|
التحريض … من مغذيات الارهاب … !
جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)
الحوار المتمدن-العدد: 6719 - 2020 / 10 / 30 - 08:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
( حين تفتح النافذة يدخل الهواء ، والبعوض ايضا ) وبما ان فرنسا تترك شبابيكها ، وحتى ابوابها مشرعة فعليها ان تتحمل لسعات البعوض !
يمكن تشبيه العنف خاصة اذا كان للدين فيه من دور … بالدائرة لا احد يعرف لها بداية ولا نهاية … من المتوقع ان يستمر الصراع القديم المتجدد بين الاسلام كفكر ، واتباعه من المتشددين للدفاع عنه ، وعن قيمه … وبين الغرب ، وقيمه العلمانية في الحرية الانسانية بكل اشكالها …لان اسباب هذا الصراع ، ومسبباته لا تزال سارية … ممثلة بالتحريض الذي يعمي اي عين عن الحق ، وهو عملية غسيل للادمغة خصوصا البكر منها ، والتي لم تنضج بعد فتكون صيدا سهلا للشيوخ ، وغيرهم من محرضي الارهاب ، فلن يعوز الشاب سوى سكين ، وهي متوفرة في كل بيت ، وهو ما تقوم به ما تسمى بالذئاب المنفلتة ! اما التحريض عن بعد … عن طريق الفتاوى ، والتصريحات ، والبرامج التحريضية التي تقوم بها فضائيات الاسلام السياسي خصوصا فضائيات الاخوان التي تغذي افكار التطرف الديني ببرامجها الدينية ، وغير الدينية التي تدس فيها السم في العسل … ناهيك عن انتشار المدارس الدينية في انحاء العالم اذ توجد حوالي الف مدرسة وهابية اضف لها الاف المساجد ، والمعاهد ، والمراكز الثقافية ، وكلها تدرس ، وتنشر الفكر الديني المتطرف ، وتغذيه خاصة بين الشباب المادة الطيعة ، والسهلة لتنفيذ العمليات الارهابية سواء الانتحارية منها او بالسلاح الابيض ، وهو ما نراه في كل العمليات التي يقوم بها شباب في العشرينات او الثلاثينات المتحمسين والمندفعين دون تقدير العواقب ! من ناحية اخرى المعروف ان الاسلام دين استعلائي لن يركع لا امام فرنسا ، ولا امام غيرها فهو دين قبلي نابع من القيم الصحراوية البدوية التي تابى ما تسميه بالضيم او الذل ، وتفسر كل حركة حتى ولو كانت بسيطة بانها اساءة ، وبالتالي السكوت عنها يعني ذل ، وضيم ، وهو مرفوض دينيا وحتى قبليا . والعلاج الحقيقي لهذه الظاهرة المزعجة يكمن اولا في غلق هذه المدارس المتطرفة ، وغيرها من مفرخات الارهاب ، وعدم الاكتفاء بالعلاج الموضعي ، والسريع … ولكي نقرب الصورة اكثر … لنفترض انك عدت يوما الى بيتك ، ووجدت انك قد نسيت الحنفية مفتوحة ، والبيت تغمره المياه … هل الصحيح ان تسارع الى سحب الماء دون غلق الحنفية ام الاصح غلق الحنفية اولا ، ومن ثم سحب الماء … ؟! هكذا الحال بالنسبة للارهاب فاننا اذا تركنا اماكن التحريض ، وخطاب التحريض ، وفتاوى التحريض مفتوحة ، واكتفينا بمعالجات ميدانية ترقيعية … لا اعتقد اننا سنخلص من هذا الموضوع . اوربا ، وخاصة فرنسا اليوم في مشكلة ، وكذلك المسلمون … اصبح الصراع صراع ارادات ، وكسر عظم … بمعنى لا فرنسا تستطيع ان تتنازل عما تسميها بقيم الجمهورية ، وهي قيم تقريبا مقدسة في العقل الاوربي ، وبالخصوص الفرنسي ( قال ماكرون : فرنسا لن تتخلى عن رسومها الكاريكاتورية ) اي لن تتنازل عن حرية التعبير ، وترفض الرضوخ للارهاب … ولا المسلمون يتنازلون عن حقهم فيما يسمونه بالدفاع عن نبيهم ، ونصرة دينهم … من ناحية اخرى فان الصراع سواء كان اقتصادي او غيره اذا ذهب باتجاه اخر غير متوقع ربما سيتوسع ليكون بين معسكرين الاول ممثلا بالدول الاسلامية ، وحتى المعتدلة منها التي ستضطر مرغمة ، ولو على استحياء الى مسايرة الموضوع ، والاشتراك في هذه المعمعة لا اقتناعا بها ، وانما خوفا من شعوبها ، وامكانية ان يستغل الحدث اعداءها ، وخصومها من رجال دين او سياسيين او طامعين بالحكم … الخ لتحريك الشارع ضدهم بحجة انهم من المتقاعسين عن نصرة الدين ، ونبيه ، وهي اخطر تهمة ممكن ان تهز عروش ، وتسقط تيجان ! اما المسلمون فيتصورون مخطئين انهم عندما يواجهون فرنسا ستكون لوحدها ، وهذا غير وارد فالتكاتف الاوربي قوي ، وعفوي خاصة اذا كان يتعلق بقيمهم المشتركة … مع الفارق طبعا بين العقل الاوربي العقلاني ، والموضوعي ، والهادئ في التعامل مع المشاكل ، والازمات خاصة الحساسة منها ، وبين العقل المسلم الانفعالي ، والاهوج ، والمندفع دون تقدير العواقب … ! لاحظ الموقف الفرنسي العقلاني رغم شراسة الهجمة ، وبالمقابل لاحظ الموقف الاسلامي المندفع ، والهستيري ! الاختلاف في الموضوع هنا ليس على الاحتجاج على ما تقوم به صحيفة شارل ايبدو من رسوم كاريكاتوريه يراها المسلمون مسيئة … وانما على وحشية ، واسلوب هذا الاحتجاج … فالاوربيون ، وكل العالم يشرع الاحتجاج ، ويعتبره حق مكفول للشعوب ، ولكن باسلوب حضاري خالي من العنف ، والتخريب ، والدمار … يعني لو ظهر المسلمون بالملايين ، وفي كل انحاء العالم ، ولكن دون احداث ضرر مادي او بالارواح لا احد سيعترض بالمرة … اما ان تهجم على اناس مسالمين يصلون في كنيسة او يسيرون في شارع ، وتقوم بذبحهم ، وتقطيع رؤوس البعض منهم فمن حقهم اذن ان يقولوا عنا باننا كتل من الهمج تعيش خارج اسوار هذا الزمن ، وطبيعي ان يصدر منهم رد فعل رسمي ، ولكن الخوف كل الخوف من ردود الافعال الفردية الانتقامية من بعض المتطرفين من شبابهم ، وهو المتوقع … والعنف يولد العنف ، وهكذا سنبقى ندور في محيط هذه الدائرة الى ما لا نهاية ! المسلمون اليوم امام منعطف مفصلي … اما يسايروا البشرية بنهج حضاري عقلاني لتكون لهم فرصة اخيرة للانضمام الى المجتمع الدولي كناس محترمين او الاصرار على اسلوبهم الحالي في العنف ، والتوحش ، والعالم لن يسكت على مثل هذه التصرفات كثيرا ، وربما العواقب ستكون مدمرة ، وعلى نفسها جنت براقش … !
#جلال_الاسدي (هاشتاغ)
Jalal_Al_asady#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يعيش العرب اليوم مرارة الهزيمة ؟!
-
ماذا يريد الاخوان … ؟!!
-
الضرب في الميت حرام … !
-
الاخوان المفلسون يصبون الزيت على النار … !
-
هل التطبيع سيحدث فرقا في ميزان القوى بين الاسرائيليين والفلس
...
-
تعليق … على رد فعل ماكرون على قطع رأس احد مواطنيه !
-
الكادر الوطني … ! ( قصة قصيرة )
-
الزمن لا يرحم احد … ! ( قصة قصيرة )
-
كيف تنبثق الازهار من غياهب البوص … ؟!
-
مُعارض بطبعه … ! ( قصة قصيرة )
-
تعليق … على حادث اللا أم التي القت بطفليها في نهر دجلة !
-
تعليق على قطع رأس المدرس الفرنسي … !
-
آلام غسان … ! ( قصة قصيرة )
-
الاعلام المصري .vs الاعلام الاخواني … !
-
اشجان الماضي … ! ( قصة قصيرة )
-
الرسالة المجهولة … ! ( قصة قصيرة )
-
الصعود الى الجنة … ! ( قصة قصيرة )
-
السكران لا يكذب ابدا … ! ( قصة قصيرة )
-
قادتنا … هم من ضيعونا !
-
ويعود الحب الى وصاله … ! ( قصة قصيرة )
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
-
المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس
...
-
الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف
...
-
الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج
...
-
هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
-
اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة
...
-
خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض
...
-
تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل
...
-
“toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة
...
-
فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|