الحسن الثاني ومنه نظامه .
وامّا وان النظام قام باسترداد الصحراء الى المغرب ، فانه من الطبيعي ان ترفع منظمة الى الامام شعار تقرير المصير كشعار قال به لينين ، مع العلم ان لينين بريء من شعاره في حالة الصحراء المغربية ...
وقبل ان ننهي ، نجد من الأهمية بمكان ان نذكِّر بالمواقف المختلفة التي اتخذتها منظمة الى الامام ، ومعها باقي التنظيمات اليسارية من قضية الصحراء ، حتى يكون المواطن المغربي مدركا ومُلما بحقيقة الصراع بالمغرب ، وبالصراع في بالمنطقة ..
لقد وقفت منظمة الى الامام مواقف مختلفة ومتناقضة من قضية الصحراء المغربية . ومن خلال مختلف الادبيات التي تم نشرها في الموضوع منذ 30 غشت 1970 ، نستطع القول ان المنظمة عند انفصالها عن حزب التحرر والاشتراكية ، اعتبرت بداية ان الصحراء كانت جزءا من المغرب ، وبثرت منه نتيجة تكالب الاستعمار الفرنسي والاسباني على المنطقة منذ بداية القرن العشرين . واعتبرت المنظمة ان الجماهير الصحراوية لا تشكل شعبا متكاملا او مستقلا عن الشعب المغربي ، وان حل المشكلة يكمن في تقرير مصير الجماهير في الصحراء ، ليس بدافع تأسيس دويلة قزمية في المنطقة ، ولكن بدافع الانضمام الى المغرب ، وتوحيد نضالات الجماهير في الصحراء ، بنضالات الجماهير في الأجزاء المحررة من اجل إقامة الجمهورية الديمقراطية الشعبية .
وقد استمرت منظمة الى الامام تدافع عن هذه الاطروحة حتى أواخر سنة 1977 ، حين ستكتشف على حين غرة أسطوانة الشعب الصحراوي . وهذا ما عالجته المنظمة في كراسين هما " نظرية الثورة في المغرب العربي " و " طريقان لتحرير الصحراء الغربية . طريق وطني ثوري ، طريق برجوازي شوفيني " ..
يمكن ضبط موقف آخر للمنظمة بخصوص نزاع الصحراء ، في البيان السياسي الذي صدر عن المؤتمر الوطني الخامس عشر الذي انعقد بكلية العلوم بالرباط في غشت 1972 . لقد اقر هذا المؤتمر الذي سيطر عليه جبهة الطلبة التقدميين لأول مرة ، ما اطلق عليه الشعب العربي في الصحراء دون ذكر تسمية الشعب الصحراوي . وبعد ان دعا المؤتمر للنضال ضد المستعمر ، رفع كذلك شعار تقرير المصير .
واذا كان هذا الموقف يختلف عن الموقف الأول ، فان منظمة الى الامام وبالاشتراك مع منظمة 23 مارس اصدرتا بيانا مشتركا بتاريخ 24 يونيو 1974 تعتبران فيه : " .... ان الصحراء شكلت تاريخيا جزءا لا يتجزأ من المغرب .. وان الاستعمار الاسباني قد عمل كل ما في وسعه لتكسير هذه الوحدة وفصل الصحراء عن المغرب ... وفي آخر البيان تدعو المنظمتان الى " ... إعادة بناء هذه الوحدة التي يحاول الاستعمار تكسيرها ، لكن على أسس كفاحية وطنية وديمقراطية في اطار جمهورية ديمقراطية شعبية . ان الوصول الى هذا الهدف يفرض دمج كفاح التحرر الوطني لجماهير الصحراء ، بكفاح شعبنا من اجل دك النظام الملكي في كفاح واحد وجبهة واحدة ... " .يلاحظ هنا ان هذا البيان يعكس موقفا يختلف عن الموقف الذي صاغه البيان السياسي للمؤتمر الوطني الخامس عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب في غشت 1972 ..
مع نهاية سنة 1977 ، ستكتشف منظمة الى الامام فجأة ، وجود شيء غريب لم يكن معروفا ، ولا موجودا في أدبياتها السابقة ، هو " الشعب الصحراوي " ، دون ان تكلف نفسها عناء تقديم اية دراسة تاريخية ، وسياسية ، وجغرافية جديدة عن هذا الشعب ، وحتى تبرهن فيها عن كيفية انبثاق الوعي عندها بوجود شعب متميز في الصحراء الغربية المغربية ..
لقد اندفعت منظمة الى الامام في اكتشافاتها في آخر لحظة ، الى الاعتراف بالجمهورية الصحراوية التي كانت تثابر على حضور احتفالاتها في اوربة الغربية ، ومؤتمراتها بالجزائر .. وبلغت الخيانة العظمى حين وجهت في مايو 1979 برقية تهنئة الى الرئيس الجزائري الشادلي بن جديد ، اثر انتخابه رئيسا للجزائر .. واما شعار تقرير المصير الذي كانت ترفعه قبل اكتشافها في أواخر 1977 الشعب الصحراوي ، فلم يكن يعكس عندها سوى مفهوم خلق البؤرة الثورية في الصحراء ، لضرب الخطوط الوطنية للجيش المغربي من الخلف ، قصد التعجيل بإسقاط النظام العلوي .. ان تكتيك البؤرة الثورية كان بهدف الوصول الى الاستراتيجية التي هي الجمهورية الديمقراطية الشعبية المغربية .
ان هذه المواقف المتباينة لمنظمة الى الامام بخصوص الشأن العام المغربي ، توضح بشكل ملموس ان المنظمة لم تكن تستند في شعاراتها على التبريرات الأيديولوجية والفلسفية ، لكنها كانت في كل تحركاتها تنتصر الى الجانب المصلحي الانتهازي والظرفي ... واذا اردنا ان نعتبر جدلا ان تعاطيها مع شعار تقرير المصير في الصحراء الغربية المغربية ، كان بدافع قناعات لينينية ، فان تعاطيها وتعاملها مع فكر لينين كان تعاطيا دوغماتيكيا ، لأنه في جل خرجاتها تعاملت مع النصوص اللينينية والماركسية بشكل كتبي جامد ، وليس بطريق الديالكتيك .. أي تعاملوا كمثقفين فرضوا الاستبدالية ، لتحنيط الواقع كما يريدون ويشتهون ، لا كما يجب ان يكون هذا الواقع ..
ان الماركسية كفلسفة تدعي العلم ، يفترض فيها ان تتميز بكونها تخضع جميع التجارب والاحداث مهما كانت قدسيتها ، للشروط العينية الملموسة ، للحالة المحددة التي فرضت نفسها في الساحة . وعلى هذا الأساس فمن زاوية الفلسفة الماركسية ، ان نفس المبدأ يمكن ان يكون قابلا للتطبيق هنا ، لكنه غير قابل للتطبيق هناك .. ولينين حين اعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، فذلك لتحررها من الاستعمار الامبريالي ، وليس بهدف انفصالها عن وطنها لتكوين دويلات قزمية ، وكانتونات تكون بسبب ضعف بنيتها ، دويلات وكانتونات عميلة للخارج ..
ان منظمة الى الامام حين كانت تشرع لنزاع الصحراء ، فهي لم تكلف نفسها عناء البحث الجدي ، والدراسات العلمية للمشكلات الوطنية .. ولكنها في قضية الصحراء زعمت ان الامر يتعلق بمناورة حيكت خيوطها من طرف الامبريالية ، والصهيونية ، والحكم الملكي ، والأحزاب ، فاتخذت بذلك من القضية الوطنية ، حصان طروادة للطعن في النظام ، والدولة ، والأحزاب التي اتهمتها بالذيلية ، وبالعمالة للنظام ...
وفي سبيل ذلك انطلقت المنظمة تروج الأيديولوجية اليسارية وسط الشبيبة التعليمية ، واصبح شغلها الشاغل هو ترديد شعار تقرير المصير بمناسبة او من دون مناسبة . بل اكثر من ذلك ، فهي اتخذت من مسألة الصحراء ، واندلاع الحرب بين المغرب وبين الجزائر ، منطلقا لتنظيرات استراتيجية وهمية جديدة ، اعادت من خلالها صياغة وتطوير فكرها الخرافي اليساري الذي من مكوناته الأساسية ، التأثر السطحي والسريع بالأحداث ، فتخيلت في بداية سنة 1977 نظرية استراتيجية جديدة اطلقت عليها " نظرية الثورة في المغرب العربي " ، تحتل فيها قيام " الجمهورية الصحراوية " موقعا محوريا ، لأنها في نظرها ستكون الخطوة الأولى نحو الثورة العارمة في المنطقة ..
لقد تشتت منظمة الى الامام الى ذرات صغيره منتشرة هنا وهناك ، بعناوين وأسماء هي مجرد مسميات سموها ك " الاماميون الثوريون " ، " 30 غشت " ، " البديل الجذري " ، " الكراسيون / وجدة وشمال المغرب " ، " النهج الديمقراطي القاعدي / البرنامج المرحلي " ....لخ لكن رغم ان نفس التحليل لا يزال معتمدا بالنسبة للقضية الوطنية ، فتأثيره يكاد يكون منعدما ، لان نجمه السبعيني والثمانيني افل بأفول المنظمة التي روجت لليسراوية الدوغماتيكية من قضية الصحراء .
اما الموقف الذي خرج به حزب النهج الديمقراطي في بيان كتابته الوطنية ، فهو موقف ليس بجديد ، انه موقف معروف منذ الخروج عن منظمة الى الامام ، وهو لا يعكس موقفا من قضية الصحراء حين يختبئ وراء المشروعية الدولية ، أي انه لا يساند مغربية الصحراء ، وليس ضدها ، بل يرد تحديد الموقف من الصحراء من نتائج الاستفتاء التي تنص عليها قرارات مجلس الامن ..
لكن النهج الديمقراطي من خلال موقفه هذا ، فهو من جهة متخلف على التطورات التي عرفها الملف ، وآخرها قرار مجلس الامن 2548 الذي ينص على الحل السياسي التوافقي ، الذي هو حل الحكم الذاتي ، وليس الانفصال .. ولو كان المعنى من مصطلح " التوافق السياسي " الذي استخدمه مجلس الامن يعني الانفصال ، فهل المغرب سيتوافق مع حل يؤدي الى بتر جزء من ترابه ليصبح بقدرة قادر بيد عدو المغرب الجزائر .. انها غباوة وبلادة من يعتقد ذلك من غير القصد الحقيقي والمعنى الحقيقي من القرار 2548 ..
ومن جهة أخرى ، فان التشبث بتقرير المصير في الحالة المغربية ، هو جهل وضرب للتاريخ الحقيقي ، الذي ليس له من تفسير او معنى ، غير مغربية الصحراء ...
ومرة أخرى ، فاذا كان لا بد من تقرير المصير في الصحراء الغربية المغربية ، فليكن أولا في الصحراء الشرقية المغربية التي تحتلها الجزائر ، وبعدها يمكن التفكير في تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية المغربية ...
ان صراع الصحراء ، هو صراع جزائري ، همّه الوصول الى مياه المحيط الأطلسي .. وانْ قدر الله ونجح في مؤامرته الخبيثة ، يبقى الهدف الرئيسي تطويق المغرب لتصغيره وخنقه ، عند انشاء كنفدرالية او فدرالية ، او عند دمج الجمهورية الجزائرية بالجمهورية الصحراوية ... فهل النظام الجزائري يبذر أموال الجزائريين بمليارات الدولارات منذ خمسة وأربعين سنة في حرب الصحراء لوجه الله ؟
فمن يريد ان يهدي المغرب صاحب الحضارات ، للْيانْكي الجزائري الذي لم يعرف الدولة لأول مرة حتى سنة 1962 ...
قال الحسن الثاني في موضوع نزاع الصحراء : " المغرب مستعد ليبقى واقفا وصامدا الشهور والسنين ، ولكن لن يتنازل عن مطالبه .. لا بد ان نبقى متحدين كرجل واحد فيما يخص مطالبنا الترابية ، ذلك هي أساس مستقبلنا ، وان احسن شيء ، واحسن ارث سنتركه لأولادنا ، وأحفادنا ، هو ان نترك لهم مغربا يتوفر على متنفس ، وليس مغربا مضغوطا عليه ، وليس مغربا مخنوقا ، لا بل مغربا له متنفس ، ويمكن لرئتيه ان تتنفسا بكل حرية كما أراد طولا وعرضا ... " .
ان قضية الصحراء بالنسبة للمغرب قضية حياة او موت .. والصراع مع العدو النظام الجزائري ، هو صراع وجود ، قبل ان يكون صراع حدود ... فلا تخونوا وتبيعوا المغرب الى الجزائر ، وفرقوا بين الحق في معارضة النظام ، والتمسك بوحدة الأرض وبوحدة الشعب ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان وزارة الخارجية الجزائرية
- البوليساريو تنتحر
- الصحراء الغربية
- من يتحمل مسؤولية ما يجري بالگرگرات ؟
- الوضع القانوني لمعبر الگرگرات
- أخطاء جبهة البوليساريو
- قرار مجلس الامن 2548 حول نزاع الصحراء ، كان صفعة مدوية في وج ...
- تقييم الوضع في الصحراء .
- ماذا يختمر بالگرگرات .. ؟
- نعم انها فعلا حرب يخوضها النظام الجزائري ضد المغرب ..
- هل تلوح في الافق بوادر عودة الى الحرب في الصحراء ؟
- آليات السيطرة والعنف في نظام الحكم المطلق
- من المسؤول عن الوضع العام في الصحراء ؟
- مملكة الرعب والخوف
- الفقيه محمد البصري
- ولا يزال الرئيس الجزائري يهذي في هذيانه
- المخزن
- هل جاء تقرير الامين العام للامم المتحدة بجديد لنزاع الصحراء ...
- المدير العام للمخابرات المدنية المغربية
- هل فشلت الامم المتحدة في حل نزاع الصحراء الغربية ؟


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - حزب النهج الديمقراطي وقضية الصحراء -- بيان الكتابة الوطنية --