أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - اغتراب














المزيد.....

اغتراب


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 6771 - 2020 / 12 / 26 - 11:26
المحور: الادب والفن
    


تناولت كتابا لا ادري كيف ومتى اقتنيته ولم افتحه، وقرأت على غلافه الخلفي، ملاحظة صغيرة تقول، بانه يساعد القارئ على معرفة ما ينتظره، يعني انه يستطيع التنبؤ بقصتي المقبلة، وتعاقب الدورات وانواع المواسم، وحتى اشكال الجماجم.
لم افتح الكتاب ولم اتمعن به، قرأت فقط تلك العبارة على غلافه، ثم تركته جانباً ونهضت وتحركت بالغرفة جيئة وذهابا وانا افكر بمحتوى الكتاب الذي لم اقلب صفحاته بعد، واحاول تخمين مضمونه واذا ما كان يستحق القراءة، وهل حقا سيعرف ما الذي سيحدث، وما الذي ينتظرني، ام انه مجرد عبث بالكلمات وقراءته مضيعة وقت.
ولكن لما لا ؟ فالعبث هو قانون الحياة الوحيد القابل للاكتشاف، كما ادعى بذلك الوجوديون قبل ستين سنة، هذا اذا كنت ستأخذ كلامهم محمل الجد وتبحث عنه، عن العبث الموجود في كل مكان، فهم زمرة من الثرثارين المجانين.
لا ليس الامر كذلك، هذا الكتاب ما ورائي او بالمصطلح اللاتيني ميتا فيزيقي وهي ليست علم لكنها ملهم للكثير من الفنانين، فاذا قلت ان هذه لوحة جميلة ولم تعرف لماذا، فذلك لانه شعور بلا كلمات وهنا تأتي هذه الميتا فيزياء- لتقول لك انه شيء روحاني/طيف/الهام قد وقع عليك، شيء ليس فيزيائي ملموس، ثم تواصل حركتك الى لوحة أخرى ومكان اخر، وما عدى ذلك فليس هناك الا خزعبلات، لكنها موجودة فينا وتنبض في دواخلنا بالضبط مثل خطوط واشكال والوان اللوحة التي ستقول عنها جميلة دون ان تدري لماذا.
وبدأت استمع الى صوت الحواس الخمسة التي امتلكها ونبضها، وانا على يقين في اعماق نفسي ان من المستحيل ان ننزع القشرة عن البيضة قبل ان يكتمل تكوينها، نستطيع فقط ان نقدم افتراضات واكيد هناك سنواجه المشاكل، ونحن بانتظار الامل المجهول ليبزغ كالأمجاد القديمة من بين الانقاض والاثار القديمة في التلال المهجورة، بينما الوحدة والاغتراب تحيط بنا من كل مكان.
العديد من الناس الذين يدركون الاغتراب الحالي للإنسان لا يعتقدون أن هذه هي الحالة المصيرية لوجود الإنسان في العالم، لاننا نجد الصفاء والنقاوة عديمة اللون كالماء من جهة، والموت وإراقة الدماء من جهة أخرى، ثم احترام المرأة من جهة والسيطرة على المرأة، وكل ذلك علامات للاندماج وللهمجية في وقت واحد واغتراب دون ذنب منا، وكلها في حالة من الحركة والتبدل.
ثم توقفت عن الرواح والمجيء بالغرفة ووقفت قليلا امام النافذة افكر بصمت الشهور الماضية وقلة الحركة والمواصلات وانقطاع اللقاءات بين البشر واعتمادنا الواسع على الأجهزة الصناعية دون ان اتمنى اي شيء، وبدأت اكتشف اخطائي في هذا التخمين وكأنها سحابة من الغبار جائتني على غفل، او ربما لم يكن هناك خطأ انما وقعت فريسة للوهم، او للغبار، فنقول مثلا لقد مات فلان ولكن هل يدري هذا الميت انه مات؟ ام اننا وحدنا من يعرف؟ وهل سيحزن هو على موته؟ وكيف سنعرف بانه قد عرف بانه مات؟
وهنا ايقنت بان لا حاجة لي في هذا الكتاب ولا الى الميتا-فيزيق لان من المستحيل على الانسان ان يعرف المستقبل فهو عديم اللون والطعم والرائحة والصوت والملمس.



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشياً بالمطر
- اللون الابيض
- احتفالا بالوداع
- دعونا نصاب بالجنون
- الثورة وكلماتها
- الفخ الديني
- استعداداً لتشرينية جديدة
- المناضلة ماري محمد
- العلمي والعاطفي
- الاختيار والاضطرار
- ثوار تشرين في عيدهم الاول
- الفانوس غير السحري
- القلق وسادة الفنان
- فن للتسلية فن للترقية
- دين وفن
- ساحل البحر
- فن النافذة وفن المرآة
- بيروت
- كارل ماركس
- صوت الالوان


المزيد.....




- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- فيديو صادم.. الرصاص يخرس الموسيقى ويحول احتفالا إلى مأساة
- كيف حال قرار بريطاني دون أن تصبح دبي جزءاً من الهند؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - اغتراب