|
الرسالة المجهولة … ! ( قصة قصيرة )
جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)
الحوار المتمدن-العدد: 6709 - 2020 / 10 / 20 - 09:34
المحور:
الادب والفن
تَسمعُ طرقا خفيفا على الباب … ثم صوت خطوات متسارعة كأن شخصا يولي الادبار … صمت وانتظار … تتجاهل الامر ، وتكمل ما بيدها من غسيل للصحون … ثم يدفعها الفضول الى ان تترك ما بيدها من غسيل … ماسحةً يديها بالفوطة … تاخذ طريقها نحو الباب … تفتحه ، ولدهشتها لم تجد امامها احد … تتلفت يمنةً ، ويسرة … ثم تتقدم قليلا الى الامام … فترى شبح طفل من بعيد ، وهو يجري هاربا … غريبة … تهم بالعودة الى الداخل فيقع نظرها على مظروف وردي مرمي على جانب الباب بين بيتهم ، وبيت الجيران … ترفعه … تقلبه ثم تدخل ، وتغلق الباب … تضعه على الطاولة بلا مبالاة ، وتعود الى عملها ، ولكنها لم تستطع ان تمنع نفسها من التحديق به بنظرات متفحصة ، وعقلها لا يتوقف عن التفكير … ثم سرعان ما بدءت تتحول نظراتها الى نظرات شك ، وريبة … تتقدم نحو المظروف تفتحه ، والمفاجاة : حبيبي … لقد انتظرتك امس في مكاننا … في خلوتنا حتى تقطعت اوصالي … ارجو ان يكون الغياب خيرا … اسمح لي ان أؤكد الموعد نفسه في نفس الساعة ، ونفس اليوم من الاسبوع القادم ، ولكن في مكان آخر هذه المرة … حدائق الاندلس قرب النافورة … ! مع حبي ، واخلاصي … يخرج بخار من الغضب من كل مخارج وجهها الذي يبدو محتقنا لا يعوزه الا وخزة دبوس لينفجر … ! تطوي الرسالة … تمسكها بيد ، وتضرب بها على اليد الاخرى بحركات عصبية رتيبة متتالية ، وهي تفكر … تروح ، وتاتي مستعرضةً المكان ذهابا ، وايابا ، وهي تفكر … حتى نسيت امر المواعين ، ولم يعيدها الى ما كانت عليه الا رائحة شياط قادمة مما على النار من رز … قد باشرت بطبخه قبل ان تاتي هذه الرسالة المشؤومة … تقفز لتتدارك الامر … تلحق باللحظة الحاسمة ثم تعود الى التفكير في امر هذه الرسالة الغريبة … من هي ، ومن هو حبيبها … ؟ من هي … ؟ لا تعرف لحد الان … اما من هو حبيبها فواضحة وضوح الشمس … الرجل الذي في هذا البيت … الم تاتي هذه الرسالة الى هذا البيت ؟ من هو الرجل في هذا البيت ؟ … انه شئ لا يمكن ان يخطئه عقل ، ولا نظر : الاستاذ كامل زوجي … رئيس فرع ، والنساء تتجمع حوله مثل الرز … وهذه واحدة منهن … ويومك اسود مثل وجهك … ! على الرغم من ان دماغها كان يعمل بنشاط استثنائي منذ ان قرأت الرسالة ، الا انها تعيش بعقل غائب ، وانتباه مشتت … ! تتصل بزوجها … تخبرها السكرتيرة ان الاستاذ في اجتماع عمل … تعود الى سلسلة افكارها لتكمل الحلقات … تربط واحدة بواحدة … ولاول مرة تحس بثقل الوقت … تريد عودته على الغداء لتدرس الموضوع على الخريطة … على وجهه … ! تدق الساعة الثانية موعد مجيئه … ثم طرق على الباب … تفتحه … تُقبل عليه برائحة المطبخ … يشعر المسكين بان الجو مكهرب بمجرد ان نظر في وجها ، وشم رائحتها … فليس من عادتها ان لا تتجمل لاستقباله … يذهب الى الغرفة لتغيير ملابسه ، والجو لا يزال مكهربا … تهاجمه : لماذا تاخرت … ؟ تسأله بعصبية ، وهي تضرب الارض بقدمها ضربات خفيفة متتالية … تنتظر جوابا … ! يا ساتر … ! يقولها همسا … تلتقطها بسرعة … فتجيب : سمعتك …امامك جني … ها … جني … حتى تتستر ؟ يجيبها متملقا … لترطيب الاجواء المشحونة : امامي زوجتي الغالية … حبيبتي دلول … حبي … لم تتركه يكمل : لا تلحس عقلي … زمان ، وانتهى … يشتم رائحة امر ما … لم يفهم شيئاً … يصمت مفكرا … اليوم الصبح ذهب الى العمل ، والامور عال العال … ماذا جرى ، وماذا استجد ؟ يجلسون على الغداء … تراقبه … تتامله جيدا بعيني صقر لا ينام … وجهه يُشرق بابتسامة خفيفة … يركبها عفريت وهي تراه يبتسم … ! لماذا تبتسم … ؟ نعم … ؟ سمعتني … ! تحدق به ، وهي تضيِّق عينيها … آ … خاطر بايخ … بمنتهى البرود … ممكن تسمِّعنا يا ابو الخواطر شيئاً من هذا الخاطر البايخ ، جنابك … ؟ يا حفيظ … ! ثم مسترسلاً : لا شئ … هذا حسين الفراش اليوم جاءت زوجته الى الدائرة ، وعملت فصل بايخ تتهمه بانه قد تزوج عليها … طرده المدير هو ، وزوجته … فصل مضحك … ها ها ها متصنعة الضحك ، وبمرارة … وبعدين … ؟ ولا قبلين … لم يبدي عليها انها سمعته … صمتْ … والجو لا يزال مكهرباً … يزفر كامل متبرما … ثم يحرك يديه كمن لا يفهم شيئاً … ويبدو بانه قد زهد في النقار … يذهب الى قيلولته … كأنه يهرب من مسرح جريمة … ! تعود هي الى سلسلة افكارها ، والقلق بدء يركبها من راسها الى اخمص قدميها … لكنها قررت ان تهدهد من عجرفتها قليلا … حتى لا تفسد الود القديم مع زوجها الذي تحبه ، وتحترمه … ثم بدءت تحلل ، وتحاول ان تفهم بدون تسرع … الا يمكن ان يكون العنوان خطأ … ؟ مستحيل … لا يوجد هنا غير بيتين نحن ، وبيت المحامي الاستاذ سليم ، وهو رجل فوق الاربعين ، ومتزوج … معقول يكون هو المقصود ، وليس كامل زوجها ؟ المهم عليها ان تراقب زوجها جيدا ، وتدرس الموضوع بهدوء ورويّة ، وليذهب سليم هذا الى الجحيم … انها لا ترتاح له … بصبصاتي ، وسرسري … كل شئ جائز … عليها ان لا تتسرع ، وتخرب بيتها بيدها ! واصلت الحياة سيرها الوئيد في البيت والحي … وهي تراقب كل شئ بدءً من زوجها الذي اخذت تتصل به كل نصف ساعة ، ويبدو انه مل ، وسأم هذا التصرف فكان يتهرب من الرد … بل وصل به الجزع ان قطع خطه الخاص بحجة عطل فني ! وفي صباح يوم كانت فيه لاتزال في فراشها بين النوم ، والصحو سمعت طرقا على الباب … تسحب جسدها ، وهو لا يزال يحمل نعاس الفراش … لم تستبشر خيرا لانها بدءت تتشائم من الباب ، وطرقات الباب ، وبلاوي الباب … ثم تفتحه ولكن على مضض ، واذا بها وجها لوجه امام المحامي سليم الذي بادرها على الفور قائلا بعد القاء التحية ، وهو يفرك يديه مسروراً : آسف على المقاطعة ، مدام … ! أي مقاطعة … ؟ اجابته بجفاء ، وتكاسل … الم ياتكم شئ يخصني قبل ايام … ؟ وهو يبصبص بطريقة غير مريحة … شئ … اي شئ … ؟ بعصبية … يعني … العفو … يبدو مرتبكا ، وكأنه يخفي جرما … ثم اخذ يتكلم بجمل متقاطعة … يعني … يعني مثل رسالة ، او شئ من هذا القبيل … ! فهمتْ الموضوع … ! لم تمهله حتى يكمل … اغلقت الباب بعد ان استأذنته ، ودخلت الى البيت ثم جاءت بالرسالة ، واعطتها اياه بوجه عبوس ، ولم تعطه حتى فرصة لشكرها … فقد اغلقت الباب بوجهه بسرعة ، ولا يزال العبوس مرتسما على وجهها … !
#جلال_الاسدي (هاشتاغ)
Jalal_Al_asady#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصعود الى الجنة … ! ( قصة قصيرة )
-
السكران لا يكذب ابدا … ! ( قصة قصيرة )
-
قادتنا … هم من ضيعونا !
-
ويعود الحب الى وصاله … ! ( قصة قصيرة )
-
قف ايها الزمن ، ما اتعسك … !! ( قصة قصيرة )
-
هل يمكن ان يدخل حصان طروادة الاخواني الى مصر عن طريق المصالح
...
-
حسن الختام … !! ( قصة قصيرة )
-
الحاجة سندس … ! ( قصة قصيرة )
-
ومن الجمال ما قتل … ! ( قصة قصيرة )
-
الاخوان … وبداية الانهيار !
-
حسون … ! ( قصة قصيرة )
-
غدر الصديق … ! ( قصة قصيرة )
-
قرينة الشيطان … ! ( قصة قصيرة )
-
اسماء تستحق التبديل … ! ( حكاية … من الواقع العراقي المعاصر
...
-
وجهة نظر حول التطبيع … !
-
الاخوان … وتوالي الاحباطات !
-
موهوب ، ولكن بطريقته الخاصة … ! ( قصة قصيرة )
-
المصيدة جاهزة تنتظر فأرا … !!
-
هل للسعادة من باب … ؟! ( قصة قصيرة )
-
سعيد ، ولكن … ! ( قصة قصيرة )
المزيد.....
-
الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع
...
-
ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع
...
-
في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
-
-يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا
...
-
“أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن
...
-
“أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على
...
-
افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
-
بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح
...
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|